تعارض مفاتيح الجنان مع القرآن

فهرس الكتاب

فصل: «زيارة الأمير ليلة المبعث ويومه»

فصل: «زيارة الأمير ليلة المبعث ويومه»

نقل الشيخ عبَّاس تحت هذا العنوان[716] ثلاثة زيارات لم تُرْوَ أيُّ واحدةٍ منها عن اللهِ ورسولِهِ ص، بل الزيارة الأولى مروية عن صاحب كتاب «المزار القديم» والشّيخ «محمد بن المشهدي»[717]، والزيارة الثانية منقولة عن صاحب «المزار القديم»، والزيارة الثالثة منقولة عن الشيخ المفيد والسيد ابن طاووس وأمثالهما! ونريد أن نسأل: ما هي مكانة «الشيخ محمد بن المشهدي» أو صاحب المزار القديم في الدين حتى يأتوا ويُقدّموا للناس زيارات يقرؤونها؟ هل تعليم أمور الدين والمناسك والعبادات أمرٌ منوطٌ بالله ورسوله فقط أم هو من مسؤولية الشيخ فُلان والزاهد المُتظاهر بالتقوى عِلّان؟!

وبشأن هذه الزيارة نُذكِّر بأن من كتبها اعتبر أن يوم 27 رجب هو يوم بعثة النبي ص وقد سبق أن قلنا (ص 245 فما بعد) إن هذا القول محلُّ تأمُّل جداً وأن التحقيق يُوصلنا إلى ما يُخالف ذلك وأن الأقوى والأرجح أن بعثة النبيّ وقعت في ليلة القدر في شهر رمضان.

لقد بلغ واضع الزيارة المدى في التملُّق والتزلُّف والغُلُوّ مما لا يقبله حضرة الأمير ولا نفع فيه لقارئ تلك العبارات. أضف إلى ذلك أن الفضائل التي يذكرها الزائر مُختصةٌ بعَلِيٍّ (ع) الذي كان عالماً وعابداً وزاهداً وعاملاً بأوامر الله وجاهد جهاداً كبيراً في سبيله، وثواب كل ذلك يعود بالطبع على الإمام نفسه ولن يُعطي الله ثواب هذه الأعمال لأحد من زائريه!

وبالطبع، فإن عدداً من العبارات التي وردت في هذه الزيارة، في غير محلِّها وغُلُوٌّ واضح كقوله مخاطباً عليَّاً (ع): "السَّلامُ عَلى أَبِي الأَئِمَّةِ وَمَعْدِنِ النُّبُوَّة " ويجب أن نسأل: كيف يكون عَلِيٌّ (ع) «مَعْدِنُ النُّبُوَّة َ»؟! والاعتراض الآخر أن واضع الزيارة أدخل فيها تعصباته الجاهلة كي يُثير الفتنة ويبثّ الفرقة والاختلاف بين المسلمين لذلك خاطب عَلِيّاً قائلاً: "السَّلَامَ عَلَيْكَ أَيُّهَا الصِّدِّيقُ الْأَكْبَرُ، السَّلَامَ عَلَيْكَ أَيُّهَا الْفَارُوقُ الْأَعْظَمُ "! لأنه كان يعلم أن أهل التاريخ والسيرة لقَّبوا أبا بكر بلقب «الصديق» ولقَّبوا الخليفة الثاني بلقب «الفاروق»، فأراد واضع الزيارة التفاخر والقول: بل نحن لدينا الصديق الأكبر والفاروق الأعظم! وفي نظرنا إن من يريد الخير للمسلمين ويريد وحدتهم لا يفعل مثل هذا الفعل وإلا فلا أعتقد أن هناك مسلماً لا يعتبر حضرة عَلِيٍّ (ع) صِدِّيقَاً. (فَتَأَمَّل).

وجاء في بعض عبارات هذه الزيارة: "وَلَكَ عِنْدَ اللهِ الْمَقَامُ الْمَحْمُودُ وَالْجَاهُ الْعَظِيمُ وَالشَّأْنُ الْكَبِيرُ وَالشَّفَاعَةُ الْمَقْبُولَة "! في حين أن واضع الزيارة لم يكن يعلم أو يعلم ولكنه تجاهل أن الأنبياء أنفسهم لا يملكون حق الشفاعة بنحو مطلق ولا يُمكنهم التشفُّع لشخصٍ ما لم يأذن لهم الله بدايةً بذلك بحق هذا الشخص بالذات. (طه: 109، وهود: 45 وَ74 و76، والتوبة: 80). أو اعتبر حضرة عَلِيٍّ (ع) «تاج سرِّ رسول الله ص» فهل الذي وضع مثل هذا التعبير عن حضرة الأمير من مُريديه الحقيقيين ومن المُتَّبعين حقيقةً لحضرته؟! (فلا تتجاهل).

هنا يجب أن نسأل المدَّاحين والمُتَمَلِّقين: ما هي النتيجة التي حققتموها من تلفيقكم لهذه النصوص المُخالفة لتعاليم الأئمة سوى دفع عوام الشيعة إلى الغرور؟! حتى قال أحد شعرائهم:

در مذهب عارفان آگـــاه الله على است على است الله!!![718]

أي: في مذهب العارفين العالِمِين اللهُ عليٌّ وعليٌّ هو الله!!!

وقال شاعر آخر:

از گرمى روز محشرم غمّ نيست تا سايه‌يِ مرتضى على بر سر ماست!!!

أي: لا خوف علينا من حرارة يوم المحشر

طالما كان ظلُّ المرتضى عَلِيّ فوق رؤوسنا

وقال شاعر ثالث:

لي خمسةٌ أُطفي بهم نارَ الجحيم الهاوية

المُصطفى والمُرتضى وابناهما والفاطمة!!!

أو يقولون: "إذا كان عندي عَلِيٌّ فأيُّ غم لديّ؟!!".

نعم، إن نتيجة ذلك الغُلوّ والتملُّق والمدائح المُغالية هي مثل هذه الأقوال الكفرية والخرافية! ومن ذلك ما نجده في آخر نصِّ الزيارة التي وضعها ذلك الوضَّاع الخبيث حين يقول: "مُتَعَوِّذاً بِكَ مِنَ النَّارِ هَارِباً مِنْ ذُنُوبِيَ الَّتِي احْتَطَبْتُهَا عَلَى ظَهْرِي ‏". فينبغي أن نقول لهذا المُغالي الضال: اذهب وتُب من ذنوبك توبةً صادقةً واترك عَلِيّاً الخيالي الذي اخترعته في ذهنك وانظر ماذا قال عَلِيٌّ الحقيقي واتَّبِعْهُ. إن ذلك الإمام الحق وإمام المتقين يقول: "لا ملجأ إلا الله"[719]، فلا تُضِلّ الناس بهذه الزيارات الموضوعة ولا تَغُرَّهُمْ بها.

وقال الشيخ عبَّاس في نهاية الزيارة:

"أقول: وَرُوِيَ بسندٍ مُعتَبَرٍ أن الخَضِرَ (ع) أسرع إلى دار أمير المؤمنين عليه السلام يوم شهادته وهو يبكي ويسترجع فوقف على الباب فقال: رحمك الله يا أبا الحسن، كنت أول القوم إسلاماً وأخلصهم إيماناً....الخ"[720]. وذكر العبارات ذاتها التي جاءت في الزيارة.

وينبغي أن نقول: أولاً: لا دليل شرعي على خَضِرَكُمْ الموهوم الذي لا يزال حياً حتى الآن، لاسيما أن الله تعالى قال: ﴿وَمَا جَعَلۡنَا لِبَشَرٖ مِّن قَبۡلِكَ ٱلۡخُلۡدَۖ أَفَإِيْن مِّتَّ فَهُمُ ٱلۡخَٰلِدُونَ ٣٤ كُلُّ نَفۡسٖ ذَآئِقَةُ ٱلۡمَوۡتِ[الانبياء: ٣٤، ٣٥]، وثانياً: إن كثير من عبارات هذه الزيارة معيبة ومُنْتَقَدَة ولا يقرأ جناب الخَضِر عبارات معيبة خاطئة. إنهم يتصوَّرون أن أولياء الله مثلهم يُحبُّون التملُّق وكيل المدائح!!

***

[716] مفاتيح الجنان (النسخة المُعَرَّبَة)، ص 496. (الـمُتَرْجِمُ) [717] هو الشيخ محمد بن جعفر بن علي المشهدي الحائري مؤلِّف كتاب «المزار» المشهور بمزار محمد ابن المشهدي، أو «المزار الكبير»، فرغ من تأليفه سنة 573 هـ. ق. (وتُوُفِّيَ بعد 594 هـ)، وكان من شيوخ الإمامية في القرن السادس الهجري، واشتُهر بكتابه «المزار» هذا. (الـمُتَرْجِمُ) [718] أعتقد أن هذا البيت هو للشاعر صغير الأصفهاني. [719] راجعوا كتاب «زيارت و زيارتنامه» [زيارت المزارات وأدعية الزيارات] ص 263 و 265 و ..... [720] مفاتيح الجنان (النسخة المُعَرَّبَة)، ص 501. (الـمُتَرْجِمُ)