تعارض مفاتيح الجنان مع القرآن

فهرس الكتاب

الفصل الأول [من مفاتيح الجنان]

الفصل الأول [من مفاتيح الجنان]

هذا الفصل هو في فضلِ شهر رَجَب وأعمالِه. في بداية هذا الفصل نقل المؤلف عن كتاب «وسائل الشيعة»[405] افتراءً على النبيّ ص أنه قال: "أَلَا إِنَّ رَجَبَ شَهْرُ اللهِ الْأَصَمُّ وَهُوَ شَهْرٌ عَظِيمٌ..... لَا يُقَارِنُهُ شَهْرٌ مِنَ الشُّهُورِ حُرْمَةً وَفَضْلاً..... أَلَا إِنَّ رَجَبَ شَهْرُ اللهِ وَشَعْبَانَ شَهْرِي وَرَمَضَانَ شَهْرُ أُمَّتِي".

في حين أنه جاء في كتاب «الوسائل» ذاته عن حضرة عَلِيٍّ (ع) أنه قال: "رَجَبٌ شَهْرِي وَشَعْبَانُ شَهْرُ رَسُولِ اللهِ ص وَشَهْرُ رَمَضَانَ شَهْرُ الله"[406]؟!!

إضافةً إلى ذلك فإن الشيخ عبَّاس القُمِّيّ نفسه قال في الفصل الثالث من هذا الباب الثاني في المفاتيح (ص 170)[407]: "شهر رمضان هو شهر الله رب العالمين، وهو أشرف الشهور".

وليت شعري! ألم يُفكّر الشيخ عبَّاس القُمِّيّ عندما كتب هذه الأسطر في نفسه كيف يُمكن أن يكون «رجب» أشرف الشهور ومُساوياً في الفضل لشهر رمضان مع أن القرآن الكريم نزل في شهر رمضان؟ وأحد العيدين الكبيرين للمسلمين يتعلّق بمناسبة انتهاء هذا الشهر المبارك، حتى أن أغلب الناس لدينا يقرؤون في المساجد بعد الصلوات في شهر رمضان هذا الدعاء الذي فيه خطاب لِـلَّهِ تعالى بالجمل التالية: "هَذَا شَهْرٌ عَظَّمْتَهُ وَكَرَّمْتَهُ وَشَرَّفْتَهُ وَفَضَّلْتَهُ عَلَى الشُّهُور ".

وقد أورد الشيخ عبَّاس القُمِّيّ نفسه أيضاً هذا الدعاء في المفاتيح في فصل «في أعمال شهر رمضان العامة» (ص 175)[408]. كما نقل دعاءً يتعلّق بليلة شهر شعبان الأخيرة وليلة أول شهر رمضان (ص 169)[409] عن الحارث بن المغيرة النضري الذي قال عنه النجاشي «ثقة ثقة». وجاء في الدعاء المذكور أيضاً: اللهم إِنَّ هَذَا الشَّهْرَ المُبَارَكَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدَىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ قَدْ حَضَرَ ".

51وأورد صاحب المفاتيح في هذا الفصل ثوابات عجيبة وغريبة للصوم في شهر رجب هي من وضع الغلاة وليست من كلام الأئمَّة. وكتب في الصفحة 130[410] يقول: روى الشّيخ [الطوسي في مصباح المتهجد] أنّه خرج هذا التّوقيع الشّريف من النّاحية المُقدّسة على يد الشّيخ الكبير «أبي جعفر محمّد بن عثمان بن سعيد» (رضي الله عنه)!

52لكن الشيخ الطوسي عاش بعد مئتي عام من عهد محمد بن عثمان، فكان حريَّاً بالشيخ الطوسي أن يذكر لنا الرواة بينه وبين «محمد بن عثمان»، وعلى كل حال فإن أحد رواة هذا التوقيع هو «أحمد بن محمد بن عبيد الله العياش الجوهري»[411] الذي عرَّفنا به في الرقم 67 في كتاب «زيارت و زيارتنامه» [زيارت المزارات وأدعية الزيارات] (ص 164) وذكرنا هناك إشكالات هذا التوقيع فلا نُكرِّرها هنا. (فَلْتُرَاجَعْ ثَمَّةَ). فالعجيب أن الشيخ عبَّاس القُمِّيّ روى هذه المُناجاة والمُناجاتين اللتين بعدها عن شخص اعتبره علماء الرجال ومن جملتهم النجاشي والشيخ الطوسي وابن داود والعلامة الحلي وصاحب الذخيرة و... ضعيفاً!

ثم ألم يُفكّر الشيخ عبَّاس في نفسه عندما كتب جملة: "لَا فَرْقَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهَا إِلَّا أَنَّهُمْ عِبَادُك‏"، كيف يُمكن أن لا يكون هناك فرق بين الله وبين عباده مع أن الله واجب الوجود وقديمٌ وغنيٌّ بالذات، أما عباده فهم ممكنو الوجود وحادثون وفقراء ومحدودون؟! أيُّها القارئ اللبيب! إن هؤلاء الوضاعين الجهلاء يُقدِّمون لنا إلهاً خَلَقَ مخلوقاتٍ مثْلَهُ وأنه لا فرق بينه وبين بعض مخلوقاته!!!

في هذه المُناجاة تمّ نسبة «مقامات» لِـلَّهِ تعالى!! مع أنه لم يأتِ في القرآن الكريم أبداً نسبة «المقامات» بصورة الجمع إلى الله بل جاءت العبارة بصورة مُفردة دائماً [سورة إبراهيم: 14، والرحمن: 46، والنازعات: 40] لأن الله صاحب مقام واحد من العظمة والجلال والكبرياء لا يتنزل عنه وينفصل، ولا يترّقى عنه ويرتفع حتى يكون له مقامان، بل لِـلَّهِ تعالى أعلى وأرفع مقام ولا يُمكن تصوُّر أرفع ولا أعلى من مقامه، وصفات الله لا تتغير ولا تتبدل، بناءً على ذلك فإن دعاء شهر رجب الخرافي الذي أثبت لِـلَّهِ «مقامات» ليس صحيحاً؛ فإن كان ذلك الدعاء قد صدر حقاً عن «الناحية»، فالويل لمن خُدع بمثل تلك «الناحية» واعتقد بها! وللأسف لقد أصدروا عن «الناحية» كل ما عنَّ لهم، وأرهبوا العوام وأغلقوا أفواه العلماء الذين يخافون من العامة ولم يسمحوا لأحد أن يسأل قائلاً: لم نرَ منكم سوى الادِّعاء فمن أين لنا أن نعلم أن الأمور التي تذكروها لنا صادرة عن الإمام فعلاً؟ نحن لم نرَ خط الإمام كي نُقارن خط المكتوبات المنسوبة إليه مع خطه؟ فبأيّ دليل علينا أن نقبل ادِّعاءاتكم؟ خاصةً أن معظم ما تعرضونه علينا وتقولون إنه صدر من «الناحية»، لا يتفق مع القرآن الكريم؟!

ثم ذكر الشيخ عبَّاس القُمِّيّ في الصفحة 131[412]رسالتين عن «أبي القاسم حسين بن روح» ادُّعي أنهما صدرتا عن «الناحية» وراويهما هو «أحمد بن عياش» أيضاً. ولا يخفى أن «حسين بن روح» كان رجلاً مُتلوِّناً ويُجيد السياسة وطبقاً لما قاله الشيخ عبَّاس القُمِّيّ عنه: "كان رحمه الله من أعقل الناس عند المخالف والموافق. وكان يستعمل التقيَّة في بغداد. وبلغ من حسن سلوكه مع الحالفين أن كلّاً من المذاهب الأربعة كان يدَّعي أنه منه"[413].

وكانت كل طائفة تُسلِّمه الأموال كما يُسلِّمه الشيعة أموالهم.

من هذا الحديث المختصر يُمكنك أيُّها القارئ الكريم أن تقرأ الكتاب المُفَصَّل! لنفرض أن «ابن روح» كان يعمل بالتقيّة، لكنه لم يكن مُضطراً إلى أن يتظاهر أمام كل واحد من أصحاب المذاهب أنه منهم بل كان يستطيع أن يختار أحد المذاهب فقط كالمذهب المالكي أو الشافعي أو مذهب الأوزاعي، كي يُبعد الخطر عن نفسه. (فَتَأَمَّل).

ومتن الزيارة السابعة[414] أيضاً لا علاقة له بالتوحيد ولا بالإسلام ومن الواضح أنه من تلفيقات فرقة «المُفوِّضة»[415] الملعونين[416] والمُنحرفين، وجاء في جزء من هذه الزيارة الشركية:

"أَنَا سَائِلُكُمْ وَآمِلُكُمْ فِيمَا إِلَيْكُمْ فِيهِ التَّفْوِيضُ وَعَلَيْكُمُ التَّعْوِيضُ، فَبِكُمْ يُجْبَرُ الْمَهِيضُ وَيُشْفَى الْمَرِيضُ وَعِنْدَكُمْ مَا تَزْدَادُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَغِيض‏"!!

أيُّها القارئ الكريم! إن الله يقول عن نفسه: ﴿ٱللَّهُ يَعۡلَمُ مَا تَحۡمِلُ كُلُّ أُنثَىٰ وَمَا تَغِيضُ ٱلۡأَرۡحَامُ وَمَا تَزۡدَادُۚ وَكُلُّ شَيۡءٍ عِندَهُۥ بِمِقۡدَارٍ ٨ عَٰلِمُ ٱلۡغَيۡبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ ٱلۡكَبِيرُ ٱلۡمُتَعَالِ ٩[الرعد: ٨، ٩].

وقال عَلِيٌّ (ع) أيضاً: "إِنَّمَا عِلْمُ الْغَيْبِ عِلْمُ السَّاعَةِ وَمَا عَدَّدَهُ اللهُ سُبْحَانَهُ بِقَوْلِهِ: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُۥ عِلۡمُ ٱلسَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ وَيَعۡلَمُ مَا فِي ٱلۡأَرۡحَامِۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسٞ مَّاذَا تَكۡسِبُ غَدٗاۖ وَمَا تَدۡرِي نَفۡسُۢ بِأَيِّ أَرۡضٖ تَمُوتُ...[لقمان: ٣٤]، فَيَعْلَمُ اللهُ سُبْحَانَهُ مَا فِي الْأَرْحَامِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى...... فَهَذَا عِلْمُ الْغَيْبِ الَّذِي لَا يَعْلَمُهُ أَحَدٌ إِلَّا اللهُ......الخ"[417].

ولكن للأسف أثبت واضعو هذا الدعاء الذين يدَّعون كذباً حُبَّ عَلِيٍّ، هذه الصفات الخاصة بالله لبعض عباده أيضاً!! ألم يُفكّر الشيخ عبَّاس القُمِّيّ في نفسه عندما كتب نصَّ هذه الزيارة في كتابه أنه إذا كان الأنبياء -ومن جملتهم النَّبِيّ الأَكْرَم ص- لا يملكون للناس نفعاً ولا ضرَّاً [سورة الأعراف: 188، ويونس: 49، والجن: 21] فكيف يُمكن أن تُوكل هذه الأمور إلى النبيّ أو أحفاده؟ هل كان الشيخ عبَّاس القُمِّيّ جاهلاً بالعقائد الباطلة لفرقة المُفوِّضة المُنحرفة ولا يعلم أن الأئمة اعتبروا أتباع تلك الفرقة أعداءً لِـلَّهِ؟[418] ولا يخفى أن راوي هذه الزيارة هو ذاته راوي الزيارتين الخامسة والسادسة الخاصَّتين بشهر رجب أي «ابن عياش الجوهري»، ولا نتوقع منه بالطبع تُحفةً يُقدّمها لنا أفضل من هذه!

وللأسف لقد شاهدتُ بنفسي مرّات عديدة أو سمعتُ المشايخ يدعون الناس إلى طلب حاجاتهم من الأئمة (ع) ويقولون لهم: كل ما تريدونه من حاجة أو ما تبغونه من حلٍّ لمشكلة فاطلبوه من هذه الأسرة أي من أهل بيت النبيّ! ويُحيلونهم إلى كتاب «مفاتيح الجنان» وإلى الزيارة الخاصة بشهر رجب ذات العبارات الشركية!! هذا في حين أن كثيراً من الأمور المذكورة في «مفاتيح الجنان» لا اعتبار ولا وزن شرعيّ لها على الإطلاق.

ثم ذكر الشيخ عبَّاس القُمِّيّ في الصفحة 132[419] دعاءً عن «ابن طاووس» رواه الأخير عن «محمد بن ذكوان»! مع أن هناك على أقل تقدير خمسة قرون من الزمن بين ابن طاووس وابن ذكوان ولا أحد يعلم من هم الرواة بينهما؟! ولذلك فمثل هذه الرواية تُعتبر روايةً مرفوعةً وساقطةً من الاعتبار. طبقاً لنقل «الممقاني» في رجاله (ج 3، ص 116) أحد رواة هذا الدعاء هو «محمد بن علي البرسي» الذي كان من الغلاة، والراوي المُتَّصل بـ «محمد بن ذكوان» كذاب مشهور يُدعى «محمد بن سنان»[420]!

لنَأْتِ الآن إلى تمحيص متن هذا الدعاء: جاء فيه: "يَا مَنْ...... آمَنُ سَخَطَهُ عِنْدَ كُلِّ شَر". هذه العبارة مخالفة للقرآن الكريم الذي يقول: ﴿أَفَأَمِنُواْ مَكۡرَ ٱللَّهِۚ فَلَا يَأۡمَنُ مَكۡرَ ٱللَّهِ إِلَّا ٱلۡقَوۡمُ ٱلۡخَٰسِرُونَ ٩٩[الاعراف: ٩٩]. كما قال تعالى لرسوله ص: ﴿قُلۡ إِنِّيٓ أَخَافُ إِنۡ عَصَيۡتُ رَبِّي عَذَابَ يَوۡمٍ عَظِيمٖ ١٥[الانعام: ١٥].

ثم في الصفحة 134 [421]جمع الشيخ عبَّاس القُمِّيّ أحاديث تُصيب من يأخذ بها بالاغترار وليس لها أيُّ سند، منها خبرٌ يقول: من صام من شهر حرام ثلاثة أيام; الخميس والجُمعة والسّبت كتب له عِبادة تسعمائة عام!! أي ثوابه أكثر من ثواب العبادة في ليلة القدر أيضاً!!

أو في العمل التاسع عشر ذكر جزءاً من حديثٍ خرافيٍّ لا سند له عن كتاب «إقبال الأعمال» لابن طاووس ضعيف العقل، ولعلَّه استحى أن ينقل الحديث بتمامه! في الحديث المذكور جاء ذكرٌ لصلاة تُدعى «صلاة سلمان» وصفها ابن طاووس بما يلي: "عن سلمان رضي الله عنه قال: قال رسول الله ص:

"مَنْ صَلَّى لَيْلَةً مِنْ لَيَالِي رَجَبٍ عَشْرَ رَكَعَاتٍ يَقْرَأُ فِي كُلِّ رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَقُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ غَفَرَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ كُلَّ ذَنْبٍ عَمِلَ وَسَلَفَ مِنْ ذُنُوبِهِ وَكَتَبَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ بِكُلِّ رَكْعَةٍ عِبَادَةَ سِتِّينَ سَنَةً وَأَعْطَاهُ اللهُ تَعَالَى بِكُلِّ سُورَةٍ قَصْراً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ فِي الْجَنَّةِ وَكَتَبَ اللهُ تَعَالَى لَهُ مِنَ الْأَجْرِ كَمَنْ صَامَ وَصَلَّى وَحَجَّ وَاعْتَمَرَ وَجَاهَدَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَكَتَبَ اللهُ تَعَالَى لَهُ إِلَى السَّنَةِ الْقَابِلَةِ فِي كُلِّ يَوْمٍ حَجَّةً وَعُمْرَةً وَلَا يَخْرُجُ مِنْ صَلَاتِهِ حَتَّى يَغْفِرَ اللهُ لَهُ فَإِذَا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ نَادَاهُ مَلَكٌ مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ اسْتَأْنِفِ الْعَمَلَ يَا وَلِيَّ اللهِ فَقَدْ أَعْتَقَكَ اللهُ تَعَالَى مِنَ النَّارِ، وَكَتَبَهُ اللهُ تَعَالَى مِنَ الْمُصَلِّينَ تِلْكَ السَّنَّةَ كُلَّهَا. وَإِنْ مَاتَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ مَاتَ شَهِيداً وَاسْتَجَابَ اللهُ تَعَالَى دُعَاءَهُ وَقَضَى حَوَائِجَهُ وَأَعْطَى كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ وَبَيَّضَ وَجْهَهُ وَجَعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّارِ سَبْعَ خَنَادِقَ" [422].

لا يخفى أن الشيخ عبَّاس ذكر تحت عنوان «العمل الخامس لأول أيام شهر رجب» صلاةً تُدعى «صلاة سلمان» أيضاً ذُكِرَ لها ما يُشبه هذه الثوابات العجيبة والغريبة[423]، ولم يذكرها مؤلف المفاتيح ثمَّة بل أعرض عن ذكرها ربَّما لحفظ ماء الوجه![424]

ألا يعلم الشيخ عبَّاس أن العبادات في الإسلام توقيفيَّةٌ، وأنه لا يجوز أن نُعرِّف للناس عبادةً دون أن يكون عليها دليلٌ شرعيٌّ مُحكمٌ بل لمجرَّد أن الكفعمي أو المَجْلِسِيّ أو ابن طاووس وأمثالهم نقلوها؟!! أنا لست أدري أيُّ تقوى هذه التي كانت لدى الشيخ عبَّاس!

وجاء في هذا الحديث أن المنافقين لا يُصلُّون هذه الصلاة! وأقول: لو صحَّ هذا الكلام لوجب على النبيّ أن يُعلّم هذه الصلاة جميع المسلمين كي ينجوا من النفاق لا أن تصل إلينا هذه الرواية بصورة حديث لا سند له!

نعم كما ذكرت أورد الشيخ عبَّاس في هذا القسم من كتابه أحاديث تبعث على الاغترار كقوله إن كل من عمل العمل الفلاني غُفرت له جميع ذنوبه و.....!! مثلاً في الصفحة 136[425] يقول: إن كل من اغتسل في أول شهر رجب ووسطه وآخره خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه!! مع أن هذا الحديث لا سند له!![426] أو نقل في الصفحة 139[427] عن الإمام الصادق صلاةً قال أن من صلاها في ليلة ثلاث عشرة وليلة أربع عشرة وليلة خمس عشرة من شهر رجب..... غُفر له كل ذنب سوى الشرك[428]. إذا كان الأمر كذلك فيُمكن لكل خطاء أثيم أن يرتكب ما شاء من الذنوب طول العام ثم يأتي في شهر رجب فيغتسل كما وُصف أو يُصلّي تلك الصلاة فيطهر من جميع ذنوبه!!

لقد أوضحنا في كتابنا «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول» (ص 77، البند 7) أن مثل هذه الأحاديث مردودة وأنها سَبَبٌ في اغترار العاصين. إن على كل مُذنب عصى الله وتعدّى حدوده أن يتوب من ذنبه ويُصلح العمل وإلا فمن غير توبة [لن يُغفر له] ولن يُقبل عمله لأن الله تعالى قال: ﴿إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ ٱللَّهُ مِنَ ٱلۡمُتَّقِينَ ٢٧[المائ‍دة: ٢٧] و «إنما» أداة حصر، أي لا يتقبل الله إلا من المتقين.

وفي الصفحة 135 نسب عدد من المجاهيل حديثاً إلى النبيّ تحت عنوان «عمل ليلة الرغائب» لا تقوم به حُجّة[429]. ونقل في أعمال الليلة الأولى من شهر رجب دعاءً عن «موسى بن أشيم» الذي كان من أنصار «أبي الخطاب»[430]. وقد عرَّفنا بهذا الراوي في كتابنا «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول» (ص 250). ثم روى في الصفحة 136 حديثاً عن رجل خبيث يُدعى «أبو البختري وهب بن وهب»! وقد عرّفنا بحاله في كتاب «زيارت و زيارتنامه» [زيارت المزارات وأدعية الزيارات] (ص 161 رقم 62).

ولا ينقضي العجب من علمائنا مثل الشيخ الطوسي وأمثاله الذين كتبوا كتباً في علم الرجال اعتبروا فيها كثيراً من الرواة ضعفاءَ وكذابين وغلاةً ومجهولي الحال و..... لكنهم رَوَوْا في كتبهم الأخرى أحاديثَ وأدعيةً عن أولئك الرواة الضعفاء والكذابين أنفسهم ونشروا خرافاتهم وأباطيلهم بين المسلمين!! فكان مَثَلُهُم في ذلك - كما قال أخونا الفاضل جناب الأستاذ قلمداران (رحمه الله)- مَثَلُ طبيب يُحذِّر الناس من الجراثيم ويوصيهم بالابتعاد عنها، ولكنه يقوم هو نفسه بحقن الناس بهذه الجراثيم!! نعم، لقد لوَّث علماؤنا بنقلهم لهذه الأحاديث الضعيفة، الدينَ، وأغرقوا المسلمين في الخرافات والأباطيل.

ثم أشار في الصفحة 139 إلى ولادة أمير المؤمنين علي ÷ ونُحيل القارئ في هذا الصدد إلى ما جاء في كتاب «زيارت و زيارتنامه» [أي زيارت المزارات وأدعية الزيارات] (ص 276 حتى 383).

في الصفحة ذاتها ذكر الشيخ عبَّاس صلاةً خاصةً بليلة النصف من شهر رجب راويها حسبما جاء في كتاب «إقبال الأعمال» (ص 655): «حَرِيزٌ» الذي ضعَّفه النجاشي والكِشِّيّ وقال النجاشي عنه إنه لم يسمع من حضرة الصادق (ع) سوى حديثين فقط، وطبقاً لما ذكره الكِشِّيّ لم يكن حضرة الصادق يقبل حضوره في مجلسه[431]. وقال راوي هذه الصلاة أنه بعد السلام فيها يقرأ المُصلِّي أربع مرَّات: "اللهُ اللهُ رَبِّي لَا أُشْرِكُ بِهِ شَيْئاً وَلَا أَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ وَلِيّاً ". ونسأل الشيخ عبَّاس: إن كنتَ تقبل هذا الكلام فعلاً وكتبتَه، فلماذا أوردتَ في المفاتيح أدعيةً وزياراتٍ تجعل فيها كل إمام وحفيد للأئمَّة ولياً لك بصورة مطلقة؟! أليس اتِّخاذ وليٍّ مُطلق سوى الله عمل مخالف لمئات الآيات في القرآن الذي قال مراراً: ﴿مَا لَكُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ مِن وَلِيّٖ وَلَا نَصِيرٍ[البقرة: ١٠٧،التوبة116،العنكبوت22،الشوری31]. ينبغي أن نقول: إن هؤلاء المُحدِّثين الجاهلين بالقرآن صرفوا همّتهم على نقل الأحاديث والأدعية والزيارات وتدوينها ولم يلتفتوا إلى معارضتها للقرآن ومخالفتها لتعاليمه. ثم روى في الصفحة 141[432] دعاء باسم «دعاء أم داود» لم يذكر له الشيخ الطوسي ولا السيد بن طاووس ولا المَجْلِسِيّ سنداً!

53وذكر في الصفحة 146[433]دعاءً بلا سند خاصاً بليلة السابع والعشرين من رجب واعترف بنفسه أن الكفعمي ذكر أن هذا الدعاء خاصّ بليلة 27 من رجب في حين أن ابن طاووس جعله خاصاً بيوم 27 رجب؟!! ونقول: لو كان هذا الدعاء وارداً في الشرع لما كان هناك من داعٍ إلى أن يذكر الكفعمي أو ابن طاووس وقته.

وفي الصفحة 148[434] قال بشأن يوم 27 من رجب: «هو من الأعياد العظيمة».

ونقول: لو كان هذا اليوم عيداً لكانت له صلاة كصلاة عيدي الفطر والأضحى في حين أن الأمر ليس كذلك، وَمِنْ ثَمَّ فلا يجوز اعتباره عيداً دون دليل شرعيّ فما بالك باعتباره عيداً عظيماً!!

ثم قال الشيخ عباس: "وفيه كان بعثة النّبي ص وهبوط جبرئيل عليه السلام بالرّسالة"!!

وهذا الكلام لا يتفق مع القرآن لأن القرآن الكريم ذكر لنا أن بعثة رسول الله ص وقعت في شهر رمضان وليلة القدر، قال تعالى: ﴿شَهۡرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ فِيهِ ٱلۡقُرۡءَانُ[البقرة: ١٨٥]، وقال: ﴿إِنَّآ أَنزَلۡنَٰهُ فِي لَيۡلَةِ ٱلۡقَدۡرِ ١[القدر: ١].

[405] وسائل الشيعة، ج 7، ص 352، وبحار الأنوار، ج 92، ص 26. [406] وسائل الشيعة، ج 7، ص 356. [407] مفاتيح الجِنان (المُعَرَّب)، ص 247. (الـمُتَرْجِمُ) [408] مفاتيح الجِنان (المُعَرَّب)، ص 249. (الـمُتَرْجِمُ) [409] مفاتيح الجِنان (المُعَرَّب)، ص 244 وعَنْوَنَ له بأعمال آخر ليلة من شعبان. (الـمُتَرْجِمُ) [410] مفاتيح الجِنان (المُعَرَّب)، ص 200. هو البند: الخامس، من القسم الأول من أعمال شهر رجب. (الـمُتَرْجِمُ) [411] هو راوي دعاء «السِّمات» راجعوا الكتاب الحالي، ص 76، و ص 249 الآتية. وراجعوا أيضاً كتاب «درسي از ولايت» [درسٌ حول الولاية]، ص 92-93. [412] مفاتيح الجِنان (المُعَرَّب)، ص 201 و 202. (الـمُتَرْجِمُ) [413] منتهى الآمال، ج 2، ص 507 و 508. (وهو في النسخة المعرَّبة لـ«منتهى الآمال» في: ج2، ص 672). (الـمُتَرْجِمُ) [414] يقصد بالسابعة: الواردة في البند السابع من بنود القسم الأول من أعمال شهر رجب، الواقع في ص 202 من مفاتيح الجِنان (المُعَرَّب). (الـمُتَرْجِمُ) [415] راجعوا حول موضوع «التفويض» و«المُفوِّضة» ما ذكرناه في ص 122 فما بعد من الكتاب الحاضر، وكتاب «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول»، الصفحات 145 و 249 حتى 264 والصفحة 555-556. [416] لقد لعنهم الشيخ الصدوق، راجعوا «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول»، ص 70-71. [417] نهج البلاغة، الخطبة 128. [418] راجعوا «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول»، ص 145. كما اعتبر الإمام الرضا (ع) «المُفوِّضة» مشركين. انظر كتاب الاحتجاج للطبرسي، طبع النجف بتعليقات محمد باقر الخراسان، ج 2، ص 198. [419] مفاتيح الجِنان (المُعَرَّب)، ص 203. (الـمُتَرْجِمُ) [420] لقد عرّفنا به في كتابنا «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول»، ص 304 إلى 308. [421] مفاتيح الجِنان (المُعَرَّب)، ص 205. (الـمُتَرْجِمُ) [422] إقبال الأعمال، دار الكتب الإسلامية (الباب الثامن فيما نذكره مما يختص بشهر رجب وبركاته)، ص 630، وسائل الشيعة، ج 5، ص 230، وبحار الأنوار، ج 95، ص 380- 381. [423] مفاتيح الجِنان (المُعَرَّب)، ص 210. (الـمُتَرْجِمُ) [424] لرؤية الحديث المذكور راجعوا كتاب مصباح المتهجد للشيخ الطوسي، باهتمام الأنصاري الزنجاني، ص 752 -753، ووسائل الشيعة، ج 5، ص 231 و 232. [425] مفاتيح الجِنان (المُعَرَّب)، ص 208-209. [426] إقبال الأعمال، ص 628، وسائل الشيعة، ج 2، ص 959. [427] مفاتيح الجِنان (المُعَرَّب)، ص 211. [428] روى ابن طاووس في كتابه «إقبال الأعمال» (ص 655) هذه الصلاة عن أحمد بن أبي العيناء وهو شخص مُهمل مجهول الحال. [429] للاطِّلاع على سند الحديث المذكور راجعوا كتاب بحار الأنوار، ج 95، ص395 فما بعد. [430] وإليه تُنسب فرقة «الخطَّابية». راجعوا كتاب «زيارت و زيارتنامه» [زيارت المزارات وأدعية الزيارات]، ص 37 و 87. [431] للتعرف على حاله راجعوا كتابنا «عرض أخبار الأصول على القرآن والعقول»، ص 519. [432] مفاتيح الجِنان (المُعَرَّب)، ص 213. (الـمُتَرْجِمُ) [433] مفاتيح الجِنان (المُعَرَّب)، ص 220. (الـمُتَرْجِمُ) [434] مفاتيح الجِنان (المُعَرَّب)، ص 222. (الـمُتَرْجِمُ)