تعارض مفاتيح الجنان مع القرآن

فهرس الكتاب

الفصل الثاني [من مفاتيح الجنان]: في فضل شهر شعبان وأعماله

الفصل الثاني [من مفاتيح الجنان]: في فضل شهر شعبان وأعماله

هذا الفصل يتعلق بشهر شعبان. نجد فيه عدداً من الروايات المروية عن أسرة «الفضَّال» الذين كانوا فطحيي المذهب[494]. أو نجد أحاديث رواتها أشخاص ضعفاء غير موثوقي الرواية مثل محمد بن جمهور والسياري وداود بن كثير الرقي وأحمد بن هلال العبرتائي و........ [495].

يبدو أن الشيخ عبَّاس القُمِّيّ نسي في هذا الفصل ما كان قد كتبه في بداية الفصل الأول المتعلق بشهر رجب حين قال إن شهر رجب شهر الله. فقد روى في هذا الفصل الثاني جزءاً من حديث جاء فيه "شَعْبَانُ شَهْرِي وَرَمَضَانُ شَهْرُ اللهِ"[496]. وفي الحديث ذاته جاء بعد ذلك: "... فَمَنْ صَامَ مِنْ شَهْرِي يَوْماً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ!!". وفي آخر الحديث جاء: "وَمَنْ صَامَ الشَّهْرَ كُلَّهُ وَوَصَلَهُ بِشَهْرِ رَمَضَانَ كَانَ ذَلِكَ تَوْبَةً لَهُ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ صَغِيرٍ أَوْ كَبِيرٍ وَلَوْ مِنْ دَمٍ حَرَامٍ" أي أن من صام شهر شعبان حتى لو كان قد ارتكب قتل النفس المحَرَّمة نفعه ذلك وغُفِرَ له ذنبه!!!

أو ذكر حديثاً آخر يقول: "وَمَنْ قَالَ فِي شَعْبَانَ أَلْفَ مَرَّةٍ «لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَلَا نَعْبُدُ إِلَّا إِيَّاهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ» كَتَبَ اللهُ لَهُ عِبَادَةَ أَلْفِ سَنَةٍ". [أي ما يعادل عشرات أضعاف ليلة القدر؟!!]، وقد ذكر الشيخ عبَّاس القُمِّيّ -ربما حفظاً لماء الوجه- قيد «في كل الشهر» مع أن هذا القيد غير مذكور في أصل الحديث. ثانياً: لم يذكر الشيخ عبَّاس بقية الحديث الذي جاء فيه: "وَمَحَا عَنْهُ ذَنْبَ أَلْفَ سَنَةٍ، وَيَخْرُجُ مِنْ قَبْرِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَوَجْهُهُ يَتَلأْلأُ مِثْلَ القَمَرِ لَيْلَةَ البَدْرِ وَكُتِبَ عِنْدَ اللهِ صِدِّيْقَاً"[497].

ألم يتساءل الشيخ عبَّاس في نفسه: كيف عرَّف الله الرحيم لنا شهر رمضان وليلة القدر في القرآن الكريم رغم أن ثوابهما أقل، وامتنع عن تعريفنا بأهمية شهر شعبان رغم هذا الفضل والثواب الأكثر بكثير له؟!

توجد في هذا الباب كثير من مثل هذه الروايات التي تعطي ثوابات عجيبة وغريبة لا حد لها ولا حصر على أعمال ضئيلة. ولكن كما سبق أن بيّنّا كل الروايات التي توجب الجنّة لمن قام بعمل مستحب روايات مردودة وباطلة أن النظام الإلهي نظام قائم على العدل والحساب الدقيق وليس نظاماً لا حساب فيه ولا كتاب.

إننا لنتعجب من عدم تورّع الشيخ عبَّاس القُمِّيّ عن رواية مثل هذه الروايات الباعثة على الاغترار والفاتنة، ولكنه لا يروي في كتابه الحديث التالي الذي يوافق القرآن ويستند إليه: "عَنْ رَسُولِ اللهِ ص أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ صَامَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ كَانَ كَمَنْ صَامَ الدَّهْرَ، لِأَنَّ اللهَ -عَزَّ وَجَلَّ- يَقُولُ: ﴿مَن جَآءَ بِٱلۡحَسَنَةِ فَلَهُۥ عَشۡرُ أَمۡثَالِهَا[الانعام: ١٦٠]"[498].

يقول الشيخ عبَّاس القُمِّيّ في هذا الفصل إن رسول الله ص كان يصل صيام هذا الشهر بصيام شهر رمضان، في حين أن هناك حديثاً معارضاً لهذا الكلام رواه الشيخ الصدوق يقول: "كَانَ رَسُولُ اللهِ ص إِذَا دَخَلَ شَعْبَانُ يَصُومُ فِي أَوَّلِهِ ثَلَاثاً وَفِي وَسَطِهِ ثَلَاثاً وَفِي آخِرِهِ ثَلَاثاً وَإِذَا دَخَلَ شَهْرُ رَمَضَانَ أَفْطَرَ قَبْلَهُ بِيَوْمَيْنِ ثُمَّ يَصُوم " [499]. من المفيد في هذا الموضوع مراجعة كتاب «المُصنَّف» تأليف الحافظ عبد الرزاق الصنعاني الذي كان من قدماء الشيعة (ج 4، ص 158).

في هذا الفصل افتُري حديث على حضرة السجاد (ع) (ص152 - 153) وُصِف فيه النبي وآله بأنهم «غياث المُضطَّرّ»! ويبدو أن الشيخ عبَّاس القُمِّيّ لم يكن يعلم أنّ «غياث المُضطَّرّ» هو الله وحده [النمل: 62 إلى 64][500]، وإلا لما أورد تلك الصلوات الفاضحة في كتابه [501]. وبالطبع فإن الرواية التي يُتحِف المسلمين بها شخص مثل «أحمد السياري»[502] لن تكون أفضل من ذلك.

ثم روى الشيخ عبَّاس القُمِّيّ تحت عنوان «الأعمال العامة في شهر شعبان» مناجاة عن «ابن خالويه» ادّعى أنها كانت مناجاة جميع الأئِمَّة. هذا مع أنّ «أبو عبد الله الحسين بن محمد خالويه» كان من علماء القرن الرابع الهجري وأكثر ما يمكن قوله أنه وُلِد في آخر القرن الثالث الهجري وكان من أهالي مدينة «حلب». وعليه فإن الشيخ عباس روى عنه هذه المناجاة الشعبانية دون أن يعرّفنا بالرواة الذين رووها له عن الأئمة، ولذلك فليس من البعيد أن تكون هذه المناجاة التي نسبها إلى الأئمة من صياغته هو نفسه أو يكون قد تصرّف فيها من عنده. ولا شك أنه كان ينبغي أن تكون هذه المناجاة - التي يدّعي أنها كانت مناجاة الأئمة جميعهم - مشهورة أكثر من أن يقتصر الاطلاع عليها على «ابن خالويه» وحده، ولا ينقلها أحد غيره من مشاهير المحدثين كالكليني الذي كان ساكناً في العراق أو الشيخ الصدوق أو...... وَمِنْ ثَمَّ فمجرد انتساب رواية إلى «ابن خالويه» لا يستوجب الثقة بصحتها. وقد رُوِي عن الشخص ذاته أن رسول الله ص قال: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَسَّكَ بِقَصَبَةِ الْيَاقُوتِ الَّتِي خَلَقَهَا اللهُ بِيَدِهِ ثُمَّ قَالَ لَهَا كُونِي فَكَانَتْ، فَلْيَتَوَلَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ مِنْ بَعْدِي"[503].

لاحظوا أن واضع هذا الحديث لما سمع أن الله خلق حضرة آدم من التراب ثم قال له كن فكان، طبّق هذا الموضوع على قصبة (أي غصن) الياقوت. في حين أن المقصود بالنسبة إلى حضرة آدم كان نفخ الروح والحياة في قالبه الجسدي، أما قصبة الياقوت فلا تتشكل من روح وجسم بل بمجرّد خلقها يكون قد اكتمل وجودها ولا حاجة لنفخ الروح فيها حتى يُقال لَهَا بعد خلقها: كُونِي فَكَانَتْ!

على كل حال، يمكننا أن نقول إنه لا إشكال في نص المناجاة الشعبانية لكن الإشكال هو في نسبتها إلى الشارع دون دليل قوي على ذلك، وأكثر ما يمكن قوله أنها مشمولة بالإذن العام بالدعاء الذي تحدّثنا عنه سابقاً. وإني لأتعجب من بعض ملفّقي العرفان والتصوف الخرافيين في زماننا الذين يتجاهلون إظهار الأئمة لتقصيرهم واعترافهم بالذنب أمام الله تعالى كله الذي نقرؤه في مثل هذه الأدعية، ولكنهم إذا وجدوا عبارتين كبيرتين فخمتين تتناسبان مع أفكارهم الصوفية اهتمّوا بها اهتماماً بالغاً واستخرجوا منها مقامات عرفانية وسوّدوا حول هذا الموضوع صفحات كثيرة.

فمثلاً جاء في هذه المناجاة ذاتها: "فَقَدْ جَعَلْتُ الْإِقْرَارَ بِالذَّنْبِ إِلَيْكَ وَسِيلَتِي‏". وجاء أيضاً: "عُدْ عَليَّ بِفَضْلِكَ عَلَى مُذْنِبٍ قَدْ غَمَرَهُ جَهْلُهُ، إِلَهِي قَدْ سَتَرْتَ عَلَيَّ ذُنُوباً فِي الدُّنْيَا وَأَنَا أَحْوَجُ إِلَى سَتْرِهَا عَلَيَّ مِنْكَ فِي الْأُخْرَى‏......". أو جاء كذلك: "إِلَهِي أَنَا عَبْدُكَ الضَّعِيفُ الْمُذْنِب‏".

مثل هذه الجمل يمر عليها أهل التصوف والعرفان مرور الكرام لكنهم عندما يصادفون عبارات مثل: "إِلَهِي هَبْ لِي كَمَالَ الِانْقِطَاعِ إِلَيْكَ وَأَنِرْ أَبْصَارَ قُلُوبِنَا بِضِيَاءِ نَظَرِهَا إِلَيْكَ حَتَّى تَخْرِقَ أَبْصَارُ الْقُلُوبِ حُجُبَ النُّورِ فَتَصِلَ إِلَى مَعْدِنِ الْعَظَمَة"، أخذوا هذه الجمل التشبيهية والمبهمة وبنو عليها عقيدتهم بوصال الحق والانفصال عنه واخترعوا مقامات ربوبية وتالية للربوبية ! وينبغي أن نقول لهم: لا تجعلوا هذه العبارات الكنائية والتشبيهية حجة ومستمسكاً لتلفيقاتكم، واذهبوا واقرؤوا القرآن الذي بين لنا طريق معرفة الله ونيل الكمالات الإنسانية بعبارات واضحة بينة ليس فيها وصال بالحق وانفصال عنه. ولا يخفى بالطبع أن لحن هذا الدعاء يختلف عن الأدعية الموثوقة المروية عن النبيّ الأكرم ص. (فتأمَّل)

من جملة الكتب التي استند إليها الشيخ عبَّاس في كتابه كتاب منحول ساقط من الاعتبار يسمى «تفسير الإمام الحسن العسكري (ع)». فمثلاً استند إلى هذا الكتاب في بيانه للأعمال الخاصة بشهر شعبان واليوم الأول من هذا الشهر!! ولكي يطَّلع القُرَّاء الكرام على وضع ذلك التفسير الموضوع ننقل فيما يلي ما ذكره المحقق المجاهد جناب الأستاذ «حيدر علي قلمداران» (رحمه الله) بشأنه:

"إذا رجعنا إلى سند هذا التفسير تَبَـيَّنَ لنا أن الرجال الذين رووهُ مجهولون غيرُ معروفي الحال وكذَّابون، فأحد رواة سنده «سُهيل بن أحمد الديباجي» الذي قال ابن الغضائري عنه: «إنَّه كان يضع الأحاديث ويروي عن المجاهيل». وقد رواه «سهيل بن أحمد» هذا عن «محمّد بن القاسم الاسترآبادي‏». قال العلامة الحلِّي في رجاله عن هذا التفسير ما يلي:

«محمد بن القاسم وقيل: ابن أبي القاسم، المُفسِّر الاسترآبادي روى عنه «أبو جعفر ابن بابويه» ضعيفٌ كذابٌ، روى عنه تفسيراً يرويه عن رجلين مجهولين أحدهما يُعرف بيوسف بن محمد بن زياد، والآخر علي بن محمد بن يسار عن أبيهما عن أبي الحسن الثالث (ع). والتفسير موضوع عن سهل الديباجي عن أبيه بأحاديثٍ من هذه المناكير»[504].

هذا من حيث السند، أما من حيث متن هذا التفسير المنسوب للإمام ومضامينه، فحدِّث ولا حرَج عن الأغاليط والمنكرات العجيبة التي فيه:

أولاً: كاتبه جاهل إلى حدٍّ كبير بالتاريخ إلى درجة أنه يقول فيه إن الحجَّاج بن يوسف الثقفي الذي كان والياً على العراقَيْن من قِبَل عبد الملك [بن مروان]، أراد قتلَ المختارَ بنَ أبي عُبَيْدةَ الثَّقَفيَّ أكثر من مرَّة، لكنه لم ينجح في ذلك، بل نجَّاهُ اللهُ منه وتمكَّن من الانتقام من قَتَلَة الحسين بن علي (ع)!! هذا رغم أن جميع التواريخ تشهد بأن الحجَّاج تولَّى إمارة العراقَيْن سنة 75 للهجرة، أما قَتْل المُختار فتمَّ قبل ذلك بعدة سنوات إذْ قُتِل سنة 67 هجرية على يد مصعب بن الزبير المأمور مِنْ قِبَلِ أخيه عبد الله بن الزبير بمحاربة المختار.

وقصة عبد المَلِك بن مروان وقتل مصعب و وضع رأسه [بين يدي عبد المَلِك] في دار الإمارة في الكوفة من مشهورات التاريخ. إن مؤلِّف هذا التفسير مثله مثل مؤلِّف كتاب «بحر الأنساب» المنسوب إلى الإمام جعفر الصادق (ع) -الذي قام أحد باعة الكتب المعتمدين في طهران بطباعته ونشره قبل بِضْعِ سنين قُرْبَةً إلى الله (!!)- لم يكن يملك أية معلومات تاريخية، إلى الحد الذي ذكر اختلافاً في تاريخ وفاة نفسه!!

ثانياً: إن التدقيق في مضامين هذا التفسير يُظهر اشتماله على كثيرٍ من التُّرَّهات أو «المناكير» - على حد قول العلامة الحلّيّ - التي لا نجد ما يؤيدها في أي كتاب آخر، والتي يمكننا أن ندرك أنها لا تقتصر على مخالفة صريح القرآن فحسب بل لا تنسجم مع أي عقل ومنطق. كما أن فيه كثيراً من الأمور التي هي من موضوعات الغُلاة، بل حتى لا نجد لها مثيلاً في أي كتاب من كتب الغلاة أيضاً! ففي معرض تفسيره لآية ﴿وَإِن كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّمَّا نَزَّلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا[البقرة: ٢٣]التي تحدى الله تعالى فيها الناس جميعاً أن يأتوا بمثل هذا القرآن، ذكر معجزةَ دفعِ غائط النبي ص وكيف أن المنافقين كانوا يتعقَّبون النبي ص ليروا عورته وغائطه فحُرموا من ذلك ويئسوا منه، وظهرت لهم معجزة كبيرة في ذلك! كما تحدث عن ضيق فروج نساء الجنَّة ووسعتها!! وتُرَّهات لا طائل تحتها مثل نطق حمار كعب بن الأشرف وإيمانه، وشراء قيس بن شماس لهذا الحمار المؤمن!! وفيه من مثل هذه الأباطيل ما يحيِّر الإنسان ويصيبه بالدهشة!! هل يجب على الناس في الدنيا أن ترجع إلى مثل هذا التفسير وتنهل من فيضه؟!!.

هذا، ولقد لقد قام العلامة المحقق جناب الحاج الشيخ «محمد تقي الشوشتري»[505] في كتابه القيِّم "الأخبار الدخيلة" -الذي طُبِعَ بعد اثنتي عشرة سنة من نشر كتابي «ارمغان آسمان» - بانتقاد هذا التفسير في الصفحات من 152 حتى 228 منه، وبيَّن وضع مندرجاته وكذبها، وقال في ختام ذلك: لو كان هذا التفسير صحيحاً لكان الإسلام من أساسه كذبٌ! لأنه يتضمَّن الجمع بين النقيضين وهو مُحال.

إن مطالعة كتاب السيد الشوشتري تُبيِّن لنا مقدار الكذب والافتراء على الأئمَّة عليهم السلام الذي قام به أعداء الدين والأصدقاء الجاهلين الذين هم أسوأ من الأعداء، في فترة حياة أولئك الأئِمَّة الكرام، وتُظْهِرُ لنا كيف أن الوضاعين الكذبة كانوا يحاربون الأئِمَّة المظلومين ويقتلونهم لا بالسيف والسنان بل بالقلم واللسان!! إلى حد تصوير أولئك الأئِمَّة الأجلاء الكرام بصورة أشخاصٍ أعداءٍ للحقيقة -والعياذ بالله - يؤلهون أنفسهم ولا يعرفون الله!" [506]. انتهى.

"والكتاب الثاني الرائج بين الشيعة باسم تفسير الأئِمَّة المعصومين كتاب «تفسير البرهان» تأليف السيد هاشم البحراني. في هذا الكتاب أورد مؤلفه كل ما رُوِي عن الأئِمَّة من أقوال التفسير، وأغلب الأحاديث التي يذكرها في تفسيره للآيات لا تتعلق بتفسير الآية، بل معظمها ليس له أدنى ارتباط بالآيات! إضافة إلى ذلك، توجد فيه أحاديث تخالف القرآن وتتعاض مع ضروريات الإسلام كالحديث الذي أورده (في الصفحة 267 من الجزء الأول) ذيل تفسيره لقوله تعالى: ﴿ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ...[البقرة: ٢٨٥] وحاصله أنه عندما وصل رسول الله ص إلى أبواب السماء نفرت الملائكة عن أبواب السماء، فقالت: إلهين؟ إله في الأرض، و إله في السماء؟! (وقصدهم من الإله الذي في الأرض حضرة الرسول ص]!!

لاحظوا كيف يصوّر هذا الحديث الملائكةَ -الذين هم قديسو العالم العلوي ومدبّرو الملأ الأعلى- فيُصَوِّرهم بأنهم عديمو الفهم والإدراك بل مشركون إلى درجة أنهم عندما رأوا رسول الله ص تخيّلوا أن هناك إلهين في العالم!! تَعَالَى اللهُ عَنْ ذَلِك‏ ونستجير به. وكأن سكان السماء أقل فهماً وشعوراً من سكان زريبة!! ألا لعنة الله على الكاذبين.

هذا الحديث رواه «محمد بن الحسن الصفَّار» [مؤلف «بصائر الدرجات»] بصورة أظرف ومضمون حديثه الخرافي من أوله إلى آخره "أن ملائكة السماء الأولى بمجرد أن رأوا النبي نفروا وهربوا وقالوا هذا إلهنا! فأمر الله جبريل أن يقول مرتين «الله أكبر». فعندما قال ذلك رجعت الملائكة إلى أبواب السماء وعلمت عندئذ أن النبي مخلوق وعندئذ فُتِحَت أبواب السماء حتى وصل رسول الله ص إلى السماء الثانية، فهناك أيضاً هربت الملائكة من أبواب السماء وقالت: إلهين؟ إله في الأرض، و إله في السماء؟! عندئذ قال جبريل: «أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ»، فرجعت الملائكة وعلمت أن النبي مخلوق، عندئذ فُتِحَ الباب وصعد رسول الله ص إلى السماء الثالثة، وهناك أيضاً فرّت الملائكة من أبواب السماء وتكررت قضية السماء الأولى والثانية، حتى وصل النبي إلى السماء الرابعة فَإِذَا هُوَ بِمَلَكٍ مُتَّكٍ وَهُوَ عَلَى سَرِيرٍ تَحْتَ يَدِهِ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ مَلَكٍ تَحْتَ كُلِّ مَلَكٍ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ مَلَكٍ. [فَهَمَّ النَّبِيُّ ص بالسجود وظنَّ أنه‏]، فنُودِيَ المَلَكُ أَنْ قُمْ! قَالَ: فَقَامَ الْمَلَكُ عَلَى رِجْلَيْهِ، [قال: فَعَلِمَ النبيُّ ص أنه عَبْدٌ مَخْلُوقٌ] قال‏: فلا يزال المَلَكُ قائماً إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.. "!! [507].

بالله عليكم! انظروا إلى أي حد يصوّر هذا الحديث الملائكة الذين هم أشرف الكائنات العلوية والذين يعملون بتدبير الكائنات بأمر رب العالمين مخلوقات عديمةَ الفهم والشعور وجاهلة تفرّ وتنفر بمجرد رؤيتها لرسول الله ظناً منها أنه الله وكأن الملائكة الذين وصفهم الله تعالى بقوله: ﴿عِبَادٞ مُّكۡرَمُونَ[الانبياء: ٢٦]والذين ذكر الله اسمهم بتجليل بعد اسمه فقال: ﴿شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ[ال عمران: ١٨] لم يكن لهم أدنى مقدار من الفهم والعلم ولم يكونوا يعلمون حتى ذلك الوقت أن رب العالمين ليس بشراً وليس جسماً، بل يصورهم الحديث مشركين يعتقدون أن في الأرض إله كما في السماء, والأسوأ من ذلك أنه نسب إلى النبي أيضاً الذي تصورت ملائكة السماوات الثلاثة الأولى أنه إله، أنه بمجرد أن رأى ملاكاً مُتَّكئاً عَلَى سَرِيرٍ تَحْتَ يَدِهِ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ مَلَكٍ تَحْتَ كُلِّ مَلَكٍ ثَلَاثُمِائَةِ أَلْفِ مَلَكٍ ظنه الله وَهَمَّ أن يسجد له فنودي ذلك الملاك أن قم من مكانك! وحُكِم على ذلك الملاك المسكين الذي لم يرتكب ذنباً، أن يُعَذَّب بإجباره على الوقوف على رجليه إلى يوم القيامة؟! في حين أنه إن كان هناك ذنب فهو - والعياذ بالله - ذنب النبي الذي أخطأ فظنه الله. وانطبق على ذلك المثل الفارسي القائل:

گنه كرد در بلــــخ آهنگــــرى
به شوشتر زدنــــد گردن مسگـــــرى!

أي: أذنب حدَّادٌ في مدينة بلخ
فضربوا عُنُقَ نَحَّاس في مدينة شوشتر!

أيُّ عَقْلٍ وَمَنْطِقٍ ووُجْدَانٍ يحكم بأن من يقرأ الآية الكريمة: ﴿ءَامَنَ ٱلرَّسُولُ بِمَآ أُنزِلَ إِلَيۡهِ[البقرة: ٢٨٥] التي معناها في غاية الوضوح وتتضمن معانٍ عاليةً ساميةً عليه أن يرجع إلى مثل تلك التُّرَّهات والأراجيف التي لا طائل تحتها والتي يتضمنها ذلك الحديث ويعتبرها تفسير الأئمَّة للقرآن؟! إن سائر التفاسير لا سيما تفسير العياشي أيضاً لا تخلو من مثل هذه الأخبار الباطلة"[508]. (انتهى كلام الأستاذ قلمداران)

لنأت الآن إلى الأمور التي ذكرها الشيخ عباس حول ما يستحب عمله في اليوم الثالث من شهر شعبان. روى الشيخ عباس دعاءً نقله عن كتاب «مِصْبَاحُ المُتَهَجِّد» للشيخ الطوسي (ص758)، وراويه «ابن عياش» مختل العقل الذي نعلم أن أحاديثه غير مقبولة[509]. في هذه الرواية ادَّعى القاسم بن العلاء الهمداني - الذي كان يدعي النيابة عن حضرة العسكري- وصول توقيع إليه ذكر فيه أن الإمام الحسين....الخ. لقد نشروا كل ما أرادوه باسم تلك التوقيعات، إذ لم يكن أحد يشاهد الكاتب الحقيقي لها ولا يعرف خط صاحبها.

متن الدعاء أيضاً يكشف عن اختلال عقل راويه لأنه يقول عن الإمام الحسين (ع): "... الْمُعَوَّضُ مِنْ قَتْلِهِ أَنَّ الْأَئِمَّةَ مِنْ نَسْلِهِ وَالشِّفَاءَ فِي تُرْبَتِهِ وَالْفَوْزَ مَعَهُ فِي أَوْبَتِهِ وَالْأَوْصِيَاءَ مِنْ عِتْرَتِهِ بَعْدَ قَائِمِهِمْ وَغَيْبَتِهِ حَتَّى يُدْرِكُوا الْأَوْتَارَ وَيَثْأَرُوا الثَّار!!....".

تلاحظون أن هذا الدُّعاء يقول إن الله عوَّض الإمام الحسين (ع) عن شهادته بأن جعل الأئمة من ذريته! هذا في حين أن الشيعة يقولون إن الله عيَّن سابقاً جميع الأئمة وبيَّنهم للنبيّ ص وأن جميع أسمائهم كانت مكتوبة في لوحٍ عنده[510]. فكلمات هذا الدُّعاء تتعارض مع ذلك الادِّعاء، ولكن رغم ذلك لم يردّ علماء الشيعة هذا الدُّعاء مما يبيّن أن لا شأن لهم بالتناقضات بين الروايات التي يعتمدونها [إما يجهلون هذا التناقض أو يتجاهلونه]! أضف إلى ذلك أن الدعاء يقول إن أوصياء الرسول يكونون بعد القائم وغيبته!! أي أنه اعتبر أئِمَّة الشيعة وأوصيائهم بعد الإمام الغائب!! فكيف لم ينتبه علماء الشيعة ومحدثوهم إلى هذا الخطأ الفاضِح؟! ويبدو أن واضع هذا الدعاء كان ممن يشارك ملفقي الحديث -الذي أورده المرحوم قلمداران في كتابه «شاهراه اتحاد» [طريق الاتِّحاد] (ص219 حتى 223) بعنوان الحديث التاسع - في عقيدتهم إذ يشاهَد اسم «الحسين بن علي بن سفيان البزوفري» في ذلك الحديث أيضاً.

وجاء في هذا الدعاء إن الله جعل الشفاء في تربة الإمام الحسين (ع)!

فنسأل: فلماذا لم يجعل الشفاء في تربة النبي ص؟! ألا يعلم الشيخ عبَّاس أن أكل التراب حرامٌ شرعاً ومخالفٌ للصحَّة؟!

وتمَّت الإشارة في هذا الدعاء إلى قصة «فُطْرُس» المضحكة[511] واعتبر الأوصياءَ حُجَّةً على البشر أجمعين، مع أن القرآن و نهج البلاغة، يقولان إنه ليس هناك حجَّة على الناس بعد الأنبياء[512].

ويقول ذلك الدعاء أيضاً: "فَنَحْنُ عَائِذُونَ بِقَبْرِهِ مِنْ بَعْدِهِ.... وَنَنْتَظِرُ أَوْبَتَهُ‏ُ". في حين أنه يجب على المسلم أن يعوذ بالله، كما أن فكرة «الرَّجْعَة» مخالفةٌ للقرآن وهي خرافةٌ لفَّقَها هؤلاء الرواة الكذَّابون أنفسهم.

يقول راوي هذا الدعاء إن الإمام الحسين (ع) اشتكى في آخره إلى الله تعالى من الذين كانوا يريدون قتله، وسأل الله تعالى الفَرَجَ والمَخْرَجَ فقال:

"اللهم احْكُمْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا، فَإِنَّهُمْ غَرُّونَا وَخَدَعُونَا وَخَذَلُونَا وَغَدَرُوا بِنَا وَقَتَلُونَا وَنَحْنُ عِتْرَةُ نَبِيِّكَ....... فَاجْعَلْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا فَرَجاً وَمَخْرَجاً...".

وأقول: إذا كان الأمر كذلك فلماذا يقول قُرَّاءُ المراثي لدينا إن حضرة الإمام الحسين (ع) إنما ذهب إلى كربلاء بهدف أن يستشهد فيها؟! هنا ندعو القارئ إلى أن يرجع - في موضوع سيد الشهداء عليه آلاف التحية والثناء - إلى كتاب «شهيد جاويد» [الشهيد الخالد][513] أو إلى اختصاره المُسَمَّى: «پرتوى از نهضت حسيني تلخيص وقايع سال‌هاىِ 60 و 61 هجرى» [قبسٌ من النهضة الحسينية، تلخيص وقائع السنتين 60 و 61 هجرية]، اقتباس وتحرير عفَّت نوابي نجاد، (نشر: دفتر نشر فرهنگ قرآن، طهران، 1364 هجرية شمسية).

ثم أتى الشيخ عبَّاس في الصفحة 163[514] من المفاتيح بأخبار تتعارض مع العقل والقرآن في فضل ليلة النصف من شهر شعبان، وقال إن الإمام قال: "وَإِنَّهَا اللَّيْلَةُ الَّتِي جَعَلَهَا اللهُ لَنَا أَهْلَ الْبَيْتِ بِإِزَاءِ مَا جَعَلَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ لِنَبِيِّنَا!".

ويجب أن نقول: وهل يوحَى إلى الإمام حتى يجعل الله له ليلةً خاصَّةً به؟! وثانياً: ليلةُ القَدْر لجميع المسلمين بمن فيهم أئمَّة المسلمين جميعاً، فلا حاجة إلى أن تُجْعَلَ لهم ليلةٌ خاصةٌ.

ثم قال في الصفحة ذاتها: "ومن عظيم بركات هذه اللّيلة المباركة أنّها ميلاد سلطان العصر وإمام الزّمان أرواحنا له الفداء، وُلِدَ عند السّحر سنة خمس وخمسين ومائتين في سُرَّ مَنْ رأى".

هذا، في حين أن المَجْلِسِيّ ذكر في «بحار الأنوار» في الجزء 51، الصفحة 61، تواريخ متعددة أخرى لولادته، فقال إنه وُلِد ليلة الجمعة من شهر رمضان، وفي الصفحة 19 من ذلك الجزء نقل عن عمته حكيمة أنه وُلِد ليلة النصف من شهر رمضان، وفي الصفحة 23 قال إنه ولد في 24 رمضان. وفي الصفحة 15 نقل أن ولادته كانت في 8 شعبان، وفي الصفحة 25 قال إنها كانت في 3 شعبان، وفي الصفحة 24 قال إنها كانت في 9 ربيع الأول!! يقول كاتب هذه السطور إن جميع هذه الروايات من وضع الرواة الكذبة[515].

ثم واصل الشيخ عبَّاس كلامه في فضائل ليلة النصف من شهر شعبان فقال:

"الثّالث: زيارة الحسين (عليه السلام) وهي أفضل أعمال هذه اللّيلة، وتوجب غفران الذّنوب، ومن أراد أن يصافحه أرواح مائة وأربعة وعشرين ألف نبيٍّ فليزره (عليه السلام) في هذه اللّيلة، وأقلّ ما يُزار به (عليه السلام) أن يصعد الزائر سطحاً مرتفعاً فينظر يمنةً ويسرةً ثمّ يرفع رأسه إلى السّماء فيزوره (عليه السلام) بهذه الكلمات: «اَلسَّلامُ عَلَيْكَ يا أبا عَبْدِ اللهِ، السَّلامُ عَلَيْكَ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ»، ويرجى لمن زار الحسين (عليه السلام) حيثما كان بهذه الزيارة أن يُكتب له أجر حجَّةٍ وَعُمْرَة"!!.

ونسأل الشيخ عباس: هل أهمية الحج الذي خصّص الله تعالى له في كتابه عديداً من الآيات، هي بمقدار قول جملتين على السطح؟!! إذا كان الأمر كذلك فلماذا نتجشّم عناء سفر الحج إذا كان بإمكاننا أن نحصّل الثواب ذاته بقول جملتين!! لقد أثبتنا كذب مثل هذه الروايات في كتاب «زيارت و زيارتنامه» [أي زيارة المزارات وأدعية الزيارات]. (فَلْيُرَاجَعْ ثَمَّةَ).

ثم أورد الشيخ عبَّاس القُمِّيّ دعاءً نقلاً عن كتاب «مِصْبَاحُ المُتَهَجِّد» للشيخ الطوسي وكتاب «إقبال الأعمال» للسيد ابن طاووس وهو بلا سند في الكتابين. في هذا الدعاء تمت الإشارة إلى الحجة والموعود في هذه الليلة، فنسأل الذين رووا هذا الدُّعاء: أين عرّفنا الله تعالى في القرآن بهذا الحجة الموعود؟ ألم تقرؤوا قوله تعالى: ﴿فَمَنۡ أَظۡلَمُ مِمَّنِ ٱفۡتَرَىٰ عَلَى ٱللَّهِ كَذِبٗا لِّيُضِلَّ ٱلنَّاسَ بِغَيۡرِ عِلۡمٍۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلظَّٰلِمِينَ ١٤٤[الانعام: ١٤٤] وقوله سبحانه: ﴿... وَلَا تَتَّبِعُواْ خُطُوَٰتِ ٱلشَّيۡطَٰنِۚ إِنَّهُۥ لَكُمۡ عَدُوّٞ مُّبِينٌ ١٦٨ إِنَّمَا يَأۡمُرُكُم بِٱلسُّوٓءِ وَٱلۡفَحۡشَآءِ وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ ١٦٩[البقرة: ١٦٨، ١٦٩].

وفي هذا الدُّعاء يصف الداعي شخصاً غائباً بصفاتٍ تدلُّ على أنه يقصد جماعةً من الغائبين لا فرداً واحداً، إذ يقول في الدُّعاء: "وَنَوَامِيسُ‏ الْعَصْرِ وَوُلَاةُ الْأَمْرِ وَالْمُنْزَلِ عَلَيْهِمْ مَا يَتَنَزَّلُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَأَصْحَابُ الْحَشْرِ وَالنَّشْرِ، تَرَاجِمَةُ وَحْيِهِ وَوُلَاةُ أَمْرِهِ وَنَهْيِه"؟!!

ولا أدري لماذا كرَّر عبارة «وُلَاةُ الأَمْرِ» مرتين؟! ثم إن الوحي والقرآن والملائكة والروح تتنزَّل في ليلة القَدْر، فهل يُنْزِلُ اللهُ على الأئِمَّةِ أيضاً الملائكةَ والوحيَ؟![516]. وهل حَشْر العباد ونَشْرهم الذي هو بيد الله، بيد أولئك المُشار إليهم في الدُّعاء أيضاً؟! في حين أن المسلمين مجمعون على أن الوحي انقطع بعد رسول الله ص، وهذا ما قاله أيضاً أمير المؤمنين علي ÷ [517] فلا شيء ينزل على أحدٍ - بما في ذلك الأئِمَّة عليهم السلام - سواءً كان ذلك في ليلة القدر أم في غيرها. ثم إن الحشر والنشر بيد الله وبقدرته وحده، ولا علاقة للأئِمَّة بذلك، ونسبة الحشر والنشر إليهم كفرٌ وعداوةٌ لأولـئك الكِرام.

ثم ذَكَرَ في الصفحة 163 استحباب الغُسْل في تلك الليلة وأنه يوجب تخفيف الذنوب! ولكن الراوي لذلك رجل ضعيفٌ يُدعى «أحمد بن هلال العبرتائي»[518].

ثم ذكر في الصفحة 169[519] تحت عنوان «أعمال ما بقي من هذا الشهر» (أعمال آخر ليلة من شعبان) دعاءً عن الإمام الصادق ÷ رواه عنه: «الْحَارِثُ بْنُ الْمُغِيرَةِ النَّضْرِيُّ» وقد ذكرنا سابقاً قول النجاشي عن الحارث بن المغيرة هذا إنه ثقةٌ جداً. وسأذكر فيما يلي ترجمة هذا الدعاء كي يعلم القُرَّاء أن الأئِمَّة الكرام - ومن جملتهم الإمام الصادق ÷ - لم يكونوا يدعون لأنفسهم العِصْمَةَ:

"رَوَى الْحَارِثُ بْنُ الْمُغِيرَةِ النَّضْرِيُ‏ قَالَ‏ كَانَ أَبُو عَبْدِ اللهِ ÷ يَقُولُ فِي آخِرِ لَيْلَةٍ مِنْ شَعْبَانَ وَأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ:

اللَّهُمَّ إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ الْمُبَارَكَ الَّذِي‏ أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدىً‏ لِلنَّاسِ وَبَيِّناتٍ‏ مِنَ الْهُدى‏ وَالْفُرْقانِ‏ قَدْ حَضَرَ؛ فَسَلِّمْنَا فِيهِ‏ وَسَلِّمْهُ لَنَا وَتَسَلَّمْهُ مِنَّا فِي يُسْرٍ مِنْكَ وَعَافِيَةٍ. يَا مَنْ أَخَذَ الْقَلِيلَ وَشَكَرَ الْكَثِيرَ اقْبَلْ مِنِّي الْيَسِيرَ. اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنْ تَجْعَلَ لِي إِلَى كُلِّ خَيْرٍ سَبِيلًا، وَمِنْ كُلِّ مَا لَا تُحِبُّ مَانِعاً، يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. يَا مَنْ عَفَا عَنِّي وَعَمَّا خَلَوْتُ بِهِ مِنَ السَّيِّئَاتِ، يَا مَنْ لَمْ يُؤَاخِذْنِي بِارْتِكَابِ الْمَعَاصِي: عَفْوَكَ عَفْوَكَ عَفْوَكَ يَا كَرِيمُ. إِلَهِي وَعَظْتَنِي فَلَمْ أَتَّعِظْ، وَزَجَرْتَنِي عَنْ مَحَارِمِكَ فَلَمْ أَنْزَجِرْ، فَمَا عُذْرِي؟! فَاعْفُ عَنِّي يَا كَرِيمُ عَفْوَكَ عَفْوَكَ! اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الرَّاحَةَ عِنْدَ الْمَوْتِ، وَالْعَفْوَ عِنْدَ الْحِسَابِ. عَظُمَ الذَّنْبُ مِنْ عَبْدِكَ فَلْيَحْسُنِ التَّجَاوُزُ مِنْ عِنْدِكَ. يَا أَهْلَ التَّقْوَى وَيَا أَهْلَ الْمَغْفِرَةِ! عَفْوَكَ عَفْوَكَ!

اللَّهُمَّ إِنِّي عَبْدُكَ وَابْنُ عَبْدِكَ وَابْنُ أَمَتِكَ ضَعِيفٌ فَقِيرٌ إِلَى رَحْمَتِكَ، وَأَنْتَ مُنْزِلُ الْغِنَى وَالْبَرَكَةِ عَلَى الْعِبَادِ قَاهِرٌ مُقْتَدِرٌ أَحْصَيْتَ أَعْمَالَهُمْ وَقَسَمْتَ أَرْزَاقَهُمْ وَجَعَلْتَهُمْ مُخْتَلِفَةً أَلْسِنَتُهُمْ وَأَلْوَانُهُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ لَا يَعْلَمُ الْعِبَادُ عِلْمَكَ وَلَا يَقْدِرُ الْعِبَادُ قَدْرَكَ‏، وَكُلُّنَا فَقِيرٌ إِلَى رَحْمَتِكَ، فَلَا تَصْرِفْ عَنِّي وَجْهَكَ وَاجْعَلْنِي مِنْ صَالِحِي خَلْقِكَ فِي الْعَمَلِ وَالْأَمَلِ وَالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ. اللَّهُمَّ أَبْقِنِي خَيْرَ الْبَقَاءِ وَأَفْنِنِي خَيْرَ الْفَنَاءِ عَلَى مُوَالاةِ أَوْلِيَائِكَ وَمُعَادَاةِ أَعْدَائِكَ وَالرَّغْبَةِ إِلَيْكَ وَالرَّهْبَةِ مِنْكَ وَالْخُشُوعِ وَالْوَفَاءِ وَالتَّسْلِيمِ لَكَ وَالتَّصْدِيقِ بِكِتَابِكَ وَاتِّبَاعِ سُنَّةِ رَسُولِكَ.

اللَّهُمَّ مَا كَانَ فِي قَلْبِي مِنْ شَكٍّ أَوْ رِيبَةٍ أَوْ جُحُودٍ أَوْ قُنُوطٍ أَوْ فَرَحٍ أَوْ بَذَخٍ أَوْ بَطَرٍ أَوْ خُيَلَاءَ أَوْ رِيَاءٍ أَوْ سُمْعَةٍ أَوْ شِقَاقٍ أَوْ نِفَاقٍ أَوْ كُفْرٍ أَوْ فُسُوقٍ أَوْ عِصْيَانٍ أَوْ عَظَمَةٍ أَوْ شَيْ‏ءٍ لَا تُحِبُّ فَأَسْأَلُكَ يَا رَبِّ أَنْ تُبَدِّلَنِي مَكَانَهُ إِيمَاناً بِوَعْدِكَ وَوَفَاءً بِعَهْدِكَ وَرِضًا بِقَضَائِكَ وَزُهْداً فِي الدُّنْيَا وَرَغْبَةً فِيمَا عِنْدَكَ وَأَثَرَةً وَطُمَأْنِينَةً وَتَوْبَةً نَصُوحاً. أَسْأَلُكَ ذَلِكَ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

إِلَهِي أَنْتَ مِنْ حِلْمِكَ تُعْصَى وَمِنْ كَرَمِكَ وَجُودِكَ تُطَاعُ فَكَأَنَّكَ لَمْ تُعْصَ وَأَنَا وَمَنْ لَمْ يَعْصِكَ سُكَّانُ أَرْضِكَ فَكُنْ عَلَيْنَا بِالْفَضْلِ جَوَاداً وَبِالْخَيْرِ عَوَّاداً يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ وَصَلَّى اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ صَلَاةً دَائِمَةً لَا تُحْصَى وَلَا تُعَدُّ وَلَا يَقْدِرُ قَدْرَهَا غَيْرُكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِين‏".

[494] اعتبر ابن داود الحلّيّ وصاحب كتاب السرائر وغيرهما: «ابنَ فضَّال» ضعيفاً. للتعرف على أحواله راجعوا كتاب «الزكاة» للمرحوم قلمداران، فصل «شرح حال علي بن فضَّال» ص 189 فما بعد. [495] للتعرف على أحوال هؤلاء الرواة راجعوا كتاب «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول». [496] وسائل الشيعة، ج 7، ص 377، الحديث 28. [497] إقبال الأعمال، السيد ابن طاووس، ص 685، و وسائل الشيعة، ج 7، ص 380. [498] بحار الأنوار، ج 7، ص 108. [499] وسائل الشيعة، ج 7، ص 375، وبحار الأنوار: ج 94، ص 73. [500] ونص الشاهد في الآية هو:﴿أَمَّن يُجِيبُ ٱلۡمُضۡطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكۡشِفُ ٱلسُّوٓءَ وَيَجۡعَلُكُمۡ خُلَفَآءَ ٱلۡأَرۡضِۗ أَءِلَٰهٞ مَّعَ ٱللَّهِۚ قَلِيلٗا مَّا تَذَكَّرُونَ.(الـمُتَرْجِمُ) [501] رغم أن الشيخ الطوسي مع الأسف أورد هذه الصلوات في كتابه «مصباح المتهجد»، (ص 760)!! [502] للتعرف على حاله راجعوا كتاب «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول» ص 149. [503] المَجْلِسِيّ، بحار الأنوار، ج 39، ص 267. (الـمُتَرْجِمُ) [504] رجال العلامة الحلي، مطبعة الحيدرية (النجف) الطبعة الثانية، ص 256 و 257. ومن الجدير بالذكر أن هذا الكلام نقله العلامة الحلي بالحرف من كلام ابن الغضائري في رجاله عن «محمد بن القاسم المُفسِّر الاسترآبادي». رجال ابن الغضائري، ج 6، ص 25. (الـمُتَرْجِمُ) [505] هو العلامة المدقِّق والرِّجَالِيّ المحقِّق آية الله الشيخ «محمد تقي بن الشيخ محمّد كاظم الشُّوْشْتَرِيّ» أو «التُستري»، من علماء الإمامية المعاصرين في إيران ولد في النجف عام 1320هـ، ثم انتقل مع أبيه صغيراً إلى «تُسْتَر» جنوب إيران واستقر فيها حتى وافاه الأجل عام 1415هـ، ترك عدة آثار قيمة أشهرها كتابه «الأخبار الدخيلة» في مجلد ثم أضاف إليه فيما بعد مستدركاته في 3 مجلدات، ويعتبر أول كتاب يعالج موضوع وضع و دس وتحريف الحديث في مصادر الحديث الإمامية. وله «قضاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالب» و «النجعة في شرح اللمعة» وله كتاب رجالي ضخم باسم «قاموس الرجال في شرح تنقيح المقال» طبع في 11 مجلداً. قال عنه الشيخ المعاصر آية الله جعفر السبحاني: "هو من المشايخ الأعاظم الذي يضنّ بهم الدهر إلاّ في فترات قليلة". (الـمُتَرْجِمُ) [506] نقلاً عن كتاب «ارمغان آسمان» [هدية السماء]، ص 188 حتى 190، وكتاب «راه نجات از شر غلاة» [طريق النجاة من شر الغلاة]، فصل «النبي لا يعلم سوى الوحي»، بشيء من التصرُّف اليسير. [507] تفسير العياشي، ج1، ص 157 - 158 . ومن الجدير الذكر أن المجلسي نقل الرواية بتمامها عن تفسير العياشي هذا في كتابه بحار الأنوار، ج 81، ص 119 - 120، لكنه لم يورد ما بين المعقوفتين [ ]، مما يُبيِّن أنه لم يتقبَّل ما فيهما من فضائح! (الـمُتَرْجِمُ) [508] حيدر علي قلمداران، «أرمغان آسمان»، ص190 - 194 بتصرف يسير. [509] راجعوا كتاب «زيارت و زيارتنامه» [زيارة المزارات وأدعية الزيارات] تأليف المرحوم الأستاذ حيدر علي قلمداران، ص 164، رقم 67، والكتاب الحالي الصفحات 76 و80 و 249. [510] راجعوا كتاب «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول »، ص 609 فما بعد. [511] راجعوا كتاب «زيارت و زيارتنامه» [زيارة المزارات وأدعية الزيارات] ، ص76. [512] راجعوا كتاب «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول»، ص 59. [513] تأليف المرحوم آية الله الشيخ صالحي نجف آبادي (توفي سنة 1427هـ /2006م) في مدينة نجف آباد من توابع محافظة أصفهان. وقد طُبِعَ كتابه المُشار إليه أكثر من 18 مرة. (الـمُتَرْجِمُ) [514] أو في ص 236 - 237 من النسخة المُعَرَّبة للمفاتيح. (الـمُتَرْجِمُ) [515] راجعوا في هذا الموضوع كتاب «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول»، الصفحات من 665 إلى 684. و الصفحات من 840 إلى 861. وكتاب «بررسى علمى در احاديث مهدى» [تحقيق علمي في أحاديث المهدي] لكاتب هذه السطور. [516] من المفيد الرجوع في هذا الموضوع إلى ما ذكرناه في كتابنا «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول» (ص 560 حتى 564)، حول ما جاء في الباب 99 من أصول الكافي. [517] قال عليٌّ - عليه السلام - عن النبيِّ ص: "فَقَفَّى بِهِ الرُّسُلَ وخَتَمَ بِهِ الْوَحْيَ" (نهج البلاغة، الخطبة 133). وقال: "بِأَبِي أَنْتَ وأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ! لَقَدِ انْقَطَعَ بِمَوْتِكَ مَا لَمْ يَنْقَطِعْ بِمَوْتِ غَيْرِكَ مِنَ النُّبُوَّةِ والإنْبَاءِ وأَخْبَارِ السَّمَاءِ". (نهج البلاغة، الخطبة 235). (الـمُتَرْجِمُ) [518] للتعرف على حاله راجعوا كتاب «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول» ص 457 فما بعد، وكتاب «زيارت و زيارتنامه» [زيارت المزارات وأدعية الزيارات]، ص 128. [519] أو الصفحة 244 من النسخة المُعَرَّبة للمفاتيح. (الـمُتَرْجِمُ)