فتاوى بن محمود

فهرس الكتاب

صلاة الاستسقاء

السؤال: متى تقام صلاة الاستسقاء وما حكمها؟ [7/334]

الجواب [رقم: 44]:

صلاة الاستسقاء هي صلاة دعاء وتضرع، سنها رسول الله ﷺ وفعلها الأنبياء قبله، فروى الإمام أحمد، وصححه الحاكم، أن رسول الله قال: «خَرَجَ نَبِيُّ اللهِ سُلَيْمَانُ عَلَيْهِ السَّلاَمُ يَسْتَسْقِي، فَرَأَى نَمْلَةً مُسْتَلْقِيَةً عَلَى ظَهْرِهَا، رَافِعَةً قَوَائِمَهَا إِلَى السَّمَاءِ، تَقُولُ: اللَّهُمَّ إِنَّا خَلْقٌ مِنْ خَلْقِكَ، لَيْسَ بِنَا غِنًى عَنْ سُقْيَاكَ وَرَحْمَتِكَ، فَقَالَ: ارْجِعُوْا فَقَدْ سُقِيْتُمْ بِدَعْوَةِ غَيْرِكُمْ» [أخرجه أحمد في الزهد (449)، والطبراني في الدعاء (968) من قول أبي صديق الناجي مقطوعًا. ورواه الطحاوي في مشكل الآثار (875)، والدارقطني (1797)، والحاكم (1215) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا، ولكن بلفظ: ««خَرَجَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ...»]. إنه لم ينزل بلاء إلا بذنب، ولم يرفع إلا بتوبة، قال علي رضي الله عنه: وأيم الله ما كان قوم في رغد من العيش، فزال عنهم ذلك، إلا بخطيئة اجترحوها. ولو أن الناس حين تحل بهم النقم، وتزول عنهم النعم، فزعوا إلى ربهم في رقة من قلوبهم، وصدق من نياتهم، لرد لهم كل ما كان شاردًا، وأصلح لهم ما كان فاسدًا ﴿وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَٰكِنْ كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُون ٩٦[سورة الأعراف، الآية: 96]، ﴿ ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُون ٤١[سورة الروم، الآية: 41].

والاستسقاء هو طلب السقيا من الله، لكون السين والتاء للطلب، وقد جاء الصحابة إلى رسول الله ﷺ وقالوا: يا رسول الله؛ أجدبت الأرض، وقحط المطر، فاستسق لنا ربك. فأمر بمنبر، فوضع له في المصلى، ووعد الناس يومًا يخرجون فيه، فخرج حين بدا حاجب الشمس، فصلى بهم ركعتين، ثم خطب الناس فقال: «إِنَّكُمْ شَكَوْتُمْ جَدْبَ دِيَارِكُمْ، وَقَدْ أَمَرَكُمُ اللَّهُ أَنْ تَدْعُوهُ، وَوَعَدَكُمْ أَنْ يَسْتَجِيبَ لَكُمْ» ثم قال: «الحمد لله رب العالمين، الرحمـٰـن الرحيم، مالك يوم الدين، لا إلـٰـه إلا الله يفعل ما يشاء، ويحكم ما يريد، اللَّهم أنت الله لا إلـٰـه إلا أنت، أنت الغني ونحن الفقراء، أنزل علينا الغيث والرحمة، ولا تجعلنا من اليائسين، اللَّهم اسقنا وأغثنا، اللَّهم اسقنا غيثًا مغيثًا، هنيئًا مريئًا نافعًا غير ضار، عاجلاً غير آجل، اللَّهم اسق عبادك وبلادك وبهائمك، وانشر رحمتك، وأحي بلدك الميت، اللَّهم إنا خلق من خلقك. ليس بنا غنى عن سقياك ورحمتك. اللَّهم إنا خلق من خلقك فلا تمنع عنا بذنوبنا فضلك، اللَّهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارًا، فأرسل السماء علينا مدرارًا. ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا. إن هي إلا فتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء، أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الراحمين، وسبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين» [روى بعضه أبو داود (1173) عن عائشة رضي الله عنها بلفظ مقارب].

ثم يقلب رداءه ويتوجه إلى جهة القبلة ويدعو.

***