دراسة علمية لأحاديث المهدي

فهرس الكتاب

المهدي في كتب أهل السُّنَّة

المهدي في كتب أهل السُّنَّة

طبقاً لما ذكره العالم المذكور وسائر العلماء، لا تتجاوز أحاديث المهدي جميعها التي جاءت في جميع كتب أهل السنة عدداً محدوداً من الأحاديث تكرَّرت ذاتها في كتب عديدة، غير أن رواتها من الضعفاء. علاوةً على أن كل حديث يَذْكُرُ للمهدي اسماً وأوصافاً غير ما يذكره الحديث الآخر، وكلٌّ منها يُسمِّي المهدي باسم غير ما يُسمِّيه به الحديث الآخر!! فأحد الأخبار يذكر بشكل مبهم أن الخلفاء عشرة، في حين يقول الخبر الثاني: إن الخلفاء اثنا عشر خليفةً كلهم من قريش بشكلٍ مبهم!! وخبرٌ ثالث يقول: رجلاً!! وخبر رابع يقول: «أجلى الجبهة أقنى الأنف» (هل هذا يُعدُّ إرشاداً وبياناً لهوية شخصٍ؟!) أَفَلَا تَعْقِلُونَ؟ والخبر الخامس: يقول من عترتي، والخبر السادس يقول: رجل من أهل المدينة، والخبر السابع يقول: اسمه الحارث بن حرّان، والخبر الثامن: رجل من قريش أخواله كلب (أي من قبيلة بني كلب)!! وأما الخبر التاسع فيقول: أن اسمه محمد واسم أبيه عبد الله، والخبر العاشر يقول: اسمه محمد بن الحسن.

ومن الواضح تماماً أنه: أولاً: هذه الأسماء لا تتطابق مع بعضها، وثانياً: تُحيل إلى مجهول. ولا يُمكننا بمثل هذه الُمتناقضات أن نُثبت شيئاً لم يأتِ في كتاب الله وسنة رسوله ص ذكر له، ولا يجوز أن نُحيِّرَ الناس ونُضلِّلَهم ونُخرِّبَ دنياهم وآخرتهم.

انطلاقاً من قول العالم المذكور ولأجل المزيد من اطِّلاع القُرَّاء الكرام على هذا الموضوع نأتي هنا برأي عالم الإسلام الشهير «ابن خلدون» حول «المهدي» من المجلد الأول لـ «مقدمة ابن خلدون»[72] مع تلخيص واختصار على نحو نُسهِّل فيه على القُرَّاء فهم مُراد المُؤلِّف ولا يحتار في فهمه القارئ العادي غير المُتخصّص، واستناداً إلى قاعدة «رجحان قول الجارح على قول المُعدِّل» نذكر الأقوال الجارحة، أما الذين يُريدون التفصيل أكثر، فعليهم أن يرجعوا إلى الكتاب ذاته[73].

***

[72] أوردتُ هذا المبحث نقلاً عن الترجمة الفارسية لكتاب «مقدمة ابن خلدون» التي قام بها «محمد پروين گنابادي» - جزاه الله خيراً - نشر: بنگاه ترجمه ونشر كتاب، الفصل الثاني والخمسون، والذي يقع في الصفحات من 607 إلى 644 من الترجمة المذكورة. [البرقعي]. [73] يقع هذا المبحث الروائي الدرائي المفصَّل الذي عنوانه «في أمر الفاطمي وما يذهب إليه الناس في شأنه وكشف الغطاء عن ذلك»: في «الفصل الثاني والخمسون» من «الباب الثالث» من الكتاب الأول في «مقدِّمة ابن خلدون» من الصفحة 388 إلى 410 (طبعة بيروت، دار الفكر، بتحقيق الأستاذ خليل شحادة والدكتور سهيل زكار، 1421هـ/2001م). (المُتَرْجِمُ)