دراسة علمية لأحاديث المهدي

فهرس الكتاب

[الردّ على استدلال الصدوق الخاطئ ببعض الآيات على الرجعة][411]:

[الردّ على استدلال الصدوق الخاطئ ببعض الآيات على الرجعة][411]:

بناءً على ما نقله المَجْلِسِيّ في البحار (ج 53، ص128) اعتبر الشيخ الصدوق -الذي كان ضعيفاً جداً في الاستفادة من نعمة العقل- بعض آيات القرآن التي تدلُّ على قدرة الله المطلقة اللامحدودة دليلاً على الرجعة!! ومن جملة ذلك استدلاله بقوله تعالى: ﴿أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِمۡ وَهُمۡ أُلُوفٌ حَذَرَ ٱلۡمَوۡتِ [البقرة: ٢٤٣] وقوله تعالى: ﴿أَوۡ كَٱلَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرۡيَةٖ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحۡيِۦ هَٰذِهِ ٱللَّهُ بَعۡدَ مَوۡتِهَاۖ فَأَمَاتَهُ ٱللَّهُ مِاْئَةَ عَامٖ ثُمَّ بَعَثَهُۥۖ قَالَ كَمۡ لَبِثۡتَۖ قَالَ لَبِثۡتُ يَوۡمًا أَوۡ بَعۡضَ يَوۡمٖۖ قَالَ بَل لَّبِثۡتَ مِاْئَةَ عَامٖ فَٱنظُرۡ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمۡ يَتَسَنَّهۡۖ وَٱنظُرۡ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجۡعَلَكَ ءَايَةٗ لِّلنَّاسِۖ وَٱنظُرۡ إِلَى ٱلۡعِظَامِ كَيۡفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكۡسُوهَا لَحۡمٗاۚ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُۥ قَالَ أَعۡلَمُ أَنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ ٢٥٩ [البقرة: ٢٥٩]، وقوله تعالى: ﴿وَإِذۡ قُلۡتُمۡ يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ فَأَخَذَتۡكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ ٥٥ ثُمَّ بَعَثۡنَٰكُم مِّنۢ بَعۡدِ مَوۡتِكُمۡ لَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ٥٦ [البقرة: ٥٥، ٥٦]. فقال: إن هذه الآيات جميعها تُثبت الرجعة!! مع أنه من الواضح وضوح الشمس في رابعة النهار أن الآيات التي استشهد بها ومثلها الآية 260 من سورة البقرة وآية إحياء الأموات بدعاء عيسى (ع)[412] تدل جميعُها على إمكانية إحياء الأموات -أعمّ من الحيوان أو الإنسان- وعلى قدرة الله على ذلك وهي دليل على حقانية المعاد والبعث يوم القيامة، ولم يقل أحد من المسلمين إن الله لا يقدر على إحياء الموتى قبل يوم القيامة أو أنَّ مِثْلَ هذا العمل مُحَالٌ على اللهِ حتى يُرَدَّ عليه بذكر الآيات التي مرَّت معنا. إن نقاشنا ليس حول قدرة الله على إحياء الموتى قبل يوم القيامة، بل حول أصل اعتقادي عنوانه «الرجعة زمن المهدي»، وهذه العقيدة ليس فقط لا يوجد أي دليل شرعي قويم عليها، بل لدينا دلائل عديدة -كما مرّ- ضدَّها! أضف إلى ذلك أن الآيات التي ذكرها الصدوق تتحدث عن حالات كان كلٌّ منها معجزةً وأمراً استثنائياً، لا ينقض القاعدة والأصل، ونقاشنا هو حول القاعدة والأصل لا حول المعجزات والاستثناءات. (فَلَا تَتَجَاهَلْ). ولذلك فإن الله تعالى لم يُمِتْ رسولَ اللهِ ص ثم يُحيه ولا أمات موسى أو يَحيى أو نوح أو لوط أو يونس ثم أحياهم من جديد في هذه الدنيا، مع أنه كان قادراً على فعل ذلك، بل بيَّن لنا أنه فعل ذلك بحق «العُزَيْر» فَحَسْب فلا يُمكننا أن ننسب وقوع هذا الأمر للآخرين دون دليل. وكذلك بعث وحياة دابَّته وحياة من ماتوا بالصاعقة من بني إسرائيل أو حياة الطيور التي صرَّها إبراهيم وجعل على كل جبل منها جزءاً. كما أننا لا نقول إن رسول الله ص دخل النار وخرج منها سالماً لمُجرَّد أن إبراهيم أُلقي في النار فجعلها اللهُ برداً وسلاماً عليه. (فَلَا تَتَجَاهَلْ).

وقد استشهد الشيخ الصدوق بالطبع -من باب «الغَرِيقُ يَتَشَبَّثُ بِكُلِّ حَشِيْشٍ»- بأصحاب الكهف، وقال دون تأمل بل بتفسير من عند نفسه إن أهل الكهف كانوا قبل بعثهم قد ماتوا وهم في الكهف! مع أن القرآن يُصرِّح بأنهم كانوا نياماً فقط إذْ قال: «وَهُمْ رُقُودٌ»، ولو كانوا أمواتاً لَمَا قال تعالى عنهم: ﴿وَنُقَلِّبُهُمۡ ذَاتَ ٱلۡيَمِينِ وَذَاتَ ٱلشِّمَالِ [الكهف: ١٨]. ثانياً: لا وجه لاستشهاد الصدوق [لإثبات رأيه بشأن أصحاب الكهف بأنهم كانوا موتى قبل بعثهم في الكهف ولم يكونوا نائمين] بالآية 52 من سورة يس التي وصفت الموت بالرقود فقالت: ﴿مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرۡقَدِنَاۜ [يس: ٥٢]، لأن الموتى إنما قالوا ذلك يوم القيامة بعد النفخ في الصور في حين أنه في الآية موضع الاستشهاد صُرِّح أنهم كانوا نياماً إذ جاءت عبارة «وَهُمْ رُقُودٌ» مقابلةً لعبارة «وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا» التي تُعدُّ أقوى قرينة على أنهم كانوا نياماً[413]، كما أن تقليبهم يميناً وشمالاً لا يتناسب أبداً مع موتهم. وبعبارة أخرى، لو كانت كل عودة إلى الوعي -سواءً من النوم أم من الموت- استيقاظاً فإن كل غياب للوعي بما في ذلك النوم والغياب عن الوعي ليس موتاً حتى نقول: بما أن الأموات الذين يحيون يوم القيامة من موتهم يقولون: ﴿مَنۢ بَعَثَنَا مِن مَّرۡقَدِنَاۜ ۗ هَٰذَا [يس: ٥٢] فكل«ميِّتٍ» يُسَمَّى: «راقداً» أيضاً!! (فَلَا تَتَجَاهَلْ). بناءً على ذلك، فما ادَّعاه الشيخ الصدوق حول أصحاب الكهف لا وجه له وباطل.

ولكن قبل اختتام هذا المبحث ولكوني على دراية بخدع المشايخ ولعبهم بعقول العوام أرى من اللازم أن أُوضِّح أمراً مُهماً وهو أنه عندما يُقال: «النوم أخو الموت» فإن المقصود هو التشابه من بعض الوجوه بين «النوم» (أو الغياب عن الوعي) من جهة و«الموت» من الجهة الأخرى. وإحدى وجوه الشبه هو عدم الاطِّلاع على ما يجري حول الإنسان، فالميت والنائم أو الغائب عن الوعي كلهم لا يُدركون ما يجري حولهم، ونحن لا نُنكر هذا الموضوع. بناءً عليه إذا استند شخصٌ إلى موضوعِ عدم اطِّلاع أصحاب الكهف -الذين كانوا من عباد الله الصالحين المُقَرَّبين- على وقائع الدنيا أثناء نومهم ليُثبت عدم اطِّلاع الأموات ذوي المقام العالي عند الله على أمور الدنيا بعد موتهم فإنه في الواقع استدل بأمر صحيح ولم يُجانب الصواب، لكننا لا نستطيع في نقاشنا حول «الرَّجْعَةِ» أن نتمسَّك بهذه الآية لأن الشخص النائم أو الغائب عن الوعي رغم عدم اطِّلاعه على ما يجري حوله لكنه لم يترك الدنيا الفانية بعد، ولم ينتقل إلى عالَم ما بعد الدنيا ولم تشمله آية ﴿وَمِن وَرَآئِهِم بَرۡزَخٌ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ ١٠٠ [المؤمنون: ١٠٠] بعد، ولا شك أن عودته إلى الوعي واستيقاظه يختلف تماماً عن «الرجعة والبعث بعد الموت»، فالذين تركوا الدنيا الفانية وانتقلوا إلى عالَم البرزخ لا يعودون إلى هذه الدنيا حتى يوم القيامة كما يُصرِّح بذلك القرآن الكريم، وفي هذا الموضوع لا تنقض بعض الاستثناءات مثل عودة «عُزير» (ع) أو عودة أصحاب موسى (ع) بعد موتهم، هذه القاعدة. (فَلَا تَتَجَاهَلْ). وراجعوا بشأن الآية 11 من سورة غافر (المؤمن) تفسير الزمخشري أيضاً، والصفحتان 96 - 97 من الكتاب الحاضر.

ومن أراد المزيد من التفصيل في بيان بطلان عقيدة «الرَّجْعَةِ» فعليه قراءة كتاب «الإسْلامُ والرَّجْعَةُ»» الذي ألَّفه المرحوم الشيخ «عبد الوهاب فريد التنكابني»[414]، ونكتفي بما ذكرناه هنا حول الموضوع[415].

* الحديث 10 – يُراجَع بشأن هذا الحديث والآيات التي وردت فيه باب «الآيات المُؤَوَّلة بقيام القائم» في الكتاب الحاضر في ص161.

* الحديث 11 - ينسب إلى أمير المؤمنين قوله: "وَلَوْ قَدْ قَامَ قَائِمُنَا لَأَنْزَلَتِ السَّمَاءُ قَطْرَهَا وَلَأَخْرَجَتِ الأَرْضُ نَبَاتَهَا وَلَذَهَبَتِ الشَّحْنَاءُ مِنْ قُلُوبِ العِبَادِ وَاصْطَلَحَتِ السِّبَاعُ وَالبَهَائِمُ..."!! أي لم يعد للذئاب اهتمام بالغنم، بل ستصوم أو تأكل الأعشاب!!

* الحديث 13 - في سنده «محمد بن جمهور» الضعيف جداً[416] الذي ينسب إلى حضرة الإمام الصادق قوله: "كَأَنِّي أَرَى نُزُولَ القَائِمِ فِي مَسْجِدِ السَّهْلَةِ بِأَهْلِهِ وَعِيَالِهِ..... ثُمَّ إِذَا قَامَ قَائِمُنَا انْتَقَمَ اللهُ لِرَسُولِهِ وَلَنَا أَجْمَعِينَ".

ولنا أن نسأل: أيُّ ظُلمٍ اقترفه الناس المعاصرون للقائم حين قيامه تجاه الرسول والأئمة عليهم السلام حتى ينتقم لهم منهم؟!

* الحديثان 18 و101- يروي فيه «رُفيد مولى أبي هُبَيْرة»، وهو رجل مجهول، عن رَاوٍ كذَّاب أن الإمام الصادق (ع) قال له: "يَا رُفَيْدُ! كَيْفَ أَنْتَ إِذَا رَأَيْتَ أَصْحَابَ القَائِمِ قَدْ ضَرَبُوا فَسَاطِيطَهُمْ فِي مَسْجِدِ الكُوفَةِ ثُمَّ أَخْرَجَ المِثَالَ الجَدِيدَ عَلَى العَرَبِ شَدِيدٌ؟؟ قَالَ قُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! مَا هُوَ؟ قَالَ: الذَّبْحُ! قَالَ قُلْتُ: بِأَيِّ شَيْ‏ءٍ يَسِيرُ فِيهِمْ بِمَا سَارَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ (ع) فِي أَهْلِ السَّوَادِ؟؟ قَالَ: لَا يَا رُفَيْدُ! إِنَّ عَلِيّاً سَارَ بِمَا فِي الجَفْرِ الأَبْيَضِ وَهُوَ الكَفُّ [ونسأل وهل عمل عليٌّ بشيء خلال حكمه سوى بالكتاب والسُّنَّة؟!] وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَظْهَرُ عَلَى شِيعَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ وَإِنَّ القَائِمَ يَسِيرُ بِمَا فِي الجَفْرِ الأَحْمَرِ وَهُوَ الذَّبْحُ (!!)....". أقول: يُراجَع بشأن الجَـفْر ما ذكرناه في كتاب «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول»، الباب 98، ص 552 إلى 560، والباب 119، ص 597إلى 606.

* الحديث 19 - ينسب عددٌ من الضعفاء إلى حضرة باقر العلوم (ع) قوله: "كَانَ عَصَا مُوسَى (ع) لآِدَمَ فَصَارَتْ إِلَى شُعَيْبٍ ثُمَّ صَارَتْ إِلَى مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَإِنَّهَا لَعِنْدَنَا وَإِنَّ عَهْدِي بِهَا آنِفاً وَهِيَ خَضْـرَاءُ كَهَيْئَتِهَا حِينَ انْتُزِعَتْ مِنْ شَجَرِهَا وَإِنَّهَا لَتَنْطِقُ إِذَا اسْتُنْطِقَتْ أُعِدَّتْ لِقَائِمِنَا لِيَصْنَعَ كَمَا كَانَ مُوسَى يَصْنَعُ بِهَا وَإِنَّهَا لَتَرُوعُ وَتَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ وَتَصْنَعُ كَمَا تُؤْمَرُ وَإِنَّهَا حَيْثُ أَقْبَلَتْ تَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ تُفْتَحُ لَهَا شَفَتَانِ إِحْدَاهُمَا فِي الأَرْضِ وَالأُخْرَى فِي السَّقْفِ‏ وَ بَيْنَهُمَا أَرْبَعُونَ ذِرَاعاً [مع أن المسافة بين الأرض والسقف ليست أربعين ذراعاً!!] وَتَلْقَفُ ما يَأْفِكُونَ بِلِسَانِهَا".

أقول: هل هذه هي علوم آل محمد التي تتباهون بامتلاكها دائماً!

* الحديث 20 - ينسب رواةٌ ضعفاء كذَّابون إلى الإمام الصادق (ع) قوله: "إِنَّ أَبِي لَبِسَ دِرْعَ رَسُولِ اللهِ ص وَكَانَتْ تُسْحَبُ عَلَى الأَرْضِ وَإِنِّي لَبِسْتُهَا فَكَانَتْ وَكَانَتْ وَإِنَّهَا تَكُونُ مِنَ القَائِمِ كَمَا كَانَتْ مِنْ رَسُولِ اللهِ ص مُشَمَّرَةً كَأَنَّهُ تُرْفَعُ نِطَاقُهَا بِحَلْقَتَيْنِ وَلَيْسَ صَاحِبُ هَذَا الأَمْرِ مَنْ جَازَ أَرْبَعِينَ". يُراجَع بشأن هذا الحديث ما ذكرناه في كتاب «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول» (الباب 95، ص 542 إلى 549).

* الأحاديث من 21 إلى 25 - فكرة تكررت خمس مرات في هذه الأخبار الخمسة وهي أن حضرة الإمام الصادق والإمام العسكري قالا: "إِذَا قَامَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ حَكَمَ بِحُكْمِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ لَا يَسْأَلُ النَّاسَ بَيِّنَةً". يُراجَع تعليقنا على الحديث 19 في الباب السابق.

* الحديث 26 - يتضمن متنه تلاعباً بمعنى آية من القرآن الكريم وهي قوله سبحانه:﴿يُعۡرَفُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ بِسِيمَٰهُمۡ فَيُؤۡخَذُ بِٱلنَّوَٰصِي وَٱلۡأَقۡدَامِ ٤١ فَبِأَيِّ ءَالَآءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ ٤٢ هَٰذِهِۦ جَهَنَّمُ ٱلَّتِي يُكَذِّبُ بِهَا ٱلۡمُجۡرِمُونَ ٤٣ [الرحمن: ٤١، ٤٣]، حيث نسب الرواة إلى الإمام الصادق أنه قال في تفسيرها: "عَنْ مُعَاوِيَةَ الدُّهْنِيِّ عَنْ أَبِي عَبْدِ اللهِ (ع) فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿يُعۡرَفُ ٱلۡمُجۡرِمُونَ بِسِيمَٰهُمۡ فَيُؤۡخَذُ بِٱلنَّوَٰصِي وَٱلۡأَقۡدَامِ ٤١ فَقَالَ: يَا مُعَاوِيَةُ! مَا يَقُولُونَ فِي هَذَا؟ قُلْتُ: يَزْعُمُونَ أَنَ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَعْرِفُ المُجْرِمِينَ بِسِيمَاهُمْ فِي القِيَامَةِ فَيَأْمُرُ بِهِمْ فَيُؤْخَذُ بِنَوَاصِيهِمْ وَأَقْدَامِهِمْ فَيُلْقَوْنَ فِي النَّارِ. فَقَالَ لِي: وَكَيْفَ يَحْتَاجُ الجَبَّارُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى مَعْرِفَةِ خَلْقٍ أَنْشَأَهُمْ وَهُمْ خَلْقُهُ؟؟ فَقُلْتُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! وَمَا ذَلِكَ؟؟ قَالَ: لَوْ قَامَ قَائِمُنَا أَعْطَاهُ اللهُ السِّيمَاءَ فَيَأْمُرُ بِالكَافِرِ فَيُؤْخَذُ بِنَوَاصِيهِمْ وَأَقْدَامِهِمْ ثُمَّ يَخْبِطُ بِالسَّيْفِ خَبْطاً".

أقول: إن واضع الرواية الجاهل يظن أن الإمام الصادق (ع) كالعوام الذين لم يقرؤوا القرآن وأنه ولم يُلاحِظ عبارة «هَذِهِ جَهَنَّمُ» في تلك الآيات، وأنه لم يكن يعلم أن سيماء الكافرين والمجرمين ليست لأجل أن يتعرَّف الله عليهم بل هي علامة يتميَّز بها المجرمون عن الصالحين ليتعرَّف أهل القيامة على المجرمين ويشاهدوا عاقبتهم. ثم الحديث يدل ضمناً على أن هذه الآيات كأنها لم تنزل على المسلمين زمن رسول الله ص بل أنزلها الله لأجل زمان القائم؟! فهل هذه هي المعارف القيمة لمنتظري المهدي؟!

* الحديثان 29 و 30 – جاء في الحديث 29 أن المهدي : "... تُطْوَى لَهُ الأَرْضُ وَلَا يَكُونُ لَهُ ظِلٌّ، وَهُوَ الَّذِي يُنَادِي مُنَادٍ مِنَ السَّمَاءِ بِاسْمِهِ يَسْمَعُهُ جَمِيعُ أَهْلِ الأَرْضِ بِالدُّعَاءِ إِلَيْهِ، .... وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ﴿إِن نَّشَأۡ نُنَزِّلۡ عَلَيۡهِم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ ءَايَةٗ فَظَلَّتۡ أَعۡنَٰقُهُمۡ لَهَا خَٰضِعِينَ ٤ [الشعراء : ٤]"[417]. وجاء في الحديث 30: "وَإِنَّ الْقَائِمَ هُوَ الَّذِي إِذَا خَرَجَ كَانَ فِي سِنِّ الشُّيُوخِ وَمَنْظَرِ الشَّبَابِ قَوِيّاً فِي بَدَنِهِ حَتَّى لَوْ مَدَّ يَدَهُ إِلَى أَعْظَمِ شَجَرَةٍ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ لَقَلَعَهَا (!!) وَلَوْ صَاحَ بَيْنَ الْجِبَالِ لَتَدَكْدَكَتْ صُخُورُهَا (!!)".

ليت شعري! ألم يكن لدى أولئك الرواة من عمل سوى تلفيق مثل هذه المهملات؟!

* الحديث 32 - مضمونه مخالف لما عليه الشيعة لأنه ينسب إلى حضـرة الإمام العسكري (ع) أنه قال: "إِذَا قَامَ القَائِمُ أَمَرَ بِهَدْمِ المَنَارِ وَالمَقَاصِيرِ الَّتِي فِي المَسَاجِدِ فَقُلْتُ فِي نَفْسِي لِأَيِّ مَعْنَى هَذَا؟ فَأَقْبَلَ عَلَيَّ فَقَالَ: مَعْنَى هَذَا أَنَّهَا مُحْدَثَةٌ مُبْتَدَعَةٌ لَمْ يَبْنِهَا نَبِيٌّ وَلَا حُجَّةٌ". فينبغي أن نقول: إذا كان الشيعة يقبلون هذا الخبر فلماذا يعملون خلافاً له ويزيدون كل يوم عدد المنارات والمآذن والمقاصير في المساجد؟!

* الأحاديث 34 و36 و65- يُراجع بشأنها ما ذكرناه في الباب الخامس من الكتاب الحاضر، الحديثان رقم 31 و 22 (ص182 و189).

* الأحاديث 37 و40 و67 و105 – ينبغي أن نقول: إن مهدي هذه الأحاديث تأخر ظهوره جداً عن الوقت الذي كان يجب أن يظهر به!! لأن الحديث يقول: "إِذَا خَرَجَ القَائِمُ (ع) مِنْ مَكَّةَ يُنَادِي مُنَادِيهِ أَلَا لَا يَحْمِلَنَّ أَحَدٌ طَعَاماً وَلَا شَرَاباً وَحَمَلَ مَعَهُ حَجَرُ مُوسَى بْنِ عِمْرَانَ (ع) وَهُوَ وِقْرُ بَعِيرٍ (؟!) فَلَا يَنْزِلُ مَنْزِلًا إِلَّا انْفَجَرَتْ مِنْهُ عُيُونٌ فَمَنْ كَانَ جَائِعاً شَبِعَ وَمَنْ كَانَ ظَمْآناً رَوِيَ وَرَوِيَتْ دَوَابُّهُمْ حَتَّى يَنْزِلُوا النَّجَفَ مِنْ ظَهْرِ الكُوفَةِ"!

كما قلنا يبدو أن مهدي هذا الحديث والحديثين 120 و 121 قد مضى وقت ظهوره[418]، إذ انتشرت اليوم في الجزيرة العربية وفي العراق أنابيب تمديد المياه ولم يعد هناك من حاجة إلى حجر موسى بن عمران كما أنه لم يعد أحد يذهب إلى الحرب على ظهور الجمال والخيول ولا يستخدم السيوف في القتال، بل أصبحت المعارك تتمّ بالوسائل ذات المحركات وبالأسلحة النارية. أضف إلى ذلك أن حجر موسى بن عمران لم يكن شيئاً يُحْمَل ويأخذه موسى معه هنا وهناك، بل الراوي الكاذب اخترع هذه القصة من بنات أفكاره، وينطبق على قصته ما ذكرناه في فقرة ثانياً في الصفحة 136 من الكتاب الحاضر! والأمر ذاته ينطبق على الحديثين 44 و70 اللذين جاء فيهما "أن أصحاب المهدي لَا يَكُفُّونَ سُيُوفَهُمْ حَتَّى يَرْضَى اللهُ عَزَّ وَجَلَّ"! وكذلك الحديث 179 الذي يرويه «ابن ظبيان» الذي لعنه الإمام الرضا (ع)، والذي يقول: "إِذَا قَامَ الْقَائِمُ (ع) أَتَى رَحْبَةَ الْكُوفَةِ فَقَالَ بِرِجْلِهِ هَكَذَا وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى مَوْضِعٍ ثُمَّ قَالَ احْفِرُوا هَاهُنَا فَيَحْفِرُونَ فَيَسْتَخْرِجُونَ اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ دِرْعٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ سَيْفٍ وَاثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ بَيْضَةٍ لِكُلِّ بَيْضَةٍ وَجْهَانِ ثُمَّ يَدْعُو اثْنَيْ عَشَرَ أَلْفَ رَجُلٍ مِنَ الْمَوَالِي مِنَ الْعَرَبِ وَالْعَجَمِ فَيُلْبِسُهُمْ ذَلِكَ ثُمَّ يَقُولُ مَنْ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ مِثْلُ مَا عَلَيْكُمْ فَاقْتُلُوهُ"!!

الراوي الكذَّاب لهذا الحديث يظن أن في زمن المهدي لا يزال للدروع والسيوف فائدة في المعارك!! وكذلك الحديث 52 الذي يقول: "إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَام‏ ......... وَيَتَّصِلُ بُيُوتُ الْكُوفَةِ بِنَهَرِ كَرْبَلَاءَ بِالْحِيرة حَتَّى يَخْرُجَ الرَّجُلُ يَوْمَ الْجُمُعَةِ عَلَى بَغْلَةٍ سَفْوَاءَ[419] يُرِيدُ الْجُمُعَةَ فَلَا يُدْرِكُهَا"!! ولا يدري راوي هذا الحديث الكاذب أن أهل العراق اليوم لم يعودوا يركبون الأنعام والمواشي بل أصبحوا يتنقلون بالسيارات وغيرها من وسائل النقل الحديثة ذات المحركات!

والنقطة الطريفة الأخرى هي ما جاء في الحديثين 52 و 77 من قوله: "وَيُعَمَّرُ الرَّجُلُ فِي مُلْكِهِ حَتَّى يُولَدَ لَهُ أَلْفُ ذَكَرٍ لَا يُولَدُ فِيهِمْ أُنْثَى"!! (وهذا ما يتطابق مع طريقة تفكير الناس قبل ألف سنة!). لاحظوا كيف يتخبَّط واضعو روايات المهدي ويحتارون في أكاذيبهم فمن جهة يقولون: إن المهدي سيحكم سبع سنوات أو تسع سنوات أو تسعين سنة على أكثر تقدير، ومن الجهة الأخرى يقولون: إن أتباع المهدي يُعمِّرون عمراً طويلاً جداً!! بالإضافة إلى أن الحديثين المذكورين يتضمنان ما يوافق طريقة تفكير العرب زمن الجاهلية الذين كانوا يكرهون أن تُولد لأحدهم أنثى، مع أن الله تعالى قدَّم في القرآن إعطاء الأنثى على إعطاء الذكر فقال: ﴿يَهَبُ لِمَن يَشَآءُ إِنَٰثٗا وَيَهَبُ لِمَن يَشَآءُ ٱلذُّكُورَ ٤٩ [الشورى: ٤٩]، علاوةً على أنه في مثل هذه الحالة لو ولد لكل إنسان ألف ذكر ولم تولد أنثى فكيف سيتزوَّج هؤلاء الذكور؟ أوليس الزواج سنة النبيّ؟

والطريف أن هذين الحديثين يقولان أيضاً: إن الظلام ينتهي عند ظهور المهدي ويستغني العباد عن ضوء الشمس، في حين أن هذا الكلام مُجرّد خيالات لا تتفق مع القرآن، كما أن عدم وجود الظلمة ليس رحمةً بل عذابٌ، كما قال تعالى في كتابه: ﴿قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ٱلَّيۡلَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِضِيَآءٍۚ أَفَلَا تَسۡمَعُونَ ٧١ قُلۡ أَرَءَيۡتُمۡ إِن جَعَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمُ ٱلنَّهَارَ سَرۡمَدًا إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡقِيَٰمَةِ مَنۡ إِلَٰهٌ غَيۡرُ ٱللَّهِ يَأۡتِيكُم بِلَيۡلٖ تَسۡكُنُونَ فِيهِۚ أَفَلَا تُبۡصِرُونَ ٧٢ وَمِن رَّحۡمَتِهِۦ جَعَلَ لَكُمُ ٱلَّيۡلَ وَٱلنَّهَارَ لِتَسۡكُنُواْ فِيهِ وَلِتَبۡتَغُواْ مِن فَضۡلِهِۦ وَلَعَلَّكُمۡ تَشۡكُرُونَ ٧٣ [القصص: ٧١، ٧٣]. فذهاب الظلمة في زمن القائم أمر غير مرغوب به ومُضِرٌّ ولا يُعتبر امتيازاً. ثم إن الشمس ليست لأجل الضياء فقط بل لها فوائد أخرى لا يستغني عنها البشر مطلقاً، ولكن واضعي هذا الحديث كانوا جاهلين بهذه الحقيقة!

* الحديثان 38 و86- راجعوا بشأن هذين الحديثين ما ذكرناه في كتاب «عرض أخبار الأصول .....»، (الباب 86، ص 599 إلى 503).

* الحديث 46 - يقول: "إِذَا تَنَاهَتِ الْأُمُورُ إِلَى صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ رَفَعَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ كُلَّ مُنْخَفِضٍ مِنَ الْأَرْضِ وَخَفَضَ لَهُ كُلَّ مُرْتَفِعٍ [يستحق اهتمام علماء الجغرافيا والجيولوجيا!!] حَتَّى تَكُونَ الدُّنْيَا عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ رَاحَتِهِ....."!

أقول: هذا مخالف لسنن الله التكوينية. ونسأل: إذن فإن القرآن الذي قال أن الله: ﴿وَأَلۡقَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ رَوَٰسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمۡ [النحل: ١٥] كان مخطئاً -والعياذ بالله-؟!! أَفَلَا تَعْقِلُونَ؟ ولا نتوقع بالطبع من «الـْمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ» حديثاً أفضل من هذا!

* الحديث 49 - ينسب إلى حضرة الصادق (ع) قوله: "لَيَنْصُرَنَّ اللهُ هَذَا الْأَمْرَ بِمَنْ لَا خَلَاقَ لَهُ، وَلَوْ قَدْ جَاءَ أَمْرُنَا لَقَدْ خَرَجَ مِنْهُ مَنْ هُوَ الْيَوْمَ مُقِيمٌ عَلَى عِبَادَةِ الْأَوْثَانِ"!

أقول: إن هذا الحديث يُكذّب جميع الأحاديث التي جاءت في مدح أصحاب القائم! (فَتَأَمَّل) من هذا يُعلَم أن الوضاعين لم يكن لهم علم بموضوعات بعضهم بعضاً لذا نجد بين موضوعاتهم هذا التعارض والتناقض!

* الحديث 56 - عدد من الضعفاء ينسبون إلى حضرة الصادق (ع) حديثاً يُصوِّره جاهلاً بالقرآن. إذْ ينسبون إليه قوله: "إِنَّ أَصْحَابَ مُوسَى ابْتُلُوا بِنَهَرٍ وَهُوَ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ مُبۡتَلِيكُم بِنَهَر [البقرة: ٢٤٩] وَإِنَّ أَصْحَابَ الْقَائِمِ يُبْتَلَوْنَ بِمِثْلِ ذَلِكَ"! مع أن كل من له علم بالقرآن يعلم أن الآية المذكورة لا تتعلق بأصحاب موسى (ع) بل كانت امتحاناً من الله لأتباع أحد أنبياء بني إسرائيل الذين جاؤوا بعد موسى بمُدّة وهو «صموئيل» (ع). (فَلَا تَتَجَاهَلْ).

* الحديثان 59 و74 - ينسبان إلى الإمام الصادق (ع) قوله: "إِذَا قَامَ الْقَائِمُ جَاءَ بِأَمْرٍ غَيْرِ الَّذِي كَانَ"! ونقول: إن كان المقصود أنه سيأتي بقرآن غير القرآن الحالي أو أنه سيعمل بسُنَّة اليهود أو أنه سيحكم بغير بيِّنة وأمثال هذه الأمور [التي ذُكرت في بعض الأحاديث] فهذا أمر واضح البُطلان، وإن لم يكن هذا هو المقصود فلا فائدة من كلام مجمل لا يُعرف المراد منه. أضف إلى ذلك أن هذا الحديث يُخالف الأحاديث 88 و 108 و112 التي تقول: لو آل هذا الأمر إلينا أهل البيت لعملنا بمنهج عيش رسول الله ص وبسيرة أمير المؤمنين علي ÷، وأحيينا الإسلام. والحديث 60 يتضمن كلاماً مبهماً كالحديث الأخير!

* الحديثان 61 و 84 - يرويهما البطائني الواقفي الذي اختلس أموال حضرة الكاظم (ع)، وفيه: "إِذَا قَامَ الْقَائِمُ دَخَلَ الْكُوفَةَ ... وَيَأْمُرُ اللهُ الْفَلَكَ فِي زَمَانِهِ فَيُبْطِئُ فِي دَوْرِهِ حَتَّى يَكُونَ الْيَوْمُ فِي أَيَّامِهِ كَعَشَرَةِ أَيَّامٍ وَالشَّهْرُ كَعَشَرَةِ أَشْهُرٍ وَالسَّنَةُ كَعَشْرِ سِنِينَ مِنْ سِنِيكُمْ! [يستحق اهتمام علماء الفلك!!]". هذا في حين أن الراوي لا يعلم أن علم الفلك بمعناه البطليموسي أصبح مردوداً تماماً اليوم علاوةً على أن مثل هذا الادِّعاء مخالف للقرآن (يس: 38- 40)، ولن يتغيَّر هذا التقدير الإلهي إلى ما قبل القيامة. بناءً عَلَى ذَلك، فإن قياس أيام القيامة التي يختل فيها نظام الكون على الأيام التي تكون قبل وقوع القيامة قياس غير صحيح لأنه قياس مع الفارق!!

* الحديث 81 - عن أبي الجارود – [الذي مرّ معنا بيان حاله التعيسة فيما سبق] – ينسب إلى الإمام الباقر أنه يقول ضمن حَدِيثٍ طَوِيلٍ: "... إِذَا قَامَ القَائِمُ (ع) سَارَ إِلَى الكُوفَةِ فَيَخْرُجُ مِنْهَا بِضْعَةَ عَشَرَ آلاف [أَلْفَ‏] أَنْفُسٍ يُدْعَوْنَ البُتْرِيَّةَ عَلَيْهِمُ السِّلَاحُ فَيَقُولُونَ لَهُ: ارْجِعْ مِنْ حَيْثُ جِئْتَ فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِي بَنِي فَاطِمَةَ! فَيَضَعُ فِيهِمُ السَّيْفَ حَتَّى يَأْتِيَ عَلَى آخِرِهِمْ، ثُمَّ يَدْخُلُ الكُوفَةَ فَيَقْتُلُ بِهَا كُلَّ مُنَافِقٍ مُرْتَابٍ وَيَهْدِمُ قُصُورَهَا وَيَقْتُلُ مُقَاتِلِيهَا حَتَّى يَرْضَى اللهُ عَزَّ وَعَلَا"!!

ولم يوجد من يسأل هذا الراوي: كيف سيُهلك المهدي الناس بالسيف مع أن السيف اليوم لم يعد له أيُّ استخدام في الحروب وحلّت محلّه المدافع والدبابات والرشاشات ...... الخ؟!

* الأحاديث 89 و90 و91 - [ينقله المجلسيُّ] عن تفسير العياشي‏ الخرافاتي الذي يروي "عَنِ ابْنِ بُكَيْرٍ قَالَ سَأَلْتُ أَبَا الحَسَنِ (ع) عَنْ قَوْلِهِ: ﴿وَلَهُۥٓ أَسۡلَمَ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ طَوۡعٗا وَكَرۡهٗا [آل عمران: ٨٣] ؟؟ قَالَ: أُنْزِلَتْ فِي القَائِمِ (ع)...."!!. هذا في حين أنه بملاحظة صدر الآية والآيات التي قبلها يَتَـبَيَّنُ بوضوح أن الآية تتكلَّم عن الله لا عن عبد الله، ومن الواضح تماماً أن رسول الله ص لم يكن مأموراً بإجبار الناس على الإسلام فكيف يُؤمر بذلك حفيد من أحفاده ص؟! بناءً عَلَى ذَلك، -كما قلنا- لا علاقة للآية المذكورة بعبد الله ولا بالقائم. ولست أدري لماذا يُصِرُّ هؤلاء الرواة الغلاة على أن يرفعوا الإمام إلى مقام الإلهية؟!!

لقد حارب أمير المؤمنين علي والإمام الحسن -عليهما السلام- معاوية أشهراً وجاهداه ولكنهما لم ينتصرا عليه كما قال حضرة عَلِيٍّ (ع): "ولَوْ أَمْكَنَتِ الْفُرَصُ مِنْ رِقَابِهَا لَسَارَعْتُ إِلَيْهَا، وسَأَجْهَدُ فِي أَنْ أُطَهِّرَ الأرْضَ مِنْ هَذَا الشَّخْصِ الْمَعْكُوسِ والْجِسْمِ الْمَرْكُوسِ حَتَّى تَخْرُجَ الْمَدَرَةُ مِنْ بَيْنِ حَبِّ الْحَصِيدِ"[420]، وقال: "فَإِنْ يُمَكِّنِّي اللهُ مِنْكَ ومِنِ ابْنِ أَبِي سُفْيَانَ أَجْزِكُمَا بِمَا قَدَّمْتُمَا وإِنْ تُعْجِزَا وتَبْقَيَا فَمَا أَمَامَكُمَا شَرٌّ لَكُمَا"[421].

أجل، لم يكن لدى ذينك الإمامين الجليلين أيَّة قوَّة إلهية خارقة للعادة ولم تكن الأرض ولا السماء مطيعة لهما، فكيف يكون لحفيدهما مثل ذلك؟! أَفَلَا تَعْقِلُونَ؟ هذا بصرف النظر عما قلناه مراراً من أن غير المسلمين سيبقون على الأرض إلى يوم القيامة. أما بالنسبة إلى سائر الآيات التي تمَّ الاستشهاد فيها في الأحاديث 91 و 93 و 94 فيُراجع الباب 5 في الكتاب الحاضر (باب الآيات المؤولة بقيام القائم).

* الحديث 92- يروي فيه «العياشي» الخرافاتي عَنِ «الْـمُفَضَّلِ بْنِ عُمَرَ»، الضعيف جداً، عَنْ الإمام الصادق (ع) قوله: "إِذَا قَامَ قَائِمُ آلِ مُحَمَّدٍ اسْتَخْرَجَ مِنْ ظَهْرِ الْكَعْبَةِ سَبْعَةً وَعِشْرِينَ رَجُلًا ....."[422] (؟!!). ولكن لما كان حبل الكذب قصير فقد عدَّد 37 نفراً بدلاً من 27!!

* الحديث 95- يروي «العياشي» الخرافاتي أن رجلاً ذكر بعض بيوت العباسيين في محضر الإمام الصادق (ع) وقال: "أَرَانَاهَا اللهُ خَرَاباً أَوْ خَرَّبَهَا بِأَيْدِينَا" فقال له الإمام الصادق: "لَا تَقُلْ هَكَذَا بَلْ يَكُونُ مَسَاكِنَ القَائِمِ وَأَصْحَابِهِ، أَمَا سَمِعْتَ اللهَ يَقُولُ: وَسَكَنْتُمْ فِي مَساكِنِ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ؟"!! وقد ظهر كذب هذا الخبر، فاليوم لم يبقَ أثر من مساكن بني العباس بل اندرست جميعها منذ قرون ومع ذلك لم يظهر المهدي الموهوم بعد!!

* الحديثان 99 و 109 - يفتري فيهما البطائني الواقفي والبزنطي على الإمام الباقر بأنه قال عن المهدي القائم (ع) أنه: "يَسِيرُ بِالقَتْلِ" أو "ليس شأنه إلا القتل"؟!! وأن أول من يتَّبعه محمدص!! ينبغي أن نقول: لعنة الله على الكاذبين. هل يتَّبع النبيّ فرداً من أفراد أمته مهما علا مقامه؟ لاسيما شخص ليس شأنه إلا القتل؟! من المقطوع به أن الإمام الباقر (ع) لم يقل مثل هذا الكلام مطلقاً. والأحاديث 110 و 111 و 113 و 114 و 115 و 116 أيضاً تدل على أن المهدي الموهوم لن يكون تابعاً لسنة رسول الله ص وسيسير بالقتل ولن يكون شأنه إلا القتل!!! لاسيما 113 الذي يُصرِّح قائلاً: "لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا يَصْنَعُ الْقَائِمُ إِذَا خَرَجَ لَأَحَبَّ أَكْثَرُهُمْ أَنْ لَا يَرَوْهُ مِمَّا يَقْتُلُ مِنَ النَّاسِ أَمَا إِنَّهُ لَا يَبْدَأُ إِلَّا بِقُرَيْشٍ فَلَا يَأْخُذُ مِنْهَا إِلَّا السَّيْفَ وَلَا يُعْطِيهَا إِلَّا السَّيْفَ حَتَّى يَقُولَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ لَيْسَ هَذَا مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ لَوْ كَانَ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍ لَرَحِمَ"!!

وينبغي أن نسأل: هل هذه هي علوم ومعارف أهل البيت التي تتباهون بها أمام العامة؟ أم أنها أحاديث خصوم أهل البيت؟ وبالطبع ينبغي أن نعلم أن مهدي الغلاة والرواة الضعفاء لن يكون أفضل من ذلك.

* الحديث 122 - يفتري عدد من المجهولين والضعفاء على حضرة باقر العلوم (ع) أنه قال عن مصير المُرجئة حين قيام القائم: "يَذْبَحُهُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ كَمَا يَذْبَحُ الْقَصَّابُ شَاتَهُ وَأَوْمَأَ بِيَدِهِ إِلَى حَلْقِهِ!! قُلْتُ: إِنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّهُ إِذَا كَانَ ذَلِكَ اسْتَقَامَتْ لَهُ الْأُمُورُ فَلَا يُهْرِقُ مِحْجَمَةَ دَمٍ! فَقَالَ: كَلَّا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ حَتَّى نَمْسَحَ وَأَنْتُمُ الْعَرَقَ وَالْعَلَقَ وَأَوْمَأ بِيَدِهِ إِلَى جَبْهَتِهِ"!

ونقول: لقد انقرض المُرجئةُ ولم يأتِ قصَّابُكُم بعد!

* الحديث 127 - [ينقله المَجْلِسِيّ عن كتاب «الغيبة» للنعماني] ومن رواته «الْـمُفَضَّلُ» الذي هو من الضعفاء، يدَّعي قائلاً: "كُنْتُ عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللهِ [الإمام الصادق (ع)] بِالطَّوَافِ فَنَظَرَ إِلَيَّ وَقَالَ لِي: يَا مُفَضَّلُ! مَا لِي أَرَاكَ مَهْمُوماً مُتَغَيِّرَ اللَّوْنِ؟ قَالَ فَقُلْتُ لَهُ: جُعِلْتُ فِدَاكَ! نَظَرِي إِلَى بَنِي الْعَبَّاسِ وَمَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ هَذَا الْمُلْكِ وَالسُّلْطَانِ وَالْجَبَرُوتِ فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ لَكُمْ لَكُنَّا فِيهِ مَعَكُمْ"!!

يُعلَم إذن أن كثيراً ممن كانوا يلتفُّون حول الأئمَّة الكِرام -عليهم السلام- ويتظاهرون بأنهم من أصحابهم لم تكن نيَّتهم صالحة، بل كانوا يبحثون عن المنصب والجاه! (فَتَأَمَّل)

* الحديث 139- يفتري عدد من المجهولين والضعفاء على الإمام عَلِيٍّ (ع) وينسبون إليه قوله: "كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَى شِيعَتِنَا بِمَسْجِدِ الْكُوفَةِ وَقَدْ ضَرَبُوا الْفَسَاطِيطَ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ الْقُرْآنَ كَمَا أُنْزِلَ أَمَا إِنَّ قَائِمَنَا إِذَا قَامَ كَسَرَهُ وَسَوَّى قِبْلَتَهُ"!! ولم يسأل أحد الراوي الكاذب لهذا الحديث: إن كانت قبلة المسجد غير صحيحة فلماذا لم يُصلحها عَلِيٌّ (ع) أثناء خلافته بل كان يُصلّي في ذلك المسجد؟!

* الحديث 141- [ينقله المجلسيُّ عن كتاب «الغيبة» للنعماني‏]: بسند فيه النَّهَاوَنْدِيُّ الضعيف الذي لا اعتبار لحديثه، يُسند إلى عَلِيٍّ (ع) أنه قال: كَأَنِّي بِالعَجَمِ فَسَاطِيطُهُمْ فِي مَسْجِدِ الكُوفَةِ يُعَلِّمُونَ النَّاسَ القُرْآنَ كَمَا أُنْزِلَ! قُلْتُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ أَوَلَيْسَ هُوَ كَمَا أُنْزِلَ؟! فَقَالَ: لَا، مُحِيَ مِنْهُ سَبْعُونَ مِنْ قُرَيْشٍ بِأَسْمَائِهِمْ‏ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ، وَمَا تُرِكَ أَبُو لَهَبٍ إِلَّا لِلْإِزْرَاءِ عَلَى رَسُولِ اللهِ ص لِأَنَّهُ عَمُّهُ"!!! أقول: ألا لعنة الله على الكاذبين. إذا لم يكن هذا القرآن الذي بين أيدي المسلمين عين القرآن المنزل [لفظاً وترتيباً وتأليفاً] فلماذا اعتبر عليٌّ عليه السلام في عشـرات الخطب المنقولة عنه في نهج البلاغة أن هذا القرآن الذي بين أيدي المسلمين حُجَّة الله وحبل الله المتين[423]؟؟

وثانياً: إذا كانت هناك آياتٌ قد حُذفت من القرآن الكريم فلماذا لم يقم عليٌ في زمن خلافته [التي دامت خمس سنوات] بإصلاح الأمر وتدارك النقص وإعادة المحذوف. (من الضروري في هذا الموضوع مراجعة التحرير الثاني لكتاب «عرض أخبار الأصول .....» الصفحات 97 إلى 101 والصفحات 392 إلى 394 والصفحات 529 إلى 537 والصفحات 734 فما بعد).

وثالثاً: إن الله تعالى هو الذي ذكر أبا لهب في القرآن، ولو كان في ذلك إزراء على رسول الله ص لما ذكره تعالى في القرآن، فإذا كان من ملامة في هذا الأمر فإنها ستُوجَّه ـ والعياذ بالله ـ إلى الله تعالى، أما الناس فلا دخل لهم في ذلك!

رابعاً: لقد أكد الله تعالى في كتابه بتأكيدات عديدة أنه سيحفظ هذا القرآن فقال: ﴿إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا ٱلذِّكۡرَ وَإِنَّا لَهُۥ لَحَٰفِظُونَ ٩ [الحجر: ٩] ونحن نؤمن بقول الله ولا نؤمن بأكاذيبكم، ونعتقد أن هدف أولئك الرواة الغلاة الأفاكين أن يعملوا على هدم الإسلام وإضعافه من خلال افتراء الأكاذيب ونسبتها إلى الأئمة.

* الحديث 143- لا علاقة له بالقائم.

* الحديث 144- قصة مضحكة ينقلها المَجْلِسِيّ عن كتاب «الغيبة» للنعماني المليء بالخرافات، وفي سنده «النهاوندي» الذي لا اعتبار لحديثه ينسب إلى الإمام الباقر (ع) قوله: "إِذَا قَامَ الْقَائِمُ بَعَثَ فِي أَقَالِيمِ الْأَرْضِ فِي كُلِّ إِقْلِيمٍ رَجُلًا يَقُولُ عَهْدُكَ فِي كَفِّكَ فَإِذَا وَرَدَ عَلَيْكَ مَا لَا تَفْهَمُهُ وَلَا تَعْرِفُ الْقَضَاءَ فِيهِ فَانْظُرْ إِلَى كَفِّكَ وَاعْمَلْ بِمَا فِيهَا قَالَ وَيَبْعَثُ جُنْداً إِلَى الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ فَإِذَا بَلَغُوا إِلَى الْخَلِيجِ كَتَبُوا عَلَى أَقْدَامِهِمْ شَيْئاً وَمَشَوْا عَلَى الْمَاءِ فَإِذَا نَظَرَ إِلَيْهِمُ الرُّومُ يَمْشُونَ عَلَى الْمَاءِ قَالُوا هَؤُلَاءِ أَصْحَابُهُ يَمْشُونَ عَلَى الْمَاءِ فَكَيْفَ هُوَ فَعِنْدَ ذَلِكَ يَفْتَحُونَ لَهُمْ بَابَ الْمَدِينَةِ فَيَدْخُلُونَهَا فَيَحْكُمُونَ فِيهَا بِمَا يُرِيدُونَ"! (ولم يكن الراوي على اطِّلاع بأنه منذ قرون لم يعد للمدن أبواب كما كان الحال زمن وضعه لهذا الحديث!!).

* الحديث 146- يرويه البطائني الواقفي الذي لم يكن يؤمن بالأئمة بعد حضرة الكاظم (ع)، وقد وردت قصته في كتبنا وقد استغلَّه مُؤيِّدو المهدي! ومن شطارة علمائنا وكُتَّابنا أنهم يأتون إلى الأحاديث التي وضعتها سائر فرق الشيعة لمهديهم الموعود فيُدخلونها في كتبهم ليستدلُّوا بها على مهديِّهم!! (فَتَأَمَّل)

* الحديث 151- يرويه المَجْلِسِيّ عن كتاب «الغيبة» الخرافي وغير المعتمد، للنعماني الذي يقول: "لَمَّا الْتَقَى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ (ع) وَأَهْلُ الْبَصْرَةِ نَشَرَ الرَّايَةَ رَايَةَ رَسُولِ اللهِ ص فَتَزَلْزَلَتْ أَقْدَامُهُمْ ...."! و هذا الكلام مخالف للتاريخ.

* الحديث 153- هو الحديث 21 في باب «يوم خروجه وما يحدث عنده». (فَلْيُرَاجَعْ ثَمَّةَ). والأمر ذاته ينطبق على الأحاديث 154 إلى 157 و 159.

* الحديث 160- عدد من الواقفة الذين لم يكونوا يؤمنون بالأئمة بعد حضرة الكاظم (ع) ينسبون إلى الإمام الصادق (ع) حديثاً يتضمن تأويل آيتين من القرآن بالقائم وأصحابه! مع أن الآيتين لا علاقة لهما بذلك مطلقاً. الآية الأولى قوله تعالى في سورة الأنعام: ﴿فَإِن يَكۡفُرۡ بِهَا هَٰٓؤُلَآءِ فَقَدۡ وَكَّلۡنَا بِهَا قَوۡمٗا لَّيۡسُواْ بِهَا بِكَٰفِرِينَ ٨٩ [الانعام: ٨٩]. هذه السورة -كما نعلم- مكية، وكلمة «هؤلاء» تُشير إلى معاصري النبيّ ص، حيث كان كثير من أهل مكة كافرين بشريعته، لكن أهل المدينة وسائر المناطق آمنوا به ص، ويقول الشيخ الطَّبْرَسِي: في الآية ضمان بأن الله سينصر دين نبيّه (يُراجع تفسير مجمع البيان). ومن حيث المبدأ، وكما قلنا مراراً، لم يكن بحث الإمامة والخلافة مطروحاً أصلاً في مكة فلا مجال أن يقول تعالى لأهل مكة إن تكفروا بالمهدي فإن الله سيأتي بقوم ليسوا به كافرين!

والآية الثانية أيضاً لا علاقة لها بقائم آخر الزمان مطلقاً بل تفيد أن الله غني عن إيمان أيِّ مؤمن، وأنه إذا لم يُدرك من آمن قيمة الإيمان وأهميته فارتدَّ عن الإيمان واتَّجه نحو الباطل فإن الله سيُقوِّي عباده الصالحين المُؤهَّلين ويأتي بهم بدلاً من الذين ارتدُّوا عن الدين وتخلَّوْا عن الإيمان. كما قال تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مَن يَرۡتَدَّ مِنكُمۡ عَن دِينِهِۦ فَسَوۡفَ يَأۡتِي ٱللَّهُ بِقَوۡمٖ يُحِبُّهُمۡ وَيُحِبُّونَهُۥٓ أَذِلَّةٍ عَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى ٱلۡكَٰفِرِينَ يُجَٰهِدُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوۡمَةَ لَآئِمٖ [المائ‍دة: ٥٤].

أكثر المُفسِّرين اعتبروا هذه الآية إشارة إلى أبي بكر وأصحابه -وكان عَلِيٌّ (ع) بالطبع في صدرهم - الذين قاتلوا أهل الردّة ومانعي الزكاة بعد رحيل النبيّ ص وثبَّتوا بذلك دولة الإسلام وأمَّنوا بقاءها. كما اعتبر آخرون الآية إشارة إلى حروب حضرة أمير المؤمنين علي ÷ ضدّ من خرجوا عليه من أهل البصرة والشام، ولكن هذا الرأي الأخير غير صحيح بالطبع لأنه لا يُمكن اعتبار مخالفي عَلِيٍّ (ع) مرتدّين، وهو نفسه لم يتعامل معهم تعامله مع الكفار المرتدين، فهذا القول لا ينسجم مع قول عَلِيٍّ وعمله. (فَلَا تَتَجَاهَلْ). وَعَلَى كُلِّ حَال، فلا علاقة للآية بآخر الزمان ولا يُعقل أن يقول الله تعالى للناس إن ارتددتم فسيأتي الله بعد ألف أو آلاف السنين بأصحاب القائم الذين سيكونون كذا وكذا!

* الحديث 163- هو حديث ضعيف لا اعتبار له كما ذكر ذلك المُحَقِّقُ الفاضل لكتاب البحار في الحاشية. وهذا الحديث هو ذاته الحديث 1 في الباب 99 من الكافي (يُراجع التحرير الثاني لكتاب «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول»، ص 560 إلى 564) وهو حديث ينضح بالكذب من جميع جنباته! جاء في هذا الحديث: "فَوَدِدْتُ أَنَّ عَيْنَيْكَ تَكُونُ مَعَ مَهْدِيِّ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَالْمَلَائِكَةُ بِسُيُوفِ آلِ دَاوُدَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ تُعَذِّبُ أَرْوَاحَ الْكَفَرَةِ مِنَ الْأَمْوَاتِ(!!) [هل تُعذِّب الملائكة الأرواح بالسيوف؟! هل فهم واضع الحديث ما لفَّقه من كلام؟!] وَيُلْحِقُ بِهِمْ أَرْوَاحَ أَشْبَاهِهِمْ مِنَ الْأَحْيَاءِ ثُمَّ أَخْرَجَ سَيْفاً ثُمَّ قَالَ هَا إِنَّ هَذَا مِنْهَا!!". ونسأل: هل يُستفاد من السيوف في زمن المهدي أيضاً؟!!

* الحديث 165- [يرويه المجلسيُّ نقلاً عن تفسير «فرات بن إبراهيم»‏ بسند] ينتهي إلى «عِمْرَانَ بْنِ دَاهِر» المهمل المجهول الذي لا ذكر له بتاتاً في كتب الرجال[424] يروي قائلاً: "قَالَ رَجُلٌ (!) لِجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ (ع): لَنُسَلِّمُ عَلَى القَائِمِ بِإِمْرَةِ المُؤْمِنِينَ؟ قَالَ: لَا، ذَلِكَ اسْمٌ سَمَّاهُ اللهُ أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ لَا يُسَمَّى بِهِ أَحَدٌ قَبْلَهُ وَلَابَعْدَهُ إِلَّا كَافِرٌ(!!) قَالَ: فَكَيْفَ نُسَلِّمُ عَلَيْهِ؟ قَالَ: تَقُولُ السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا بَقِيَّةَ اللهِ! قَالَ ثُمَّ قَرَأَ جَعْفَرٌ (ع): ﴿بَقِيَّتُ ٱللَّهِ خَيۡرٞ لَّكُمۡ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ [هود: ٨٦] "!!

نسأل: ما الدليل على أن كل من أُطْلِقَ عليه لقب أمير المؤمنين قبل أو بعد علي (ع) يكون كافراً؟؟ وهل الإمارة على المؤمنين كفر؟ إن الراوي الجاهل لم يكن يعلم أن الكافر هو من يُنكر أصلاً من أصول الدين أو فرعاً من فروعه معلوماً من الدين بالضرورة أي لا خلاف فيها ويُسلِّم بها الجميع، وأنه لا يُمكن تكفير إنسان اعتماداً على مُجرَّد الهوى والرأي. ثم إن «أمير المؤمنين» ليس اسماً بل صفة لكل من حكم المؤمنين وكان أميراً عليهم. ومن المستحيل أن يجهل الإمام الصادق ÷ أن «أمير المؤمنين» ليس اسماً!

* الحديث 166- كلام منقول عن «زيد بن علي» رحمه الله، ولا علاقة له بابن حضرة العسكري.

* الحديثان 167 و 175- ينقلهما المجلسيُّ عن تفسير فرات بن إبراهيم! حيث يفتري على الإمام الصادق ÷ بأنه قال: إن الآيات 63 فما بعد من سورة الفرقان المباركة نزلت في الأوصياء!! فنقول:

أولاً: سورة الفرقان مكية ولم تكن الخلافة والوصاية مطروحة في تلك الفترة على الإطلاق حتى تنزل بشأنها آيات من القرآن.

ثانياً: هذه الآيات ليست في صالحكم لأنها لا تعتبر الأئمة معصومين إذ إن الآيات من 68 إلى 70 من سورة الفرقان تعتبر أن احتمال وقوع «عباد الرحمن» بالإثم غير منتفٍ وتشترط لنجاتهم التوبة والإيمان والعمل الصالح!

ثالثاً: جاء في آخر هذا الحديث: "فَإِذَا قَامَ القَائِمُ عَرَضُوا كُلَّ نَاصِبٍ عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَرَّ بِالإِسْلَامِ وَهِيَ الوَلَايَةُ وَإِلَّا ضُرِبَتْ عُنُقُهُ أَوْ أَقَرَّ بِالجِزْيَةِ فَأَدَّاهَا كَمَا يُؤَدِّي أَهْلُ الذِّمَّةِ"!!

ولست أدري لماذا يُصِرُّ هؤلاء الرواة على تصوير المهدي شخصاً مخالفاً للسُّنَّة وَلِفِقْهِ الإسلام؟! ثم هل الولاية من أصول الدين حتى يُضرب عُنق كل من أنكرها؟! والأهم من ذلك أنه حتى منكر أصول الدين إذا لم يكن محارباً لم يجز ضرب عنقه في الإسلام لأن الله تعالى قال: ﴿لَّا يَنۡهَىٰكُمُ ٱللَّهُ عَنِ ٱلَّذِينَ لَمۡ يُقَٰتِلُوكُمۡ فِي ٱلدِّينِ وَلَمۡ يُخۡرِجُوكُم مِّن دِيَٰرِكُمۡ أَن تَبَرُّوهُمۡ وَتُقۡسِطُوٓاْ إِلَيۡهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُقۡسِطِينَ ٨ [الممتحنة : ٨]،كما أن الإسلام لا يُجيز محاربة الذين صالحوا المسلمين ولم يعينوا الكفار في حربهم ضد المسلمين (النساء: 90).

حقاً لقد ظَلَمَتْ هذه الروايات الإسلام. نسأل الله تعالى أن يحفظ المسلمين من شرّ أمثال هذه الروايات. آمين يا ربَّ العالمين.

والحديث 211 أيضاً يقول: "وَجَدْنَا فِي كِتَابِ عَلِيٍّ (ع) إِنَّ الْأَرْضَ لِـلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ فَمَنْ أَخَذَ أَرْضاً مِنَ الْمُسْلِمِينَ فَعَمَرَهَا فَلْيُؤَدِّ خَرَاجَهَا إِلَى الْإِمَامِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي وَلَهُ مَا أَكَلَ مِنْهَا حَتَّى يَظْهَرَ الْقَائِمُ (ع) مِنْ أَهْلِ بَيْتِي بِالسَّيْفِ فَيَحْوِيهَا وَيُخْرِجُهُمْ عَنْهَا كَمَا حَوَاهَا رَسُولُ اللهِ ص إِلَّا مَا كَانَ فِي أَيْدِي شِيعَتِنَا فَإِنَّهُ يُقَاطِعُهُمْ عَلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ وَيَتْرُكُ الْأَرْضَ فِي أَيْدِيهِمْ"!

يبدو أن الراوي يريد القول: إن المهدي لم يكن مُتَّبِعاً لأحكام الإسلام وتشريعاته!!

* الحديث 171- يقول: إن المهدي سيقوم بإصلاح المساجد التي فيها تصاوير، وأن الإمام الباقر نفسه (ع)[425] سُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِي الْـمَسَاجِدِ الْـمُصَوَّرَةِ فَقَالَ: "أَكْرَهُ ذَلِكَ". هذا في حين أنه بعد ثورة عام 57[426] امتلأت مساجدنا بالصور المتنوِّعة في حين بلغت ادِّعاءات مسؤولي البلاد لدينا بشأن محبة الإسلام وإقامة أحكامه ومحبة المهدي، عنان السماء، ومع ذلك لم يظهر من ينهى عن هذا العمل!

* الحديث 172- ينسب إلى أمير المؤمنين علي ÷ مدحه لمسجد الكوفة بقوله: "فِي وَسَطِهِ عَيْنٌ مِنْ دُهْنٍ [أيُّ سَمْنٍ أو أيُّ زيتٍ هذا ؟!] وَعَيْنٌ مِنْ لَبَنٍ وَعَيْنٌ مِنْ مَاءٍ شَرَابٍ لِلْمُؤْمِنِينَ وَعَيْنٌ مِنْ مَاءٍ طَهُورٍ لِلْمُؤْمِنِينَ"!! ونسأل: هل هذه هي العلوم التي يتفاخر بها أنصار المهدي؟!

* الحديث 177 - هذا الحديث يُكذِّب جميع الأحاديث الأخرى التي تقول إن المهدي يجعل جميع الناس مسلمين وأنه لا يبقى إنسانٌ غير مسلم على وجه الأرض!

* الحديث 180 - راجعوا الباب الخامس في الكتاب الحاضر، الآية رقم 5، ص167.

* الأحاديث 183 إلى 189- حول هذه الأحاديث ينبغي مراجعة التحرير الثاني لكتاب «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول»، وكتاب «شاهراه اتِّحاد» (طريق الاتِّحاد) للمرحوم قلمداران.

* الحديث 197- يدَّعي أنه "إِذَا قَامَ الْقَائِمُ وَدَخَلَ الْكُوفَةَ لَمْ يَبْقَ مُؤْمِنٌ [وليَقُل الشيعة] إِلَّا وَهُوَ بِهَا"!! يُعْلَم من هذا الحديث أن الشيعة كانوا أقلِّيَّةً ضئيلةً جداً بين المسلمين في ذلك الوقت، وإلا فاليوم لا يمكن حصول هذا الأمر المذكور في هذا الحديث، إذْ لا يمكن للكوفة أن تتسع لجميع الشيعة في العالم!! والأمر ذاته ينطبق على الحديثين 198 و199.

* الحديثان 200 و 201 - يقولان إن أول عملٍ يبدأ به القائم هو إخراج الشيخين رَطْبَيْنِ غَضَّيْنِ فَيُحْرِقُهُمَا وَيُذْرِيهِمَا فِي الرِّيحِ (مشابهٌ لما كان يفعله الشاه إسماعيل الصفوي!!) في حين أن نبش القبر ليس جائزاً في الإسلام! وينبغي أن نسأل واضعي أمثال هذه الروايات: هل تعتقدون أن جثمانَي الشيخين لا يزالان رَطْبَيْنِ غَضَّيْنِ في قبرهما حتى اليوم بحيث يُمكن حرقهما؟!! أَفَلَا تَعْقِلُونَ؟!

* الحديث 202 - يُثني على أصحاب القائم ويمدحهم، خلافاً لما جاء في الحديث رقم 49، ثم يقول: "وَقَدْ وَصَفَهُمُ اللهُ تَعَالَى بِالتَّوَسُّمِ فِي‏ كِتَابِهِ الْعَزِيزِ بِقَوْلِهِ ﴿إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَأٓيَٰتٖ لِّلۡمُتَوَسِّمِينَ ٧٥ [الحجر: ٧٥] "!!

يجب أن نعلم أن واضعي هذه الأحاديث تلاعبوا كثيراً بالآية المذكورة. وقد خصَّص الكُلَيْنِيُّ الباب 86 من «أصول الكافي» لهذه الآية وسمَّاه "بَابُ أَنَّ الْمُتَوَسِّمِينَ الَّذِينَ ذَكَرَهُمُ اللهُ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ هُمُ الْأَئِمَّةُ!"، أي اعتبر أن الآية نزلت بشأن الأئمة أنفسهم[427]، أما هنا فاعتبر الحديثُ الآيةَ نزلت بشأن أصحاب المهدي!! حقاً إن واضعي الحديث يفضحون كذب بعضهم بعضاً على أفضل نحو! وَعَلَى كُلِّ حَال، فلا علاقة لهذه الآية بالقائم أو أصحاب القائم من قريب ولا من بعيد، بل الآيات من 58 حتى 77 من سورة الحِجر المكية تتحدَّث عن قوم لوط.

* الحديث 203 - يشبه الحديث 91. يفتريه «عَبْدُ اللهِ بْنُ سِنَانٍ» على حضرة الصادق (ع) فينسِبُ إليه أنه قَالَ: "يَقْتُلُ الْقَائِمُ (ع) حَتَّى يَبْلُغَ السُّوقَ[428] قَالَ فَيَقُولُ لَهُ رَجُلٌ مِنْ وُلْدِ أَبِيهِ: إِنَّكَ لَتُجْفِلُ النَّاسَ إِجْفَالَ النَّعَمِ فَبِعَهْدٍ مِنْ رَسُولِ اللهِ ص أَوْ بِمَاذَا؟! قَالَ وَلَيْسَ فِي النَّاسِ رَجُلٌ أَشَدَّ مِنْهُ بَأْساً. فَيَقُومُ إِلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْمَوَالِي فَيَقُولُ لَهُ: لَتَسْكُتَنَّ أَوْ لَأَضْرِبَنَّ عُنُقَكَ!! [لاحظوا أنه قد جاء في الروايات مدح مثل هؤلاء الأشخاص والثناء عليهم بوصفهم من أصحاب المهدي!!] فَعِنْدَ ذَلِكَ يُخْرِجُ الْقَائِمُ (ع) عَهْداً مِنْ رَسُولِ اللهِ ص"!!.

لم يكن واضع هذا الحديث يعلم أن رسول الله ص نفسَه لم يكن مُجازاً بإكراه الناس على الإيمان، فضلاً عن أن يُسْمَح بذلك للآخرين!! وينبغي القول: يبدو أنكم لا تعتبرون المهدي تابعاً للقرآن والإسلام!! والأمر ذاته ينطبق على الحديث 204 الذي يقول: إن القائم يقتل من أهل المدينة حتى ينتهي إلى الأجفر (منطقة تقع على بعد عدة فراسخ خارج المدينة!!) وكذلك الأمر بالنسبة إلى الحديث 210 المروي عن «عبد الله بن سنان» ذاته والذي ليس فيه شيء سوى القتل والمذابح الجماعية للناس!!

يَتَبَيَّنُ من أمثال هذه الأحاديث، ومنها الحديث 113 أيضاً في هذا الباب نفسه، أن واضعيها كانوا على قَدْرٍ كبير من الحقد والبغضاء حين وضعوا هذه القصص وكان لديهم رغبة شديدة في قتل مخالفيهم بشكل جماعي، فألصقوا رغبتهم هذه بالإمام وبالقائم الذي يُعجبهم، وإلا فإن الشارع المُنزَّه عن الأهواء والأغراض لا تصدر منه مثل هذه الأقوال مطلقاً! (فَتَأَمَّل جداً).

* الحديثان 205 و206 - جاء فيهما أن المهديَّ يلقى جَيْشَ السُّفْيَانِيَّ وَأَصْحَابَهُ قُربَ الكوفة، فيقوم المهديُّ وأصحابُهُ بقتلهم عن بكرة أبيهم!! فنسأل: إذاً هل الأخبار التي جمعها المَجْلِسِيُّ أيضاً والتي تقول إن جَيْشَ السُّفْيَانِيِّ يُخْسَفُ بِهِ في «الْبَيْدَاءِ» كُلُّها كَذِبٌ!![429]

* الحديث 207 - يقول أَبُو بَصِيرٍ - الذي نَسَبَ كثيراً من الأكاذيب إلى حضرات الصادِقَيْنِ عليهما السلام - عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الباقر (ع) قَالَ: "يَقْضِي الْقَائِمُ بِقَضَايَا يُنْكِرُهَا بَعْضُ أَصْحَابِهِ مِمَّنْ قَدْ ضَرَبَ قُدَّامَهُ بِالسَّيْفِ وَهُوَ قَضَاءُ آدَمَ ع فَيُقَدِّمُهُمْ فَيَضْرِبُ أَعْنَاقَهُمْ!!" [هذا بدلاً من أن يذكر لهم دليله على عمله ويُفْرِح أصحابه بذلك]! ونسأل: هل هذه سيرة الأنبياء أم سيرة الجبَّارين المستكبرين؟! أَفَلَا تَعْقِلُونَ؟!

* الحديث 208 - يَدَّعي أن حضرة الصادق (ع)قال: "إِذَا خَرَجَ الْقَائِمُ (ع) لَمْ يَبْقَ بَيْنَ يَدَيْهِ أَحَدٌ إِلَّا عَرَفَهُ صَالِحٌ أَوْ طَالِحٌ"!! فنقول: حتى النبي ص نفسه لم يكن يملك مثل هذه الصفة! (البقرة: 204 - 205)، وهذا الحديث يخالف كثيراً من آيات القرآن.

* الحديث 209 - يقول فيه «أَبُو الْجَارُودِ» - الضعيف الذي كان مغضوباً عليه مِنْ قِبَلِ الإمام - : "قُلْتُ لِأَبِي جَعْفَرٍ [الباقر] (ع): جُعِلْتُ فِدَاكَ! أَخْبِرْنِي عَنْ صَاحِبِ هَذَا الْأَمْرِ؟ قَالَ: يُمْسِي مِنْ أَخْوَفِ النَّاسِ وَيُصْبِحُ مِنْ آمَنِ النَّاسِ يُوحَى إِلَيْهِ هَذَا الْأَمْرُ لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ. قَالَ قُلْتُ: يُوحَى إِلَيْهِ يَا أبَا جَعْفَرٍ؟! قَالَ: يَا أبَا جَارُودٍ! إِنَّهُ لَيْسَ وَحْيَ نُبُوَّةٍ وَلَكِنَّهُ يُوحَى إِلَيْهِ كَوَحْيِهِ إِلَى مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ وَإِلَى أُمِّ مُوسَى وَإِلَى النَّحْلِ. يَا أبَا الْجَارُودِ! إِنَّ قَائِمَ آلِ مُحَمَّدٍ لَأَكْرَمُ عِنْدَ اللهِ مِنْ مَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ وَأُمِّ مُوسَى وَالنَّحْلِ"!!

ونقول: أولاً: هناك شك قوي جداً في وجود المهدي من الأساس، وَمِنْ ثَمَّ فما لم يثبت وجوده يكون النقاش حول الوحي إليه في غير محلّه. ثانياً: على فرض وجوده فإن هذا الكلام المذكور في الحديث مخالف لكلام جدّ المهدي أعني أمير المؤمنين علي ÷ الذي قال عن النبيِّ ص: "فَقَفَّى بِهِ الرُّسُلَ وخَتَمَ بِهِ الْوَحْيَ" (نهج البلاغة، الخطبة 133). وقال: "بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ! لَقَدِ انْقَطَعَ بِمَوْتِكَ مَا لَمْ يَنْقَطِعْ بِمَوْتِ غَيْرِكَ مِنَ النُّبُوَّةِ والإنْبَاءِ وأَخْبَارِ السَّمَاءِ". (نهج البلاغة، الخطبة 235).

ثالثاً: إن إيحاء الله تعالى للنحل يختلف عن الوحي الاصطلاحي المستخدم في لسان أهل الشرع، وهو خارج عن بحثنا تماماً. ومن المحال أن يجهل حضرة باقر العلوم (ع) هذا الأمر الواضح.

رابعاً: إن الوحيَ الذي أوحاه اللهُ إلى أمّ موسى وإلى حضرة مريم (ع) لم يكن من نوع الوحي الذي يُوحيه الله لرسله لينقلوا من خلاله رسالات الله إلى الناس كما لم تكن له أيّ استمرارية، والأهم من ذلك أن ذلك الوحي كان قبل رسول الله ص في حين أن موضوع بحثنا يدور حول الوحي بعد رسول الله ص (فَلَا تَتَجَاهَلْ). ومن الضروري في هذا الموضوع مراجعة كتاب «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول»، (البابان 60 و61، الصفحات 380 إلى 398).

* الحديث 212 - يقول -خلافاً للحديث 200- إن: "أَوَّلَ مَا يَبْدَأُ الْقَائِمُ (ع) بِأَنْطَاكِيَةَ فَيَسْتَخْرِجُ مِنْهَا التَّوْرَاةَ مِنْ غَارٍ فِيهِ عَصَا مُوسَى وَخَاتَمُ سُلَيْمَانَ قَالَ وَأَسْعَدُ النَّاسِ بِهِ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَقَالَ إِنَّمَا سُمِّيَ الْمَهْدِيَّ لِأَنَّهُ يُهْدَى إِلَى أَمْرٍ خَفِيٍّ حَتَّى إِنَّهُ يُبْعَثُ إِلَى رَجُلٍ لَا يَعْلَمُ النَّاسُ لَهُ ذَنْباً فَيَقْتُلُهُ [هكذا من دون إقامة أيّ دليل عليه!!] حَتَّى إِنَّ أَحَدَهُمْ يَتَكَلَّمُ فِي بَيْتِهِ فَيَخَافُ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْهِ الْجِدَارُ"!!

لست أدري هل يريد الراوي أن يُصوِّر المهدي حاكماً مستبدَّاً جداً؟! ألم يكن يعلم أنه قبل ظهور المهدي وجد مثل هذا النمط من الحكم الشمولي الاستبدادي المطلق في المعسكر الشرقي في الأرض وكان حكمه مكروهاً لم يتقبله الناس، إن هذا التوصيف لحكم المهدي يُشبه -إلى الحد الذي يعلمه هذا العبد كاتب هذه السطور - الحكومة الشيوعية لدولة رومانيا!!

* الحديث 213 - حديث مرفوع يقول: "إِنَّ الْمُؤْمِنَ فِي زَمَانِ الْقَائِمِ وَهُوَ بِالْمَشْرِقِ لَيَرَى أَخَاهُ الَّذِي فِي الْمَغْرِبِ وَكَذَا الَّذِي فِي الْمَغْرِبِ يَرَى أَخَاهُ الَّذِي فِي الْمَشْرِقِ"!!

أقول: لم يكن أولئك الرواة يعلمون أنه قبل ظهور المهدي الوهمي بمدة طويلة أصبح أهل المشرق والمغرب الناس في الدنيا قادرين على سماع صوت بعضهم بعضاً ورؤية وجوه بعضهم بعضاً، وهذا أمر لا يختصُّ بالمؤمنين بل ينطبق على غير المؤمنين أيضاً وحتى لو ظهر المهدي فلن يعتبر أحد من الناس مثل هذا الأمر من اختراعاته! في حين أن هذا الحديث يريد أن يربط هذا الموضوع بزمن ظهور القائم!! (فَلَا تَتَجَاهَلْ). نعم، إن هذا الاختراع نجم عن التحقيق والبحث والتجارب المتواصلة التي قام بها غير المسلمين الذين انصرفوا إلى الدراسة والبحث العلمي في الطبيعة التي خلقها الله بدلاً من توغلهم في الخرافات والتفرقة الطائفية والتعصب المذهبي فيما بينهم. نسأل الله أن يُنقذنا من شرّ أهل الخرافات ويُنقذ شعبنا من الكتب الخرافية. آمين يا ربّ العالمين. الآن لننتقل إلى دراسة وتمحيص خرافات المجلد 53 من بحار الأنوار.

***

[411] هذا العنوان من عندي للتوضيح. (المُتَرْجِمُ) [412] من الضروري في هذا الموضوع مراجعة التنقيح الثاني لكتاب «عرض أخبار الأصول .....» ص 139 إلى 147، وكتاب «نقد مفاتيح الجنان في ضوء آيات القرآن» (المُعَرَّب)، ص 141 إلى 155. [413] لأن الذي يُقابل «اليقظة» هو «النوم» لا «الموت». (المُتَرْجِمُ) [414] وقد ترجمتُهُ إلى العربية وَنُشِرَ في موقع «اجتهادات» على الإنترنت. (المُتَرْجِمُ) [415] تُراجَع أيضاً الصفحات 81 و 95 إلى 98 من الكتاب الحاضر. [416] نص علماء الرجال على أنه كان فاسد المذهب يستحل محرمات الله ويروِّج للكفر والفسوق في أشعاره. انظر: رجال النجاشي، ج2، ص225، و «جامع الرواة» للأردبيلي، ج2، ص 87. وقال العلامة الحلي كتابه «الرجال» (ص251): "محمد بن الحسن بن جمهور: عربي بصري روى عن الرضا عليه السلام كان ضعيفاً في الحديث غالياً في المذهب فاسداً في الرواية لا يُلتَفَت إلى حديثه ولا يُعْتَمَد على ما يرويه.". (المُتَرْجِمُ) [417] يُراجع حول الاستشهاد - في غير محلِّه - بهذه الآية باب «الآيات المُؤَوَّلة بقيام القائم»، الحديث رقم 10. [418] لا ننتظر من ابن البطائني الكذاب قصصاً أفضل من هذه بالطبع! [419] البغلة السفواء: هي الخفيفة السريعة. (المُتَرْجِمُ) [420] نهج البلاغة، الرسالة 45. [421] نهج البلاغة، الرسالة 39. [422] إن كان قصده من استخراجهم: الرجعة فقد تكلمنا في الصفحات السابقة بما يكفي حول بطلان «الرجعة» ولا داعي لتكرار ذلك هنا. [423] انظر إلى الخطب 1 و 2 و 18 و 83 و 110 و 127 و 132 و 138 و 156 و 158 و 176 و 183 و 198 و 115 في نهج البلاغة وغيرها. أقول (المُتَرْجِمُ): ولأهمية الموضوع أرى من المفيد أن أذكر بعض تلك النصوص التي أشار إليها المؤلف: 1- "تَعَلَّمُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ أَحْسَنُ الْحَدِيثِ، وَتَفَقَّهُوا فِيهِ فَإِنَّهُ رَبِيعُ الْقُلُوبِ، وَاسْتَشْفُوا بِنُورِهِ فَإِنَّهُ شِفَاءُ الصُّدُورِ، وَأَحْسِنُوا تِلاوَتَهُ فَإِنَّهُ أَنْفَعُ الْقَصَصِ" [نهج البلاغة، الخطبة 110]. 2- "وَكِتَابُ اللهِ بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ، نَاطِقٌ لا يَعْيَا لِسَانُهُ، وَبَيْتٌ لا تُهْدَمُ أَرْكَانُهُ، وَعِزٌّ لا تُهْزَمُ أَعْوَانُهُ" [نهج البلاغة، الخطبة 133]. 3- "وَعَلَيْكُمْ بِكِتَابِ اللهِ فَإِنَّهُ الْحَبْلُ الْمَتِينُ، وَالنُّورُ الْمُبِينُ، وَالشِّفَاءُ النَّافِعُ، وَالرِّيُّ النَّاقِعُ، وَالْعِصْمَةُ لِلْمُتَمَسِّكِ، وَالنَّجَاةُ لِلْمُتَعَلِّقِ، لا يَعْوَجُّ فَيُقَامَ، وَلا يَزِيغُ فَيُسْتَعْتَبَ، وَلا تُخْلِقُهُ كَثْرَةُ الرَّدِّ ووُلُوجُ السَّمْعِ، مَنْ قَالَ بِهِ صَدَقَ، وَمَنْ عَمِلَ بِهِ سَبَقَ.." [نهج البلاغة، الخطبة 156]. 4- "ذَلِكَ الْقُرْآنُ فَاسْتَنْطِقُوهُ وَلَنْ يَنْطِقَ لَكُمْ، ولَكِنْ أُخْبِرُكُمْ عَنْهُ: إِنَّ فِيهِ عِلْمَ مَا مَضَى وَعِلْمَ مَا يَأْتِي إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَحُكْمَ مَا بَيْنَكُمْ" [نهج البلاغة، الخطبة 158]. 5- "انْتَفِعُوا بِبَيَانِ اللهِ، وَاتَّعِظُوا بِمَوَاعِظِ اللهِ، وَاقْبَلُوا نَصِيحَةَ اللهِ، فَإنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَعْذَرَ إلَيْكُمْ بِالْجَلِيَّةِ، وَاتَّخَذَ عَلَيْكُمْ الْحُجَّةَ، وَبَيَّنَ لَكُمْ مَحَابَّهُ مِنَ الاَْعْمَالِ، وَمَكَارِهَهُ مِنْهَا، لِتَتَّبِعُوا هذِهِ، وَتَجْتَنِبُوا هذِهِ....". "وَاعْلَمُوا أَنَّ هذَا الْقُرْآنَ هُوَ النَّاصِحُ الَّذِي لاَ يَغُشُّ، وَالْهَادِي الَّذِي لاَ يُضِلُّ، وَالْـمُحَدِّثُ الَّذِي لاَ يَكْذِبُ، وَمَا جَالَسَ هذَا الْقُرْآنَ أَحَدٌ إِلاَّ قَامَ عَنْهُ بِزِيَادَة أَوْ نُقْصَان: زِيَادَة فِي هُدىً، أَوْ نُقْصَان مِنْ عَمىً. وَاعْلَمُوا أَنَّهُ لَيْسَ عَلَى أَحَد بَعْدَ الْقُرْآنِ مِنْ فَاقَة، وَلاَ لأحَد قَبْلَ الْقُرْآنِ مِنْ غِنىً; فَاسْتَشْفُوهُ مِنْ أَدْوَائِكُمْ، وَاسْتَعِينُوا بِهِ عَلَى لاَْوَائِكُمْ، فَإنَّ فِيهِ شِفَاءً مِنْ أَكْبَرِ الدَّاءِ، وَهُوَ الْكُفْرُ وَالنِّفَاقُ، وَالْغَيُّ وَالضَّلاَلُ، فَاسْأَلُوا اللهَ بِهِ، وَتَوَجَّهُوا إِلَيْهِ بِحُبِّهِ، وَلاَ تَسْأَلُوا بِهِ خَلْقَهُ، إنَّهُ مَا تَوَجَّهَ الْعِبَادُ إلَى اللهِ بِمِثْلِهِ. وَاعْلَمُوا أَنَّهُ شَافِعٌ مُشَفَّعٌ، وَقَائِلٌ مُصَدَّقٌ، وَأَنَّهُ مَنْ شَفَعَ لَهُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُفِّعَ فِيهِ، وَمَنْ مَحَلَ بِهِ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُدِّقَ عَلَيْه، فَإنَّهُ يُنَادِي مُنَاد يَوْمَ الْقِيَامةِ: أَلاَ إنَّ كُلَّ حَارِث مُبْتَلىً فِي حَرْثِهِ وَعَاقِبَةِ عَمَلِهِ، غَيْرَ حَرَثَةِ الْقُرآنِ; فَكُونُوا مِنْ حَرَثَتِهِ وَأَتْبَاعِهِ، وَاسْتَدِلُّوهُ عَلى رِّبِّكُمْ، وَاسْتَنْصِحُوهُ عَلى أَنْفُسِكُمْ، وَاتَّهِمُوا عَلَيْهِ آرَاءَكُمْ، وَاسْتَغِشُّوا فِيهِ أَهْوَاءَكُمْ.....". "وَإِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ لَمْ يَعِظْ أَحَداً بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ، فَإِنَّهُ حَبْلُ اللهِ الْمَتِينُ، وَسَبَبُهُ الاَْمِينُ، وَفِيهِ رَبِيعُ الْقَلْبِ، وَيَنَابِيعُ الْعِلْمِ، وَمَا لِلْقَلْبِ جَلاَءٌ غَيْرُهُ، مَعَ أَنَّهُ قَدْ ذَهَبَ الْمُتَذَكِّرُونَ، وَبَقِيَ النَّاسُونَ أَوِ الْمُتَنَاسُونَ. فَإِذَا رَأَيْتُمْ خَيْراً فَأَعِينُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا رَأَيْتُمْ شَرّاً فَاذْهَبُوا عَنْهُ...." [نهج البلاغة، من الخطبة 176]. (المُتَرْجِمُ). [424] هذا الحديث هو الحديث الثاني في الباب 164 في الكافي وقد ذُكر اسم راويه هناك: «عمر بن زاهر»، واعتبر المَجْلِسِيُّ الحديثَ مجهولاً. يُراجع كتاب «عرض أخبار الأصول .....» ص 731 إلى 733. [425] في أصل كتاب المرحوم البرقعي ذُكِرَ هنا الإمام الصادق (ع)، والصحيح هو الإمام الباقر (ع) كما أثبتُّهُ في المتن، كما هو الموجود في كتاب «بحار الأنوار». (المُتَرْجِمُ) [426] يقصد الثورة في موطنه إيران التي انتصرت عام 1357 هجرية شمسية حسب التقويم الإيراني، الموافق لعام 1979 ميلادية. (المُتَرْجِمُ) [427] راجعوا كتاب «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول»، باب 76، ص 499 إلى 503. [428] أي سيقان الأرجل، أي يبلغ الدم الركب كما يُقال. وليس المقصود السوق الذي هو مكان البيع والشراء. (المُتَرْجِمُ) [429] انظر مثلاً: المَجْلِسِيُّ، بحار الأنوار، ج 52، ص 238، وج 52، ص 308. (المُتَرْجِمُ)