دراسة علمية لأحاديث المهدي

فهرس الكتاب

27 - بَابُ مَنِ ادَّعَى الرُّؤْيَةَ فِي الغَيْبَةِ الكُبْرَى.....

27 - بَابُ مَنِ ادَّعَى الرُّؤْيَةَ فِي الغَيْبَةِ الكُبْرَى.....

بدأ المَجْلِسِيّ هذا الباب بذكر «التوقيع» الذي أوردناه في الصفحة 300 من الكتاب الحاضر والذي يُصَحِّحُهُ ويَقْبَلُهُ علماءُ الشيعة جميعُهم. وإذا صح هذا «التوقيع» فلا معنى لذكر مدّعي الرؤية في الغَيْبَةِ الكُبْرَى![382] ولذلك ذكر المَجْلِسِيّ في هذا الباب أحاديث تذكر فقط أن المهدي يأتي إلى الناس ويحضر بينهم ولكن الناس لا يرونه، أو يرونه دون أن يعرفوا أنه هو المهدي!

ذَكَرَ المَجْلِسِيُّ في هذا الباب واحداً وعشـرين خبراً عن رواةٍ كذَّابين وضّاعين أو غُلاةٍ أو مِنَ الواقِفَة، ولا يوجد بين هذه الروايات حديثٌ صحيحٌ واحدٌ. ومضمون الروايات أيضاً مردودٌ.

فمثلاً في الخبر الثالث جاء تشبيه المهدي الغائب بالخضـر ونُسِب إلى الإمام الرضا (ع) قوله: "إِنَّ الخَضِرَ شَرِبَ مِنْ مَاءِ الحَيَاةِ فَهُوَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ....". وهذا الكلام ترديد لأسطورة شائعة بين العوام وقد سبق أن بينَّا أن فكرة حياة الخضر الأبدية تخالف القرآن الكريم ولا تتفق مع الأحاديث المعتبرة (راجعوا ص 209 من الكتاب الحاضر).

وفي الحديث الخامس: أن صاحب الأمر لا يطلع على موضعه أحد حتى أولاده لا يرونه ولا يعرفون أين هو؟ ونسأل: من أين علمتم أنه تزوَّج. ثانياً: لماذا لا يعلم أولاده مكانه؟ وهل من الممكن أن يُفشي أولادُهُ عن مكانه للأعداء؟!

وفي الحديث السادس: يقول: "لَا بُدَّ لِصَاحِبِ هَذَا الأَمْرِ مِنْ عُزْلَةٍ ولَا بُدَّ فِي عُزْلَتِهِ مِنْ قُوَّةٍ ومَا بِثَلَاثِينَ مِنْ وَحْشَةٍ ونِعْمَ المَنْزِلُ طَيْبَةُ.". هذا في حين أنه قد جاء في الأخبار الأخرى في كتاب «البحار» (ج 52، ص 34) أن أباه الإمام الحسن العسكري (ع) قال له: لا تسكن المدن بل اسكن في البيادي والصحاري، ولكن الراوي نسي هنا هذا الأمر وذكر أن منزله طيبة [أي المدينة المنورة]. ثم إنكم تقولون إن يحضر بين الناس لكن الناس لا يرونه، فلماذا إذاً يحتاج دائماً إلى ملازمة ثلاثين شخصاً له حتى لا يشعر بالوحدة؟!

والحديث السابع: مناقض للحديث السادس لأنه يتضمن ما يفيد أن مسكن المهدي جبل يُدْعَى رَضْوَى مِنْ جِبَالِ فَارِسَ, (وهذا يشبه الخرافة التي قالها مريدو «محمد بن الحنفية» وأتباعه) والطريف في هذا الحديث قوله إن جبل رَضْوَى كان من جبال فارس فأحبَّنا اللهُ (؟!) فنقله إلينا أي وضعه ما بين مكة والمدينة!!! (يستحق اهتمام علماء الجغرافيا! يُعلَم أنه يوجد شيعة وسنة بين الجبال أيضاً؟!). لاحظوا أيَّ خرافات جمعوا وقدَّموها للعوام باسم معارف أهل البيت؟!

معظم أحاديث هذا الباب تقول إن المهدي غاب غيبتين، ولا فائدة من ذكر هذه الأحاديث كلها واحداً واحداً والتعليق عليها سوى ضياع العمر.

الحديث الحادي والعشرون: راويه «علي بن أبي حمزة البطائني» الواقفي الدجَّال المخادع للعوام، وهنا ينسب إلى الإمام الصادق (ع) قوله: "إِنَّ لِصَاحِبِ الأَمْرِ بَيْتاً يُقَالُ لَهُ «بَيْتُ الحَمْدِ» فِيهِ سِرَاجٌ يَزْهَرُ مُنْذُ يَوْمَ وُلِدَ إِلَى يَوْمِ يَقُومُ بِالسَّيْفِ لَا يُطْفَى"!!

والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: أي فضيلة في ذلك؟ وهل الإمام وبيته مثل بيوت المجوس تبقى فيها النار مشتعلة ليل نهار لا تُطفأ؟ ألم تكن مصابيح الأنبياء تطفأ فهل المهدي أعلى رتبة من الأنبياء؟ أضف إلى ذلك أنه أثناء النهار ومع وجود نور الشمس لا تبقى هناك حاجة إلى السراج وكذلك في الليل أثناء النوم فلماذا يبقى السـراج مشتعلاً طوال الوقت، أليس هذا إسراف؟ أفلا يعلم مهديِّكم أنَّ اللهَ تعالى قال: ﴿وَلَا تُسۡرِفُوٓاْۚ إِنَّهُۥ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُسۡرِفِينَ ٣١ [الأعراف: ٣١]. إلى هنا تنتهي خرافات هذا الباب.

[382] لأنه جاء في ذلك التوقيع: "فَقَدْ وَقَعَتِ الغَيْبَةُ التَّامَّةُ فَلَا ظُهُورَ إِلَّا بَعْدَ إِذْنِ اللهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ ... وَسَيَأْتِي مِنْ شِيعَتِي مَنْ يَدَّعِي المُشَاهَدَةَ أَلَا فَمَنِ ادَّعَى المُشَاهَدَةَ قَبْلَ خُرُوجِ السُّفْيَانِيِّ والصَّيْحَةِ فَهُوَ كَذَّابٌ مُفْتَرٍ". (المُتَرْجِمُ)