28 - باب نادرٌ في ذكر من رآه في الغيبة الكبرى قريباً من زماننا
هنا شرع المجلسيّ بحكاية القصص، فقصَّ علينا عدّة قصص مُختَلَقَة وخيالية مثل قصة الجزيرة الخضراء في البحر الأبيض والتي كتب محقق «بحار الأنوار» عنها في الحاشية قائلاً بصراحة:
"هذه قصة مصنوعة تخيّليّة، قد سردها كاتبها على رسم القصاصين، وهذا الرسم معهود في هذا الزمان أيضاً يسمونه "رمانتيك" [أي القصص الرومانسية] وله تأثير عظيم في نفوس القارئين لانجذاب النفوس إليه. فلا بأس به، إذا عرف الناس أنها قصة تخيُّليّة"![383]
في هذه القصَّة تمَّ تشجيع الناس على قول الشهادة الثالثة وهذا يخالف رأي المتقدِّمين من الشيعة.[384] (بحار الأنوار، ج 52، ص 163). أضِف إلى ذلك أن هذه القصَّة تدل على تحريف القرآن (بحار الأنوار، ج 52، ص 170)، لذا علق عليها محقق البحار (الشيخ البهبودي) في الحاشية قائلاً:
"يظهر من كلامه ذلك أن مُنْشِئَ هذه القصة كان من الحشوية الذين يقولون بتحريف القرآن لفظاً، فسرد القصة على معتقداته"!
يُعْلَم إذاً أن واضعي هذه الأخبار لم يكونوا يؤمنون بالآية 9 من سورة الحِجْر المباركة[385]، ولم يكن همُّهم سوى خداع العوام!! وللأسف فإن المَجْلِسِيّ لزم الصمت بشأن هذا الأمر المهم فكشف بذلك عن حماقته![386]
وأقول: وعلى كل حال لما كان الناس في زماننا قد سبروا كل أصقاع الدنيا وجابَ أهل الأسفار والسياحة والاكتشافات جميع نواحي المعمورة ولم يجدوا مثل هذه الجزيرة الخضراء بتلك الصفات المذكورة في هذه القصة الخيالية فإننا نصرف النظر عنها ولا نُضيِّع عمرنا في هذه المهملات. أما سائر القصص التي أوردها المَجْلِسِيّ في هذا الباب فليس فيها أيضاً أيُّ دلالة صريحة على المهدي كما لا يُمكن معرفة كذبها من صدقها، بل القصة الأخيرة تطفح منها علائم الكذب بكل وضوح!
[383] المجلسي، بحار الأنوار، (تحقيق الشيخ محمد الباقر البهبودي)، ج52، حاشية ص 159. (المُتَرْجِمُ) [384] راجعوا كتاب «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول»، ص 70 فما بعد. [385] أي ﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ ٩﴾[الحجر: 9]. وراجعوا حول هذه النقطة كتاب «شاهراه اتِّحاد» [طريق الاتِّحاد] (ص 108). [386] تتضمن هذه القصة خرافات كثيرة منها: أنه يوجد الآن ثلاثمئة ناصر من جند إمام الزمان مع الإمام في الجزيرة ولا ينقصهم إلا ثلاثة عشر ناصراً آخر حتى يعجِّل الله لوليه الفرج!! ويجدر أن نسأل: هل لا يزال أولئك الأنصار الثلاثمئة أحياء أيضاً مع المهدي إلى اليوم؟!