فتاوى بن محمود

فهرس الكتاب

أنواع الجهاد

السؤال: هل يقتصر معنى الجهاد على الغزو لقتال الكفار؟ أم له معاني أخرى؟ [6/172]

الجواب [رقم: 211]:

من الناس حينما يسمعون بآيات الجهاد في القرآن، فيظنون كل الظن أن المراد بالجهاد هو الغزو لقتال الكفار، وهذا نوع من الجهاد وليس الجهاد محصورًا فيه. بل الجهاد أعم وأشمل؛ لأن الجهاد هو: بذل الجهد والطاقة في إعلاء كلمة الحق، ونفع الخلق، والجهاد قولي وفعلي، يكون باللسان وبالحجة والبيان، ويكون بالسيف والسنان، وفي الحديث أن النبي ﷺ قال: «الْمُجَاهِدُ مَنْ جَاهَدَ نَفْسَهُ فِي ذَاتِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ» [رواه الترمذي (1621)، وأحمد (23951)، وابن حبان (4706) من حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه].

فالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، هو نوع من الجهاد في سبيل الله، وهو واجب على كل واحد بحسبه، فعلى العالم واجب الجهاد في نشر العلم وتعليمه، وتذكير الناس به، والنصيحة بنشر ما ينفعهم، والتحذير عما يضرهم ما ليس على غيره، وعلى الحاكم من وجوب الجهاد في تنفيذ الحق والحكم بالعدل، ونصر المظلوم، واستيفاء حقه، وقمع الظالم وإيقافه على حده، وإقناعه بحقه؛ ما ليس على غيره. ولن تقدَّس أمة لا يؤخذ الحق من قويهم لضعيفهم.

فالجهاد واجب على كل أحد بحسبه، وواجب على كل أحد مع أهله وعياله بحيث يأمرهم بالخير، وينهاهم عن الشر، ويأمرهم بالصلاة في المسجد معه، عملاً بقوله: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا[سورة طه، الآية: 132].

فالجهاد بالحجة والبيان، والأمر بالخير، والنهي عن الشر، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة: هو جهاد أنبياء الله ورسله. وإنما شرع القتال لتأييده واستقامته؛ لأنه قوام الدين، ﴿وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا[سورة الفرقان، الآية: 31].

***