حكم حجز المكان في المسجد يوم الجمعة أو في الحرم
السؤال: ما حكم ما يفعله بعض الناس من وضع مفارش أو سجاجيد لحجز مكان لهم يوم الجمعة أو في الحرم؟
الجواب [رقم: 51]:
ما يفعله كثير من الناس من تقديم مفارش إلى المسجد يوم الجمعة أو غيرها قبل ذهابهم إلى المسجد فهذا منهي عنه باتفاق المسلمين بل محرم، وهل تصح صلاته على ذلك المفروش؟
فيه قولان للعلماء، لأنه غصب بقعة في المسجد ومنع غيره من المصلين الذين يسبقونه إلى المسجد أن يصلي في ذلك المكان.
والمشروع في المسجد أن الناس يتمون الصف الأول فالأول كما قال النبي ﷺ: «أَلَا تَصُفُّونَ كَمَا تَصُفُّ الْمَلَائِكَةُ عِنْدَ رَبِّهَا؟ يتمّون الصف الأول فالأول ويتراصّون في الصف» [رواه مسلم (430)، وأبو داود (661)، والنسائي (816)، وابن ماجه (922) من حديث جابر بن سمرة رضي الله عنه].
وفي الصحيحين أن رسول الله ﷺ قال: «لَوْ يَعْلَمُ النَّاسُ مَا فِي النِّدَاءِ وَالصَّفِّ الْأَوَّلِ، ثُمَّ لَمْ يَجِدُوا إِلَّا أَنْ يَسْتَهِمُوا عَلَيْهِ لَاسْتَهَمُوا» [رواه البخاري (615)، ومسلم (437) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. ومعنى يستهموا: يضربون القرعة].
والمأمور أن يسبق الرجل بنفسه إلى المسجد، فإذا قدم المفروش وتأخر هو فقد خالف الشريعة من وجهين: من وجه تأخره، ومن غصبه لبقعة من المسجد ومنعه السابقين إلى المسجد أن يصلوا فيها، وأن يتموا الصف الأول فالأول، ثم إنه يتخطى رقاب الناس، وفي الحديث: «مَنْ تَخَطَّى رِقَابَ النَّاسِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ اتُّخِذَ جِسْرًا إِلَى جَهَنَّمَ» [رواه الترمذي (513)، وابن ماجه (1116) من حديث معاذ بن أنس رضي الله عنه بإسناد ضعيف]، وقال رسول الله ﷺ للرجل: «اجْلِسْ فَقَدْ آذَيْتَ، وَآنَيْتَ» [رواه أبو داود (1118)، والنسائي (1399)، وأحمد (17674) من حديث عبدالله بن بسر رضي الله عنه].
وهل لمن سبق إلى المسجد أن يرفع ذلك ويصلي موضعه؟ فيه قولان: أحدهما ليس له ذلك لأنه تصرف في مال الغير بغير إذنه، والثاني — وهو الصحيح —: له ذلك، فيرفعه ويصلي مكانه لأن هذا السابق يستحق الصلاة في ذلك الصف المقدم وهو مأمور بذلك أيضًا، ولكن لا يتمكن من فعل هذا المأمور إلا برفع ذلك المفروش، وما لا يتم المأمور إلا به فهو مأمور به، وأيضًا ذلك المفروش وضعه هناك على وجه الغصب وذلك منكر، وفي الحديث: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ...» [رواه مسلم (69) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه] الحديث، لكن ينبغي أن لا يؤدي تغيير المنكر إلى منكر أعظم منه.
***