تعارض مفاتيح الجنان مع القرآن

فهرس الكتاب

المُناجاة المنظومة لأمير المؤمنين (ع)

المُناجاة المنظومة لأمير المؤمنين (ع)

تشتمل هذه المُناجاة على قصيدة مؤلفة من ثلاثين بيتاً من الشعر بعض الأبيات لا يخلو من إشكال في معناه، ومن جملتها البيت السابع والعشرون الذي يدل على أن هذه القصيدة ليست لحضرة أمير المؤمنين علي ÷ وذلك لأن حضرته كان متواضعاً ولم يكن مغروراً ومعجباً بنفسه أبداً ولم يكن يعتبر نفسه ذا منزلة عزيزة جداً عند الله تعالى تسمح له أن يُقسم على الله بنفسه ويقول في مُناجاته لربِّه:

إِلَهي بِحُرْمَةِ المُصْطَفَى وابْنِ عَمِّهِ وَحُرْمَةِ أَبْرَارٍ هُمْ لَكَ خُشَّعُ

وقد وقع واضعو الحديث بهذا الخطأ مراراً ومن جملة ذلك ما جاء في الصلاة والتسبيحات التي لا سند لها التي رواها الشيخ الطوسي في كتابه (مصباح المُتهجّد، ص 258) ورواها الشيخ عبَّاس القُمِّيّ في «المفاتيح» (ص 40 و 41)[403] وادَّعى أن كل من صلَّى تلك الصلاة وقال تلك التسبيحات غُفرت له جميع ذنوبه!! ففي تلك الصلاة جاء قوله: "اللَّهُمَّ بِمُحَمَّدٍ سَيِّدِي وَبِعَلِيٍّ وَلِيِّي ‏"!! فكيف يُقسم عَلِيٌّ على الله بعَلِيٍّ وليِّه؟! هل يُمكن أن يقول فرد عاميٌّ: إلهي أُقسم عليك بنفسي أنا الذي وليُّ نفسي!! فما بالك بأن يكون قائل هذا الكلام عَلِيٌّ أمير الفصاحة والبلاغة والبيان؟!

إن عَلِيّاً (ع) هو القائل: "إِيَّاكَ وَالْإِعْجَابَ بِنَفْسِكَ وَالثِّقَةَ بِمَا يُعْجِبُكَ مِنْهَا" (نهج البلاغة، الرسالة 53)، والقائل: "اعْلَمْ أَنَّ الْإِعْجَابَ ضِدُّ الصَّوَابِ وَآفَةُ الْأَلْبَاب‏" (نهج البلاغة، الرسالة 31).

كان حضرته يعتبر أن عزَّه في عبوديَّته لِـلَّهِ وقال طبقاً لما نقله عنه مؤلف كتاب «المفاتيح»: "إِلَهِي كَفَى بِي عِزّاً أَنْ أَكُونَ لَكَ عَبْداً وَكَفَى بِي فَخْراً أَنْ تَكُونَ لِي رَبّاً" (المفاتيح، ص 127).

قديماً قبل سنوات مديدة عندما قمتُ بترجمة «الصحيفة العلوية»، نظمتُ 24 بيتاً من أبيات هذه المناجاة بصورة أبيات من الشعر باللغة الفارسية أضع هنا هذه الأبيات لتكون ذكرى[404].

1 لَكَ الْحَمْدُ يَا ذَا الْجُودِ وَالْمَجْدِ وَالْعُلَى

تَبَارَكْتَ تُعْطِي مَنْ تَشَاءُ وَتَمْنَعُ ‏

2 إِلَهِي وَخَلَّاقِي وَحِرْزِي وَمَوْئِلِي إِلَيْكَ لَدَى الْإِعْسَارِ وَالْيُسـْرِ أَفْزَعُ

3 إِلَهِي لَئِنْ جَلَّتْ وَجَمَّتْ خَطِيئَتِي ‏ فَعَفْوُكَ عَنْ ذَنْبِي أَجَلُّ وَأَوْسَعُ ‏

4 إِلَهِي لَئِنْ أَعْطَيْتُ نَفْسـِيَ سُؤْلَهَا فَهَا أَنَا فِي رَوْضِ النَّدَامَةِ أَرْتَعُ ‏

5 إِلَهِي تَرَى حَالِي وَفَقْرِي وَفَاقَتِي ‏ وَأَنْتَ مُنَاجَاتِي الْخَفِيَّةَ تَسْمَعُ ‏

6 إِلَهِي فَلَا تَقْطَعْ رَجَائِي وَلَا تُزِغْ ‏ فُؤَادِي فَلِي فِي سَيْبِ جُودِكَ مَطْمَعٌ ‏

7 إِلَهِي لَئِنْ أَقْصَيْتَنِي أَوْ أَهَنْتَنِي فَمَنْ ذَا الَّذِي أَرْجُو وَمَنْ ذَا يُشَفَّعُ؟

8 إِلَهِي أَجِرْنِي مِنْ عَذَابِكَ إِنَّنِي ‏ أَسِيرٌ ذَلِيلٌ خَائِفٌ لَكَ أَخْضَعُ ‏

9 إِلَهِي فَآنِسْنِي بِتَلْقِينِ حُجَّتِي ‏ إِذَا كَانَ لِي فِي الْقَبْرِ مَثْوًى وَمَضْجَعٌ ‏

10 إِلَهِي لَئِنْ عَذَّبْتَنِي أَلْفَ حِجَّةٍ فَحَبْلُ رَجَائِي مِنْكَ لَا يَتَقَطَّعُ ‏

11 إِلَهِي أَذِقْنِي طَعْمَ عَفْوِكَ يَوْمَ لَا بَنُونَ وَلَا مَالٌ هُنَالِكَ يَنْفَعُ ‏

12 إِلَهِي إِذَا لَمْ تَرْعَنِي كُنْتُ ضَائِعاً وَإِنْ كُنْتَ تَرْعَانِي فَلَسْتُ أُضَيَّعُ ‏

13 إِلَهِي إِذَا لَمْ تَعْفُ عَنْ غَيْرِ مُحْسِنٍ ‏ فَمَنْ لِمُسِيئٍ بِالْهَوَى يَتَمَتَّعُ ‏

14 إِلَهِي لَئِنْ فَرَّطْتُ فِي طَلَبِ الْتُّقَى‏ فَهَا أَنَا إِثْرِ الْعَفْوِ أَقْفُو وَأَتْبَعُ‏

15 إِلَهِي لَئِنْ أَخْطَأْتُ جَهْلًا فَطَالَ مَا رَجَوْتُكَ حَتَّى قِيلَ مَا هُوَ يَجْزَعُ ‏

16 إِلَهِي ذُنُوبِي بَذَّتِ الطَّوْدَ وَاعْتَلَتْ ‏ وَصَفْحُكَ عَنْ ذَنْبِي أَجَلُّ وَأَرْفَعُ ‏

17 إِلَهِي يُنَجِّي ذِكْرُ طَوْلِكَ لَوْعَتِي ‏ وَذِكْرُ الْخَطَايَا الْعَيْنَ مِنِّي يُدْمِعُ ‏

18 إِلَهِي أَقِلْنِي عَثْرَتِي وَامْحُ حَوْبَتِي ‏ فَإِنِّي مُقِرٌّ خَائِفٌ مُتَضَـرِّعُ ‏

19 إِلَهِي أَنِلْنِي مِنْكَ رَوْحاً وَرَحْمَةً فَلَسْتُ سِوَى أَبْوَابِ فَضْلِكَ أَقْرَع ‏

20 ‏إِلَهِي لَئِنْ خَيَّبْتَنِي أَوْ طَرَدْتَنِي ‏فَمَا حِيلَتِي يَا رَبِّ أَمْ كَيْفَ أَصْنَعُ؟

21 إِلَهِي حَلِيفُ الْحُبِّ بِاللَّيْلِ سَاهِرٌ يُنَاجِي وَيَدْعُو وَالْمُغَفَّلُ يَهْجَعُ ‏

22 وَكُلُّـهُمْ يَرْجُو نَوَالَكَ رَاجِياً بِرَحْمَتِكَ الْعُظْمَى وَفِي الْخُلْدِ يَطْمَعُ ‏

23 إِلَهِي يُمَنِّينِي رَجَائِي سَلَامَةً وَقُبْحُ خَطِيئَاتِي عَلَيَّ يُشَنِّعُ ‏

24 إِلَهِي فَإِنْ تَعْفُو فَعَفْوُكَ مُنْقِذِي ‏ وَإِلَّا فَبِالذَّنْبِ الْمُدَمِّرِ أُصْرَعُ

***

[403] مفاتيح الجِنان (المُعَرَّب)، ص 76 - 78. وقد عُنْوِنَ لها بـ «صلاة أمير المؤمنين عليه السلام». (الـمُتَرْجِمُ) [404] ملاحظة: لم أذكر بالطبع الأبيات الفارسية التي أوردها المؤلف، إذ لا فائدة من ذكرها للقارئ العربي، واستعضتُ عن ذلك بذكر أصل الأبيات التي اختارها المؤلف المرحوم من تلك المناجاة وترجمها إلى الفارسية. (الـمُتَرْجِمُ)