فهرست کتاب

تعظيم قبور الأولياء والصالحين

تعظيم قبور الأولياء والصالحين

السؤال: يلاحظ في بعض بلدان المسلمين انتشار قبور الأولياء والصالحين التي يلجأ لها الناس، ويقصدونها للدعاء والاستغاثة لقضاء الحاجات، ويقربون لها القرابين، ولا ينكر ذلك منكر بل وتحميهم الدولة. فما رأيكم؟ [6/347]

الجواب [رقم: 20]:

إن مدار الإسلام على الأمر بعبادة الله وحده، والنهي عن الشرك به، وإن أكثر الناس في هذا الزمان يتسمون بالإسلام اسمًا. والله تعالى يقول: ﴿وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِين[سورة يوسف، الآية: 103].

لأن الإسلام هو الاستسلام لله بالإيمان، والانقياد لطاعته بالصلاة والزكاة والصيام، والبراءة من الشرك وعبادة الأوثان، فلا يكون مسلمًا إلا بذلك. وقد سمعنا عن بعض البلدان العربية الإسلامية التي أهلها مسلمون، والتي يزعم حكامها بأنهم مسلمون، بأنه قد تفشى وانتشر فيها الشرك، وعبادة الأوثان، وصاروا يعبدون قبور الأولياء والصالحين، ويدعونهم ويستغيثون بهم في قضاء حاجاتهم، وتفريج كرباتهم، ويسألونهم الشفاعة، ويقربون لهم القرابين من الذبائح، مما أهل به لغير الله. وهذا هو الشرك الأكبر الذي لا يغفر؛ لكونه مفسدًا للعقول وللفطر، ولسائر البشر، ومحبطًا لسائر الأعمال من الصلاة والصيام.

﴿وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا [سورة النساء، الآية: 116]، ﴿لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يابَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَار ٧٢[سورة المائدة، الآية: 72]. ومع السكوت عنه، وإقرار أهله عليه، فإنه ينتشر ويشتهر، ويغرق عامة الناس فيه. ومع هذا نرى هؤلاء الحكام الذين يزعمون بأنهم مسلمون يقرون قواعد هذا الشرك في بلادهم، ويحمونها ويحترمون أهلها، وهذا عمل مناف لصحة إسلامهم؛ فإن الإسلام الصحيح ينفي الشرك ويحاربه، ويعلن البراءة من أهله. يلتمس رضا الله بسخطهم، فإن من التمس رضا الله بسخط الناس، رضي الله عنه وأرضى عنه الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله، سخط الله عليه وأسخط عليه الناس. والله أكبر على من طغى وكفر وتكبر.

وإن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو قوام الدنيا والدين، وصلاح المخلوقين ﴿وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون ١٠٤[سورة آل عمران، الآية: 104].

لقد خسر الناس التواصي بالحق، والتناهي عن المنكر، فأدخلوا الشرك الأكبر، وعبادة القبور في سياسة حكام البشر، فلا يتعرض أحد لإنكارها، ونسوا أمر الله الذي أوجب الكفر بها وبأهلها، وحرم إقرارها والسكوت عنها.

وإن سنة رسول الله ﷺ، وسيرة أصحابه في فتوح البلدان؛ أنهم يبدؤون قبل كل شيء بإزالة معابد الشرك والأوثان، ليطهروا عقول الناس وعقائدهم من خرافات الشرك والأوثان.

***