حكم تعليق الرجال لآية الكرسي من ذهب
السؤال: ما حكم تعليق الرجال لآية الكرسي من ذهب؟ [7/330]
الجواب [رقم: 322]:
ابتدع الناس في هذا الزمان تعليق آية الكرسي عليهم في صدورهم، بحيث يذهّبونها - أي: يجعلون فيها ذهبًا وسلسلة من ذهب - ثم يعلقونها في رقابهم كتعليق المرأة للقلادة على حد سواء، وهو عمل محرم، من وجوه عديدة:
أحدها: التشبه بالنساء في لبس القلادة، وقد لعن رسول الله ﷺ المتشبهين من الرجال بالنساء[رواه البخاري (5885) من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما].
والأمر الثاني: وضع الذهب فيها، والذهب محرم على الرجال، قليله وكثيره، سواء كان في الساعة، أو في الأزرة، أو في الخاتم.
ولما رأى النبي ﷺ خاتمًا من ذهب طرحه بالأرض بشدة، ثم قال: «يَعْمِدُ أَحَدُكُمْ إِلَى جَمْرَةٍ مِنْ نَارٍ فَيَجْعَلُهَا فِي يَدِهِ». فلما انصرف رسول الله ﷺ قيل لصاحب الخاتم: خذ خاتمك. فقال: والله لا أرفعه عن الأرض، وقد طرحه رسول الله فيها[رواه مسلم (2090) من حديث عبدالله بن عباس رضي الله عنهما]. من شدة استجابته للحق.
والأمر الثالث: الاستهانة بالقرآن، حيث يدخل بهذا التعليق في المراحيض، والمغتسلات، وسائر الأماكن القذرة، والله سبحانه قد أوجب تكريم القرآن واحترامه.
غير أن بعض العلماء قد أجاز - كشيخ الإسلام ابن تيمية - الذهب في السلاح، كما أجازوا تركيب السن - أي: الضرس - من ذهب، أو الأنف من ذهب، حتى لو أغنى عنه غيره، أما الفضة فموسع في إباحتها، قليلها وكثيرها.
فالمؤمنون بالله لا يعلقون على أجسادهم، ولا على أولادهم شيئًا من الحروز والعزايم والجامعات، وإنما يلجؤون إلى الأوراد والدعوات الشرعية فهي الحصن الحصين، والجانب المنيع، فيقولون: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ» [رواه البخاري (3371) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما]، ويقولون: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ» [رواه مسلم (2709)، وأبو داود (3899) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه]، ويقولون: «أَعُوذُ بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ مِنْ شَرِّ غَضَبِهِ وَعِقَابِهِ، وَمِنْ شَرِّ عِبَادِهِ، وَمِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ، وَأَنْ يَحْضُرُونِ» [رواه أبو داود (3893)، والترمذي (3528) من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنه]، «عَزَّ جَارُكَ، وَجَلَّ ثَنَاؤُكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ» [رواه الترمذي (3523)، من حديث بريدة رضي الله عنه، وقال: ليس إسناده بالقوي]، ويقولون: «تحصنت بالله الذي لا إلـٰـه إلا هو إلـٰـهي وإلـٰـه كل شيء، واعتصمت بربي ورب كل شيء، وتوكلت على الحي الذي لا يموت، واستدفعت الشر بلا حول ولا قوة إلا بالله. أعوذ بوجه الله العظيم الذي لا شيء أعظم منه، وبكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن برّ ولا فاجر، وأعوذ بأسمائه الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم من شر ما خلق، وذرأ، وبرأ، ومن شر كل ذي شر لا نطيق شره، ومن شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، إن ربي على صراط مستقيم».
وقد أنزل الله المعوذتين، أي: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَق ١﴾ و﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاس ١﴾ للاستعاذة بهما من شر كل ذي شر.
وكان النبي ﷺ ينفث بهما في كفيه، ثم يمسح بكفيه ما استطاع من جسده[رواه البخاري (5017) من حديث عائشة رضي الله عنها].
فهذه هي الحصن الحصين، فاحفظ الله يحفظك، واحفظه تجده تجاهك.
نسأل الله سبحانه أن يعمنا وإياكم بعفوه، وأن يسبغ علينا وعليكم واسع فضله، وأن يدخلنا برحمته في الصالحين من عباده، وأن يعيننا على ذكره وشكره، وحسن عبادته.