تعارض مفاتيح الجنان مع القرآن

فهرس الكتاب

دعاء الجوشن الكبير

دعاء الجوشن الكبير

هو الدعاء التاسع من الفصل السادس. روى الكفعمي هذا الدعاء في كتابه «المصباح» دون ذكر أي سند له. ثم أورده المجلسي في البحار ولم يذكر له سنداً أيضاً[169].

جاء في حديث هذا الدعاء الذي أورده المجلسي: "... نَزَلَ بِهِ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ عَلَى النَّبِيِّ ص وَهُوَ فِي بَعْضِ غَزَوَاتِهِ وَقَدِ اشْتَدَّتْ، وَعَلَيْهِ جَوْشَنٌ[170] ثَقِيلٌ آلَمَهُ فَدَعَا اللهَ تَعَالَى فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ رَبُّكَ يَقْرَأُ عَلَيْكَ السَّلَامَ وَيَقُولُ لَكَ اخْلَعْ هَذَا الْجَوْشَنَ وَاقْرَأْ هَذَا الدُّعَاءَ فَهُوَ أَمَانٌ لَكَ وَلِأُمَّتِك‏...".

ونسأل: أولاً: في أي غزوة نزل هذا الدعاء؟

ثانياً: لم يُذكر في أي كتاب من كتب السيرة أن رسول الله ص لم يكن يلبس الدروع في الغزوات.

ثالثاً: استُشهد كثيرٌ من أصحاب النبي ص في الغزوات ولم يؤمِّن لهم هذا الدعاء الأمان.

وفي حديث هذا الدعاء أيضاً ذُكِرَت أمور عجيبةٌ من جملتها أنَّ "مَنْ قَرَأَهُ عِنْدَ خُرُوجِهِ مِنْ مَنْزِلِهِ أَوْ حَمَلَهُ، حَفِظَهُ اللهُ وَأَوْجَبَ الْجَنَّةَ عَلَيْهِ!...... وَأُعْطِيَ مِثْلَ ثَوَابِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى!!.............. وَمَنْ كَتَبَهُ فِي جَامٍ بِكَافُورٍ أَوْ مِسْكٍ ثُمَّ غَسَلَهُ وَرَشَّهُ عَلَى كَفَنِ مَيِّتٍ أَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِي قَبْرِهِ أَلْفَ نُورٍ وَآمَنَهُ مِنْ هَوْلِ مُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ وَرَفَعَ عَنْهُ عَذَابَ الْقَبْرِ وَبَعَثَ سَبْعِينَ أَلْفَ مَلَكٍ إِلَى قَبْرِهِ يُبَشِّرُونَهُ بِالْجَنَّةِ!!.......... وَمَنْ كَتَبَهُ عَلَى كَفَنِهِ اسْتَحْيَا اللهُ تَعَالَى أَنْ يُعَذِّبَهُ بِالنَّارِ!!.

ونقول: أولاً: لا يجوز قياس الله تعالى على خلقه وأن نثبت له خجلاً وحياءً، قال تعالى: ﴿فَلَا تَضۡرِبُواْ لِلَّهِ ٱلۡأَمۡثَالَۚ إِنَّ ٱللَّهَ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ ٧٤[النحل: ٧٤].

ثانياً: بناء على هذا الحديث يستطيع كل فاسق مجرمٍ أن يكتب أسماء الله على كفنه ليفرَّ من عقاب الله ومجازاته. سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَقُولُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا

ثالثاً: لا يجوز كتابة الأسماء الحسنى على الكفن أساساً، لأن الكفن سيتلوث بالقيح والدم ومحتويات أمعاء الميت وهذا مخالف للاحترام الواجب تجاه الله تعالى وأسمائه الحسنى. قال تعالى: ﴿سَبِّحِ ٱسۡمَ رَبِّكَ ٱلۡأَعۡلَى ١[الاعلى: ١].

رابعاً: قيل في شأن هذا الدعاء أيضاً: "وَمَنْ دَعَا بِهِ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ أَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً حَرَّمَ اللهُ جَسَدَهُ عَلَى النَّارِ وَوَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ!!".

ونقول: إن هذا الكلام لا يتفق مع تعاليم الإسلام، بل كل من اجتنب كبائر الذنوب والفواحش والمحرمات حرم الله جسده على النار، ومن ارتكبها فعليه أن يتوب ويُكفِّر عما فاته، لا أن يقرأ دعاءً ثلاثَ مَرَّاتٍ! (فتأمَّل).

قال مؤلِّف «مفاتيح الجنان» في تقديمه لهذا الدعاء:

"... وأمّا الدّعاء به في خصُوص ليالي القَدْر فلم يُذكَر في حديث ولكنّ العلاّمة المجلسي قدّس الله تعالى روحه قال في كتاب «زاد المعاد» في ضمن أعمال ليالي القدر: إنّ في بعض الروايات أنّه يدعى بدعاء «الجوشن الكبير» في كلٍّ من هذه الثّلاث ليالي، ويكفينا في المقام قوله الشّريف أحلّه الله دار السّلام!!"[171].

ونقول: لا شك أنه وضع هذه الروايات ودرجتها من الصحة مجهولان، وأن قول المجلسي ليس حجَّةً. ونسأل الشيخ عبَّاس القُمِّيّ: هل يحق للمجلسي أن يُنْقِصَ من آداب الشرع وأعماله أو يزيد فيها؟ هل المجلسيُّ حجَّةٌ؟!

والأمر الآخر الذي لابد من ذكره في هذا المقام هو أن نص دعاء الجوشن الكبير لا عيب فيه ولا إشكال، ولكننا ينبغي أن نسأل: إن كنتم تؤمنون بهذا الدعاء وأمثاله فلماذا تخالفونه في أعمالكم؟ إن كنتم تعتبرون ما جاء في هذا الدعاء صحيحاً فعليكم أن تعتبروا أكثر عقائدكم باطلةً!

مثلاً جاء في البند 19 من الدعاء «يَا مَنْ لَيْسَ أَحَدٌ مِثْلَه ‏». مع أنكم تعتبرون الإمام مثلَ الله حاضراً ناظراً في كل مكان ومطلعاً على كل أمر!

وجاء في البند 21 من الدعاء: «يَا مَنْ سَتَرَ الْقَبِيحَ يَا مَنْ لَمْ يُؤَاخِذْ بِالْجَرِيرَةِ يَا مَنْ لَمْ يَهْتِكِ السِّتْر ». ولكنكم تقولون إن جميع الذنوب تُعرَض على رسول الله ص وعلى الأئِمَّة (الكافي، الباب 87)، وَمِنْ ثَمَّ فالله -حسب قولكم - ليس ستّاراً للعيوب، والعياذ بالله!!

ونقرأ في البند 31 من الدعاء: "يَا حَيّاً لَا يَمُوتُ...... يَا عَالِماً لَا يَجْهَل ‏"، لكنكم تعتبرون الإمام حياً لا يموت وعالماً لا يجهل!

وجاء في البند 38 من الدعاء: "يَا مَنْ لَا مَفْزَعَ إِلَّا إِلَيْهِ..... يَا مَنْ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِهِ، يَا مَنْ لَا يُسْتَعَانُ إِلَّا بِهِ يَا مَنْ لَا يُتَوَكَّلُ إِلَّا عَلَيْهِ يَا مَنْ لَا يُرْجَى إِلَّا هُوَ .....". ولكنكم تفزعون - خلافاً لهذه الجمل - إلى حضرة عليٍّ (ع) وأبي الفضل وحضرة الرضا (ع) والمهدي (ع) وتستعينون بهم وترجونهم وتقولون: "يا علي مدد"! و"يا مهدي أدركني"، معتقدين أنهم يسمعون صوتكم وَيُلَبُّون نداءكم!

وقال في البند 90 من الدعاء: "يَا مَنْ لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ إِلَّا هُوَ، يَا مَنْ لَا يَصْرِفُ السُّوءَ إِلَّا هُوَ "، ولكنكم تعتبرون الإمام عالماً بالغيب وصارفاً للسوء وشافياً من الأمراض!

[169] بحار الأنوار، ج 91، ص 382 وما بعد. [170] قال ابن منظور في لسان العرب: "الجوْشَنُ اسم الحديد الذي يُلبَس من السلاح. والجَوْشَنُ: الدِّرْعُ، وقيل الجوْشَنُ من السلاح زَرَدٌ يُلبَسه الصدرُ". (الـمُتَرْجِمُ) [171] مفاتيح الجنان، (النسخة المُعَرَّبة)، ص 141-142 . (الـمُتَرْجِمُ)