دراسة علمية لأحاديث المهدي

فهرس الكتاب

[ البرقعي في نظر الآخرين ]

[ البرقعي في نظر الآخرين ]

• علاوة على هذا ولأني كنت في شبابي وفي أيام التحصيل أدرس مع آية الله السيد كاظم شريعتمداري، وكانت لي علاقة جيدة معه أيام إقامتي في قم، ولم أكن أظن أنه لن ينصفني يوماً ما، فقد كان يدافع عني قبل صدور كتابي: «درس حول الولاية»، والأهم من ذلك أنه كتب تأييداً وتزكية لي، واعتبر تصرفاتي في الأمور الشرعية مُجازةً، وحتى بعد صدور كتابي: «درس حول الولاية»، لزم الصمت. وبسبب الرابطة القديمة التي كانت بيني وبينه، فقد طبعتُ ووزعتُ جوابه على استفتاء صدر منه حول هذا الموضوع، فطبعت الفتوى على بطاقة صغيرة، وكنت أعطي هذه البطاقة كلَّ من يأتي إلى المسجد أو إلى منزلي.

• كما كتب آية الله الحاج ذبيح الله محلاتي جواباً عن سؤال الناس حول كتابي: «درس حول الولاية» قال فيه:

قد قرأتُ كتاب «درس حول الولاية» لحجة الإسلام العالم العدل السيد البرقعي، فرأيت عقيدته صحيحةً، ورأيت أنه لا يروّج للوهابية إطلاقاً، وكلام الناس فيه اتهام باطل، فاتَّقوا الله حق تقاته، فإن السيد البرقعي إنما يرد على أقوال ضالة، نحو قول بعضهم:

«إذا فَنِيَ العالم فإنما يفنيه عليٌّ وإذا قامت القيامة فإنما يقيمها عليٌّ»

وأنا أيضاً أقول: إن هذا الشعر باطل.

توقيع محلاتي

• كما كتب السيد علي مشكيني النجفي يقول:

أنا علي مشكيني قد طالعتُ الكتاب المستطاب «درسٌ حول الولاية» وسُرِرْتُ بمضامينه العالية التي تتطابق مع العقل السليم ومنطق الدين.

التوقيع علي مشكيني.

• كما كتب السيد حجة الإسلام سيد وحيد الدين مرعشي النجفي يقول:

باسمه تعالى

السيد العلامة البرقعي -دامت إفاضاته العالية- شخص مجتهد وعادل وإمامي المذهب، وبناءً على القول المعروف: «إن كتاب المرء وتأليفه دليل عقله ومرآة عقيدته» فهو قد كتب مضامين عاليةً جداً حول مكانة وشأن أمير المؤمنين عليه السلام وسائر أئمة الهدى عليهم السلام في كتاب «عقل ودين» وكتاب «تراجم الرجال» الذي طُبع مؤخراً، وفي جميع كتبه الأخرى، وما أثاره عليه الأشخاص المغرضون والمتسرِّعون والمتعصِّبون الذين لم يدرسوا كتابه المستطاب: «درسٌ حول الولاية» فهم بعيدون في ذلك عن الإيمان، ويجحفون السيد المعظَّم حقَّه، وكلامهم ليس له تأثير على العلماء والعقلاء. وويل لمن آذى هذه الذرية الطاهرة من أحفاد أئمة الهدى عليهم السلام الذي عنده تصدیق الاجتهاد من عددٍ من المراجع، وهؤلاء إنما يتهمون ويفترون على شخص مسلم بل وعالم فقيه. وقد قال الحقّ تعالى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَ أَن تَشِيعَ ٱلۡفَٰحِشَةُ فِي ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَهُمۡ عَذَابٌ أَلِيمٞ فِي ٱلدُّنۡيَا وَٱلۡأٓخِرَةِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ ١٩ [النور:١٩].

خادم الشرع المبين: السيد وحيد الدين المرعشي النجفي.

بتاريخ شهر ذي القعدة الحرام 1389 هـ شمسي، المطابق لـ 22/10/1348 هـ. قمري)

• وكان آية الله الخوئي يعرفني جيداً، وأذكر أنني لما كنت أحاضر في النجف، وكنت وقتها مبتلى بالطبع بخرافات الحوزة، كان يعجبه كلامي كثيراً، ولشدة تأييده وإظهار رضاه عني كان يقبلني بعد نزولي من المنبر.

• وكان السيد الشاهرودي أيضاً يُشجِّعُني ويَمدحُني كثيراً. حتى أنه عندما نشأت في النجف بعض المجموعات الباطلة المتبعة لآراء الفلاسفة حين أبدى بعض الطلاب حرصهم على تعلم الفلسفة، فطلب مني مراجع النجف أن ألقي محاضرات على طلاب تلك المنطقة الذي كان أكثرهم لا يعلمون تعارض الفلسفة مع تعاليم القرآن والسنة بسبب عدم تضلعهم بهما، لهذا السبب كان آية الله شاهرودي يبسط لي بساطاً في ساحة منزله، ويطلب مني أن أبيّن للطلاب المسائل الاعتقادية، وقد قبلتُ طلبه وأخذت أبيِّنُ الحقائق للطلاب، وكان يُظْهِرُ رضاه ويحترمني وَيُـجِلُّني كثيراً، لكنني لما حاربت الخرافات في هذه الأيام الأخيرة، تخلَّى عنِّي كل من كان يعرفني سابقاً ويعرف سوابقي العلمية، وسكتوا وتركوني وحيداً في الميدان، بل قام بعضهم بمخالفتي ومعارضتي.

• بعد أن سقطت حكومة الشاه و وصل السيد الخميني إلى سُدَّة الحكم أردت أن أتَّصل به، لأننا كنا أيام الشباب لمدة قرابة ثلاثين عاماً زملاء دراسة فقد درسنا في حوزة علمية واحدة، وكان يعرفني جيداً، وقبل عودته إلى إيران وتعرُّفه على أحوال إيران وأوضاعها الجديدة وأوضاع المعمَّمين فيها، ذَكَرَني في إحدى كلماته تلميحاً ولم يجرؤ على ذكر اسمي صراحةً، وذلك في الكلمة التي ألقاها بعد وفاة ابنه الكبير آية الله الحاج السيد مصطفى الخميني، (وقد نُشِرَ نص تلك الكلمة في الصفحة 9 من صحيفة كيهان في عددها الصادر بتاريخ الخميس الأول من شهر آبان سنة 1356هـ ش [الموافق أكتوبر 1978م]، وقال فيها: «لديَّ عتابٌ على السادة العلماء الأعلام! فهم غافلون عن كثير من الأمور، ولبساطة قلوبهم يتأثرون بسرعة بدعايات النظام الحاكم المغرضة، التي تسعى إلى شغل أذهانهم ليغفلوا عن الأمر العظيم الذي نحن الآن جميعاً مبتلون به! إن هناك أياد خفيَّة تسعى لإغفال العلماء، أي هناك أيادٍ تصطنع قضيةً ما ثم تثير حولها لغطاً وضجَّةً، ففي كل فترةٍ تُطرح قضيةٌ في إيران، تستنزف أوقات جميع الوُعَّاظ المحترمين والعُلَمَاء الأعلام في أمور بسيطة، بدلاً من صرفها في قضايا الإسلام السياسية والاجتماعية! يصرفون أوقاتهم حول أن زيداً كافر أو أن عَمْرواً مرتدٌّ، وأن ذلك وهّابيٌّ! ويقولون عن عالم تعب في تحصيل العلم خمسين سنة وفقهُهُ أفضل من فقه معظم الموجودين الآن وهو أكثر فقهاً منهم، إنه وهابي! هذا خطأ، لا تُبْعِدوا الناس عنكم. لا تطردوا الناس من حولكم الواحد تلو الآخر! لا تقولوا هذا وهابي وهذا لا دين له، وهذا لست أدري ماذا! (إن فعلتم هذا) فماذا سيبقى لكم؟!".

• عندما سمع السيد الخميني اسمي أظهر احتراماً كبيراً لابنتي وأخذ الرسالة وذهب بها، ورجعت ابنتي إلى داخل الغرفة لتودِّع عياله، فقالت زوجته لابنتي: نحن سنأخذ جواب الرسالة من السيد ونأتيكم به في طهران. وبعد مدَّةٍ جاءت السيدة ثقفي (حماة السيد الخميني) إلى طهران، وزارت ابنتي، لكن لم يكن معها أي جواب سوى أنها قالت: قال السيد لما رأى رسالة والدكم: «إن السيد البرقعي مجتهد بنفسه وصاحب نظر، لكنه غير قادر على تأليف الناس حوله وتربية الأتباع».

• والشيخ الآخر آية الله طالقاني، فقد ذهبتُ لزيارته بعد أن أُطْلِقَ سراحه من السجن في أوائل الثورة، ولما كنت عنده قَرَّب رأسه مني وَهَمَسَ في أذني: آراؤكم كلُّها حقٌّ ولكن لا يصلح هذا الوقت لبيان هذه الحقائق! وأنا على يقين أنه سيسأل في الآخرة: إذن متى يصلح أن تُبَيِّنَ الحقائق؟

• لا أدري هل وصل البيان الذي وزَّعْتُهُ إلى يد السيد بازركان أم لا؟! وعلى كل حال، في أيام النقاهة التي كنت أقضيها في المنزل، جاء لعيادتي المهندس مهدي بازركان، والدكتور الصدر، والمهندس توسلي، وبعد أن عرضت عليهم حالتي وأخبرتهم بما حدث لي، أريتهم وجهي وقلت لهم: هل رأيتم ما فعل بي التقليد؟! انظروا إلى هذا المقلِّد الأعمى كيف تحرَّك وأراد قتلي دون أن يسأل من أمروه بذلك عن دليل جواز قتلي! أنا أنصحكم أنتم وأصدقاءكم نصيحة صادقة: اتركوا تقليد الشيوخ.

• كان ابني يعلم أن السيد موسوي الأردبيلي يعرفني جيداً. وفي أيام الشباب عندما كنت أخطب من المنبر في مدينة أنزلي كان يصعد المنبر ويخطب بعدي.

• كما أرسلوا نسخة عن هذه الرسالة إلى السيد محمد إمامي كاشاني، وكان ممن يظهر حبه الشديد لي قبل أن أشتغل بمحاربة الخرافات.

• كان ابني أثناء دراسته العلوم الدينية جاراً مدةً من الزمن لمحمد محمدي ري شهري وكانت حجرة الأخير مجاورة لحجرة ابني في مدرسة الحجتية أيام طلبهما للعلم، وكان «ري شهري» يعرف ابني.

• من لطيف تقدير الله أني ذهبت يوم الجمعة لزيارة أحد أقاربي وتعزيته واسمه: آية الله فيض، وكان من أهل قم ويدّعي المرجعية أيضاً، وكان عنده مجلس عزاء، ولما وصلت عنده عزيته وسليته، والغريب أنه كان قبل ذلك يظهر الملاطفة لي، إلا أنه قابلني في هذه المرة بوجه عبوس وملامحه تدل على أنه غير راض عني، فقلت: هل بدا لك شيء مني حتى تقابلني بوجهك العبوس؟! فقال: في الحقيقة لم أكن أتوقع منك ما حدث. قلت: وماذا حدث؟ فقال: لقد أزعجتني رسالتكم التي هددتني فيها بتشويه سمعتي في أسواق قم إذا طرحت شخصاً غير البروجردي لمنصب المرجعية! فقلت له: لا علم لي بهذه الرسالة، وهي مُزَوَّرة، وحتى لو كان بخطي توقيعي فهي مُزَوَّرة، وحلفت له حتى صدَّق كلامي. بعد انتهاء المجلس خرجت من عنده وأنا مصاب بالذهول من الطريقة والأسلوب الجديد في تعيين المرجع بالقوة والتهديد، وقد تأكدت أن أيادي خفيَّة تلعب دوراً في تعيين المرجعیة، وأن أمر اختيار المرجعية ليس بالبساطة التي كنت أتصورها بل هو ألعوبة بيد بعض اللاعبين وعلمت من خلال بعض القضايا التي حدثت بعد ذلك أن يداً خفية فرضت مرجعية السيد البروجردي، واستفادت من وجوده في هذا المقام.

• في عام 1328 هـ ش (الموافق 1950م) في الفترة التي كان فيها أحمد قوام رئيساً للوزراء، أراد آية الله الكاشاني الدخول في تعديل نظام الانتخابات حتى يقلّ عدد الوكلاء المعينين من قِبَل الدولة في المجلس، وكنت من أصدقاء آية الله الكاشاني المقربين، وكنت إذا جئت في الشتاء إلى طهران أنزل عنده في المنزل، وقد قال لي في تلك السنة: اذهب واستأجر سيارةً لنا لكي نسافر إلى خراسان، فتأهبت لذلك وحضر معنا الشيخ السيد محمد باقر كمري وشخصان آخران، فصرنا مع أحد أبنائه ستة أشخاص، فتحركنا إلى مشهد، وقتها كانت الدولة خائفة من سفرنا خشية أن نشجع الناس على انتخاب أناس صالحين في مجالس الانتخابات، ولهذا لما تحركنا كان الناس في القرى والمدن يستقبلوننا في الطريق، وفي مقابل ذلك أوعزت الدولة إلى المسؤولين بأن يعطلونا ويقدِّموا للدولة أيَّ ذريعة لإعادة آية الله الكاشاني إلى طهران.

• لما رأى الضابط والحاضرون كتابي هذا قالوا: أحسنت. وأخذوا كتابي ثم رجعوا في اليوم الثاني وأخبرونا أنَّ الشاه أمر بإطلاق سراح الشيخ القمي.

• في الغرفة الملاصقة لغرفتنا (في السجن أيام الشاه) كان هناك عدد من أتباع حزب توده ومن الشيوعيين، فأرسلوا لي رسالة بأنهم يريدون أن يلتقوا بي فوافقتُ، فقال بعض الذين معنا -ولم يكونوا من علماء الدين-: نخشى أن نُتَّهَمَ بأننا شيوعيون إذا جالسناهم، فقلت: من سيتهمكم؟ لا تخافوا من أحد، دعوهم ليأتوا إلينا. وأيا كان فقد جاؤوا وأبدوا فرحهم لأنهم وجدوا عالماً شجاعاً يعارض الاستبداد والدكتاتورية. حاورناهم بكل لطف وتودُّد، وكانت لديهم تساؤلات وإشكالات حول بعض قوانين الإسلام فأجبناهم عنها.

• عندما أنزلونا في منطقة توبخانة (أحد أحياء طهران) ودّعتُ من كان معنا ثم ذهبتُ إلى منزل السيد الكاشاني، وكان السيد مجتهداً شجاعاً ونبيهاً، ومع أنه كان قد أُبعد من البلاد إلى لبنان إلا أن أسرته رحَّبَتْ بي وفرحوا بمجيئي إليهم فرحاً كبيراً. في تلك السنوات كان جميع العلماء بعيدين عن السياسة، وينأون بأنفسهم عن أي أمر يتعلق بالسياسة وأمور الحكم في البلاد، وإذا وُجِد شخص مثل السيد الكاشاني أو العبد الفقير (كاتب هذه السطور) ممن يناضل ضد الاستبداد والدكتاتورية، لم يكن يحظَى بمحبّة الناس كثيراً. وأساساً كان الشعب الإيراني وإيران ذاتها في تلك السنوات مثل المقبرة التي مصيرها بيد حفاري القبور يفعلون بها وبالموتى ما يشاؤون! وكان رجل من طراز الكاشاني وحيداً في نضاله يواجه المصاعب الكثيرة والسجن مرات عديدة، هكذا عشنا تلك الأيام إلى أن بدأت تنشأ في إيران موجة من التحرُّك والصحوة الشعبية، ولم تكن قبل الكاشاني جبهة وطنية ولا غير وطنية أصلاً، ولم يكن الشعب يعرف المرحوم «مُصدِّق» سوى أفراد قلائل. هذا ولما كان السيد الكاشاني يسعى جاهداً كي يصل إلى مجلس الشورى الوطني «مجلس النوَّاب» نُوَّابٌ صالحون يريدون الخير للشعب، كان يُفتي بوجوب مشاركة الشباب في الانتخابات البرلمانية ودعمهم للنواب المستقيمين وانتخابهم، وحتى بعد أن أُبعد الكاشاني إلى لبنان كتب إليّ رسالةً من سجن لبنان قال فيها: "أيها السيد البرقعي! لا تجعل المسجد متجراً كما يفعل الشيوخ الآخرون، واسع في توعية الناس وإيقاظهم، ولا تسمع كلام من يقول: الشيخ الصالح هو من لا يشتغل بأوضاع الناس والسياسة، واجتهد في حث الناس على انتخاب «مُصدِّق»". في الحقيقة، حتى ذلك الوقت لم يكن الناس يعرفون من هو «مُصدِّق» إلى أن تحرك الكاشاني وأخذ يثني عليه ويوصي الناس وجميع أصدقائه بانتخاب الأفراد المستقيمين ومن جملتهم «مُصدِّق»، وهكذا وبفضل نشاط الكاشاني وكلماته ورسائله وجهد أتباعه [وعلى رأسهم آيت الله البرقعي ذاته] سمع الناس باسم «مُصدِّق» وعرفوه إلى حدٍّ ما. في أوقات الانتخابات كان أتباع السيد الكاشاني يبيتون في مراكز الانتخاب من أول الليل حتى الصباح حتى لا يحدث تلاعب بالصناديق وتبديلها فلا يصل الكاشاني و«مُصدِّق» إلى مجلس النواب، وكنا نحث الناس على انتخاب الكاشاني و«مُصدِّق» وبعض الأفراد من أنصارهما. إلى أن يسر الله وفاز هذان الرجلان بفضل نشاط مريدي الكاشاني في الانتخابات وصارا ممثلَيْن عن طهران في مجلس النوَّاب، فاضطرت الدولة إلى إطلاق سراح الكاشاني وسمحت له بالعودة من لبنان إلى إيران. ولما علم الناس بفوز الكاشاني، وأنه في طريق عودته من لبنان بالطائرة اجتمع الناس وتجمهروا على طول الطريق من مطار مهرآباد حتى باب منزله، وقمنا بترتيبات ليكون الاستقبال مناسباً لمقامه.