فتاوى بن محمود

فهرس الكتاب

الدعاء والصيام

السؤال: ما الحكمة في إيراد آية ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون ١٨٦[سورة البقرة، الآية: 186] بين آيات الصيام؟ [6/178]

الجواب [رقم: 79]:

قد ذكر العلماء الحكمة في وضع هذه الآية بين آيات الصيام. ذلك أن الصائم يتوسع في أفعال العبادة ويكثر من الدعاء، والتضرع إلى الله في كل أوقاته، وعند فطره وسحوره؛ لعلمه أن للصائم دعوة لا تُرد، فهي إرشاد من الله إلى الدعاء عند كل فطر، إذ الدعاء عبادة بل هو مخ العبادة ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين ٦٠[سورة غافر، الآية: 60] فسماه عبادة وتوعد سبحانه كل من استكبر عن عبادة ربه، وأعرض عن دعائه، بأنهم ﴿سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِين أي: صغيرين حقيرين ذليلين.

فالدعاء عماد الدين، ونور السماوات والأرض، وسلاح المؤمن كما ثبت ذلك في الحديث[رواه أبو يعلى (439)، والحاكم في المستدرك (1812) من حديث علي رضي الله عنه بإسناد ضعيف]. وهو بمثابة الكنز المدخر لحالة الأزمات، والوقوع في الشدات، لأن من عرف الله في الرخاء، عرفه في الشدة «وَإِذَا سَأَلْتَ فاَسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ» [رواه الترمذي (2516)، وأحمد (2669) من حديث أبي العباس عبدالله بن عباس رضي الله عنهما]. فـ«لَيْسَ شَيْءٌ أَكْرَمَ عَلَى اللهِ مِنَ الدُّعَاءِ» [رواه الترمذي (3370)، وابن ماجه (3829)، وأحمد (8748) عن أبي هريرة رضي الله عنه]، و«الله يحب الملحين بالدعاء» [رواه الطبراني في الدعاء (20)، والبيهقي في الشعب (1073) وضعفه]، فـ«أَلِظُّوا بِيَا ذَا الجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ» [رواه أحمد (17596)، والنسائي في الكبرى (7669)، والطبراني في الدعاء (92) من حديث ربيعة بن عامر رضي الله عنه]. أي: الزموا وداوموا. و«مَنْ لَمْ يَسْأَلِ اللهَ يَغْضَبْ عَلَيْهِ» [رواه الترمذي (3373) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].