معجزات النبي ﷺ
السؤال: ما هي معجزات النبي ﷺ؟ [6/27]
الجواب [رقم: 6]:
معجزات نبينا محمد عليه الصلاة والسلام كثيرة جدًّا. ولسنا بصدد إحصائها في هذا المقام الضيق، فمنها: نبع الماء من بين أصابعه[تقدم تخريجه ص14]، ومنها تكثير الطعام القليل حتى يشبع منه الخلق الكثير[تقدم تخريجه ص14]، ومنها قصة الأعرابية صاحبة السطيحتين - أي: الراويتين - وحاصلها ما رواه البخاري في صحيحه عن عمران بن الحصين قال: كنا في سفر مع النبي ﷺ، فاشتكى إليه الناس من العطش، فدعا عليًّا وفلانًا، فقال: «اذْهَبَا، فَابْتَغِيَا المَاءَ» فانطلقا فلقيا امرأة بين سطيحتين من ماء على بعير لها. فقالا لها: أين الماء؟ فقالت: عهدي بالماء أَمْسِ هذه الساعة. فقالا لها: انطلقي. قالت: إلى أين؟ قالا: إلى رسول الله. قالت: الذي يقال له: الصابئ؟ قالا: هو الذي تعنين. فجاءا بها إلى رسول الله، ودعا النبي وأطلق العزالي[العزالي جمع عزلاء، وهو مصب الماء من القربة ونحوها] ونودي في الناس: اسقوا، واستقوا. فملؤوا قربهم وقدورهم وأوانيهم، وأعطى الذي أصابته الجنابة إناء من ماء فقال: «اذْهَبْ فَأَفْرِغْهُ عَلَيْكَ». وأيم الله لقد أقلع عنها، وإنه ليخيل إلينا أنها أشد ملاءة منها حين ابتدأها. وقال لها رسول الله: «تَعْلَمِينَ، مَا رَزِئْنَا مِنْ مَائِكِ شَيْئًا، وَلَكِنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِي أَسْقَانَا» [ما رزئنا: أي ما أنقصنا]. فأتت أهلها، وقالوا: ما حبسك عنا؟ قالت: العجب؛ لقيني رجلان، فذهبا بي إلى هذا الذي يقال له: الصابئ. ففعل كذا وكذا، فوالله إنه لأسحر ما بين هذه وهذه، تعني السماء والأرض، أو إنه لرسول الله حقًّا[صحيح البخاري (344)، وصحيح مسلم (682)]. وبسبب هذه المعجزة أسلم قومها.
وكان العرب يسمون الرسول الصابئ؛ من أجل أن الناس يصبون إليه؛ أي يميلون إليه ويدخلون في دينه.
ومثله ما جرى له مع شاة أم معبد وكانت عجفاء هزيلة لا تطيق المشي مع الصحاح، فمسح ضرعها، وسمى الله عليها؛ فتنافجت، واجترت، ودرّت، ثم انفجرت باللبن[رواه الحاكم في المستدرك (4274) من حديث هشام بن حبيش بن خويلد رضي الله عنه].
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها
فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد
لكن المعجزة الخالدة الدائمة إلى يوم القيامة هي معجزة القرآن الحكيم، الذي تحدى الله به جميع الأولين والآخرين، على أن يأتوا بسورة من مثله، فعجزوا مع بلاغتهم، وشدة فصاحتهم ﴿قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَٰذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ٨٨﴾[سورة الإسراء، الآية: 88].
فهو معجزة الدهور، وآية العصور، وسفر السعادة، ودستور العدالة، وقانون الفريضة والفضيلة، والواقي من الرذيلة.
وفي الصحيحين أن النبي ﷺ قال: «إِنَّهُ مَا مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا وَقَدِ أُوْتِيَ مِنَ الْآيَاتِ مَا آمَنَ بِهِ الْبَشَرُ، وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِي أُوتِيتُهُ وَحْيًا أَوْحَاهُ اللهُ إِلَيَّ، فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» [صحيح البخاري (4981)، وصحيح مسلم (152) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].
الله أكبر إن دين محمد
وكتابه أقوى وأقوم قيلا
إن معجزات سائر الأنبياء قد وقعت بوقتها، ومضت بمُضِيِّ زمنها، بحيث لا يشاهدها الناس الآن، غير أن المسلمين يؤمنون بها بدون أن يشاهدوها، تبعًا لإيمانهم بسائر المغيبات التي أخبر الله بها.
وإنما المعجزة الخالدة الدائمة، والمشاهدة بالأبصار إلى يوم القيامة، هي معجزة القرآن الذي فيه خبر ما قبلكم، ونبأ ما بعدكم. يقول الله سبحانه: ﴿كَذَلِكَ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنبَاء مَا قَدْ سَبَقَ وَقَدْ آتَيْنَاكَ مِن لَّدُنَّا ذِكْرًا ٩٩ مَنْ أَعْرَضَ عَنْهُ فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا ١٠٠﴾[سورة طه: 99 – 100].
***