مسألة البِدَاء
«البِدَاء» من مشكلات التشيُّع الإمامي وقد ذكروا له عدَّة تعريفات، ففسّر المجلسيُّ وآخرون «البِدَاء» بأن يُخبر رسلُ اللهِ أو الأئمَّةُ الناسَ بخبرٍ كما تَلَقَّوْهُ من وحي الله فيُعْلِنُوه للناس، مع علم الله أن ذلك الخبر لن يقع إلا أنه لم يُظهر هذه الحقيقة لرسله في بداية الأمر ولم يظهرها إلا في وقت لاحق. فإذا أخبر رسلُ اللهِ بخبر ولم يتحقق ذلك الخبر فسبب ذلك أن واقع الأمر كان مخفياً عنهم ولكن الله تعالى كان يعلم بذلك وأظهر حقيقة الأمر لاحقاً!!
كما تلاحظون، لم يكونوا هم أنفسهم يفهمون ما يقولون!!
في نظرنا لقد صدق من قال: إن علماء الشيعة جعلوا من مسألتين دِرْعاً ومستمسكاً لهم في تعصُّبهم المذهبي: إحداهما مسألة «التَّقِيَّة» والثانية مسألة «البِدَاء»، فإذا أفتى الإمام بفتوى لم تعجبهم أو وجدوها مخالفة لآراء سائر الفقهاء قالوا إنه قال ذلك تقيّةً، في حين أنه لو كانت تلك الفتوى مخالفة لما أنزل الله لما جاز أن يفتي الإمام بمثلها أبداً، كيف وهو مقتدى الناس ومرجعهم؟ ففي إفتائه بما يخالف ما أنزل الله إضلال للناس، ولا يُقبَل إضلال الناس من هادي الأمَّة ومرشدها! وأكثر ما يمكن فعله في التقية: السكوت، أو التهرُّب من الإجابة وتأجيلها إلى وقت آخر، ولكن لا يجوز للإمام بحال من الأحوال أن يفتي بما يخالف ما أنزل الله[374].
ومسألة «البِدَاء» أيضاً من إبداعات الشيعة الإمامية وقد وضعوها حتى إذا وعد إمامهم وعداً بحصول شيء في المستقبل فلم يحصل قالوا بَدَا لِـلَّهِ فيه. وذلك لأنهم لمَّا كانوا يعتقدون بعصمة الإمام وأن الأئِمَّة يعلمون بما كان وما هو كائن وما يكون إلى يقوم القيامة، فإذا أخبر الإمام عن وقوع أمرٍ فلم يقع، تبيَّن أنه لا علم له بالمستقبل، فاخترعوا البداء كحل لدفع الإشكال.
[374] كتب أخونا الفاضل جناب السيد «محمد جواد الموسوي الغروي» رسالةً حول «التقيَّة» آمل أن تجد سبيلها إلى الطبع والنشر.