دراسة علمية لأحاديث المهدي

فهرس الكتاب

233- باب النهي عن التسمية

233- باب النهي عن التسمية

* الرواية 1- رواها الكذَّاب المشهور «محمد بن سنان» عن «أبي خالد الكابلي» أنه سأل الإمام الباقر (ع): "جُعِلْتُ فِدَاكَ! قَدْ وَصَفَ لِي أَبُوكَ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ بِصِفَةٍ لَوْ رَأَيْتُهُ فِي بَعْضِ الطُّرُقِ لَأَخَذْتُ بِيَدِهِ. قَالَ: فَتُرِيدُ مَاذَا يَا أبَا خَالِدٍ؟ قَالَ: أُرِيدُ أَنْ تُسَمِّيَهُ لِي حَتَّى أَعْرِفَهُ بِاسْمِهِ! فَقَالَ: سَأَلْتَنِي وَالله يَا أبَا خَالِدٍ عَنْ سُؤَالٍ مُجْهِدٍ...".

وينبغي أن نقول: أولاً: من الواضح أن أغلب رواة أمثال هذه الروايات كانوا أشخاصاً بُسطاء وأميين وضعيفي التفكير، فما معنى السؤال عن اسم صاحب الأمر وصفته ؟ إذا كان يُقصد بصاحب الأمر المهدي فإنه لم يكن له وجود زمن الإمام الباقر، فما الفائدة من السؤال عن صفته؟ هل يريد السائل أن يعرفه حتى إذا صادفه في الطريق يأخذ بيده؟!

ثانياً: الرواية تذكر أن الإمام أجاب السائل قائلاً: سَأَلْتَنِي وَالله يَا أبَا خَالِدٍ عَنْ سُؤَالٍ مُجْهِدٍ!...، أفلم يقل له السائل: بل إنه أمر بسيط جداً وسؤال في غاية السهولة، فأين صعوبته؟ هل هو معادلات هندسية؟! لاحظوا متن الرواية، لا السؤال فيها معقول ولا الجواب. ولكن علماء الشيعة يُسَرُّون بمثل هذا الكلام ويشغلون الناس بمثل هذه الأحاديث المهملة.

* الرواية 2- عن رجل مجهول عن «أبي هاشم الجعفري».[134] وأبو هاشم هذا رجل مضطرب الحديث نجد في رواياته تناقضات كثيرة. ففي الكافي (الباب 133[135]، الحديث 2) يروي أنه سأل حضرة الإمام العسكري (ع): "يَا سَيِّدِي! هَلْ لَكَ وَلَدٌ؟ فَقَالَ: نَعَمْ. فَقُلْتُ: فَإِنْ حَدَثَ بِكَ حَدَثٌ فَأَيْنَ أَسْأَلُ عَنْهُ؟ قَالَ بِالْمَدِينةِ.". ولم يقل له: إنك لن تراه. ولكن في هذا الحديث (الكافي، الباب 132،[136]الحديث 13 والباب 135، الحديث 1) قال: «إنكم لا ترون شخصه، ولايحلُّ لكم ذكره باسمه»! فلنا أن نسأل: لماذا لا يحلُّ ذكره باسمه؟ إذا كان السبب هو الخوف، فلم يكن في زمن أبي هاشم أيُّ خوف على من يذكر اسم المهدي. هنا يقول المجلسي أنه قد صُرِّح باسمه في خبر اللوح! فينبغي أن نقول: إن خبر اللوح كذب من أساسه، وقد أثبت أخونا الفاضل الأستاذ «قلمداران» رحمه الله في كتابه الشريف «شَاهْرَاه اتِّحَاد» [طَرِيق الاتِّحاد]، (ص167 فما بعد) عدم صحة هذا الحديث وأنه حديث موضوع كما عدَّدْنا في التنقيح الثاني لكتابنا «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول» (ص 862 فما بعد)[137] عدداً من الدلائل على كذب حديث لوح جابر. فَلْيُرَاجَعْ ثَمَّةَ.

وباختصار أورد المَجْلِسِيُّ في هذا الباب 13 روايةً تنصُّ كلُّها على أنه لا يجوز ذكر المهدي باسمه، وأن ذكر اسمه حرام وأن من يذكره باسمه ملعون وكافر. ورغم ذلك نجده في الصفحة 290 من المجلد 52 من البحار، باب «يوم خروجه وما يحدث عنده» يذكر الحديث 33 ويروي فيه عن رسول الله ص أنه ذكر اسم القائم!! وإذا تجرأ شخص ولم يخشَ من أذى مُروِّجي هذه الأحاديث وهتكهم لحُرمته وسألهم: لماذا كان ذكر اسمه مُحرَّماً؟ هل هذا التحريم مِنَ الله؟ وما الدليل عليه؟!

وثانياً: هل هكذا تكون حُجَّةُ الله، لا يستطيع أحد أن يذكر اسمه ولا يرى شخصه؟! وما فائدة مثل هذا الحُجَّة والهادي؟ ينبغي أن نقول: ﴿فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا لِّيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ١٤٤ [الانعام: ١٤٤].

ثم إذا كان ذكر الاسم حراماً أمام الأعداء خوفاً من أذاهم فما وجه حُرمته أمام الأصدقاء؟! وإذا كان ذكر اسمه حراماً فلماذا ذكر الأئمةُ السابقون اسمه في رواياتهم مثل حديث لوح جابر؟! ومن العجيب ما جاء في الرواية 13 من أن عُمَرَ سَأَلَ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ‏ علياً (ع) عَنِ المَهْدِيِّ قائلاً: "يَا ابْنَ أَبِي طَالِبٍ! أَخْبِرْنِي عَنِ الْمَهْدِيِّ مَا اسْمُهُ؟ قَالَ: أَمَّا اسْمُهُ فَلَا! إِنَّ حَبِيبِي وَخَلِيلِي عَهِدَ إِلَيَّ أَنْ لَا أُحَدِّثَ بِاسْمِهِ حَتَّى يَبْعَثَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ!...". هذا رغم أنّه: أولاً: اللهُ لا يبعث الأئمَّة فالبعثة مُختصَّة بالرسل، وثانياً: ليس في دين الإسلام أمورٌ سرِّيَّةٌ يقولها رسول الله ص لبعض أصحابه ويكتمها عن بعضهم الآخر، بل لقد أبلغهم جميعاً على حدٍّ سواء كما جاء في قوله تعالى لِنِبِيِّهِ ص: ﴿فَقُلۡ ءَاذَنتُكُمۡ عَلَىٰ سَوَآءٖ [الأنبياء: ١٠٩] وقوله تعالى: ﴿وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ[النور:54، العنكبوت: 18].

[134] راجعوا ما ذُكر عن هذا الراوي في كتاب «شَاهْرَاه اتِّحَاد» [طَرِيق الاتِّحاد]، (ص 255 إلى261) وفي التنقيح الثاني لكتاب «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول»، ص125 إلى 129، وص 667 إلى 668. [135] أي باب الإشارة والنص إلى صاحب الدار (ع). (المُتَرْجِمُ). [136] أي باب الإشارة والنص على أبي محمد (ع). (المُتَرْجِمُ). [137] أي باب رقم 183: مَا جَاءَ فِي الِاثْنَيْ عَشَرَ وَالنَّصِّ عَلَيْهِمْ (ع). (المُتَرْجِمُ)