كظم الغيظ والغضب
السؤال: ماذا يفعل المسلم للسيطرة على غضبه؟ [7/341]
الجواب [رقم: 372]:
قال تعالى: ﴿وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين﴾.
وهذه من صفات المتقين الذين أعد الله لهم جنات النعيم أنهم يكظمون الغيظ، ويعفون عن الناس، والله عفو، يحب العفو، فهم يحتسبون إسقاط حقهم عفوًا منهم عنه، مع قدرتهم على الانتصار.
وفي كظم الغيظ فضل عظيم، وهو ينبئ عن رزانة العقل، والرغبة في الخير. ولهذا يقال: ليس الحلم في حال الرضاء، إنما الحلم في حين الغضب. ولا سيما للصائم، فإنه يستحب له متى غاضبه أحد أو شتمه أن يلجم نفسه بلجام التقوى، ويستمسك من الورع بالعروة الوثقى، وليقل: إني صائم، كبحًا لنفسه من التشفي والانتقام، وردعًا لخصمه عن الجريان في هذا الميدان؛ لأن الصوم جنة يستجن به المسلم عن الإجرام والآثام، ورديء الكلام.
ومن كان له الصوم جُنة في الدنيا، كان له جُنة دون النار؛ لأن الجزاء من جنس العمل، وكما تدين تدان.
وقد سأل رجل النبي ﷺ فقال: يا رسول الله، أوصني. قال: «لَا تَغْضَبْ»، فردد مرارًا، يقول: «لَا تَغْضَبْ» [رواه البخاري (6116) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه]؛ لأن الغضب يتفرع عنه كل شر.
وقد قال النبي ﷺ يومًا لأصحابه: «مَا تَعُدُّونَ الصُّرَعَةَ فِيكُمْ؟» قالوا: الذي لا تصرعه الرجال. قال: «لَا، لَيْسَ الشَّدِيدُ بِالصُّرَعَةِ، وَلَكِنَّ الشَّدِيدَ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ» [رواه البخاري (6114)، ومسلم (2609) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].
ولهذا يستحب للرجل إذا غضب أن يتوضأ، أو يغسل وجهه بالماء؛ لأن الغضب من الشيطان المخلوق من النار، والماء يطفئ النار. وهو مجرب لتسكين الغضب.
ولهذا ختم الله هذه الآية بقوله: ﴿وَاللّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِين﴾؛ لأن الله سبحانه كتب الإحسان على كل شيء، على الناس فيما بينهم، وحتى الإحسان مع البهائم، ففي البخاري: «بينما كلب يلهث من العطش إذ نزعت له امرأة بغي موقها فسقته، فشكر الله لها ذلك، فغفر لها» [رواه البخاري (3467)، ومسلم (2245) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه] قالوا: يا رسول الله، أفلنا في البهائم أجر؟ قال: «نَعَمْ، فِي كُلِّ ذِي كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» [رواه البخاري (2466)، ومسلم (2244) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].
والنفوس مجبولة على محبة من أحسن إليها.
وقال: «دَخَلَتِ امْرَأَةٌ النَّارَ فِي هِرَّةٍ رَبَطَتْهَا» وفي رواية البخاري: «حَبَسَتْهَا، فَلَمْ تُطْعِمْهَا، وَلَمْ تَدَعْهَا تَأْكُلُ مِنْ خِشَاشِ الْأَرْضِ حَتَّى مَاتَتْ» [رواه البخاري (2365، 3318)، ومسلم (2242) من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما].
***