دراسة علمية لأحاديث المهدي

فهرس الكتاب

الفصل الثاني عقيدة الرجعة

الفصل الثاني عقيدة الرجعة

4إحدى العقائد التي تعتقد بها الشيعة الإمامية مسألة «الرجعة»، ومضمونها أنه قبل يوم القيامة، في زمن ظهور الإمام المهدي، سيعود جماعة من الأموات إلى الحياة في هذه الحياة الدنيا!! وسنذكر فيما يلي بعض الأحاديث التي رواها المَجْلِسِيُّ في «بحار الأنوار» في هذا الصدد ثم نعلِّق عليها وننقدها:

أورد المَجْلِسِيُّ في «بحار الأنوار»، في الباب الثالث والثلاثين من المجلد الثالث عشر روايةً طويلةً عن «المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ» حول هذا الموضوع، وسنذكر هذه الرواية بطولها على نحو مشابه تقريباً لما جاء في كتاب «مهدي موعود» [بالفارسية] ترجمة «علي دواني»، وذلك لكي يدرك القارئ الكريم - بعد معرفته كذب هذه الرواية عندما يقرأ نقدنا لها - كيف يقوم الكذبة بتطويل ما يروونه من أخبار وكيف يلفقون الأكاذيب حتى يتوهم الناس أن ما يروونه حقائق واقعية!

قال المَجْلِسِيُّ: "رُوِيَ فِي بَعْضِ مُؤَلَّفَاتِ أَصْحَابِنَا -بإسنادٍ متَّصل[33]- إلى «المُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ» قَالَ: سَأَلْتُ سَيِّدِي الصَّادِقَ ÷ هَلْ لِلْمَأْمُورِ المُنْتَظَرِ المَهْدِيِّ مِنْ وَقْتٍ مُوَقَّتٍ يَعْلَمُهُ النَّاسُ؟ فَقَالَ: حَاشَ لِـلَّهِ أَنْ يُوَقِّتَ ظُهُورَهُ بِوَقْتٍ يَعْلَمُهُ شِيعَتُنَا. قُلْتُ: يَا سَيِّدِي! وَلِمَ ذَاكَ؟! قَالَ: لِأَنَّهُ هُوَ السَّاعَةُ الَّتِي قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿يَسۡ‍َٔلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرۡسَىٰهَاۖ قُلۡ إِنَّمَا عِلۡمُهَا عِندَ رَبِّيۖ لَا يُجَلِّيهَا لِوَقۡتِهَآ إِلَّا هُوَ [الأعراف: ١٨٧]

توضيح: رأينا من الضروري قبل أن ننقل بقية الرواية أن نوضح ما في بدايتها هذه من كذب الراوي وتناقضه الواضح:

أولاً: الآية التي استشهد بها جاءت في سورة الأعراف المكية، ولم يكن هناك أحد في مكة يسأل في تلك الفترة عن وقت ظهور المهدي!! بل كان الله تعالى يتكلم عن القيامة ويجيب عن سؤال الناس متى تقوم القيامة؟

بقية القصَّة: وأما بقية الرواية فيواصل الإمام قوله للمُفَضَّل:

"... وَهُوَ [أي المنتظر المهدي] السَّاعَةُ الَّتِي قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿يَسۡ‍َٔلُونَكَ عَنِ ٱلسَّاعَةِ أَيَّانَ مُرۡسَىٰهَا [الأعراف: 187، والنازعات: 42] وَقَالَ: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ [لقمان: ٣٤] وَلَمْ يَقُلْ إِنَّهَا عِنْدَ أَحَدٍ، وَقَالَ: ﴿فَهَلۡ يَنظُرُونَ إِلَّا ٱلسَّاعَةَ أَن تَأۡتِيَهُم بَغۡتَةٗۖ فَقَدۡ جَآءَ أَشۡرَاطُهَا [محمد : ١٨] وَقَالَ: ﴿ٱقۡتَرَبَتِ ٱلسَّاعَةُ وَٱنشَقَّ ٱلۡقَمَرُ ١ [القمر: ١] وَقَالَ: ﴿وَمَا يُدۡرِيكَ لَعَلَّ ٱلسَّاعَةَ قَرِيبٞ ١٧ يَسۡتَعۡجِلُ بِهَا ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِهَاۖ وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مُشۡفِقُونَ مِنۡهَا وَيَعۡلَمُونَ أَنَّهَا ٱلۡحَقُّۗ أَلَآ إِنَّ ٱلَّذِينَ يُمَارُونَ فِي ٱلسَّاعَةِ لَفِي ضَلَٰلِۢ بَعِيدٍ ١٨ [الشورى: ١٧، ١٨] .".

توضيح: كما قلنا قبل قليل المقصود من «الساعة» في كل هذه الآيات هو يوم القيامة، ونظرةٌ إلى الآيات القرآنية الكريمة والقرائن التي فيها وملاحظة سياقها والآيات التي جاءت قبل الآيات المذكورة وبعدها، يوضِّحُ هذا الأمرَ بكلِّ جلاء.

اقرؤوا الآن بقية القصَّة: قال: "قُلْتُ: فَمَا مَعْنَى ﴿يُمَارُونَ؟ قَالَ: يَقُولُونَ مَتَى وُلِدَ وَمَنْ رَأَى وَأَيْنَ يَكُونُ وَمَتَى يَظْهَرُ؟؟ وَكُلُّ ذَلِكَ اسْتِعْجَالاً لِأَمْرِ اللهِ، وَشَكّاً فِي قَضَائِهِ، وَدُخُولاً فِي قُدْرَتِهِ،‏ أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا الدُّنْيَا وَإِنَّ لِلْكَافِرِينَ لَشَرَّ مَآبٍ".

توضيح: معنى «يُمَارُونَ» -كما جاء في الآية 18 من سورة الشورى - : يشكُّون في الساعة، لأن الكلام هو حول الساعة، وهي يوم القيامة كما قدمنا، ومماراتهم فيها أنهم يسألون متى هذا الوعد؟ ومتى تأتي الساعة؟ ويتشكَّكون بها ويكذِّبون بها، ولا علاقة لها بالقائم.

متابعة القصَّة:

"قُلْتُ: أَفَلَا يُوَقَّتُ لَهُ وَقْتٌ؟ فَقَالَ: يَا مُفَضَّلُ! لَا أُوَقِّتُ لَهُ وَقْتاً وَلَا يُوَقَّتُ لَهُ وَقْتٌ إِنَّ مَنْ وَقَّتَ لِمَهْدِيِّنَا وَقْتاً فَقَدْ شَارَكَ اللهَ تَعَالَى فِي عِلْمِهِ وَادَّعَى أَنَّهُ ظَهَرَ عَلَى سِرِّهِ وَمَا لِـلَّهِ مِنْ سِرٍّ إِلَّا وَقَدْ وَقَعَ إِلَى هَذَا الخَلْقِ المَعْكُوسِ الضَّالِّ عَنِ اللهِ الرَّاغِبِ عَنْ أَوْلِيَاءِ اللهِ، وَمَا لِـلَّهِ مِنْ خَبَرٍ إِلَّا وَهُمْ أَخَصُّ بِهِ لِسِرِّهِ وَهُوَ عِنْدَهُمْ، وَإِنَّمَا أَلْقَى اللهُ إِلَيْهِمْ لِيَكُونَ حُجَّةً عَلَيْهِمْ.

قَالَ المُفَضَّلُ: يَا مَوْلَايَ! فَكَيْفَ بَدْءُ ظُهُورِ المَهْدِيِّ وَإِلَيْهِ التَّسْلِيمُ؟

قَالَ ÷: يَا مُفَضَّلُ! يَظْهَرُ فِي شُبْهَةٍ لِيَسْتَبِينَ فَيَعْلُو ذِكْرُهُ وَيَظْهَرُ أَمْرُهُ وَيُنَادَى بِاسْمِهِ وَكُنْيَتِهِ وَنَسَبِهِ وَيَكْثُرُ ذَلِكَ عَلَى أَفْوَاهِ المُحِقِّينَ وَالمُبْطِلِينَ وَالمُوَافِقِينَ وَالمُخَالِفِينَ‏ لِتَلْزَمَهُمُ الحُجَّةُ بِمَعْرِفَتِهِمْ بِهِ عَلَى أَنَّهُ قَدْ قَصَصْنَا وَدَلَلْنَا عَلَيْهِ وَنَسَبْنَاهُ وَسَمَّيْنَاهُ وَكَنَيْنَاهُ وَقُلْنَا سَمِيُّ جَدِّهِ رَسُولِ اللهِ ص وَكَنِيُّهُ لِئَلَّا يَقُولَ النَّاسُ مَا عَرَفْنَا لَهُ اسْماً وَلَا كُنْيَةً وَلَا نَسَباً، وَاللهِ لَيَتَحَقَّقُ الإِيضَاحُ بِهِ وَبِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَكُنْيَتِهِ عَلَى أَلْسِنَتِهِمْ حَتَّى لَيُسَمِّيهِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ كُلُّ ذَلِكَ لِلُزُومِ الحُجَّةِ عَلَيْهِمْ ثُمَّ يُظْهِرُهُ اللهُ كَمَا وَعَدَ بِهِ جَدُّهُ ص فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ ٣٣ [التوبة: ٣٣].

قَالَ المُفَضَّلُ: يَا مَوْلَايَ! فَمَا تَأْوِيلُ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ وَلَوۡ كَرِهَ ٱلۡمُشۡرِكُونَ؟؟

قَالَ ÷: هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿وَقَٰتِلُوهُمۡ حَتَّىٰ لَا تَكُونَ فِتۡنَةٞ وَيَكُونَ ٱلدِّينُ كُلُّهُۥ لِلَّهِ [الأنفال: ٣٩] فَوَاللهِ يَا مُفَضَّلُ لَيُرْفَعُ عَنِ المِلَلِ وَالأَدْيَانِ الِاخْتِلَافُ وَيَكُونُ الدِّينُ كُلُّهُ وَاحِداً كَمَا قَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: ﴿إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُ [آل عمران: ١٩]. وَقَالَ اللهُ: ﴿وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ ٨٥ [آل عمران: ٨٥].".

توضيح: سنتكلَّمُ حول آية ﴿هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ لِيُظۡهِرَهُۥ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِۦ [التوبة: ٣٣] أثناء مناقشتنا للآيات التي يستدلُّون بها على المهدي، أما الاستدلال بقوله تعالى: ﴿وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ فنقول: ليس المقصود من «الإسلام» دين محمد ص فقط، كما أنه ليس المقصود أن جميع الأديان دينٌ واحدٌ، بل المقصود من الإسلام هنا معناه اللغوي وهو التسليم لحكم الله تعالى (وإسلام الوجه لِـلَّهِ والانقياد لأمره)، وبهذا النحو كان أتباع عيسى ÷ الذين أسلموا وجههم لِـلَّهِ مسلمين، وأتباع موسى كذلك، وأتباع نوح كذلك...... وهكذا. وفي الواقع إن بقية رواية «المُفَضَّل» تؤيد هذا الأمر، إذ يقول:

"قَالَ المُفَضَّلُ: قُلْتُ: يَا سَيِّدِي وَمَوْلَايَ! وَالدِّينُ الَّذِي فِي آبَائِهِ إِبْرَاهِيمَ وَنُوحٍ وَمُوسَى وَعِيسَى وَمُحَمَّدٍ هُوَ الإِسْلَامُ؟

قَالَ: نَعَمْ يَا مُفَضَّلُ هُوَ الإِسْلَامُ لَا غَيْرُ.

قُلْتُ: يَا مَوْلَايَ! أَتَجِدُهُ فِي كِتَابِ اللهِ؟

قَالَ: نَعَمْ مِنْ أَوَّلِهِ إِلَى آخِرِهِ وَمِنْهُ هَذِهِ الآيَةُ ﴿إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُ [آل عمران: ١٩] وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿مِّلَّةَ أَبِيكُمۡ إِبۡرَٰهِيمَۚ هُوَ سَمَّىٰكُمُ ٱلۡمُسۡلِمِينَ [الحج : ٧٨]. وَمِنْهُ قَوْلُهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ: ﴿رَبَّنَا وَٱجۡعَلۡنَا مُسۡلِمَيۡنِ لَكَ وَمِن ذُرِّيَّتِنَآ أُمَّةٗ مُّسۡلِمَةٗ لَّكَ [البقرة: ١٢٨]. وَقَوْلُهُ تَعَالَى فِي قِصَّةِ فِرْعَوْنَ: ﴿حَتَّىٰٓ إِذَآ أَدۡرَكَهُ ٱلۡغَرَقُ قَالَ ءَامَنتُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱلَّذِيٓ ءَامَنَتۡ بِهِۦ بَنُوٓاْ إِسۡرَٰٓءِيلَ وَأَنَا۠ مِنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ ٩٠ [يونس : ٩٠]. وَفِي قِصَّةِ سُلَيْمَانَ وَبِلْقِيسَ: ﴿قَبۡلَ أَن يَأۡتُونِي مُسۡلِمِينَ [النمل: 38]. وَقَوْلِهَا: ﴿أَسۡلَمۡتُ مَعَ سُلَيۡمَٰنَ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ [النمل: 44].

وَ قَوْلِ عِيسَى ÷: ﴿قَالَ مَنۡ أَنصَارِيٓ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَٱشۡهَدۡ بِأَنَّا مُسۡلِمُونَ ٥٢ وَقَوْلُهُ جَلَّ وَعَزَّ: ﴿وَلَهُۥٓ أَسۡلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعٗا وَكَرۡهٗا وَقَوْلُهُ فِي قِصَّةِ لُوطٍ: ﴿فَمَا وَجَدۡنَا فِيهَا غَيۡرَ بَيۡتٖ مِّنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَقَوْلُهُ: ﴿قُولُوٓاْ ءَامَنَّا بِٱللَّهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيۡنَا وَمَآ أُنزِلَ إِلَىٰٓ إِبۡرَٰهِ‍ۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ وَيَعۡقُوبَ وَٱلۡأَسۡبَاطِ وَمَآ أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَآ أُوتِيَ ٱلنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمۡ لَا نُفَرِّقُ بَيۡنَ أَحَدٖ مِّنۡهُمۡ وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ ١٣٦ وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿أَمۡ كُنتُمۡ شُهَدَآءَ إِذۡ حَضَرَ يَعۡقُوبَ ٱلۡمَوۡتُ إِذۡ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعۡبُدُونَ مِنۢ بَعۡدِيۖ قَالُواْ نَعۡبُدُ إِلَٰهَكَ وَإِلَٰهَ ءَابَآئِكَ إِبۡرَٰهِ‍ۧمَ وَإِسۡمَٰعِيلَ وَإِسۡحَٰقَ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗا وَنَحۡنُ لَهُۥ مُسۡلِمُونَ ١٣٣. قُلْتُ: يَا سَيِّدِي! كَمِ المِلَلُ؟ قَالَ: أَرْبَعَةٌ وَهِيَ شَرَائِعُ.

قَالَ المُفَضَّلُ قُلْتُ: يَا سَيِّدِي! المَجُوسُ لِمَ سُمُّوا المَجُوسَ؟

قَالَ ÷: لِأَنَّهُمْ تَمَجَّسُوا فِي السُّرْيَانِيَّةِ وَادَّعَوْا عَلَى آدَمَ وَعَلَى شَيْثٍ وَهُوَ هِبَةُ اللهِ أَنَّهُمَا أَطْلَقَا لَهُمْ نِكَاحَ الأُمَّهَاتِ وَالأَخَوَاتِ وَالبَنَاتِ وَالخَالَاتِ وَالعَمَّاتِ وَالمُحَرَّمَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَأَنَّهُمَا أَمَرَاهُمْ أَنْ يُصَلُّوا إِلَى الشَّمْسِ حَيْثُ وَقَفَتْ فِي السَّمَاءِ وَلَمْ يَجْعَلَا لِصَلَاتِهِمْ وَقْتاً، وَإِنَّمَا هُوَ افْتِرَاءٌ عَلَى اللهِ الكَذِبَ وَعَلَى آدَمَ وَشَيْثٍ.".

قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلَايَ وَسَيِّدِي! لِمَ سُمِّيَ قَوْمُ مُوسَى الْيَهُودَ؟

قَالَ ÷: لِقَوْلِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿إِنَّا هُدۡنَآ إِلَيۡكَ [الأعراف: ١٥٦]. أَيِ اهْتَدَيْنَا إِلَيْكَ. قَالَ فَالنَّصَارَى؟ قَالَ ÷: لِقَوْلِ عِيسَى: ﴿مَنۡ أَنصَارِيٓ إِلَى ٱللَّهِۖ قَالَ ٱلۡحَوَارِيُّونَ نَحۡنُ أَنصَارُ ٱللَّهِ [آل عمران: ٥٢] وَتَلَا الْآيَةَ إِلَى آخِرِهَا، فَسُمُّوا النَّصَارَى لِنُصْرَةِ دِينِ اللهِ.

قَالَ الْمُفَضَّلُ: فَقُلْتُ: يَا مَوْلَايَ! فَلِمَ سُمِّيَ الصَّابِئُونَ الصَّابِئِينَ؟

فَقَالَ ÷: إِنَّهُمْ صَبَوْا إِلَى تَعْطِيلِ الْأَنْبِيَاءِ وَالرُّسُلِ وَالْمِلَلِ وَالشَّرَائِعِ وَقَالُوا كُلُّ مَا جَاءُوا بِهِ بَاطِلٌ فَجَحَدُوا تَوْحِيدَ اللهِ تَعَالَى وَنُبُوَّةَ الْأَنْبِيَاءِ وَرِسَالَةَ الْمُرْسَلِينَ وَوَصِيَّةَ الْأَوْصِيَاءِ فَهُمْ بِلَا شَرِيعَةٍ وَلَا كِتَابٍ وَلَا رَسُولٍ وَهُمْ مُعَطِّلَةُ الْعَالَمِ. قَالَ الْمُفَضَّلُ سُبْحَانَ اللهِ مَا أَجَلَّ هَذَا مِنْ عِلْمٍ. قَالَ ÷: نَعَمْ يَا مُفَضَّلُ فَأَلْقِهِ إِلَى شِيعَتِنَا لِئَلَّا يَشُكُّوا فِي الدِّينِ.

قَالَ المُفَضَّلُ: يَا سَيِّدِي! فَفِي أَيِّ بُقْعَةٍ يَظْهَرُ المَهْدِيُّ؟

قَالَ ÷: لَا تَرَاهُ عَيْنٌ فِي وَقْتِ ظُهُورِهِ إِلَّا رَأَتْهُ كُلُّ عَيْنٍ فَمَنْ قَالَ لَكُمْ غَيْرَ هَذَا فَكَذِّبُوهُ.

قَالَ المُفَضَّلُ: يَا سَيِّدِي! وَلَا يُرَى وَقْتَ وِلَادَتِهِ؟

قَالَ: بَلَى وَاللهِ لَيُرَى مِنْ سَاعَةِ وِلَادَتِهِ إِلَى سَاعَةِ وَفَاةِ أَبِيهِ سَنَتَيْنِ وَتِسْعَةَ أَشْهُرٍ أَوَّلُ وِلَادَتِهِ وَقْتُ الفَجْرِ مِنْ لَيْلَةِ الجُمُعَةِ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ شَعْبَانَ سَنَةَ 257 إِلَى يَوْمِ الجُمُعَةِ لِثَمَانٍ خَلَوْنَ مِنْ رَبِيعٍ الأَوَّلِ مِنْ سَنَةِ 260 وَهُوَ يَوْمُ وَفَاةِ أَبِيهِ بِالْمَدِينَةِ الَّتِي بِشَاطِئِ دِجْلَةَ، يَبْنِيهَا المُتَكَبِّرُ الجَبَّارُ المُسَمَّى بِاسْمِ جَعْفَرٍ الضَّالُّ المُلَقَّبُ بِالْمُتَوَكِّلِ[34]، وَهُوَ المُتَأَكِّلُ لَعَنَهُ اللهُ تَعَالَى وَهِيَ مَدِينَةٌ تُدْعَى بِـ«سُـرَّ مَنْ رَأَى» وَهِيَ سَاءَ مَنْ رَأَى يَرَى شَخْصَهُ المُؤْمِنُ المُحِقُّ سَنَةَ سِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَلَا يَرَاهُ المُشَكِّكُ المُرْتَابُ (؟!) وَيَنْفُذُ فِيهَا أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ وَيَغِيبُ عَنْهَا فَيَظْهَرُ فِي القَصْرِ بِصَابِرٍ بِجَانِبِ المَدِينَةِ فِي حَرَمِ جَدِّهِ رَسُولِ اللهِ ص (؟!) فَيَلْقَاهُ هُنَاكَ مَنْ يُسْعِدُهُ اللهُ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ ثُمَّ يَغِيبُ فِي آخِرِ يَوْمٍ مِنْ سَنَةِ 266 فَلَا تَرَاهُ عَيْنُ أَحَدٍ حَتَّى يَرَاهُ كُلُّ أَحَدٍ وَكُلُّ عَيْنٍ.

قَالَ المُفَضَّلُ قُلْتُ: يَا سَيِّدِي! فَمَنْ يُخَاطِبُهُ وَلِمَنْ يُخَاطِبُ.

قَالَ الصَّادِقُ ÷: تُخَاطِبُهُ المَلَائِكَةُ وَالمُؤْمِنُونَ مِنَ الجِنِّ وَيَخْرُجُ أَمْرُهُ وَنَهْيُهُ إِلَى ثِقَاتِهِ وَوُلَاتِهِ وَوُكَلَائِهِ وَيَقْعُدُ بِبَابِهِ مُحَمَّدُ بْنُ نُصَيْرٍ النُّمَيْرِيُّ فِي يَوْمِ غَيْبَتِهِ بِصَابِرٍ ثُمَّ يَظْهَرُ بِمَكَّةَ وَ وَاللهِ يَا مُفَضَّلُ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ دَخَلَ مَكَّةَ وَعَلَيْهِ بُرْدَةُ رَسُولِ اللهِ ص وَعَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةٌ صَفْرَاءُ وَفِي رِجْلَيْهِ نَعْلَا رَسُولِ اللهِ ص المَخْصُوفَةُ وَفِي يَدِهِ هِرَاوَتُهُ يَسُوقُ بَيْنَ يَدَيْهِ عِنَازاً عِجَافاً حَتَّى يَصِلَ بِهَا نَحْوَ البَيْتِ لَيْسَ ثَمَّ أَحَدٌ يَعْرِفُهُ وَيَظْهَرُ وَهُوَ شَابٌّ.

قَالَ المُفَضَّلُ: يَا سَيِّدِي! يَعُودُ شَابّاً أَوْ يَظْهَرُ فِي شَيْبَةٍ؟ فَقَالَ ÷: سُبْحَانَ اللهِ! وَهَلْ يُعْرَفُ ذَلِكَ؟![35] يَظْهَرُ كَيْفَ شَاءَ وَبِأَيِّ صُورَةٍ شَاءَ إِذَا جَاءَهُ الأَمْرُ مِنَ اللهِ تَعَالَى مَجْدُهُ وَجَلَّ ذِكْرُهُ.

قَالَ المُفَضَّلُ: يَا سَيِّدِي! فَمِنْ أَيْنَ يَظْهَرُ وَكَيْفَ يَظْهَرُ؟

قَالَ: يَا مُفَضَّلُ! يَظْهَرُ وَحْدَهُ وَيَأْتِي البَيْتَ وَحْدَهُ وَيَلِجُ الكَعْبَةَ وَحْدَهُ وَيَجُنُّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ وَحْدَهُ فَإِذَا نَامَتِ العُيُونُ وَغَسَقَ اللَّيْلُ نَزَلَ إِلَيْهِ جَبْرَئِيلُ وَمِيكَائِيلُ وَالمَلَائِكَةُ صُفُوفاً فَيَقُولُ لَهُ جَبْرَئِيلُ يَا سَيِّدِي قَوْلُكَ مَقْبُولٌ وَأَمْرُكَ جَائِزٌ فَيَمْسَحُ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ وَيَقُولُ: ﴿الحَمْدُ لِـلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَأَوْرَثَنَا الأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ العامِلِينَ [الزمر: 74][36] وَيَقِفُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ فَيَصْرُخُ صَرْخَةً فَيَقُولُ: يَا مَعَاشِرَ نُقَبَائِي وَأَهْلَ خَاصَّتِي وَمَنْ ذَخَرَهُمُ اللهُ لِنُصْـرَتِي قَبْلَ ظُهُورِي عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ، ائْتُونِي طَائِعِينَ، فَتَرِدُ صَيْحَتُهُ (ع) عَلَيْهِمْ وَهُمْ عَلَى مَحَارِيبِهِمْ وَعَلَى فُرُشِهِمْ فِي شَرْقِ الأَرْضِ وَغَرْبِهَا فَيَسْمَعُونَهُ فِي صَيْحَةٍ وَاحِدَةٍ فِي أُذُنِ كُلِّ رَجُلٍ فَيَجِيئُونَ نَحْوَهَا وَلَا يَمْضِي لَهُمْ إِلَّا كَلَمْحَةِ بَصَرٍ حَتَّى يَكُونَ كُلُّهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ (ع) بَيْنَ الرُّكْنِ وَالمَقَامِ (؟!!). فَيَأْمُرُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ النُّورَ فَيَصِيرُ عَمُوداً مِنَ الأَرْضِ إِلَى السَّمَاءِ فَيَسْتَضِي‏ءُ بِهِ كُلُّ مُؤْمِنٍ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ وَيَدْخُلُ عَلَيْهِ نُورٌ مِنْ جَوْفِ بَيْتِهِ فَتَفْرَحُ نُفُوسُ المُؤْمِنِينَ بِذَلِكَ النُّورِ وَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ بِظُهُورِ قَائِمِنَا أَهْلَ البَيْتِ (ع) ثُمَّ يُصْبِحُونَ وُقُوفاً بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُمْ ثَلَاثُمِائَةٍ وَثَلَاثَةَ عَشَرَ رَجُلاً بِعِدَّةِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ يَوْمَ بَدْرٍ.

قَالَ المُفَضَّلُ: يَا مَوْلَايَ يَا سَيِّدِي! فَاثْنَانِ وَسَبْعُونَ رَجُلاً الَّذِينَ قُتِلُوا مَعَ الحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ (ع) يَظْهَرُونَ مَعَهُمْ؟

قَالَ: يَظْهَرُ مِنْهُمْ أَبُو عَبْدِ اللهِ الحُسَيْنُ بْنُ عَلِيٍّ (ع) فِي اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفاً مُؤْمِنِينَ مِنْ شِيعَةِ عَلِيٍّ (ع) وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ.

قَالَ المُفَضَّلُ: يَا سَيِّدِي! فَبِغَيْرِ سُنَّةِ القَائِمِ (ع) بَايَعُوا لَهُ قَبْلَ ظُهُورِهِ وَقَبْلَ قِيَامِهِ؟

فَقَالَ ÷: يَا مُفَضَّلُ! كُلُّ بَيْعَةٍ قَبْلَ ظُهُورِ القَائِمِ (ع) فَبَيْعَتُهُ كُفْرٌ وَنِفَاقٌ وَخَدِيعَةٌ لَعَنَ اللهُ المُبَايِعَ لَهَا وَالمُبَايَعَ لَهُ، بَلْ يَا مُفَضَّلُ! يُسْنِدُ القَائِمُ (ع) ظَهْرَهُ إِلَى الحَرَمِ وَيَمُدُّ يَدَهُ فَتُرَى بَيْضَاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ وَيَقُولُ: هَذِهِ يَدُ اللهِ وَعَنِ اللهِ وَبِأَمْرِ اللهِ ثُمَّ يَتْلُو هَذِهِ الآيَةَ: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ ٱللَّهَ يَدُ ٱللَّهِ فَوۡقَ أَيۡدِيهِمۡۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا يَنكُثُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦ [الفتح: ١٠]، فَيَكُونُ أَوَّلُ مَنْ يُقَبِّلُ يَدَهُ جَبْرَئِيلَ (ع) ثُمَّ يُبَايِعُهُ وَتُبَايِعُهُ المَلَائِكَةُ وَنُجَبَاءُ الجِنِّ ثُمَّ النُّقَبَاءُ وَيُصْبِحُ النَّاسُ بِمَكَّةَ فَيَقُولُونَ: مَنْ هَذَا الرَّجُلُ الَّذِي بِجَانِبِ الْكَعْبَةِ؟ وَمَا هَذَا الْخَلْقُ الَّذِينَ مَعَهُ؟ وَمَا هَذِهِ الْآيَةُ الَّتِي رَأَيْنَاهَا اللَّيْلَةَ وَلَمْ تُرَ مِثْلَهَا؟ فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: هَذَا الرَّجُلُ هُوَ صَاحِبُ الْعُنَيْزَاتِ. فَيَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: انْظُرُوا هَلْ تَعْرِفُونَ أَحَداً مِمَّنْ مَعَهُ؟ فَيَقُولُونَ: لَا نَعْرِفُ أَحَداً مِنْهُمْ إِلَّا أَرْبَعَةً مِنْ أَهْلِ مَكَّةَ وَأَرْبَعَةً مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَهُمْ فُلَانٌ وَفُلَانٌ وَيَعُدُّونَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ. وَيَكُونُ هَذَا أَوَّلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ فَإِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَأَضَاءَتْ صَاحَ صَائِحٌ بِالْخَلَائِقِ مِنْ عَيْنِ الشَّمْسِ بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ يُسْمِعُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرَضِينَ: يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ! هَذَا مَهْدِيُّ آلِ مُحَمَّدٍ وَيُسَمِّيهِ بِاسْمِ جَدِّهِ رَسُولِ اللهِ ص وَيَكْنِيهِ وَيَنْسُبُهُ إِلَى أَبِيهِ الْحَسَنِ الْحَادِيَ عَشَرَ إِلَى الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ، بَايِعُوهُ تَهْتَدُوا وَلَا تُخَالِفُوا أَمْرَهُ فَتَضِلُّوا، فَأَوَّلُ مَنْ يُقَبِّلُ يَدَهُ الْمَلَائِكَةُ ثُمَّ الْجِنُّ ثُمَّ النُّقَبَاءُ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا، وَلَا يَبْقَى ذُو أُذُنٍ مِنَ الْخَلَائِقِ إِلَّا سَمِعَ ذَلِكَ النِّدَاءَ وَتُقْبِلُ الْخَلَائِقُ مِنَ الْبَدْوِ وَالْحَضَرِ وَالْبَرِّ وَالْبَحْرِ يُحَدِّثُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَيَسْتَفْهِمُ بَعْضُهُمْ بَعْضاً مَا سَمِعُوا بِآذَانِهِمْ. فَإِذَا دَنَتِ الشَّمْسُ لِلْغُرُوبِ صَرَخَ صَارِخٌ مِنْ مَغْرِبِهَا: يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ! قَدْ ظَهَرَ رَبُّكُمْ بِوَادِي الْيَابِسِ مِنْ أَرْضِ فِلَسْطِينَ وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ عَنْبَسَةَ الْأُمَوِيُّ مِنْ وُلْدِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ فَبَايِعُوهُ تَهْتَدُوا وَلَا تُخَالِفُوا عَلَيْهِ فَتَضِلُّوا، فَيَرُدُّ عَلَيْهِ الْمَلَائِكَةُ وَالْجِنُّ وَالنُّقَبَاءُ [أي أتباع المهدي] قَوْلَهُ وَيُكَذِّبُونَهُ وَيَقُولُونَ لَهُ: سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَلَا يَبْقَى ذُو شَكٍّ وَلَا مُرْتَابٌ وَلَا مُنَافِقٌ وَلَا كَافِرٌ إِلَّا ضَلَّ بِالنِّدَاءِ الْأَخِيرِ، وَسَيِّدُنَا الْقَائِمُ مُسْنِدٌ ظَهْرَهُ إِلَى الْكَعْبَةِ وَيَقُولُ يَا مَعْشَرَ الْخَلَائِقِ! أَلَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى آدَمَ وَشَيْثٍ فَهَا أَنَا ذَا آدَمُ وَشَيْثٌ، أَلَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى نُوحٍ وَوَلَدِهِ سَامٍ فَهَا أَنَا ذَا نُوحٌ وَسَامٌ، أَلَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ فَهَا أَنَا ذَا إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ، أَلَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مُوسَى وَيُوشَعَ فَهَا أَنَا ذَا مُوسَى وَيُوشَعُ، أَلَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى عِيسَى وَشَمْعُونَ فَهَا أَنَا ذَا عِيسَى وَشَمْعُونُ، أَلَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى مُحَمَّدٍ وَأَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ صَلَوَاتُ اللهِ عَلَيْهِمَا فَهَا أَنَا ذَا مُحَمَّدٌ وَأَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ فَهَا أَنَا ذَا الْحَسَنُ وَالْحُسَيْنُ، أَلَا وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يَنْظُرَ إِلَى الْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِ الْحُسَيْنِ فَهَا أَنَا ذَا الْأَئِمَّةُ (؟!!) أَجِيبُوا إِلَى مَسْأَلَتِي فَإِنِّي أُنَبِّئُكُمْ بِمَا نُبِّئْتُمْ بِهِ وَمَا لَمْ تُنَبَّئُوا بِهِ وَمَنْ كَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ وَالصُّحُفَ فَلْيَسْمَعْ مِنِّي ثُمَّ يَبْتَدِئُ بِالصُّحُفِ الَّتِي أَنْزَلَهَا اللهُ عَلَى آدَمَ وَشَيْثٍ -عليهما السلام- وَيَقُولُ أُمَّةُ آدَمَ وَشَيْثٍ هِبَةِ اللهِ[37]: هَذِهِ وَاللهِ هِيَ الصُّحُفُ حَقّاً وَلَقَدْ أَرَانَا مَا لَمْ نَكُنْ نَعْلَمُهُ فِيهَا وَمَا كَانَ خَفِيَ عَلَيْنَا وَمَا كَانَ أُسْقِطَ مِنْهَا وَبُدِّلَ وَحُرِّفَ[38] ثُمَّ يَقْرَأُ صُحُفَ نُوحٍ وَصُحُفَ إِبْرَاهِيمَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَالزَّبُورَ فَيَقُولُ أَهْلُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ هَذِهِ وَاللهِ صُحُفُ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ حَقّاً وَمَا أُسْقِطَ مِنْهَا وَبُدِّلَ وَحُرِّفَ مِنْهَا هَذِهِ وَاللهِ التَّوْرَاةُ الْجَامِعَةُ وَالزَّبُورُ التَّامُّ وَالْإِنْجِيلُ الْكَامِلُ وَإِنَّهَا أَضْعَافُ مَا قَرَأْنَا مِنْهَا، ثُمَّ يَتْلُو الْقُرْآنَ، فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ: هَذَا وَاللهِ الْقُرْآنُ حَقّاً الَّذِي أَنْزَلَهُ اللهُ‏ عَلَى مُحَمَّدٍ ص وَمَا أُسْقِطَ مِنْهُ وَحُرِّفَ وَبُدِّلَ[39].

ثُمَّ تَظْهَرُ الدَّابَّةُ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْمَقَامِ فَتَكْتُبُ فِي وَجْهِ الْمُؤْمِنِ مُؤْمِنٌ وَفِي وَجْهِ الْكَافِرِ كَافِرٌ ثُمَّ يُقْبِلُ عَلَى الْقَائِمِ ع رَجُلٌ وَجْهُهُ إِلَى قَفَاهُ وَقَفَاهُ إِلَى صَدْرِهِ. وَيَقِفُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَيَقُولُ: يَا سَيِّدِي! أَنَا بَشِيرٌ أَمَرَنِي مَلَكٌ مِنَ الْمَلَائِكَةِ أَنْ أَلْحَقَ بِكَ وَأُبَشِّرَكَ بِهَلَاكِ جَيْشِ السُّفْيَانِيِّ بِالْبَيْدَاءِ. فَيَقُولُ لَهُ الْقَائِمُ: بَيِّنْ قِصَّتَكَ وَقِصَّةَ أَخِيكَ فَيَقُولُ الرَّجُلُ كُنْتُ وَأَخِي فِي جَيْشِ السُّفْيَانِيِّ وَخَرَّبْنَا الدُّنْيَا مِنْ دِمَشْقَ إِلَى الزَّوْرَاءِ وَتَرَكْنَاهَا جَمَّاءَ وَخَرَّبْنَا الْكُوفَةَ وَخَرَّبْنَا الْمَدِينَةَ وَكَسَرْنَا الْمِنْبَرَ وَرَاثَتْ بِغَالُنَا فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللهِ ص وَخَرَجْنَا مِنْهَا وَعَدَدُنَا ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ رَجُلٍ نُرِيدُ إِخْرَابَ الْبَيْتِ وَقَتْلَ أَهْلِهِ، فَلَمَّا صِرْنَا فِي الْبَيْدَاءِ عَرَّسْنَا فِيهَا، فَصَاحَ بِنَا صَائِحٌ يَا بَيْدَاءُ أَبِيدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ فَانْفَجَرَتِ الْأَرْضُ وَابْتَلَعَتْ كُلَّ الْجَيْشِ فَوَاللهِ مَا بَقِيَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ عِقَالُ نَاقَةٍ فَمَا سِوَاهُ غَيْرِي وَغَيْرُ أَخِي، فَإِذَا نَحْنُ بِمَلَكٍ قَدْ ضَرَبَ وُجُوهَنَا فَصَارَتْ إِلَى وَرَائِنَا كَمَا تَرَى. فَقَالَ لِأَخِي: وَيْلَكَ يَا نَذِيرُ! امْضِ إِلَى الْمَلْعُونِ السُّفْيَانِيِّ بِدِمَشْقَ فَأَنْذِرْهُ بِظُهُورِ الْمَهْدِيِّ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ ص وَعَرِّفْهُ أَنَّ اللهَ قَدْ أَهْلَكَ جَيْشَهُ بِالْبَيْدَاءِ. وَقَالَ لِي: يَا بَشِيرُ! الْحَقْ بِالْمَهْدِيِّ بِمَكَّةَ وَبَشِّرْهُ بِهَلَاكِ الظَّالِمِينَ وَتُبْ عَلَى يَدِهِ فَإِنَّهُ يَقْبَلُ تَوْبَتَكَ فَيُمِرُّ الْقَائِمُ يَدَهُ عَلَى وَجْهِهِ فَيَرُدُّهُ سَوِيّاً كَمَا كَانَ وَيُبَايِعُهُ وَيَكُونُ مَعَهُ.

قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيِّدِي وَتَظْهَرُ الْمَلَائِكَةُ وَالْجِنُّ لِلنَّاسِ؟ قَالَ: إِي وَاللهِ يَا مُفَضَّلُ وَيُخَاطِبُونَهُمْ كَمَا يَكُونُ الرَّجُلُ مَعَ حَاشِيَتِهِ وَأَهْلِهِ. قُلْتُ: يَا سَيِّدِي! وَيَسِيرُونَ مَعَهُ؟ قَالَ: إِي وَاللهِ يَا مُفَضَّلُ وَلَيَنْزِلَنَّ أَرْضَ الْهِجْرَةِ مَا بَيْنَ الْكُوفَةِ وَالنَّجَفِ وَعَدَدُ أَصْحَابِهِ حِينَئِذٍ سِتَّةٌ وَأَرْبَعُونَ أَلْفاً مِنَ الْمَلَائِكَةِ وَسِتَّةُ آلَافٍ مِنَ الْجِنِّ وَفِي رِوَايَةٍ أُخْرَى وَمِثْلُهَا مِنَ الْجِنِّ بِهِمْ يَنْصُرُهُ اللهُ وَيَفْتَحُ عَلَى يَدَيْهِ.

قَالَ الْمُفَضَّلُ: فَمَا يَصْنَعُ بِأَهْلِ مَكَّةَ؟ قَالَ: يَدْعُوهُمْ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ فَيُطِيعُونَهُ وَيَسْتَخْلِفُ فِيهِمْ رَجُلًا مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ وَيَخْرُجُ يُرِيدُ الْمَدِينَةَ قَالَ الْمُفَضَّلُ يَا سَيِّدِي فَمَا يَصْنَعُ بِالْبَيْتِ قَالَ يَنْقُضُهُ فَلَا يَدَعُ مِنْهُ إِلَّا الْقَوَاعِدَ الَّتِي هِيَ أَوَّلُ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ بِبَكَّةَ فِي عَهْدِ آدَمَ وَالَّذِي رَفَعَهُ إِبْرَاهِيمُ وَإِسْمَاعِيلُ مِنْهَا(؟!)، وَإِنَّ الَّذِي بُنِيَ بَعْدَهُمَا لَمْ يَبْنِهِ نَبِيٌّ وَلَا وَصِيٌّ ثُمَّ يَبْنِيهِ كَمَا يَشَاءُ اللهُ، وَلَيُعَفِّيَنَّ آثَارَ الظَّالِمِينَ بِمَكَّةَ وَالْمَدِينَةِ وَالْعِرَاقِ وَسَائِرِ الْأَقَالِيمِ وَلَيَهْدِمَنَّ مَسْجِدَ الْكُوفَةِ وَلَيَبْنِيَنَّهُ عَلَى بُنْيَانِهِ الْأَوَّلِ وَلَيَهْدِمَنَّ الْقَصْرَ الْعَتِيقَ مَلْعُونٌ مَلْعُونٌ مَنْ بَنَاهُ.

قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيِّدِي يُقِيمُ بِمَكَّةَ؟ قَالَ: لَا يَا مُفَضَّلُ بَلْ يَسْتَخْلِفُ مِنْهَا رَجُلًا مِنْ أَهْلِهِ فَإِذَا سَارَ مِنْهَا وَثَبُوا عَلَيْهِ فَيَقْتُلُونَهُ فَيَرْجِعُ إِلَيْهِمْ فَيَأْتُونَهُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُسِهِمْ يَبْكُونَ وَيَتَضَرَّعُونَ، وَيَقُولُونَ: يَا مَهْدِيَّ آلِ مُحَمَّدٍ! التَّوْبَةَ التَّوْبَةَ فَيَعِظُهُمْ وَيُنْذِرُهُمْ وَيَحْذَرُهُمْ وَيَسْتَخْلِفُ عَلَيْهِمْ مِنْهُمْ خَلِيفَةً وَيَسِيرُ فَيَثِبُونَ عَلَيْهِ بَعْدَهُ فَيَقْتُلُونَهُ فَيَرِدُ إِلَيْهِمْ أَنْصَارُهُ مِنَ الْجِنِّ وَالنُّقَبَاءِ وَيَقُولُ لَهُمْ ارْجِعُوا فَلَا تُبْقُوا مِنْهُمْ بَشَراً إِلَّا مَنْ آمَنَ. فَلَوْلَا أَنَّ رَحْمَةَ رَبِّكُمْ وَسِعَتْ كُلَّ شَيْ‏ءٍ وَأَنَا تِلْكَ الرَّحْمَةُ لَرَجَعْتُ إِلَيْهِمْ مَعَكُمْ، فَقَدْ قَطَعُوا الْأَعْذَارَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ اللهِ وَبَيْنِي وَبَيْنَهُمْ فَيَرْجِعُونَ إِلَيْهِمْ فَوَاللهِ لَا يَسْلَمُ مِنَ الْمِائَةِ مِنْهُمْ وَاحِدٌ لَا وَاللهِ وَلَا مِنْ أَلْفٍ وَاحِدٌ.

قَالَ الْمُفَضَّلُ: قُلْتُ: يَا سَيِّدِي! فَأَيْنَ تَكُونُ دَارُ الْمَهْدِيِّ وَمُجْتَمَعُ الْمُؤْمِنِينَ؟

قَالَ: دَارُ مُلْكِهِ الْكُوفَةُ وَمَجْلِسُ حُكْمِهِ جَامِعُهَا وَبَيْتُ مَالِهِ وَمَقْسَمُ غَنَائِمِ الْمُسْلِمِينَ مَسْجِدُ السَّهْلَةِ وَمَوْضِعُ خَلَوَاتِهِ الذَّكَوَاتُ الْبِيضُ مِنَ الْغَرِيَّيْنِ.

قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا مَوْلَايَ! كُلُّ الْمُؤْمِنِينَ يَكُونُونَ بِالْكُوفَةِ؟ قَالَ: إِي وَاللهِ لَا يَبْقَى مُؤْمِنٌ إِلَّا كَانَ بِهَا أَوْ حَوَالَيْهَا وَلَيَبْلُغَنَّ مَجَالَةُ فَرَسٍ مِنْهَا أَلْفَيْ دِرْهَمٍ وَلَيَوَدَّنَّ أَكْثَرُ النَّاسِ أَنَّهُ اشْتَرَى شِبْراً مِنْ أَرْضِ السَّبْعِ بِشِبْرٍ مِنْ ذَهَبٍ وَالسَّبْعُ‏ خِطَّةٌ مِنْ خِطَطِ هَمْدَانَ وَلَيَصِيرَنَّ الْكُوفَةُ أَرْبَعَةً وَخَمْسِينَ مِيلًا وَلَيُجَاوِرَنَّ قُصُورُهَا كَرْبَلَاءَ وَلَيُصَيِّرَنَّ اللهُ كَرْبَلَاءَ مَعْقِلًا وَمَقَاماً تَخْتَلِفُ فِيهِ الْمَلَائِكَةُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَلَيَكُونَنَّ لَهَا شَأْنٌ مِنَ الشَّأْنِ وَلَيَكُونَنَّ فِيهَا مِنَ الْبَرَكَاتِ مَا لَوْ وَقَفَ مُؤْمِنٌ وَدَعَا رَبَّهُ بِدَعْوَةٍ لَأَعْطَاهُ اللهُ بِدَعْوَتِهِ الْوَاحِدَةِ مِثْلَ مُلْكِ الدُّنْيَا أَلْفَ مَرَّةٍ.

ثُمَّ تَنَفَّسَ أَبُو عَبْدِ اللهِ ÷ وَقَالَ: يَا مُفَضَّلُ! إِنَّ بِقَاعَ الْأَرْضِ تَفَاخَرَتْ فَفَخَرَتْ كَعْبَةُ الْبَيْتِ الْحَرَامِ عَلَى بُقْعَةِ كَرْبَلَاءَ فَأَوْحَى اللهُ إِلَيْهَا أَنِ اسْكُتِي كَعْبَةَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ وَلَا تَفْتَخِرِي عَلَى كَرْبَلَاءَ فَإِنَّهَا الْبُقْعَةُ الْمُبَارَكَةُ الَّتِي نُودِيَ مُوسَى مِنْهَا مِنَ الشَّجَرَةِ[40]، وَإِنَّهَا الرَّبْوَةُ الَّتِي أَوَتْ إِلَيْهَا مَرْيَمُ وَالْمَسِيحُ، وَإِنَّهَا الدَّالِيَةُ الَّتِي غُسِلَ فِيهَا رَأْسُ الْحُسَيْنِ، وَفِيهَا غَسَلَتْ مَرْيَمُ عِيسَى، وَاغْتَسَلَتْ مِنْ وِلَادَتِهَا، وَإِنَّهَا خَيْرُ بُقْعَةٍ عَرَجَ رَسُولُ اللهِ ص مِنْهَا وَقْتَ غَيْبَتِهِ، وَلَيَكُونَنَّ لِشِيعَتِنَا فِيهَا خِيَرَةٌ إِلَى ظُهُورِ قَائِمِنَا.

قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيِّدِي! ثُمَّ يَسِيرُ الْمَهْدِيُّ إِلَى أَيْنَ؟ قَالَ ÷: إِلَى مَدِينَةِ جَدِّي رَسُولِ اللهِ ص فَإِذَا وَرَدَهَا كَانَ لَهُ فِيهَا مَقَامٌ عَجِيبٌ يَظْهَرُ فِيهِ سُرُورُ الْمُؤْمِنِينَ وَخِزْيُ الْكَافِرِينَ.

قَالَ الْمُفَضَّلُ: يَا سَيِّدِي! مَا هُوَ ذَاكَ؟ قَالَ ÷: يَرِدُ إِلَى قَبْرِ جَدِّهِ ص فَيَقُولُ يَا مَعَاشِرَ الْخَلَائِقِ! هَذَا قَبْرُ جَدِّي رَسُولِ اللهِ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ يَا مَهْدِيَّ آلِ مُحَمَّدٍ. فَيَقُولُ: وَمَنْ مَعَهُ فِي الْقَبْرِ؟ فَيَقُولُونَ: صَاحِبَاهُ وَضَجِيعَاهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ. فَيَقُولُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِهِمَا وَالْخَلَائِقُ كُلُّهُمْ جَمِيعاً يَسْمَعُونَ: مَنْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ؟ وَكَيْفَ دُفِنَا مِنْ بَيْنِ الْخَلْقِ مَعَ جَدِّي رَسُولِ اللهِ؟ وَعَسَى الْمَدْفُونُ غَيْرَهُمَا؟ فَيَقُولُ النَّاسُ: يَا مَهْدِيَّ آلِ مُحَمَّدٍ! مَا هَاهُنَا غَيْرُهُمَا إِنَّهُمَا دُفِنَا مَعَهُ لِأَنَّهُمَا خَلِيفَتَا رَسُولِ اللهِ وَأَبَوَا زَوْجَتَيْهِ. فَيَقُولُ لِلْخَلْقِ بَعْدَ ثَلَاثٍ: أَخْرِجُوهُمَا مِنْ قَبْرَيْهِمَا فَيُخْرَجَانِ غَضَّيْنِ طَرِيَّيْنِ لَمْ يَتَغَيَّرْ خَلْقُهُمَا وَلَمْ يَشْحُبْ لَوْنُهُمَا فَيَقُولُ: هَلْ فِيكُمْ مَنْ يَعْرِفُهُمَا؟ فَيَقُولُونَ نَعْرِفُهُمَا بِالصِّفَةِ وَلَيْسَ ضَجِيعَا جَدِّكَ غَيْرَهُمَا. فَيَقُولُ: هَلْ فِيكُمْ أَحَدٌ يَقُولُ غَيْرَ هَذَا أَوْ يَشُكُّ فِيهِمَا؟ فَيَقُولُونَ: لَا فَيُؤَخِّرُ إِخْرَاجَهُمَا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ[41] ثُمَّ يَنْتَشِرُ الْخَبَرُ فِي النَّاسِ وَيَحْضُرُ الْمَهْدِيُّ وَيَكْشِفُ الْجُدْرَانَ عَنِ الْقَبْرَيْنِ وَيَقُولُ لِلنُّقَبَاءِ ابْحَثُوا عَنْهُمَا وَانْبُشُوهُمَا فَيَبْحَثُونَ بِأَيْدِيهِمْ حَتَّى يَصِلُونَ إِلَيْهِمَا فَيُخْرَجَانِ غَضَّيْنِ طَرِيَّيْنِ كَصُورَتِهِمَا فَيَكْشِفُ عَنْهُمَا أَكْفَانَهُمَا وَيَأْمُرُ بِرَفْعِهِمَا عَلَى دَوْحَةٍ يَابِسَةٍ نَخِرَةٍ[42] فَيَصْلُبُهُمَا عَلَيْهَا، فَتَحْيَا الشَّجَرَةُ وَتُورِقُ وَيَطُولُ فَرْعُهَا فَيَقُولُ الْمُرْتَابُونَ مِنْ أَهْلِ وَلَايَتِهِمَا هَذَا وَاللهِ الشَّرَفُ حَقّاً وَلَقَدْ فُزْنَا بِمَحَبَّتِهِمَا وَوَلَايَتِهِمَا، وَيُخْبَرُ مَنْ أَخْفَى نَفْسَهُ مِمَّنْ فِي نَفْسِهِ مِقْيَاسُ حَبَّةٍ مِنْ مَحَبَّتِهِمَا وَوَلَايَتِهِمَا فَيَحْضُرُونَهُمَا وَيَرَوْنَهُمَا وَيُفْتَنُونَ بِهِمَا. وَيُنَادِي مُنَادِي الْمَهْدِيِّ[43] كُلُّ مَنْ أَحَبَّ صَاحِبَيْ رَسُولِ اللهِ وَضَجِيعَيْهِ فَلْيَنْفَرِدْ جَانِباً. فَتَتَجَزَّأُ الْخَلْقُ جُزْأيْنِ أَحَدُهُمَا مُوَالٍ وَالْآخَرُ مُتَبَرِّئٌ مِنْهُمَا. فَيَعْرِضُ الْمَهْدِيُّ÷ عَلَى أَوْلِيَائِهِمَا الْبَرَاءَةَ مِنْهُمَا، فَيَقُولُونَ: يَا مَهْدِيَّ آلِ رَسُولِ اللهِ! نَحْنُ لَمْ نَتَبَرَّأْ مِنْهُمَا وَلَسْنَا نَعْلَمُ أَنَّ لَهُمَا عِنْدَ اللهِ وَعِنْدَكَ هَذِهِ الْمَنْزِلَةَ، وَهَذَا الَّذِي بَدَا لَنَا مِنْ فَضْلِهِمَا أَنَتَبَرَّأُ السَّاعَةَ مِنْهُمَا وَقَدْ رَأَيْنَا مِنْهُمَا مَا رَأَيْنَا فِي هَذَا الْوَقْتِ مِنْ نَضَارَتِهِمَا وَغَضَاضَتِهِمَا وَحَيَاةِ الشَّجَرَةِ بِهِمَا؟ بَلْ وَاللهِ نَتَبَرَّأُ مِنْكَ وَمِمَّنْ آمَنَ بِكَ وَمَنْ لَا يُؤْمِنُ بِهِمَا وَمَنْ صَلَبَهُمَا وَأَخْرَجَهُمَا وَفَعَلَ بِهِمَا مَا فَعَلَ. فَيَأْمُرُ الْمَهْدِيُّ رِيحاً سَوْدَاءَ فَتَهُبُّ عَلَيْهِمْ فَتَجْعَلُهُمْ كَأَعْجَازِ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ ثُمَّ يَأْمُرُ بِإِنْزَالِهِمَا فَيُنْزَلَانِ إِلَيْهِ فَيُحْيِيهِمَا بِإِذْنِ اللهِ تَعَالَى. وَيَأْمُرُ الْخَلَائِقَ بِالِاجْتِمَاعِ ثُمَّ يَقُصُّ عَلَيْهِمْ قَصَصَ فِعَالِهِمَا فِي كُلِّ كُورٍ وَدُورٍ حَتَّى يَقُصَّ عَلَيْهِمْ‏ قَتْلَ هَابِيلَ بْنِ آدَمَ وَجَمْعَ النَّارِ لِإِبْرَاهِيمَ وَطَرْحَ يُوسُفَ فِي الْجُبِّ وَحَبْسَ يُونُسَ فِي الْحُوتِ وَقَتْلَ يَحْيَى وَصَلْبَ عِيسَى(؟!)[44] وَعَذَابَ جِرْجِيسَ وَدَانِيَالَ وَضَرْبَ سَلْمَانَ الْفَارِسِيِّ وَإِشْعَالَ النَّارِ عَلَى بَابِ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنِ وَالْحُسَيْنِ لِإِحْرَاقِهِمْ بِهَا وَضَرْبَ يَدِ الصِّدِّيقَةِ الْكُبْرَى فَاطِمَةَ بِالسَّوْطِ وَرَفْسَ بَطْنِهَا وَإِسْقَاطَهَا مُحَسِّناً وَسَمَّ الْحَسَنِ وَقَتْلَ الْحُسَيْنِ وَذَبْحَ أَطْفَالِهِ وَبَنِي عَمِّهِ وَأَنْصَارِهِ وَسَبْيَ ذَرَارِيِّ رَسُولِ اللهِ وَإِرَاقَةَ دِمَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ وَكُلِّ دَمٍ سُفِكَ وَكُلَّ فَرْجٍ نُكِحَ حَرَاماً وَكُلَّ رَيْنٍ وَخُبْثٍ وَفَاحِشَةٍ وَإِثْمٍ وَظُلْمٍ وَجَوْرٍ وَغَشْمٍ مُنْذُ عَهْدِ آدَمَ إِلَى وَقْتِ قِيَامِ قَائِمِنَا كُلُّ ذَلِكَ يُعَدِّدُهُ عَلَيْهِمَا وَيُلْزِمُهُمَا إِيَّاهُ [أي يجعل جميع جرائم البشر وآثامهم منذ آدم وإلى يوم القيامة برقبة أبي بكر وعمر (؟!!)].....".

نكتفي بهذا المقدار من هذه القصة الطويلة ونشرع بنقد وتمحيص هذا المقدار منها:

[33] تعرضنا هنا لدراسة ونقد متن الرواية فقط، أما دراسة سندها وبيان وضعه فسيأتي لاحقاً في الفصول القادمة عند مناقشة روايات المهدي في كتاب «بحار الأنوار» وتمحيصها. [34] الذي بنى «سامُرَّاء» هو المعتصم العبَّاسي وليس المُتَوَكِّل. [35] ألم يقل الإمام نفسه - حسب ما جاء في الرواية - بأن القائم يظهر وهو في سن الشباب؟ [36] سيأتي شرح وتوضيح هذه الآية الكريمة قريباً. [37] ماذا يفعل أتباع آدم وشيث في ذلك الزمن؟ ومن أين ظهر هؤلاء؟! (البرقعي). [38] كيف يفهمون هذا الموضوع؟! إنهم لا يملكون أصل صحف آدم وشيث حتى يتمكَّنوا بمقارنتها بأقوال المهدي. [39] وهل حُرِّف القرآن الحالي وبُدِّلَ؟! اللهم أعطِ الخرافيين العقل كي لا يشككوا في عصمة وحفظ آخر الكتب السماوية في سبيل الحفاظ على خرافاتهم!! (البرقعي). [40] طبقاً لما جاء في القرآن، أوحي إلى موسى (ع) في الواد المقدس طوى. (طه: 12 والنازعات: 16). [41] ألم يأتِ في السطور السابقة أن القائم أمر الناس أن يخرجوهما من قبرهما فأخرجهما الناس من قبرهما؟! [42] عاريين كما ولدتهما أمهما؟!! [43] هل سيكون للقادة في المستقبل منادين أيضاً؟! [44] مع أن القرآن الكريم يقول: ﴿وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَٰكِن شُبِّهَ لَهُمۡ [النساء: 157].