حكم انغماس الصائم في الماء
الجواب [رقم: 74]:
وأما مسألة انغماس الصائم في الماء وهل يبطل به الصيام أم لا؟
فالجواب: قد ذكر فقهاء الحنابلة أن للصائم أن يغوص في الماء إذا كان لغسل مشروع أو تنظف، أو غرض من الأغراض، ويكره عبثًا ولا يفطر به من فعله، كالمبالغة في المضمضة والاستنشاق، كما ذكر ذلك في الإقناع والمنتهى، واختار صاحب المحرر أن غوصه في الماء كصب الماء عليه، ولهذا قال الإمام أحمد: للصائم أن ينغمس في الماء ما لم يخف أن يدخل مسامعه، لكن لو قدرنا دخول الماء حلقه في غوصه إكراهًا عليه فهو داخل تحت العفو لحديث: «عُفِيَ لِأُمَّتِي عَنِ الْخَطَإِ، وَالنِّسْيَانِ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» [رواه أبو داود (1235)، وأحمد (14139) من حديث جابر رضي الله عنه]وقد ثبت أصل الغسل عن رسول الله ﷺ كما في حديث عائشة وأم سلمة أنه «كَانَ يُصْبِحُ جُنُبًا مِنْ جِمَاعٍ، ثُمَّ يَغْتَسِلُ، وَيَصُومُ» متفق عليه[رواه عبدالرزاق في المصنف (4339)، والبيهقي في السنن الكبرى (3/217)، (5476)]، وفي صحيح البخاري عن أنس أنه قال: إن لي أبزَنًا أتقحم فيه وأنا صائم[رواه ابن ماجه (2043، 2045)، وابن حبان (7219) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما بلفظ: «إِنَّ اللهَ وَضَعَ...»، «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ...» والأبزن: حجر منقور شبه الحوض]. وقد كره الإمام مالك غوص الصائم في الماء، وما ذكر بعض من لا علم عنده من أن الأنف والأذن إذا دخلهما الماء فسد به الصيام فلا يخفى أن هذا قول بلا برهان، فقد ذكر الفقهاء أن الأنف والأذن من أحكام الظاهر فلا يضر ما دخلهما ما لم يصل إلى جوف الحلق.
هذا ما أقول، والله أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
***