دراسة علمية لأحاديث المهدي

فهرس الكتاب

30 - باب يوم خروجه وما يدلّ عليه وما يحدث عنده وكيفيته ومدة ملكه

30 - باب يوم خروجه وما يدلّ عليه وما يحدث عنده وكيفيته ومدة ملكه

أورد المجلسيّ في هذا الباب أخباراً معظم متونها مخالف للقرآن وللسنن الإلهية في الخلق، وهي في الواقع أخبار حمقاء ومهملة. وقد ذكر المجلسيّ في هذا الباب 84 خبراً معظمها عن أولئك الرواة المجروحين والمطعون بهم الذين مرّوا معنا في أسانيد روايات الأبواب السابقة، والأحاديث المُكرَّرة كثيرة في هذا الباب كما في سائر الأبواب. وقد كرَّر المَجْلِسِيّ مثلاً حديثاً في عشرة أبواب وعشرين موضعاً! وسنستعرض نماذج من هذه الأخبار ونُمحِّصها:

* 1 و17 - يقول الحديث الأول: "عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) قَالَ: يَخْرُجُ قَائِمُنَا أَهْلَ البَيْتِ يَوْمَ الجُمُعَةِ"، هذا في حين أن الحديثين 17 و30 المرويان عن الإمام الباقر (ع) يقولان: "يَخْرُجُ القَائِمُ يَوْمَ السَّبْتِ", فالحديث 1 يتعارض مع هذين الخبرين. أفلا يدل تعارض هذه الأخبار وتناقضها على كذب رواتها؟! وفي الخبرين 17 و 19 اعتبر الرواة أن المهدي سيقوم في شهر محرَّم، وهذا يُخالف جميع الأخبار التي تقول: إن المهدي سيقوم في شهر شعبان أو شهر رمضان!

* 2 و18 و63 - خبر مضحك وخرافي يقول فِي وَصْفِ الحَجَرِ وَالرُّكْنِ الَّذِي وُضِعَ فِيهِ: "قَالَ (ع): وَمِنْ ذَلِكَ الرُّكْنِ يَهْبِطُ الطَّيْرُ عَلَى القَائِمِ (ع) فَأَوَّلُ مَنْ يُبَايِعُهُ ذَلِكَ الطَّيْرُ وَهُوَ وَاللهِ جَبْرَئِيلُ (ع) ......."!

ونسأل: لماذا يُقسم الإمام؟! ثم هل الملائكة كائنات على شكل طيور كما يتخيَّل العوام؟! والأهم من ذلك هل ينزل جبريل على غير الأنبياء أيضاً؟!! ثم لماذا يُبايع الملائكةُ القائمَ؟! وهل المُقرَّر أن تقوم الملائكة باتِّباع الإمام؟!! (فتأمل جداً).

* 3 و5 و16 - كذبٌ يُخالف سنة الله في خلقه لأنه يقول عن المهدي: "يُطِيلُ اللهُ عُمُرَهُ فِي غَيْبَتِهِ ثُمَّ يُظْهِرُهُ بِقُدْرَتِهِ فِي صُورَةِ شَابٍّ ذو [دُونَ‏] أَرْبَعِينَ سَنَةً"؟!! (وبعض الأخبار ذكرت أنه ابن ثلاثين سنة)، هذا في حين أن الله تعالى يقول: ﴿وَمَن نُّعَمِّرۡهُ نُنَكِّسۡهُ فِي ٱلۡخَلۡقِۚ أَفَلَا يَعۡقِلُونَ ٦٨ [يس: ٦٨] ويقول: ﴿وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبۡدِيلٗا[الأحزاب: 62، وفاطر: 43]. إن مثل هذه الروايات يقيناً من وضع رواة لا يعرفون الله.

* 4 - مرويٌّ عن «علي بن إبراهيم» القائل بتحريف القرآن, وهو يرويه عن كذابين وغلاة من أمثال العَمْرَكِيِّ ومحمَّدِ بنِ جُمْهُورٍ وغيرهم. ومتن الرواية خرافي ونصه: "عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ (ع) قَالَ سَمِعْتُهُ يَقُولُ: حمعسق عِدَادُ سِنِيّ القَائِمِ (؟!!) وَق جَبَلٌ مُحِيطٌ بِالدُّنْيَا مِنْ زُمُرُّدٍ أَخْضَرَ (!!) [يستحق انتباه علماء الفلك والفيزياء!!] فَخُضْرَةُ السَّمَاءِ مِنْ ذَلِكَ الجَبَلِ، وَعِلْمُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ فِي عسق"!!! ينبغي أن نقول: لا يُمكننا أن نتوقع من مثل أولئك الرواة الكذابين أفضل من هذه المعلومات القيّمة!

* 6 - حديثٌ مخالفٌ للقرآن لأنه يقول: إن المهديَّ يُكْرِهُ الناسَ على اعتناق الإسلام وأنه لن يبقى في الأرض كافر إلا آمن، وقد تكلمنا عن هذا الموضوع بما يكفي في الصفحات الماضية وقلنا إن القرآن الكريم بيَّن أنه لا يحق للنبيّ أن يُكره أحداً على الإيمان وأن وظيفته مقتصرة على الدعوة والتبليغ وأن الله لم يُرد الإيمان الجبري من أحد، وأن اليهود والنصارى سيبقون على الأرض إلى يوم القيامة.

* 7 - يُحتمل أن يكون من أخبار الكيسانية التي استفاد علماؤنا منها!

* 8 و 9 و 11 و 21 - يرويها «المُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ الجُعْفِيُّ» الذي اعتبره علماء رجالنا [كالمرحوم النجاشي والعلامة الحلي] فاسد المذهب ضعيفاً، وقالوا: إنه لا يُعتمد على أقواله وكتبه[395]. في الحديث 9 يروي هذا الشخص عن الصادق (ع) قوله: "أَمَا وَاللهِ لَيَغِيبَنَّ إِمَامُكُمْ سِنِيناً مِنْ دَهْرِكُمْ وَلَيُمَحَّصُ حَتَّى يُقَالَ مَاتَ أَوْ هَلَكَ بِأَيِّ وَادٍ سَلَكَ وَلَتَدْمَعَنَّ عَلَيْهِ عُيُونُ المُؤْمِنِينَ ... وَلَتُرْفَعَنَّ اثْنَتَا عَشْـرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لَا يُدْرَى أَيٌّ مِنْ أَيٍّ؟؟ ...... قَالَ: فَبَكَيْتُ. فَقَالَ لِي: مَا يُبْكِيكَ يَا أبَا عَبْدِ اللهِ؟! فَقُلْتُ: وَكَيْفَ لَا أَبْكِي وَأَنْتَ تَقُولُ تُرْفَعُ اثْنَتَا عَشْرَةَ رَايَةً مُشْتَبِهَةً لَا يُدْرَى أَيٌّ مِنْ أَيٍّ فَكَيْفَ نَصْنَعُ؟؟ ......."!

في رأينا هذه الأخبار وضعها أشخاصٌ كانوا على عداء مع دولة بني العباس وكانوا يريدون قيام المهدي في زمن قريب عاجل، وكانوا يضعون الأحاديث لإبقاء الناس في عصرهم على أُهبة الاستعداد للثورة، ولم يكن يدور في ذهنهم أيّ تصور عن مَهْدِيٍّ يُعمِّر ألفاً ومئتي عام! وذلك كالخبر 22 الذي يقول: "إِنَّ وَلِيَّ اللهِ [أي المهدي] يُعَمَّرُ عُمُرَ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عِشْرِينَ وَمِائَةَ سَنَةٍ وَيَظْهَرُ فِي صُورَةِ فَتًى مُوَفَّقٍ ابْنِ ثَلَاثِينَ سَنَةً"!! هذا مع أنه مضت حتى الآن ألف ومئتي سنة ولم يظهر المهدي الموهوم!!

ذلك الكذَّاب ذاته ادَّعى في الحديث رقم 11 أن الإمام الصادق (ع) قال في تفسير قوله تعالى: "﴿فَإِذَا نُقِرَ فِي ٱلنَّاقُورِ: إِنَّ مِنَّا إِمَاماً مُسْتَتِراً فَإِذَا أَرَادَ اللهُ إِظْهَارَ أَمْرِهِ نَكَتَ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةً فَظَهَرَ فَقَامَ بِأَمْرِ اللهِ"!![396] هذا في حين أن سورة المُدَّثر من أوائل سور القرآن نزولاً إذْ نزلت في مكة وهي تتحدث عن القيامة ولا علاقة لها بالمهدي من قريب ولا من بعيد. هل يُعقل أن يقرأ رسول الله ص على كفار مكة الذين لم يكونوا يؤمنون بنبوته ولا بالتوحيد ولا بالقيامة آية تتعلق بالمهدي؟! أَفَلَا تَعْقِلُونَ؟

وروى الكذَّاب ذاته الخبر 21 واستشهد فيه بالآية 148 من سورة البقرة (راجعوا النموذج رقم 5 من الباب السابق ص 465) في هذه القصة يقول: "إن أصحاب المهدي يُفْتَقَدُونَ عَنْ فُرُشِهِمْ لَيْلًا فَيُصْبِحُونَ بِمَكَّةَ وَبَعْضُهُمْ يَسِيرُ فِي السَّحَابِ[397] نَهَاراً يُعْرَفُ اسْمُهُ وَاسْمُ أَبِيهِ وَحِلْيَتُهُ وَنَسَبُهُ"!! (يشبه الأساطير والحكايات التي تحكيها الجدات لأحفادهن!).

* 12 إلى 15 و37 و78 - راجعوا النموذج 10 في الباب السابق، في الصفحة 364 من الكتاب الحاضر.

* 19و20 - ينسب عدد من الضعفاء إلى الإمام الصادق (ع) قوله: "سَيَأْتِي فِي مَسْجِدِكُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلًا [يعني أصحاب المهدي] يَعْنِي مَسْجِدَ مَكَّةَ، يَعْلَمُ أَهْلُ مَكَّةَ أَنَّهُ لَمْ يَلِدُهُمْ آبَاؤُهُمْ وَلَا أَجْدَادُهُمْ، عَلَيْهِمُ السُّيُوفُ [راجعوا الصفحة 136 من هذا الكتاب، فقرة: ثانياً] مَكْتُوبٌ عَلَى كُلِّ سَيْفٍ كَلِمَةٌ تَفْتَحُ أَلْفَ كَلِمَةٍ ......"!! (مصداق لمقولة: المعنى في بطن الشاعر!!). ثم أيها نقبل هل الكلمة أم الألف كلمة؟! بالطبع كلما كانت الكِذْبةُ أكبر كان ذلك أفضل!

تقول الأحاديث 19 و 34 والأحاديث من 21 حتى 25 في الباب التالي للباب الحالي أن "المَهْدِيَّ يَقْضِي بِقَضَاءِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ (ع) لَا يُرِيدُ عَلَيْهِ بَيِّنَةً"!!

ونسأل: هل المهدي يهوديٌّ حتى يقضي بشريعة داود وسليمان اليهودية المنسوخة؟! أضف إلى ذلك أنه لا فضيلة في الحكم دون بيِّنة ودليل، ولم يكن رسول الله ص يحكم دون دليل وبيِّنة ولم يكن يعتبر مثل هذا الحكم جائزاً.

* 25 و 65 - مجهول يروي عَنْ «سَيْفِ بْنِ عَمِيرَةَ» الضعيف جداً قَالَ: "كُنْتُ عِنْدَ أَبِي جَعْفَرٍ الْمَنْصُورِ فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ ابْتِدَاءً مِنْ نَفْسِهِ يَا سَيْفَ بْنَ عَمِيرَةَ لَا بُدَّ مِنْ مُنَادٍ يُنَادِي بِاسْمِ رَجُلٍ مِنْ وُلْدِ أَبِي طَالِبٍ مِنَ السَّمَاءِ فَقُلْتُ: يَرْوِيهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ قَالَ: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَسَمِعَ أُذُنِي مِنْهُ يَقُولُ لَا بُدَّ مِنْ مُنَادٍ يُنَادِي بِاسْمِ رَجُلٍ مِنَ السَّمَاءِ قُلْتُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّ هَذَا الْحَدِيثَ مَا سَمِعْتُ بِمِثْلِهِ قَطُّ فَقَالَ: يَا سَيْفُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ فَنَحْنُ أَوَّلُ مَنْ يُجِيبُهُ أَمَا إِنَّهُ أَحَدُ بَنِي عَمِّنَا قُلْتُ أَيُّ بَنِي عَمِّكُمْ قَالَ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَ (ع) ثُمَّ قَالَ: يَا سَيْفُ لَوْ لَا أَنِّي سَمِعْتُ أَبَا جَعْفَرٍ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِيٍّ يُحَدِّثُنِي بِهِ ثُمَّ حَدَّثَنِي بِهِ أَهْلُ الدُّنْيَا مَا قَبِلْتُ مِنْهُمْ وَلَكِنَّهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ"!! ونسأل: لماذا إذن لم يكن المنصور يقبل ادِّعاء الإمام الباقر للإمامة؟ ولماذا لم يكن يأتي لرسول الله ص نداء من السماء؟! ولماذا لم يأتِ لأمير المؤمنين علي ÷ في السقيفة أو للإمام الحسين ÷ نداء من السماء؟! (وهذا ينطبق على سائر الروايات التي تتحدث عن نداء من السماء). وبالطبع لما لم يكن لهذه الأخبار مصدر شرعي فإن التناقضات فيها كثيرة فمثلاً في الخبر 58 من هذا الباب قيل بدلاً من النداء السماوي: "تَوَقَّعُوا الصَّوْتَ يَأْتِيكُمْ بَغْتَةً مِنْ قِبَلِ دِمَشْقَ، فِيهِ لَكُمْ فَرَجٌ عَظِيمٌ"!!

* 33 - [منقول عن كتاب «الغيبة» للشيخ الطوسي‏]، يدَّعي بإسناده إلى حُذَيْفَةَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ص وَذَكَرَ المَهْدِيَّ فَقَالَ: "إِنَّهُ يُبَايَعُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ اسْمُهُ أَحْمَدُ وَعَبْدُ اللهِ وَالمَهْدِيُّ فَهَذِهِ أَسْمَاؤُهُ ثَلَاثَتُهَا"!

أقول: هذا الخبر يردّ تلك الأخبار التي تقول إن المهدي هو محمد بن الحسن! إضافة إلى أن هذا الخبر جعل «المهدي» اسماً من أسماء القائم مع أن «المهدي» لقبه وليس اسمه! كذلك يُناقض هذا الخبر تلك الأخبار الواردة في النهي عن تسمية المهدي وأنه يُحرَّم ذكر اسمه!! (راجعوا الكتاب الحاضر، ص148) والعجيب أن المجلسيُّ تجاهل كل هذه الاختلافات والتناقضات تماماً!

* 34 - متنه مخالف للقرآن والعقل لأن «أبا الجارود» الذي لا اعتبار لحديثه يدَّعي أن الإمام الباقر (ع) قال: "إِنَّ الْقَائِمَ يَمْلِكُ ثَلَاثَمِائَةٍ وَتِسْعَ سِنِينَ كَمَا لَبِثَ أَهْلُ الْكَهْفِ فِي كَهْفِهِمْ يَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلًا وَقِسْطاً كَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً وَيَفْتَحُ اللهُ لَهُ شَرْقَ الْأَرْضِ وَغَرْبَهَا وَيُقْتَلُ النَّاسُ حَتَّى لَا يَبْقَى إِلَّا دِيْنُ مُحَمَّدٍ ص (!!) يَسِيرُ بِسِيرَةِ سُلَيْمَانَ بْنِ دَاوُدَ ...."!! لا ندري لماذا يُصرُّ رواة وواضعو هذه الأحاديث على وصف زعماء الدين بأنهم سفاكون للدماء، مع أن الأنبياء جميعهم (والإمام الذي هو من الأتباع الصادقين للنبيّ) لم يكن لديهم من وظيفة في مواجهة كفر الكفار وعنادهم ولجاجهم سوى إبلاغ رسالات الله، كما قال تعالى في القرآن: ﴿وَمَا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ ١٨ [العنكبوت: ١٨]، وقال: ﴿وَمَا عَلَيۡنَآ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُ ٱلۡمُبِينُ ١٧ [يس: ١٧]، ولا يلجؤون إلى السلاح إلا للدفاع عن أنفسهم عند هجوم الأعداء وتآمرهم على المسلمين، ولم يكونوا يلجؤون للسيف لإجبار الناس على الإيمان، فالقَتْل وسفك الدماء مخالفٌ لسيرة الأنبياء جميعهم. ثم يقول إن المهدي يعمل بشريعة سليمان بن داود! فعلينا أن نسأل: وهل المهدي يهودي؟! (لعلَّ بعض اليهود الذين كانوا يتظاهرون بالإسلام هم الذين وضعوا مثل هذه الأحاديث ونشروها بين المسلمين!). ثم إن هذا الحديث مخالف للأحاديث 59 و60 و62 التي تقول: إن القائم يحكم تسعة عشر عاماً! وللأحاديث التي تقول: إن القائم يحكم خمس أو سبع سنوات!

* 42 - في سنده «علي بن أبي حمزة البطائني» الواقفي المنكر للأئمَّة الاثني عشر (إذْ يُنكر الأئمة بعد الإمام الكاظم) والمنكر بالتالي لإمامة ابن حضرة العسكري (ع) من الأساس، يروي عن حضرة الإمام الصادق (ع) أنه قال: "إِذَا صَعَدَ العَبَّاسِيُّ أَعْوَادَ مِنْبَرِ مَرْوَانَ أُدْرِجَ مُلْكُ بَنِي العَبَّاسِ! وَقَالَ (ع): قَالَ لِي أَبِي يَعْنِي البَاقِرَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: لَا بُدَّ لَنَا مِنْ آذَرْبِيجَانَ لَا يَقُومُ لَهَا شَيْ‏ءٌ فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ فَكُونُوا أَحْلَاسَ بُيُوتِكُمْ وَأَلْبِدُوا مَا أَلْبَدْنَا. وَالنِّدَاءُ وَخَسْفٌ بِالبَيْدَاءِ، فَإِذَا تَحَرَّكَ مُتَحَرِّكٌ فَاسْعَوْا إِلَيْهِ وَلَوْ حَبْواً، وَاللهِ لَكَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ يُبَايِعُ النَّاسَ عَلَى كِتَابٍ جَدِيدٍ (؟!) عَلَى العَرَبِ شَدِيدٌ. وَقَالَ: وَيْلٌ لِلْعَرَبِ مِنْ شَرٍّ قَدِ اقْتَرَبَ"!!

أولاً: ما المقصود من «الكتاب الجديد»؟! أليس في ذلك إشارة ضمنية من البطائني[398] إلى أن القرآن الذي بأيدينا مُحرَّف؟! ثم إنه قد مضت سبعمئة سنة على زوال ملك بني العباس ولم يظهر المهدي بعد!! ولكن روايات الذين كانوا يطمعون بحكومة بني العباس لا تزال باقية في كتبنا ويُدافع عنها علماؤنا!! إن ما يؤلم الإنسان ويحزنه أن هذه المهملات تُحفَظ وتُرَوَّج بين الناس باسم دين الإسلام، وكم علينا أن نعاني كي نُقنع الناس ونُفهمهم أن لا علاقة لهذه القصص بالإسلام أو القرآن على الإطلاق!

* 45 و46 - [ينقلهما المَجْلِسِيّ عن كتاب «الغيبة» للنعماني] ينسب للإمام الباقر قوله: "إِنَّ الْمُنَادِيَ يُنَادِي أَنَّ الْمَهْدِيَّ فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ بِاسْمِهِ وَاسْمِ أَبِيهِ فَيُنَادِي الشَّيْطَانُ إِنَّ فُلَاناً وَشِيعَتَهُ عَلَى الْحَقِّ يَعْنِي رَجُلًا مِنْ بَنِي أُمَيَّةَ"! هذا في حين أن بني أُميَّة انقرضوا منذ أكثر من ألف ومئتي عام ولم يعد لهم أيُّ أثر، ومن المضحك جداً أن يُنادي مُناد سماوي بعد مئات القرون باسمهم!

* 49 و49 - حديثان لا يُعطيان إجابة صحيحة ومفيدة عن سؤال كيف يُمكن التمييز بين نداءين سماويين أحدهما حق والآخر باطل؟ والأمر نفسه نجده في الحديثين 50 و 64.

* 66 - هذا الحديث تشمله النقطة ثانياً (في الصفحة 136 من الكتاب الحاضر). ويقول الحديث: "إن المهدي يخرج في مكة بِتُرَاثِ رَسُولِ اللهِ ص! فقيل: مَا تُرَاثُ رَسُولِ اللهِ ص؟! قَالَ [الإمام]: سَيْفُ رَسُولِ اللهِ ص وَدِرْعُهُ وَعِمَامَتُهُ وَبُرْدُهُ وَقَضِيبُهُ وَرَايَتُهُ وَلَامَتُهُ وَسَرْجُهُ حَتَّى يَنْزِلَ مَكَّةَ فَيُخْرِجُ السَّيْفَ مِنْ غِمْدِهِ وَيَلْبَسُ الدِّرْعَ وَيَنْشُرُ الرَّايَةَ وَالْبُرْدَةَ وَالْعِمَامَةَ وَيَتَنَاوَلُ الْقَضِيبَ بِيَدِهِ ........... الخ"!! ولم يكن للراوي علم بأن زمن السيف والدرع قد ولَّى وأنه لو ظهر المهدي بمثل هذه الهيئة لكان مضحكاً لمن ينظر إليه!! (فَتَأَمَّل). في الحرب الأخيرة بين العراق وإيران لم يكن الشيخ رفسنجاني ولا السيد الخامنئي ولا سائر القادة العسكريين يزورون جبهات القتال وهم يلبسون الدرع ويمتشقون السيف! وكذلك يدَّعي الخبر 72 في هذا الباب أن السيف ينطق متكلِّماً (؟!!) والعجيب أن سيف النبيّ ص لم يكن يتكلم لكن سيف المهدي ناطق!! وفي الحديث 82 في هذا الباب أن أصحاب المهدي: "يَتَمَسَّحُونَ بِسَرْجِ الْإِمَامِ (ع) يَطْلُبُونَ بِذَلِكَ الْبَرَكَةَ وَيَحُفُّونَ بِهِ يَقُونَهُ بِأَنْفُسِهِمْ فِي الْحُرُوبِ وَيَكْفُونَهُ مَا يُرِيد"!! وشعارهم «يَا لَثَارَاتِ الـْحُسَيْن»!! يُعلَم إذن أن أصحاب المهدي الموهوم أشخاص حمقى يريدون أن ينتقموا للإمام الحسين (ع) من أهالي آخر الزمن!!!

* 68 - هو حديث لا يصبُّ في مصلحة حكومتنا الحالية لأنه ينسب إلى حضرة عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ (ع) أنه قَالَ: "وَاللهِ لَا يَخْرُجُ وَاحِدٌ مِنَّا قَبْلَ خُرُوجِ الْقَائِمِ إِلَّا كَانَ مَثَلُهُ مَثَلَ فَرْخٍ طَارَ مِنْ وَكْرِهِ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوِيَ جَنَاحَاهُ فَأَخَذَهُ الصِّبْيَانُ فَعَبَثُوا بِهِ"!! بناءً على ذلك، فإن المسؤولين في بلادنا عملوا خلافاً لهذا الحديث! (ليس من المستبعد أن تكون حكومات ذلك العصر هي التي قامت بوضع مثل هذه الأحاديث وإشاعتها بين الناس لتُثبِّطهم عن القيام وتمنعهم من الثورة عليهم!).

عدد من أحاديث هذا الباب يدل على نزول الملاك على المهدي وهو أمر يتعارض مع العقيدة الإسلامية ولا يحتاج إلى دراسة ونقد.

فلننتقل الآن إلى دراسة خرافات الباب التالي الذي كرَّر المَجْلِسِيّ فيه كثيراً من الأحاديث التي ذكرها في الأبواب السابقة.

[395] كان «المُفَضَّلُ بْنُ عُمَرَ الجُعْفِيُّ» من الغُلاة من أتباع «أبي الخطاب» الخبيث. جاء عنه في رجال ‏الكشي [ص 323]: "عن عبد الله بن مسكان، قال، دخل حجر بن زائدة و عامر بن جذاعة الأزدي على أبي عبد الله (ع) فقالا: جُعِلْنَا فِدَاكَ، إن المفضَّلَ بْنَ عُمَرَ يقول إنكم تُقدِّرون أرزاق العباد؟ فقال: والله ما يقدر أرزاقنا إلا الله، ولقد احتجت إلى طعام لعيالي فضاق صدري وأبلغت إلى الفكرة في ذلك حتى أحرزت قوتهم فعندها طابت نفسي، لَعَنَهُ اللهُ وبرئَ منه. قالا: أفتلعنه وتتبرأ منه؟؟ قال: نعم، فالعناه و ابرآ منه، بَرِئَ الله ورسوله منه."! ثم ذكر في [ص 324] تصريحاً آخر للإمام الصادق عنه فقال: " قال أبو عمرو الكِشِّيُّ قال يحيى بن عبد الحميد الحماني في كتابه المؤلف في إثبات إمامة أمير المؤمنين (ع): قلت لشريك إن أقواماً يزعمون أن جعفر بن محمد ضعيف في الحديث؟ فقال: أخبرك القصة! كان جعفر بن محمد رجلاً صالحاً مسلماً ورعاً، فاكتنفه قوم جُهَّالٌ يدخلون عليه ويخرجون من عنده ويقولون حدثنا جعفر بن محمد، ويُحَدِّثون بأحاديث كلها منكرات كذب موضوعة على جعفر، يستأكلون الناس بذلك ويأخذون منهم الدراهم، فكانوا يأتون من ذلك بكل منكر، فَسَمِعَت العوامُّ بذلك منهم فمنهم من هلك ومنهم من أنكر، وهؤلاء مثل المُفَضَّل بْنِ عُمَرَ وبيان وعمرو النبطي‏". (المُتَرْجِمُ) [396] راجعوا الصفحة 201 من الكتاب الحاضر، الرواية رقم 49 من باب «الآيات المؤولة بقيام القائم». [397] لا يُمكن الادِّعاء بأن المقصود بالسحاب الطائرات لأنه اعتبر أن حركة السحب منحصرة بالنهار في حين أن الطائرة تتحرك في السماء في الليل أيضاً. ثم إنه قال: إنه يُعْرَفُ اسْمُهُ وَاسْمُ أَبِيهِ وَحِلْيَتُهُ وَنَسَبُهُ وهذا لا يتناسب مع الطائرة إذ لا علاقة بين الركوب في الطائرة وأن يُعرف اسم الراكب ونسبه مِنْ قِبَلِ سائر الناس! وفي الواقع فإن قصد الراوي من الحركة في النهار أن يقول: إن الناس يرون حركته في السحاب فيتعرَّفون بذلك على حسبه ونسبه! هذا في حين أن ركاب الطائرة لا يُمكن التعرّف عليهم من قبل الناس في الأرض. [398] راجعوا لمعرفة أحواله كتاب «عرض أخبار الأصول .....» ص 201 .