تعارض مفاتيح الجنان مع القرآن

فهرس الكتاب

الشبهة السابعة:

الشبهة السابعة:

47من الآيات التي كثيراً ما يستغلها الخرافيون ويُفسِّرونها على نحو خاطئ قوله تعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبۡتَغُوٓاْ إِلَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ وَجَٰهِدُواْ فِي سَبِيلِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٣٥[المائ‍دة: ٣٥]. فهذه الآية غالباً ما يُسْتَدَلُّ بها على صحَّة «التوسُّل» غير الشرعي[334].

فعلى سبيل المثال كتب المؤلف الشاب المخدوع بخرافات أهل الحوزة والمتأثِّرُ بمُغالطاتهم يقول:

"إن التوسُّل معناه اتِّخاذ الوسيلة للاقتراب من شيء، كما يقول علماء اللغة: تَوَسَّل إليه بوسيلةٍ: إذا تَقَرَّب إليه بعمل. وتَوَسَّل إلى الله بِعَملٍ أو وسيلةٍ = عمل عملاً تَقَرَّب به إليه تعالى. وتأتي «الوسيلة» لغةً على أحد المعاني التالية:

1- الاقتراب.

2- المقام والمنزلة عند سلطان ما.

3- الدرجة.

4- البحث عن حلٍّ للوصول إلى شيء بالميل والرغبة.

5- كل شيء يمكن بواسطته أو بسببه الاقتراب من الآخر.

لا شك أن الإنسان يحتاج إلى غيره، أي يحتاج إلى شيء خارج حدود وجوده الخاص به، لنيل الكمالات التي يسعى إليها أياً كانت، سواءً كمالات المادية أم كمالات المعنوية.....، وكلنا يعلم أن العطشان يرتوي بشرب الماء البارد والذي أصابه البرد يدفأ بالحرارة الصادرة من النار، وأن الدواء مؤثر في تحسن صحة المريض، وأن السمّ يُهدِّد بالخطر حياة الإنسان السليم، وكذلك يَغْدو الجاهلُ عالماً بالتعلم من الأستاذ، ويُصبح الذي لا يملك مالاً مالكاً بوسيلة إحسان رجل غنيّ إليه، ويهطل المطر من الغيوم في الربيع، فيَنْبُتُ الزرع وأنواع النباتات بوسيلة هذا الماء، ويتغذّى الحيوان من النبات ويكون بدوره سبباً ووسيلةً لبقاء حياة الإنسان ودوامها وهكذا.... فبكل الأحوال: النظام الموجود في العالَم والقانون الحاكم فيه هو نظام «التوسّل» وقانون «التسبُّب»، أي أن نيل كل كمال والحصول على كل مطلوب بحكم المبدأ الساري في الطبيعة، رهين باتِّخاذ «الوسيلة» المناسبة وموقوف على تحصيل السبب الخاص بالمطلوب..... وقد بيَّن القرآنُ الحكيمُ لنا وسيلة «القُرْب من الله» الذي هو أعلى وأشرف كمال يُمكن للإنسان أن يصل إليه في مسيرة عبوديته لِـلَّهِ فقال:

﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَٱبۡتَغُوٓاْ إِلَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ وَجَٰهِدُواْ فِي سَبِيلِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَ ٣٥[المائ‍دة: ٣٥]"[335].

وأقول: لقد ذكرنا سابقاً في الشبهة السادسة من فصل «تذكير مهم حول توحيد العبادة» (ص 209 فما بعد) توضيحات كافية حول «الاستعانة» أو «التوسّل» أو «التوسيط» الشركي وغير الشركي، أو «التوسُّل» و«الاستعانة» غير المُقيَّدة والمُقيَّدة. ونلفت نظر القراء الكرام إلى تلك الإيضاحات[336]. وإضافةً إلى المطالب المذكورة هناك: أولاً: نضيف هنا كلام أخينا الفاضل جناب السيد مصطفى الحسيني الطباطبائي -أيَّده الله تعالى- الذي قال:

" تُعلِّم آيةُ ﴿وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَٰٓئِكَ كَانَ عَنۡهُ مَسۡ‍ُٔولٗا ٣٦[الاسراء: ٣٦]المسلمينَ أصلاً مفادُه أنه ما لم تثبت للمسلم مسألةٌ ما فلا يجوز له أن يقبلها ويتَّبعها دون دليل مُتقن عليها. (فَتَأَمَّل جداً).

إن القوانين العلمية التي يُمكن مُشاهدتها أو أمور الطبيعة المحسوسة والملموسة التي تتكرَّر بذاتها دائماً ويُمكن تجربتها في المُختبر، والتي لا فرق لديها بين المؤمن وغير المؤمن، والأمور التي لا مخالف لها (أي المُتعلِّقة بالإذن الإلهي العام والتي لا تنتج عن صلة خاصة بخالق العالَم) من قبيل وجود الحرارة نتيجة الاحتكاك أو النار، وإزالة العطش بواسطة الماء أو تأكيد قانون الجاذبية ونظائره الذي يُمكن رؤية آثاره الخارجية في هذا العالَم الفاني، كلها أمورٌ يمكن للبشر أن يفهموها ويتعاملوا معها، وحتى لو لم تكن هناك شريعة فإنه من الممكن للإنسان أن يفهم، استناداً إلى حاجته الجسمية وميله إلى الراحة، أن الماء يُزيل العطش والطعام يُزيل الجوع والسقف يقي من أذى أشعة الشمس المُحرقة. وقد آمنا نحن البشر -سواءً كنا من المؤمنين أم من غير المؤمنين- نتيجةً للتجارب الكثيرة وتكرارها أن الحرارة مثلاً تنشأ عن النار والبرودة تنشأ عن الجليد و....

لكن المهم أننا نعتبر كل هذه الأمور محدودة ومُقيَّدة، فمثلاً نحن لا نتوقع من الماء رفع الجوع، ولا من الخبز رفع العطش، ولا من البراد (الثلاجة) تسخين الغرفة وتسجيل الصوت وبثّه، ولا ننتظر من الراديو تبريد الغرفة أو معالجة الأرق... الخ!! كما أننا لا ننتظر من الميكانيكي المُصلّح للسيارات علاج المرضى ولا ننتظر من الطبيب أن يُدافع عنا في المحكمة ويُنجح قضيّتنا!! لهذا السبب أيضاً لم تكن هذه الأمور موضع اهتمام ولا هدفاً لإرسال الرسل وإنزال الكتب، ولم يُنزّل الله كتاباً ليقول للناس أدفئوا أنفسكم بوسيلة النار وعالجوا أنفسكم بوسيلة الدواء وأشبعوا أنفسكم بواسطة الطعام وسيروا في البحر بواسطة السفن وتوسّلوا بالمعول والمجرفة (المسحاة) لحفر الأرض و.....الخ، بل أغلب موضوعات القرآن هي من المسائل التي لا تُعرف نتائجها وحقيقتها إلا في العالَم الآخر، عالَم البقاء والخلود.

لو اختلفتُ مع شخص حول أنه إمكانية السير في البحر بالسفينة أم لا؟ فيُمكننا بالتجربة والاختبار أن نحلّ هذا الاختلاف ويُمكن الحصول على نتيجة التجربة في هذا العالَم الفاني ذاته، أما لو اختلفنا مع شخص حول أنه: هل يجب زيارة حائط المبكى في القدس أم زيارة الكعبة في مكة؟ فلا يُمكننا في هذه الدنيا، أي في عالَم الشهادة، أن نُشاهد نتيجة هذا الخلاف ونعرف أي الأمرين هو الصحيح والمُجْزي، ولذلك في مثل هذه الأمور لا يُمكن الاستناد إلا إلى إذن الخالق وإعلام مالك عالَم البقاء وسلطانه لنا. وإذا كان الأمر كذلك فانطلاقاً من المبدأ القرآني الذي ذكرناه سابقاً[337] نتذكّر أن القرآن قال لنا على لسان حضرة إبراهيم (ع): ﴿وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيۡءٍ عِلۡمًاۚ أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ ٨٠ وَكَيۡفَ أَخَافُ مَآ أَشۡرَكۡتُمۡ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمۡ أَشۡرَكۡتُم بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ عَلَيۡكُمۡ سُلۡطَٰنٗاۚ فَأَيُّ ٱلۡفَرِيقَيۡنِ أَحَقُّ بِٱلۡأَمۡنِۖ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٨١ [الانعام: ٨٠، ٨١]. وقال القرآن في المدينة مُوبِّخاً المشركين: ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَمَا لَيۡسَ لَهُم بِهِۦ عِلۡمٞۗ وَمَا لِلظَّٰلِمِينَ مِن نَّصِيرٖ ٧١ [الحج : ٧١].

بناءً على ذلك، بالنسبة إلى الأخذ أو الاعتقاد والعمل بالأمور المُتعلّقة بعالَم ما فوق عالَم الشهادة وفوق العالَم الفاني والتي لا تظهر آثارها إلا في عالَم البقاء (= البرزخ والقيامة)، لا بُدَّ أن يكون لدينا إذنٌ وإعلامٌ صريحٌ وأكيدٌ صادرٌ عن خالق جميع العوالم ومالكها، أي لا بُدَّ أن يُرشدنا إلى ذلك القرآن الكريم. وهذا أمر يتفق عليه جميع أتباع الأديان بشكل عام والمسلمين بشكل خاص.

بناءً على ذلك، في مثل هذه الأمور لا يُمكننا أن نقبل ما لم يثبت لدينا ونتَّبعه. فما الذي يُدريني مثلاً أين توجد روح الشخص الصالح العظيم الفلاني بعد أن ودَّع هذه الدنيا الفانية وما هي إمكاناته وكيف يُمكنني أن أتواصل معه وأرتبط به أو أتوسّل به؟

بناءً على ذلك فإن ادِّعاء الذين يدَّعون -دون دليل قرآنيّ يُثبت ادِّعاءهم- بأن التوسّل والتبرّك بالأنبياء والأئمة عليهم السلام وبالأولياء ودعائهم ومناداتهم على نحو غير مُقيَّد، مثله مثل التوسّل والاستفادة من القوى التي وضعها الله أمامنا -سواءً كنا مؤمنين أم كافرين- في عالَم الشهادة وعالَم الفناء (مثل قوة الدفع المركزي أو قوة الجاذبية أو قانون تمدد الأجسام بالحرارة أو الاستفادة من الدواء والطعام...) ادّعاءٌ ينطوي على إشكالين مُهمّين:

الإشكال الأول: قياس الغائب على الشاهد، وهو أمرٌ لا يُمكن للعقل السليم أن يقبله، وللأسف لقد أدَّى عدم الانتباه إلى ذلك المبدأ القرآني الذي ذكرناه[338] إلى دخول الخرافات إلى الدين وإلى جعل أهل الدين عرضةً للخطر والهلاك في الدنيا، وحتى في الآخرة أيضاً، لأن أتباع الأديان أصبحوا يقبلون مسائل لا يُؤيّدها العلم ولا التجربة ولا الكتاب السماويّ، فانطبقت عليهم الآية الكريمة التي تقول: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يُجَٰدِلُ فِي ٱللَّهِ بِغَيۡرِ عِلۡمٖ وَلَا هُدٗى وَلَا كِتَٰبٖ مُّنِيرٖ ٢٠ وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ٱتَّبِعُواْ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ قَالُواْ بَلۡ نَتَّبِعُ مَا وَجَدۡنَا عَلَيۡهِ ءَابَآءَنَآ [لقمان: ٢٠، ٢١].

وفي الموضوع الذي نحن فيه، فإن آيات القرآن ليس فيها أي دلالة صريحة على مطلوبكم ومُدَّعاكم، وليس هذا فحسب بل ليس لها ظهور من الأساس في هذا الموضوع، بل هناك آيات عديدة في القرآن تُؤيّد قولنا أكثر مما تُؤيّد مُدّعاكم، وذلك مثل قوله تعالى: ﴿فَلَا تَدۡعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدٗا ١٨ [الجن: ١٨]، وقوله سبحانه: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدۡعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ عِبَادٌ أَمۡثَالُكُمۡ [الاعراف: ١٩٤][339]، وآيات عديدة أخرى. ومن جملتها آية تدل على أن الأنبياء بعد وفاتهم وانتقالهم عن هذه الدنيا لا تبقى لهم صلة بهذا العالَم الفاني وأحواله ولا بأحوالنا وما يجري علينا. [سورة المائدة: 117].

وأساساً لا نُشاهد في القرآن أي نصٍّ يدلُّ على أن أحداً من الأنبياء كان يتوسّل بأرواح الأنبياء الذين سبقوه أو بالملائكة. كما لا نملك في هذه المسألة أحاديث قطعية متواترة تواتراً حقيقياً (لا متواترة ادّعاءً) تتمتع بشروط الصحة والقبول بشكل كامل، بل الأحاديث والأخبار التي تُعارض قولكم ليست بالقليلة.

الإشكال الثاني: أنه لا يُمكننا أن نقيس جميع الأمور بعضها على بعض ونعتبرها متشابهة، فلا يُمكننا أن نقول: إنه لما كان الحصول على كل شيء في عالَم الطبيعة منوطٌ باتّخاذ الوسيلة اللازمة له وموقوف على تحصيل سببه، أو أنه لما وصل إلينا وحيُ الله من خلال واسطةٍ فيجوز لنا أيضاً قياساً على ذلك يجوز لنا أن نجعل كل ما أعجبنا أو كل ما قاله عظماؤنا وأسلافنا واسطةً لنا في التقرّب إلى الله ونجعله وسيلةً لنا، فهذا العمل قياس في العمل وهو مردود حتى في مذهب الشيعة (فتأمّل جداً).

إن الله تعالى هو الذي اختار أن تكون واسطة إيصال الوحي إلى النَّبِيّ الأَكْرَم ص جبريل عليه السلام، والله تعالى هو الذي عيّن واختار أن تكون واسطة إيصال الأحكام إلى العباد هي النبيّ ص، وبعبارة أخرى لم يختر رسول الله ص جبريل ولا اختار الناس النبيّ. بناءً على ذلك لا يحقّ لنا عندما يقول لنا صاحب الشريعة: ﴿أَنَّمَآ إِلَٰهُكُمۡ إِلَٰهٞ وَٰحِدٞ فَٱسۡتَقِيمُوٓاْ إِلَيۡهِ وَٱسۡتَغۡفِرُوهُۗ وَوَيۡلٞ لِّلۡمُشۡرِكِينَ ٦ [فصلت: ٦] أن نخالف أمره وندعو أفراداً لا يُمكننا أن نصل إليهم ونعتبرهم «وسيلةَ» التقرُّب إليه تعالى، ونُؤدّي إليهم الأعمال العبادية «مثل النذر والطواف وطلب الحاجات والدعاء غير المُقيَّد و.....»، ونقول: إنهم «الوسيلة» التي تُقرِّبنا من الله.

نعم، يختار الإنسان الوسيلة المناسبة للحصول على كل أمر، أما مسألة التقرّب من الله تعالى فلا يجوز قياسها من عند أنفسنا على سائر الأمور بل لا بُدَّ أن نتعلم وسائل أو وسائط التقرّب من الله، من شريعته وتعاليمه. لاحظوا أننا لا نُنكر بأيّ وجه من الوجوه أصل وجود الوسائط أو ضرورة اتِّخاذ الوسائل المناسبة في أمور العالَم، بل نقول: لا يجوز أن نقيس أمور العالَم المختلفة بعضها على بعض ونشملها جميعاً بحكم واحد دون دليل شرعي على ذلك، بل نقول: الوسائط أو الوسائل التي جعلها الله لنا للتقرّب منه هي - بحكم الشرع- الدعاء والتضرع له تعالى والعبادات التي شرعها لنا وأعمال الخير التي يُمكن تحصيلها وصرَّح الشرع بها. كما أننا يجب أن نقتدي بالنبيّ والأئمة الذين هم أنفسهم كانوا مأمورين باتِّخاذ الوسيلة التي تُقرِّبهم من الله أي بطاعة أوامر الحق واجتناب نواهيه والذين أدَّوا العبادات الشرعية على أفضل نحوٍ، وأن نستفيد من تعاليم أولئك الأجلاء الكرام لأجل أن نتقرّب من الله تعالى.

وإشكالنا عليكم هو في اتِّخاذكم طرق وأساليب للعبادة تجاه أئمة الدين والأنبياء العظام وفي التصورات التي تعتقدونها بشأنهم دون دليل شرعي متقن عليها، كاعتقادكم بأنهم يملكون ولاية تكوينية وأنهم حاضرون في كل مكان ويعلمون الغيب وعندهم القدرة على فعل كل الأمور (بما في ذلك الأمور الخارجة عن قوانين الطبيعة) وأنه يُمكنكم باختياركم أن تختاروا من تشاؤون منهم سواء في زمان حياتهم أو بعد رحيلهم شفعاء لكم و..... فكثير من الناس ينذرون لأئمة الدين العظام ويطوفون حول قبورهم ويطلبون حاجاتهم منهم دون قيد أو شرط في حين أن مثل هذه الأمور ونظائرها موقوفة على الله تعالى وحده". (انتهى كلام الأستاذ الطباطبائي).

ثانياً: ونحن أيضاً سنذكر تأييداً لما ذكره ذلك الكاتب الشاب بعض الأمور من كتب المصادر والمراجع: فقد جاء في كتاب «لسان العرب» ما نصّه: "[الوَسِيلَة] تُطلَق على كل عمل خالص سُلِك به طريق التقرُّب إلى الله تعالى بأداء الفرائض والنوافل وأنواع التطوعات".

48وجاء في كتاب «مفردات القرآن» للراغب الأصفهاني: "حقيقة الوسيلة إلى الله تعالى مُراعاة سبيله بالعلم والعبادة وتحرِّي مكارم الشريعة وهي كالقُربى".

وجاء في كتاب معتبر آخر هو «معجم ألفاظ القرآن الكريم»: "الوسيلةُ، الوُصلةُ يُتوصَّل بها إلى البُغية، والوسيلةُ إلى الله سُبحانه ما يُوصل إلى ثوابه والزُّلفى لديه وذلك بفعل الطاعات وترك المعاصي؛ وَسَلَ إلى كذا: تقرَّب إليه ورغب فيه"[340].

وجاء في كتاب «تاج العروس» نقلاً عن الجوهري ما نصّه: "الوسيلة، ما يُتَقَرَّبُ به إلى الغير".

وجاء في معجم الجامع الكبير تأليف أحمد السياح أيضاً ما نصّه: "(وَسَلَ) إلى الله بعملٍ أو وسيلةٍ وَ (وَسَّلَ): توسَّل إلى الله".

فكما نُلاحظ يُطلَق على كل ما يكون سبباً للنجاح في عمل ما أو نيل شخص ما القرب من آخر، كالقرب من مَلَك مثلاً، أو يكون سبباً للوصول إلى هدف ما اسم: «الوسيلة»، فمثلاً نقول: إن وسيلة قربي من الملك أن أقوم بخدمته أو الوسيلة لجعل المعلم يُحبّني أن أدرس الدرس جيداً، أي أنني بوسيلة قراءة دروسي أنال انتباه المُعلّم ومحبّته لي، وذلك لأنه لا يُقال للكائن العاقل المُدرك «وسيلة»، أما لو أردنا من كائن عاقل مُدرِك، كإنسان مثلاً، أن يطلب لنا من مَلِكٍ عفواً أو رُقيّاً في الدرجة أو مقاماً فهذا العمل يُقال له «استشفاعاً»، كما نُطلق على الشخص الذي حقق طلبنا وشَفَعَ لنا عند المَلِك لقب «الشفيع» لا «الوسيلة»؛ فنقول مثلاً: "فُلانٌ استشفع زيداً إلى عَمروٍ". ولذلك لا يُثني أيُّ عاقل على السُلَّم الذي هو «وسيلة» الصعود إلى مكان مرتفع، لكن الإنسان يشكر الشخص الذي أخذ بيده وسحبه نحو مكان مرتفع، أو لا يُثني شخص على دواء كان «وسيلة» لشفائه ولا يشكر الدواء، لكنه يشكر الطبيب الذي وصف له أعمالاً رياضية خاصة (= وسيلة) أو وصف له دواء مناسباً (= وسيلة). (فَتَأَمَّل جداً). حتى مؤلف كتاب (نقد وتحليلي پيرامون وهّابيگري، ص196) قال: إن المقصود من «الوسيلة» لاسيما في الآية 35 من سورة المائدة، هو المعنى الخامس، أي «كل شيء يمكن بواسطته أو بسببه الاقتراب من الآخر ».

لو انتبهنا إلى الأمور التي كتبها ذلك المؤلف الشاب لرأينا أن كل ما ذكره من معان للوسيلة يتناسب مع الأشياء والأعمال لا مع الأشخاص (فَتَأَمَّل). في حين أنه لو كان ادِّعاء الخرافيِّين صحيحاً لقال القرآن الكريم بدلاً من: ﴿ٱبۡتَغُوٓاْ إِلَيۡهِ ٱلۡوَسِيلَةَ[المائ‍دة: ٣٥]«استشفعوا إليه!»[341].

بناءً على ذلك لا يُمكننا أن نقول -دون دليل- إن كلمة «الوسيلة» تشمل أيضاً الأشخاص الذين لا يُمكننا الوصول إليهم.

أما القول بأن: " كلمة الوسيلة جاءت في الآية المباركة (سورة المائدة: 35) مطلقةً غير مُقيَّدة بأيّ قيد، وَمِنْ ثَمَّ فمعناها واسع وشامل ومطلق"[342] فلا يفي أبداً بالمقصود ولا يُفيد إلا في خداع الناس وإضلالهم، لأنه من الواضح أن مُجرَّد إطلاق كلمة «الوسيلة» في الآية أي تجرُّدها من القيود وكونها مُطلقة، لا يستوجب الخروج عن حدودها الخاصة بها ولا يُعطيها إمكانية شمول الأشخاص[343]، ولا يستوجب إلغاء أثر حرف «إلى» أيضاً، أي أن كلمة «الوسيلة» ينبغي أن تتناسب مع الهدف وتنسجم معه وتكون من سنخه، بناءً على ذلك فإن حرف «إلى» يُحدِّد ويُعيِّن إطلاق «الوسيلة» وعمومها[344]. أي أن «الوسيلة» يجب أن تكون متناسبة مع التقرّب من الله لا أيّ وسيلة كانت؛ إذ إن كثيراً من الوسائل في هذا المسير مُبعِدة عن الله لا مُقرِّبة! في الواقع المقصود هنا هي الوسائل التي أذنت بها الشريعة وبيَّنتها لنا.

في رأينا إن الآية 35 من سورة المائدة تقول: يا أيها الذين آمنوا إذا أردتم الوصول إلى الفلاح والنجاح فعليكم اجتناب ما نهى الله عنه والتمسُّك بالتقوى كما عليكم أن تبحثوا عن وسيلة إلى الله (= منزلة أو عمل أو فعل يستوجب نيل رضا الله والقُرب منه) ثم ذكرت الآية الجهاد في سبيل الله كنموذج للأمور التي تستوجب نيل المنزلة عند الله أو القُرب منه سبحانه وتعالى والذي تكون نتيجته الفلاح والسعادة الأبدية. وبعبارة أخرى قالت الآية: عليكم لأجل نيل الفلاح والخلاص والسعادة الأبدية أن تتقوا الله وفي الوقت ذاته أن تعبدوا الله وتُطيعوه بالطاعات التي تستوجب القُرب منه وتُفضي إلى سعادتكم الأبدية.

و أقول: إذا كنتم لا تزالون تُصرُّون رغم ذلك على موقفكم وتقولون:

"إن الفلاح والنجاح هما نيل مقام القُرب، وبحُكم لزوم المُغايرة بين «المُقدّمة» و «النتيجة» لا بُدَّ أن تكون الوسيلة غير «القُرب»، أي أنه يجب أن تكون الوسيلة شيئاً يُمكن للإنسان أن ينال بواسطته وبسببه القُرب والمنزلة عند الله التي هي الفلاح والنجاح، كما أن الأمر «بالجهاد» جاء عقب الأمر بابتغاء الوسيلة، وهذا يظهر منه أن الجهاد هو مصداق هام جداً من مصاديق ابتغاء الوسيلة، ولما كان الجهاد ذاته ليس التحقق الخارجي والعيني للقُرب من الله بل سبباً ومُقدِّمةً لذلك القُرب فكلمة «الوسيلة» في هذه الآية لن يكون معناها القُرب والدرجة والمنزلة والبحث عن وسيلة وحلّ (التي هي من المعاني اللغوية للوسيلة)، بل معناها الصحيح والمتناسب مع الآية الكريمة هو المعنى الخامس (أي كل ما يستوجب القُرب من الله ويكون سبباً في حصوله)"[345].

قلنا: إن هذا الكلام أيضاً لا ينفعكم لأنكم لا زلتم لم تأتوا بدليل صحيح ومُتقن على ما يلي:

أولاً: لم تأتوا بدليل على أنه يُمكن الاتِّصال بالأشخاص الذين تركوا هذا العالَم الفاني والارتباط بهم[346].

ثانياً: لم تأتوا بدليلٍ واحدٍ على أنه يُمكن جعلهم «وسيلةً للتقرُّب إلى الله»، فإن قلتم: إن قصدنا أنهم يُمكن أن يكونوا «شُفعاء» لنا، فعندئذ تكونوا قد انتقلتم إلى ميدان «الشفاعة» فنحن أيضاً ننقلكم ونُحيلكم إلى الكتاب القيّم: «راه نجات از شرّ غُلاة» (ص 224 فما بعد).

والأهمُّ من ذلك أن كل ما ذكرناه أعلاه إنما هو من باب المُماشاة مع الخصم وإلا فإن ادِّعاءكم لا دليل عليه من الأساس، وإن «الفلاح والنجاح» نتيجة للقُرب من الله ومن لوازمه لا أن الفلاح والسعادة الأبدية هي «القُرب» ذاته. في الواقع «القُرب والتقرُّب» سبب للفلاح لا الفلاح ذاته.

لو لم يكن مثل هذا المؤلف الشاب مخدوعاً بأقوال العلماء الخرافيين، ولو كان له معرفة بالقرآن الكريم، لعلم أن الله تعالى قال: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَوٰةِ مِن يَوۡمِ ٱلۡجُمُعَةِ فَٱسۡعَوۡاْ إِلَىٰ ذِكۡرِ ٱللَّهِ وَذَرُواْ ٱلۡبَيۡعَ[الجمعة: ٩]. لاحظوا أن الله بدلاً من أن يذكر سبب ذِكر الله -الذي هو الصلاة[347]- ذكر المُسَبَّب وأراد به السبب، وتعلمون أن «القُرب» و«الرضوان» الإلهي سببان للفلاح والسعادة لا الفلاح والسعادة ذاتهما، كما نجد في قوله تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلۡأَعۡرَابِ مَن... يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَٰتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَٰتِ ٱلرَّسُولِۚ أَلَآ إِنَّهَا قُرۡبَةٞ لَّهُمۡۚ سَيُدۡخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحۡمَتِهِۦٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٞ رَّحِيمٞ ٩٩[التوبة: ٩٩]إذ نُلاحظ أن القرآن ذكر «قُرُبَات» و«قُرْبَة» وأراد بهما سببهما، بناءً على ذلك حتى لو كانت «القُرْبَة» -بناءً على ادِّعائكم الذي لا دليل عليه ولا مُستند له- هي «الفلاح والخلاص والسعادة» ذاتها فلا مانع أن يقول الله «القُرب» ويقصد سببه، كما أنه عندما قال: ﴿وَٱبۡتَغِ فِيمَآ ءَاتَىٰكَ ٱللَّهُ ٱلدَّارَ ٱلۡأٓخِرَةَ[القصص: ٧٧]إنما قصد طبعاً ابتغاء الفوز والنجاح في عالَم الآخرة لا ابتغاء الآخرة بحدِّ ذاتها التي سيحضر فيها الخاسرون الهالكون أيضاً. أو أنه عندما قال: ﴿تُرِيدُونَ وَجۡهَ ٱللَّهِ [الروم: 39] أو استخدم تعبير: «ٱبۡتِغَآءَ وَجۡهِ ٱللَّهِ» أو «ابْتِغَاءَ وَجْهِ الرَّبِّ» [البقرة: 272، الرعد: 22، الليل: 20] إنما قَصَدَ ابتغاء رضا الله. أو عندما استخدم تعبير: «ابتغاء رِضوان الله ورضا الله» كقوله تعالى: ﴿تَرَىٰهُمۡ رُكَّعٗا سُجَّدٗا يَبۡتَغُونَ فَضۡلٗا مِّنَ ٱللَّهِ وَرِضۡوَٰنٗا[الفتح: ٢٩]أو قوله: ﴿رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنۡهُمۡ وَرَضُواْ عَنۡهُۚ ذَٰلِكَ ٱلۡفَوۡزُ ٱلۡعَظِيمُ ١١٩[المائ‍دة: ١١٩][348] أو قوله: ﴿يَٰٓأَيَّتُهَا ٱلنَّفۡسُ ٱلۡمُطۡمَئِنَّةُ ٢٧ ٱرۡجِعِيٓ إِلَىٰ رَبِّكِ رَاضِيَةٗ مَّرۡضِيَّةٗ ٢٨ فَٱدۡخُلِي فِي عِبَٰدِي ٢٩ وَٱدۡخُلِي جَنَّتِي ٣٠[الفجر: ٢٧- ٣٠] إنما قال ذلك لأن نتيجة الفوز العظيم والفضل من الله والرضوان الإلهي ولازمه: دخول الجنة والسعادة والنجاح الأبديين، كما أن رضا العباد الصالحين نتيجة لنيلهم الفلاح والنجاح، لا أن رضا الله ورضوانه والقُرب منه هو الفلاح والنجاح ذاته. «فلا تتجاهل».

قال تعالى: ﴿وَٱلسَّٰبِقُونَ ٱلسَّٰبِقُونَ ١٠ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلۡمُقَرَّبُونَ ١١[الواقعة: ١٠، ١١]. ومن الواضح أن بقيّة أهل الجنة -الذي لهم درجات أدنى- هم أيضاً من المُفلحين والناجحين، لكن الله تعالى وصف «السابقين» الذين قال عنهم: ﴿ثُلَّةٞ مِّنَ ٱلۡأَوَّلِينَ ١٣ وَقَلِيلٞ مِّنَ ٱلۡأٓخِرِينَ ١٤[الواقعة: ١٣، ١٤] بصفة: «الْمُقَرَّبُونَ » وميَّزهم بها فعُلم أن القُرب ليس هو الفلاح ذاته [بل القُرب سبب الفلاح، والفلاح نتيجةٌ للقُرب].

بناءً على ذلك فإن أصل «لزوم المُغايرة بين المُقدِّمة والنتيجة» في البحث الذي نحن فيه، أي في معنى الآية 35 من سورة المائدة، لا يمنع أن تكون كلمة «الوسيلة » بمعنى التقرُّب والمنزلة، لأنه مما لا شُبهة فيه أن الآية الكريمة قالت إنه لابُدَّ من حصول أمرين لأجل السعادة الأبدية والفلاح والنجاح (1- وجود المُقتضي و2- فقدان المانع):

الأول: الالتزام بالتقوى واجتناب المناهي وهما أمران يستوجبان فقدان المانع من القُرب من الله. الثاني: ابتغاء الوسيلة أي ابتغاء القُربة أي التقرُّب من الله الذي هو سبب ومُقتضى لنيل الفلاح والسعادة الأبديين. ولا خلاف أن علَّة «التقرُّب» وسببه هو: العمل بأوامر الشرع ووصاياه التي أحد بنودها الجهاد في سبيل الله، وكما رأينا في الأسطر السابقة، أطلق القرآن كلمة «القُربات» و«القُربة» وأراد بهما سبب التقرُّب، فمن ثَمَّ لا إشكال في أن يأمر القرآن بابتغاء الوسيلة (ابتغاء القُربة)[349] ويقصد بذلك سبب القُربة وما يُؤدّي إليها، ثم يذكر أحد أسباب القُرب ومُوجباته أي الجهاد في سبيل الله كنموذج على ذلك.

ثالثاً: لو كانت كلمة «الوسيلة » -بناءً على ادِّعائكم الذي لا دليل عليه- تشمل النبيّ والإمام أيضاً فلماذا اعترض رسول الله ص على المشركين الذين كانوا يعتبرون الأصنام تماثيل مُذكِّرة بأرواح عظمائهم -كما بيَّنا ذلك بالتفصيل فيما سبق (ص 96 إلى 128)-، وكانوا يستمدُّون منها ويُقدِّمون لها القرابين وينذرون لها ويطوفون حولها ويطلبون منها حاجاتهم ويعتبرونها واسطةً وشفيعاً ومُقرِّباً، أو على حدِّ قولكم «وسيلةً » للتقرُّب إلى الله، وحاربهم على هذا العمل واعتبرهم مشركين؟! أليس السبب في ذلك أن الإسلام اعتبر تلك الأعمال «عبادةً »؟ وأن عبادةَ غيرِ الله مُحرَّمةٌ بإجماع المسلمين؟

أضف إلى ذلك، حتى لو اعتبرنا أن كلمة «الوسيلة » تشمل كائناً مُدركاً -بسبب وجود قرائن في الكلام تدل على ذلك- فإن ذلك لا يحلُّ مشكلة أهل الخرافات لأن حضرة السجاد قال في المُناجاة الأولى من المُناجاة الخمس عشرة مُخاطباً ربَّه: "اسْتَشْفَعْتُ بِجُودِكَ وَكَرَمِكَ إِلَيْكَ وَتَوَسَّلْتُ بِحَنَانِكَ [بِجَنَابِكَ‏][350] وَتَرَحُّمِكَ لَدَيْكَ فَاسْتَجِبْ دُعَائِي". وقال في المُناجاة السابعة: "لَا وَسِيلَةَ لَنَا إِلَيْكَ إِلا أَنْت ". وقال كذلك: "وَسِيلَتِي إِلَيْكَ التَّوْحِيدُ وَذَرِيعَتِي أَنِّي لَمْ أُشْرِكْ بِكَ شَيْئاً"[351]. وقال أيضاً: "جَعَلْتُ بِكَ اسْتِغَاثَتِي وَبِدُعَائِكَ تَوَسُّلِي‏"[352].

وقال رسول الله ص: "إلهي وَسيلتي إِليكَ الإِيمانُ بكَ". وقال حضرة عَلِيّ (ع): "قَدْ جِئْتُ أَطْلُبُ عَفْوَكَ وَوَسِيلَتِي إِلَيْكَ كَرَمُكَ"[353]. وقال: "فَقَدْ جَعَلْتُ الْإِقْرَارَ بِالذَّنْبِ إِلَيْكَ وَسِيلَتِي‏..... مُتَوَسِّلٌ بِكَرَمِكَ إِلَيْك‏"[354]. وقال: "فَإِنِّي أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِتَوْحِيدِكَ وَتَهْلِيلِكَ وَتَمْجِيدِكَ وَتَكْبِيرِكَ وَتَعْظِيمِك‏"[355]. وقال: "اللهم إني أتقرّب إليك بذكرك وَأستشفع بك إلى نفسك‏.......... وَأتوسل إليك بربوبيتك‏"[356]. وقال عَلِيٌّ في تفسير معنى «حيِّ على الصلاة»: "أَيْ قُومُوا إِلَى مُنَاجَاةِ رَبِّكُمْ وَعَرْضِ حَاجَاتِكُمْ عَلَى رَبِّكُمْ وَتَوَسَّلُوا إِلَيْهِ بِكَلَامِهِ وَتَشَفَّعُوا بِه‏........ وَارْفَعُوا إِلَيْهِ حَوَائِجَكُم‏"[357] (فَتَأَمَّل جداً).

وقال حضرة سيد الشهداء الحسين بن عَلِيّ (ع): "هَا أَنَا أَتَوَسَّلُ إِلَيْكَ بِفَقْرِي إِلَيْك‏"[358]. وصعد رسول الله ص في الأيام الأخيرة من عمره المبارك على المنبر وجلس عليه وقال: "أيها الناس لا وسيلة بين الله وبين أحد من عباده يجد بسببها خيراً أو يدفع عن نفسه بها شراً إلا العمل بطاعة الله"[359].

يَتَـبَيَّنُ من هذا الكلام الصريح للنَّبِيّ الأَكْرَم ص أنه لا يُمكن أن يكون الأشخاص «وسيلةً»، ولهذا السبب قال عَلِيٌّ (ع)، ويبدو أنه قال ذلك تأييداً لقول رسول الله ص وتفسيراً للآية 35 من سورة المائدة:

"إِنَّ أَفْضَلَ مَا تَوَسَّلَ بِهِ الْمُتَوَسِّلُونَ إِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ: الْإِيمَانُ بِهِ وَبِرُسُولِهِ، وَالْجِهَادُ فِي سَبِيلِهِ فَإِنَّهُ ذِرْوَةُ الْإِسْلَامِ وَكَلِمَةُ الْإِخْلَاصِ فَإِنَّهَا الْفِطْرَةُ وَإِقَامَةُ الصَّلَاةِ فَإِنَّهَا الْمِلَّةُ وَإِيتَاءُ الزَّكَاةِ فَإِنَّهَا فَرِيضَةٌ وَاجِبَةٌ وَصَوْمُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَإِنَّهُ جُنَّةٌ مِنَ العِقَاب، وَحِجُّ الْبَيْتِ...... وَصِلَةُ الرَّحِمِ"[360].

فكما نلاحِظ لم يتوسّل عَلِيٌّ وسائر الأئمة -حتى على سبيل تعليم الأمة وإرشاد المأمومين- في أدعيته بالنبيّ الأكرم ص ولا بسائر المُقرَّبين والأنبياء السابقين بمن فيهم حضرة خليل الرحمن وأبي الأنبياء إبراهيم (ع) أو حضرة إسماعيل (ع) بل توسّل دائماً بالإيمان والإسلام وصفات الله وبالجهاد والأعمال الصالحة وعرَّف لنا هذه الأشياء بوصفها «الوسيلة»، حتى أنه قال: "لَيْسَ لِي وَسِيلَةٌ إِلَيْكَ إِلَّا عَوَاطِفُ رَأْفَتِك‏" [361]، أو قال: "فَإِنَّا بِكَ وَلَكَ وَلَا وَسِيلَةَ لَنَا إِلَيْكَ إِلَّا بِك‏"[362]، أو قال: "فَمَا لِي وَسِيلَةٌ أَوْفَى مِنْ قَصْدِي إِلَيْكَ"[363].

رابعاً: منذ أواخر القرن الثاني الهجري فما بعد لم يَعُد النبيّ والأئمّة بين أظهرنا، أي لم يعد بإمكاننا الوصول إليهم حتى نبتغيهم ونجدهم!! كما لم تعد أرواحهم الطيبة في عالَمنا قابلةً لابتغائها والوصول إليها والحصول عليها! لأنها انتقلت إلى عالَم آخر، فكيف يُمكن أن يأمرنا الله الكريم بابتغاء شيءٍ لا يُمكن الحصول عليه والوصول إليه (فَتَأَمَّل).

خامساً: لو كانت «الوسيلة» في الآية موضع بحثنا هي بالضبط ما يدَّعيه الخرافيون، فإن تلك «الوسيلة» لم يكن من الممكن العمل بها أو تحصيلها حتى في زمن الحياة الدنيوية للنبيّ الأكرم ص أو الأئمة الكرام إلا لمن كانوا يعيشون في المدينة أو الكوفة أو...... إذ كيف يُمكن للمؤمن المقيم في اليمن أو الشام أو خراسان أو.... أن يبتغي الأئمة ويسعى للحصول عليهم؟! اللهم إلا أن يشدَّ رحال السفر ويُسافر إلى مقرِّ إقامة الأئمة، ومثل هذا الأمر لا يتيسَّر بالطبع لكل الناس، وإلا فلم يكن من الممكن ابتغاء النبيّ أو الأئمة أو دعائهم من مكان بعيد لأن أئمة الدين كانوا يرفضون أساساً مثل هذه الأعمال. فقد جاء في كتاب «رجال الكِشِّيّ» (ص 353) أنه عندما كان الإمام الصادق ÷ مُقِيماً في المدينة سمع أن جماعةً من أهل الكوفة نادوه قائلين: «لبَّيك جعفر» تأثر جداً و"خَرَّ سَاجِداً وَأَلْزَقَ جُؤْجُؤَهُ بِالْأَرْضِ وَبَكَى وَأَقْبَلَ يَلُوذُ بِإِصْبَعِهِ وَيَقُولُ: بَلْ عَبْدٌ لِـلَّهِ قِنٌّ دَاخِرٌ مِرَاراً كَثِيرَةً، ثُمَّ رَفَعَ رَأْسَهُ وَدُمُوعُهُ تَسِيلُ عَلَى لِحْيَتِهِ" (فما بالك إذا فعلنا تجاهه مثل هذا الأمر -أي ناديناه من بعيد- بعد وفاته ورحيله عن الدنيا؟!)

سادساً: لم تقل الآية الكريمة «ادعوا الوسيلة» بل قالت «ابتغوا»، ومن البديهي أن الابتغاء غير الدعاء (فلا تتجاهل). وكما قلنا: لا يُمكننا أن نبتغي، ونحن في الدنيا الفانية، الأنبياءَ والأولياءَ الذين انتقلوا إلى عالَم البقاء!

سابعاً: لو انتبهنا إلى الآية الكريمة ذاتها، على ضوء ما ذكرناه في البند الثاني، لتبيَّن لنا أن الآية ابتدأت -كما هو ظاهر- بجملة: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ[البقرة: 282] التي هي خطاب لعامة المؤمنين، وهذا الخطاب يشمل النَّبِيّ الأَكْرَم ص ذاته الذي هو - طبقاً للقرآن [البقرة: 285] - أحد المؤمنين وداخل في خطاب الآية ، والأئمة بالطبع مشمولون أيضاً بخطاب الآية، فالجميع أنفسهم عليهم أن يبتغوا «الوسيلة» إلى الله، فلا يُمكن أن يكونوا هم أنفسهم «الوسيلة» إذْ لا يُمكن أن يبتغوا أنفسهم! وهنا نسأل: هل «الوسيلة» التي يبتغيها النبيّ والأئمة إلى الله شيء سوى الإيمان والتقوى والعمل الصالح؟ هل «الوسيلة» التي يجب على كلٍّ من الإمام والأُسوة والمأمومين أن يبتغوها شيء سوى الجهاد في الله وفي سبيل الله؟ هل هناك في الدين فرق في الأحكام بين الإمام والمأموم حتى يجوز القول أنه في هذا المورد لا ينبغي أن يقتدي المأمومون بالإمام ولا أن يتَّبعوه ولا أن يتَّخذوا «الوسيلة» ذاتها إلى الله التي يتَّخذها الإمام؟!

يتبيَّن من التأمّل في الآية أن تلك الآية الكريمة، بعد أن أمرت بالتقوى أي العمل بأوامر الله واجتناب نواهيه، أمرت بابتغاء «الوسيلة» وذكرت نموذجاً على ابتغاء «الوسيلة» حين أمرت بالجهاد بقوله تعالى: ﴿وَجَٰهِدُواْ فِي سَبِيلِهِۦ لَعَلَّكُمۡ تُفۡلِحُونَوبهذا تكون الآية قد أوضحت مباشرة المقصود من «ابتغاء الوسيلة» وبيَّنته، فلا حاجة أن نُلفِّق شرحاً من عند أنفسنا لمعنى «الوسيلة». ولعل هذا هو السبب في أن أكثر المُدافعين عن الخرافات لا يذكرون هذه الآية حتى آخرها في خُطبهم وكتبهم بل يقتطعونها غالباً ويحذفون آخرها!

علاوةً على ذلك، فإن الآيات التالية: ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِهِۦ فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمۡ وَلَا تَحۡوِيلًا ٥٦ أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓ [الاسراء: ٥٦، ٥٧] أوضحت معنى «الوسيلة» في القرآن وبيَّنت المراد منها، وكلمة «أقرب» في الآية الكريمة قرينة على أن المقصود من «الوسيلة» المنزلة والتقرُّب الذي يحصل بواسطة الالتزام بأوامر الشرع واجتناب نواهيه، والأكثر قُرباً من الله هم الأكثر مُراعاة للتقوى والعبادة وطاعة الحق تعالى أي هم الذين يطلبون المنزلة والقُرب من الله لا شيئاً آخر. في الواقع إن الآية تقول بشكل ضمنيّ: إن الذين تدعونهم هم أنفسهم يبحثون عن «الوسيلة» التي تُقرِّبهم من الله، ولا شك أن علينا أن نرى ما هي «الوسيلة» التي يتَّخذونها فنتَّخذ «الوسيلة» ذاتها، أو نرى ما الذي اعتبروه سبباً لكسب المنزلة والقُرب من الله فنعتبره نحن أيضاً سبباً لعُلوِّ الدرجات وكسب المنزلة عند الله. (فَتَأَمَّل).

ثامناً: في كثير من الحالات يتمُّ في اللغة العربية عطف كلمة «المنزلة» على كلمة «الوسيلة» كمُرادف لها وكتأكيد لمعناها. ومن جملة ذلك الجملة التالية التي وردت في الزيارة التي رواها الشيخ عبَّاس القُمِّيّ في «مفاتيح الجنان» عن الإمام الحسين (ع) نقلاً عن كتاب «مصباح الزائرين» للسيد ابن طاووس: "اللهم.... بَلِّغْهُ الْوَسِيلَةَ وَالْمَنْزِلَةَ الْجَلِيلَة"[364]، أو أن أمير المؤمنين علي ÷ قال عن رسول الله ص بعد رحيله عن الدنيا: "اللهم......أَكْرِمْ لَدَيْكَ نُزُلَهُ وَشَرِّفْ عِنْدَكَ مَنْزِلَهُ وَآتِهِ الْوَسِيلَةَ وَأَعْطِهِ السَّنَاءَ وَالْفَضِيلَة"[365].

وجاء في الحديث أن رسول الله ص قال: "اسألوا الله لي الوسيلة فإنَّها درجة في الجنَّة لا ينالها إلا عبدٌ واحدٌ أرجو أن أكون أنا هو". أو أننا نقول في الدعاء الذي ندعو به عندما نسمع الأذان: "آتِ مُحَمَّداً الوَسيلةَ والفَضيلةَ وابْعثْهُ اللهم مَقامَاً مَحْموداً"[366]، ونماذج هذه التعبيرات ليست بالقليلة.

[334] استند صاحب كتاب «توسل يا استمداد از ارواح مقدسه» [التوسل أو الاستمداد من الأرواح المقدسة]، المُضِلِّل للعوام، إلى هذه الآية أيضاً. انظر (ص 114 منه، الطبعة الأولى). [335] نقد وتحليلى پيرامون وهّابيگرى (نقد وتحليل حول الوهَّابية). همايون همتى، ص 191 حتى 194. [336] كما يلزم أيضاً مراجعة الكتاب القيم «راه نجات از شر غلاة» [طريق النجاة من شر الغلاة] لأخينا الفاضل الأستاذ المرحوم حيدر علي قلمداران، ص 56 إلى 84. [337] يعني آية ﴿وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَٰٓئِكَ كَانَ عَنۡهُ مَسۡ‍ُٔولٗا ٣٦[الإسراء: 36] (الـمُتَرْجِمُ) [338] يقصد المبدأ المستفاد من آية ﴿وَلَا تَقۡفُ مَا لَيۡسَ لَكَ بِهِۦ عِلۡمٌۚ إِنَّ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡبَصَرَ وَٱلۡفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَٰٓئِكَ كَانَ عَنۡهُ مَسۡ‍ُٔولٗا ٣٦[الإسراء: 36] (الـمُتَرْجِمُ) [339] قصد الأستاذ الفاضل أنه لا يُمكن لأحد أن يدّعي أن قصد القرآن الأصنام لأن الأصنام كانت مصنوعة من الأحجار والأخشاب والمعادن وهي ليست عباداً مثلنا. وراجعوا أيضاً ما ذكرناه في الكتاب الحالي في الصفحات 96 إلى 115. [340] معجم ألفاظ القرآن الكريم، مجمع اللغة العربية، (مصر)، انتشارات ناصر خسر و (طهران). [341] في هذا التعبير لا يدخل الأشخاص وحدهم بوضوح فحسب بل يدخل غير الأشخاص أيضاً -كما سنرى في أدعية الأئمة-. وما نريد قوله إن تعبير «استشفاع إلى الله» أعم من «ابتغاء الوسيلة» وأقرب إلى المعنى الذي يطلبه الخرافيون لكن القرآن الكريم لم يستخدم هذا التعبير (فَتَأَمَّل). [342] نقد وتحليلي پيرامون وهّابيگري، (نقد وتحليل حول الوهَّابية)، ص 197. [343] إلا إذا وُجدت قرينة في الكلام تدل على ذلك. وإلا فإن إطلاق «أ» أو إفادتها معنى مطلقاً: معناه أنها تشمل كل مدلول «أ» بشكل كامل وتام ودون نقص، و ليس معناه أن مدلولها يشمل «ب» أيضاً؟!! وكل عاقل يفهم هذا الأمر. [344] وبعبارة أخرى فإن هناك فرق بين عبارة «ابتغوا الوسيلة» وعبارة «ابتغوا إليه الوسيلة»، أي أن ما قاله الشاعر في البيت التالي كلام باطل:
در دل دوست به حيله رهى بايد جُست
طاعت از دست نيايد گنهى بايد كرد!!
أي:
لا بُدَّ من البحث عن وسيلة إلى قلب المحبوب
فإذا لم تحصل عليه بالطاعة فعليك بالمعصية
وأقول: في هذه الأيام الأخيرة من عمري لم يعد بإمكاني الاعتماد على ذاكرتي وربما لم أنقل بيت الشعر هذا بصورة صحيحة.
[345] نقد وتحليلي پيرامون وهّابيگري، (نقد وتحليل حول الوهَّابية)، ص 196. [346] سألني بعض الأصدقاء حول «الاتِّصال بالأرواح» [أي تحضير الأرواح] الذي يدَّعيه بعض الناس، لذا أرى من اللازم أن أذكر هنا باختصار بعض الأمور حول هذا الأمر: أولاً: إلى الحدّ الذي أعرفه، لم تثبت حتى الآن قضية «الاتِّصال بالأرواح» من الناحية العلمية والتجريبيَّة، والأهمُّ من ذلك أن هذا الادِّعاء لا ينسجم مع عبارة: «تَوَفّى» التي استُخدمت في القرآن بشأن الروح، والتي تعني الأخذ الكامل، ولا ينسجم مع قوله تعالى: ﴿وَمِن وَرَآئِهِم بَرۡزَخٌ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ ١٠٠[المؤمنون: 100]، ولا مع الآيات التي تدلُّ على عدم معرفة الأرواح بما يجري في عالَم الدنيا والعالَم الفاني بعد الانتقال عنه إلى العالَم الباقي، ومن المعلوم أن هناك بين العالَم الفاني والعالَم الباقي حائل وبرزخ يمنع عودة الروح من العالَم الثاني إلى الأول أو اطِّلاعها على العالَم الفاني والاتِّصال به. (فَتَأَمَّل) ثانياً: إن أغلب الذين يدَّعون «الارتباط بالأرواح» كذابون كما جرَّبنا ذلك، وقد سمعت من أخي الفاضل جناب السيد «مصطفى الطباطبائي» -حفظه الله- أنه قال: لقد حضرت إحدى جلسات تحضير الأرواح وطلبت من مُحضِّر الأرواح إحضار روح جدّي المرحوم آية الله «الميرزا أحمد الآشتياني». وبعد مُدّة قال مدير الجلسة: ها قد أحضرت روح جدّك. فسألته عدّة أسئلة علمية كنت أعلم أن جدّي المرحوم يعرف الإجابة عنها، لكنني سمعت إجابةً لا معنى لها!! فقد تبيِّن لي أن مدير الجلسة أحضر في الاحتمال الغالب جنِّياً ادَّعى كذباً أنه روح جدّي لكنه لم يكن مُطَّلعاً بشكل صحيح على أحوال جدّي المرحوم!! فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ. ثالثاً: هل استطاع أحد أن يدَّعي حتى الآن أنه يستطيع إحضار روح حضرة إبراهيم أو حضرة موسى أو حضرة عيسى أو حضرة الرضا أو .....؟ رابعاً: لنفرض أنه ليس من المستحيل الاتِّصال بالأرواح والارتباط بها، لكن هذا العمل يحتاج إلى مُقدِّمات ومعرفة علم خاص وطيِّ مراحل ومراتب مختلفة، وفي النتيجة فإن هذه المسألة خارجة عن إطار بحثنا لأن الموضوع الذي نبحثه ونناقشه مع الخرافيين هو ادِّعاؤهم أن مُجرّد نداء أرواح الأنبياء والأولياء والتوسُّل بهم يجعلهم يطَّلعون على ما نريده ويحصل الارتباط بينهم وبين الناس العاديين!! (فَتَأَمَّل). [347] لأن الله تعالى قال: ﴿وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكۡرِيٓ ١٤[طه: 14]. [348] لاحظوا الآيات التالية: البقرة: 207 و256، النساء: 114، المائدة: 2، الحديد: 27، الحشر: 8، الممتحنة: 1. [349] راجعوا الصفحة 206 من الكتاب الحالي وقول الراغب الأصفهاني. [350] جاء في بعض النسخ «بجِنانك» أي برأفتك وعطفك، وهي أكثر مناسبةً للكلمة التالية التي عُطفت عليها أي «ترحُّمك» وفي هذه الحالة أيضاً لا يكون في الدعاء ما يُؤيّد ادِّعاء الخرافيين. [351] الصحيفة السجادية، دعاؤه في دفاع كيد الأعداء. [352] مفاتيح الجنان، دعاء أبو حمزة الثمالي، ص 185. [353] الصحيفة العلوية، دعاؤه (ع) في الاستغفار في سحر كل ليلة عقب ركعتي الفجر. [354] الصحيفة العلوية، دعاؤه (ع) في المُناجاة في شهر شعبان، ومفاتيح الجنان، المُناجاة الشعبانية، ص 154 و155. [355] الصحيفة العلوية، دعاؤه (ع) في الشدائد. [356] مفاتيح الجنان، دعاء كميل، ص 62 و65، والصحيفة العلوية، دعاؤه المعروف بدعاء كميل ودعاؤه في ليلة الجمعة. [357] مستدرك الوسائل، الطبعة الحجرية، ج 1، ص 257. [358] مفاتيح الجنان، دعاء عرفة، ص 274. [359] مُنتهى الآمال، الشيخ عبَّاس القُمِّيّ، ج 1، ص 102. [360] نهج البلاغة، الخطبة 110. [361] بحار الأنوار، ج 96، ص 149. [362] بحار الأنوار، ج 96، ص 147. [363] بحار الأنوار، ج 100، ص 295. [364] مفاتيح الجنان، ص 420 و ص 207 في أعمال أيام شهر رمضان. [365] نهج البلاغة، الخطبة 106. [366] إشارة إلى الآية 79 من سورة الإسراء، حيث جاءت كلمة «الوسيلة» في الآية 57 من السورة ذاتها.