فتاوى بن محمود

فهرس الكتاب

معنى حديث: «لَا عَدْوَى»

معنى حديث: «لَا عَدْوَى»

السؤال: ما معنى «لَا عَدْوَى» في حديث «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ»؟ [7/325]

الجواب [رقم: 268]:

فقد ثبت في الصحيحين: أن النبي ﷺ قال: «لَا عَدْوَى وَلَا طِيَرَةَ، وَلَا هَامَةَ وَلَا صَفَرَ» [صحيح البخاري (5707)، ومسلم (2220) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].

فنفى رسول الله ﷺ أن تفعل العدوى بنفسها دون قضاء الله وقدره، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.

ولما قال النبي ﷺ: «لَا عَدْوَى». قال رجل: يا رسول الله، إن الإبل تكون في الفلاة كأنها الظباء، فيدخلها البعير الأجرب، فتجرب كلها؟ قال: «فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ؟» [هي رواية للحديث السابق عند البخاري (5717)، ومسلم (2220)].

أشار بهذا إلى أن البعير الأول قد أصيب بالجرب بقضاء الله وقدره بدون عدوى، وكذلك الإبل أصيبت بالجرب بطريق العدوى بقضاء الله وقدره، فالرسول ﷺ لا ينفي العدوى مطلقًا، لكونها من الأشياء التي يشهد بها الواقع المحسوس كما في قول الأعرابي.

فقد ثبت في الصحيحين أن النبي ﷺ قال: «لَا يُورَدُ مُمْرِضٌ عَلَى مُصِحٍّ» [رواه البخاري (5771)، ومسلم (2221) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].

فنهى رسول الله ﷺ صاحب الإبل المصابة بالجرب، أو الهيام أن يوردها على الإبل الصحاح، وكذلك الغنم، ومثله الدجاج المصاب بمرض فيجلبه صاحبه ليغش به الناس، وفي الحديث «مَنْ غَشَّنَا فَلَيْسَ مِنَّا» [رواه مسلم (101) عن أبي هريرة رضي الله عنه].

فأمر رسول الله باتقاء أسباب البلاء، والمباعدة عن الوباء والعدوى، مع التوكل على الله، وقال: «فِرَّ مِنَ الْمَجْذُومِ فِرَارَكَ مِنَ الْأَسَدِ» [رواه البخاري (5707) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].

وجاء مجذوم مهاجرًا فمنعه رسول الله ﷺ من دخول البلد، وقال له: «ارْجِعْ، فَقَدْ بَايَعْنَاكَ» [رواه مسلم (2231)، والنسائي (4182)، وابن ماجه (3544) من حديث الشريد بن سويد الثقفي].

ومثله المصاب بداء الجدري وغيره؛ لأن الله سبحانه ربط الأسباب بالمسببات، وجعل لكل شيء سببًا؛ ولأن الوقاية خير من العلاج، ولهذا ثبت في الصحيح أن النبي ﷺ قال: «إِذَا وَقَعَ الْوَبَاءُ بِأَرْضٍ، فَلَا تَدْخُلُوْهَا» [رواه البخاري (5729)، ومسلم (2219) من حديث عبدالرحمٰن بن عوف رضي الله عنه].

***