مُقَدِّمة المؤلِّف
في هذه الأيام التي لا أملك فيها حرية العمل، وسلبوا منِّي إمكانية إقامة صلاة الجمعة أو عقد جلسات تفسير القرآن الأسبوعية، وأصبح كثير من الأفراد لا يجرؤون على الاقتراب مني، وفي هذه الأيام الأخيرة من عمري، التي أعاني فيها من ضعف الشيخوخة، والأمراض العديدة التي ابتليت بها على إثر سجني، لم يعُد لي شعور بالأمن على حياتي، إذ لست في مأمنٍ من مضايقة مأموري الأمن لي، فلم يعد بإمكاني فعل شيء سوى القيام بمراجعة مؤلفاتي السابقة، وحتى هذا العمل لست قادراً على إنجازه كما هو حقه نظراً إلى عدم تيسُّر وصولي إلى مكتبتي الشخصيَّة والحصول على المراجع اللازمة، ولكنني رغم ذلك سعيت قَدْرَ المستطاع إلى أداء هذا الواجب وهو القيام بإصلاح النواقص في كتبي السابقة إلى حدٍّ ما، وأحمد الله تعالى حمداً لا يتناهى أن وفَّقَ هذا العبد الفقير -رغم ضعف البصر و رجفان اليد، ووهن الجسم - للقيام بإصلاح وتنقيح عدد من مؤلفاتي السابقة.
رغم أنني تحدثت بما فيه الكفاية عن موضوع «المهدي» في التنقيح الثاني لكتابي «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول»، إلا أنني قمت أيضاً بتنقيح وإصلاح كتابي «بررسى علمى در احاديث مهدى» [أي دراسة علمية لأحاديث المهدي] لتحقيق مزيد من طمأنينة القلب حول هذا الموضوع لدى القُرَّاء الكرام. هذا ولما كان أحد إخوتنا الفضلاء من أهل التدبُّر في القرآن قد كتب مقالةً مفيدةً ومختصرةً حول «المهدي» فإنني سأقوم - تقديراً مني لهذا الأخ في الإيمان جزاه الله كلَّ خير - بإدراج مقاله بشيء من الاختصار والتصرُّف في بداية تنقيحي الثاني لكتابي هذا، تحت عنوان: «المهدي الموعود وغيبته»، آملاً أن يكون لمقاله تأثير جيد في فهم القُرَّاء المحترمين لهذا الموضوع، وباعثاً لهم على التفكُّر والتأمُّل في هذه المسألة.
في الختام أتمنى من القُرَّاء الكرام أن يُعَرِّفوا إخوتي وأخواتي في الإيمان بهذه التنقيحات الجديدة لكتبي السابقة، لكي يصرفوا النظر عن مؤلفاتي الأولى التي تم إصلاحها ويعتمدوا هذه التقيحات المُعَدَّلة الجديدة.
وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللهِ، وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحـَمْدُ لِـلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
خادم الشريعة المطهَّرة: سيد أبو الفضل ابن الرِّضَا (البرقعي)