فتاوى بن محمود

فهرس الكتاب

الوصي يقوم مقام الموصي

الوصي يقوم مقام الموصي

الجواب [رقم: 208]:

من عبدالله بن زيد آل محمود إلى المحب الحفي الأخ/ إبراهيم بن محمد، حفظه الله بالإسلام.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أخي، لقد سرّني وصول كتابك الكريم، وقد فهمت ما تضمنه من كلامك القويم، الدال على الحفاوة الودية والمحبة الدينية، أشرت فيه إلى خصوص العيال من البنين والبنات، وأن منهم الصغار الذين لم يبلغوا سن الرشد حتى الآن، وأشرت إلى أخيهم الكبير، وأنه سيئ السيرة، تدرك منه سوء التصرف في نفسه، والجفاء وعدم الوفاء بإخوته وأخواته، وترغب في إبعاده عن مالهم وعن سائر التصرفات فيما يتعلق بشأن تزويجهم، وتريد أن تنص بالوصية عليهم إلى الأخ/ عبداللطيف بن علي العيسى في حفظ مالهم وتزويجهم، وأن لا يكون لأخيهم المذكور سبيل عليهم.

فاعلم يا محب أن هذا العمل جائز شرعًا، وأن الوصي يقوم مقام الموصي في كل شيء، من حفظ مال الأيتام وتزويجهم والتصرف لهم بما ينمي مالهم ويستدعي تكثيره وتوفيره، ولن يبقى للأخ اعتراض عليه شرعًا لقيامه مقام الوالد في التزويج وحفظ المال وسائر التصرفات الشرعية.

ثانيًا: أشرت أن لك والدة وزوجة وبنت أخ قد توفوا رحمهن الله وترغب في أن تجعل لك ولهن شيئًا من مالك في فعل الخير يكون ثوابه لك ولهن، فهذا عزم رشيد إن شاء الله، وإن الذي أشير به، وأنصح بموجبه: إلى أن تنظر إلى من تعرف من فقراء أقاربك وفقراء القبيلة الذين هم من جملة الأرحام، وإلى كل من يمت لك بقرابة ورحم من طريق العمومة والخؤولة من رجال ونساء، وإلى من تعرف من أهل الصلاح والتقى من أهل الأحساء أو شقراء[السائل أصله من شقراء ويقيم في الإحساء]، ثم تنص في وصيتك لكل شخص بشيء مسمى من الصدقة يدفع إليه في ثوابك وثواب من ذكرت بحيث ينفذها الوصي عند لزومها، أي: بعد الوفاة من بعد الإمداد في العمر على طاعة الله إن شاء الله.

ولم أقصد بتعداد من ذكر حصرهم، لكون الانتخاب والتقدير راجع إلى رأيك، إن هذا العمل وهذا الرأي هو أفضل ما أدلك عليه وأشير به عليك، وما أريد أن أخالفك إلى غيره، فإنني عازم على مثله في خاصة ما يتعلق بوصيتي، بحيث إن الموصى له يأخذ صدقته الموصى بها له قبل أن يأخذ الوارث مستحقه؛ لأن الله سبحانه قدم الوصية قبل الإرث، أما فرض التقدير لكل شخص فإنه راجع إلى رأيك؛ لأنك أعرف مني برحمك.

وهذا العمل هو أفضل من الوصية بالثلث الذي يوقع الوارث والوصي في الحرج والمشقة لصعوبة تخلصه، وهو أفضل أيضًا من الوصية بالأضحية.

ثم إن تخليد الوصية وإثباتها في حالة صحة الشخص يعد من فعل الحزم ورأي أولي العزم، وهي لا تقرب أجلاً ولا تؤخره، والموصي أمير نفسه في تصرفه، وتغيير وصيته ما دام في حياته، فله أن يزيد من يشاء، وينقص من يشاء، ويثبت من يشاء، ويمحو من يشاء؛ لكونها لا تلزم إلا بالموت، وإنني أنصحك عن عدم مؤاخذة الولد الجافي على جهله وجفائه، فلا تعمل معه أي حيف أو حرمان؛ لأنه وإن عصى الله فيك فإن من واجبك أن تطيع الله فيه، وتعدل به مع إخوته لكون الحيف بالاختصاص هو مما يسبب الإحن والشحناء بين الإخوة والأخوات، والله يقول: ﴿آبَآؤُكُمْ وَأَبناؤُكُمْ لاَ تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً[سورة النساء، الآية: 11]، ويقول: ﴿إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا[سورة النساء، الآية: 135]، فهذه نصيحتي لك، والله خليفتي عليك، وأستودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك، وأبلغ سلامي الأخ/ عبداللطيف وابنه.

والباري يحفظكم.

(3/1/1390هـ، 5/8/1975م) رئيس المحاكم الشرعية بقطر

***