فتاوى بن محمود

فهرس الكتاب

حكم النزول والمبيت بالمزدلفة

حكم النزول والمبيت بالمزدلفة

السؤال: ما الحُكم في نزول مزدلفة والدّفع منها، وما حكم حج من لم يتمكن من النزول بمزدلفة مضطرًّا؟ [7/18]

الجواب [رقم: 118]:

المبيت بمزدلفة إلى نصف الليل واجب في ظاهر مذهب الحنابلة والشافعية، وقال الإمام مالك: إن نزل بها ثم دفع، فلا شيء عليه، وإن لم ينزل بها فعليه دم.

وقال في الإفصاح: أجمعوا على أنه يجب البيتوتة بمزدلفة جزءًا من الليل في الجملة إلا مالك فإنه قال: هو سنة مؤكدة. وقال الشافعي في أحد قوليه: إنه ليس بواجب.

قال: واختلفوا فيمن ترك المبيت بمزدلفة جزءًا من الليل، هل يجب عليه دم أم لا؟

فقال أبو حنيفة: لا شيء عليه في تركها مع كونها واجبة عنده.

وقال مالك: يجب في تركها الدم، مع كونها سنة عنده.

وقال الشافعي في أظهر قوليه، وأحمد: يجب في تركها الدم، مع كونها واجبة عندهما.

فهذه الأقوال مع اختلافها خرجت من هؤلاء الأئمة مخرج الاجتهاد منهم لكونهم لم يجدوا عن رسول الله ﷺ نصًّا صحيحًا صريحًا في تحديد الواجب من المبيت، وهل هو الليل كله أو نصفه؟ فاجتهد كل واحد منهم في القول فيه على حسب الحالة والحاجة في زمنهم؛ من قلة الحاج، وسعة المكان، والطرق، والقدرة على تصرف الإنسان بما يريد.

وإن الأمر الذي لا نزاع فيه هو أن النبي ﷺ نزل بمزدلفة بعد انصرافه من عرفة، فصلى بها المغرب والعشاء جمع تأخير بأذان وإقامتين. ثم رقد حتى طلع الفجر فصلى بعدما تبين الفجر. ثم وقف بالمشعر الحرام؛ فذكر الله وهلله، وأخذ يدعو حتى أسفر جدًّا، ثم دفع من مزدلفة ومعه أصحابه حتى أتى جمرة العقبة، فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة. ثم انصرف إلى المنحر فنحر هديه، وحلق رأسه، ولبس ثيابه. وبعدما أكل من لحم هديه وشرب من مرقه، دفع إلى مكة ومعه أصحابه، فطاف بالبيت طواف الحج.

فهذا أفضل ما يفعله الحاج، إذ إنه سنة رسول الله ﷺ الفعلية، وسيرة خلفائه وأصحابه، حتى في حالة الزمان وشدة الزحام؛ فإنه يكون أوفق وأرفق به، إذ إنه بعد انصرافه من مزدلفة يجد فجوة خالية من شدة الزحام بين المتعجلين والمتأخرين، فهو أفضل ما ننصح به، وندعو الناس إليه؛ لأنه لا يلزم أن يتيسر هذا التسهيل لكل أحد.

***