تعارض مفاتيح الجنان مع القرآن

فهرس الكتاب

دعاء كُمَيْل

هو الدعاء الثاني في الفصل السادس من الباب الأول لكتاب «مفاتيح الجِنان».قبل أن ينقل الشيخ عبَّاس القُمِّيّ نص هذا الدعاء نقل قول المَجْلِسِيّ الذي اعتبر هذا الدعاء من أفضل الأدعية وأن الإمام عليَّاً (ع) أخذه عن الخضر وعلَّمه كُميل بن زياد!!

وعلينا أن نقول: ألستم تعتبرون عَلِيّاً (ع) أفضل من جميع الأنبياء ما عدا الرسول الأكرم ص، فكيف يُمكن لمن هو أعلم وأفضل أن يتعلّم دعاءً من الخضر الأدنى منه فضلاً وعلماً؟ أضف إلى ذلك أن وجود الخضر في زمن حضرة أمير المؤمنين علي ÷ كذبٌ لأن الله قال مُخاطباً رسوله ص: ﴿وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ ٣٤[الانبياء: ٣٤].

في هذا الدعاء يُصلِّي «الخضر» على محمد وآل محمد ويُسلّم عليهم! فإن كان المقصود أن الخضر كان حياً زمن رسول الله ص وآله ففي هذه الحالة -كما قلنا- هو كائن أسطوريّ ووهمي، وإن كان المقصود منه ذلك الشخص الذي أُمر بتعليم حضرة موسى (ع) (سورة الكهف، الآية 65 فما بعد) ففي هذه الحالة كيف يُصلّي ويُسلّم على نبيٍّ لم يُولد أجداده بعد؟!

والنقطة الأخرى أنه يقول في هذا الدعاء: "فَتَجاوَزْتُ بِما جَرى عَلَيَّ مِنْ ذلِكَ بَعْضَ حُدُودِكَ، وَخالَفْتُ بَعْضَ أوامِرِكَ فَلَكَ الْحَمْدُ (اَلْحُجَّةُ) عَليَّ في جَميعِ ذلِكَ وَلا حُجَّةَ لي فيما جَرى عَلَيَّ فيهِ قَضاؤُكَ "!!

بناءً على النسخة الحاضرة يقول: اللهم إني تجاوزت حدودك وخالفت أوامرك فلك الحمد عليَّ في جميع ذلك !! أي أنه بدلاً من أن يقول: إنني أخطأت في جميع ذلك وليس لديَّ عذر مقبول وأنا نادم على ما بدر مني، يقول: لك عليَّ الحمدُ فيما فعلته، وكأنه يقول بعبارة أبسط: الحمد لِـلَّهِ على أنني عصيتك! ولا أظنُّ عاقلاً يقول مثل هذا الكلام، فما بالك بالخضر أو عَلِيٍّ (ع).

رحم الله «فرهاد ميرزا» ابن فتحعلي شاه الذي قال: إن كلمة «الحمد» هنا خطأ والصحيح أنها «الحُجَّة»، ولكن عند انتقال الخط الكوفي إلى خط النسخ اشتبه النُّسَّاخ في نقل الكلمة لأن كلمتي «الحمد» و «الحُجّة» متشابهتان في الخط الكوفي[156].

والحقيقة أننا يُمكننا أن نفهم من الجملة التي جاءت بعد هذه العبارة ومن مقارنتها بها، أن التوجيه الذي ذكره «فرهاد ميرزا» صحيح ومقبول. إن ما أراد الداعي قولَه في هذا الدعاء هنا: اللهم لك الحُجَّة في الحكم عليَّ في جميع الأعمال التي عصيتُك فيها وليس لديَّ أيُّ حُجَّة أو عذر لتبرئة نفسي.

وفي هذا الدعاء خطاب لِـلَّهِ تعالى بعبارة الفراق على طريقة الشعراء والصوفية وذلك في جملة: "فَكَيْفَ أَصْبِرُ عَلى فِراقِكَ ؟" في حين أن الأنبياء والذين يتلقون معارفهم من الوحي الإلهي لا يجترئون على مثل هذا الكلام ولا يستخدمون عبارات الوصال والفراق بحق الله.

[156] مفاتيح الجنان، ص601.