فهرست کتاب

هجر المجاهر بالمعصية

هجر المجاهر بالمعصية

السؤال: هل يجوز هجران من يجاهر بارتكاب المعصية رجاء هدايته؟

الجواب [رقم: 293]:

يجوز للمسلم أن يهجر من يرتكب المعصية رجاء أن يتوب منها. وفي هذا يقول الناظم:

وهجران من أبدى المعاصي سنّة
وقد قيل إن يردعه أوْجِب وأكِّدِ

لكن من هدي النبي ﷺ أنه لا يستعمل الهجر إلا في الحالات التي يرى أنه ينفع وينجع فيها، كما هجر الثلاثة الذين تخلفوا عن الجهاد معه، وهم كعب بن مالك، وهلال بن أمية، ومرارة بن الربيع، وكلهم من الصحابة[ينظر القصة في صحيح البخاري (4418)، وصحيح مسلم (7192)].

وكما هجر الرجل الذي بنى له عليّة تشرف على بيوت الناس، ولم يسلم عليه حتى هدمها.

أو كما هجر الرجل المتضمخ بخلوق الزعفران، ولم يسلم عليه حتى غسله عنه؛ لأن طيب الرجال ما ظهر ريحه وخفي لونه، وطيب النساء ما ظهر لونه وخفي ريحه، كالزعفران والحناء.

وكما هجر المتختم بالذهب فلم يرد عليه السلام، فقال لبعض من حضر من الصحابة: ما بال رسول الله ﷺ لم يرد عليّ السلام؟! فقالوا له: اذهب فاطرح عنك الذهب وأته، فسلم عليه، فإنه سيرد عليك السلام. فذهب، فنزع عنه الذهب، ثم جاء فسلم على النبي فرد عليه السلام، وقال: «إِنَّكَ جِئْتَنِي وَعَلَيْكَ حِلْيَةَ أَهْلِ النَّارِ» [روى النسائي (5188)، وأحمد (11109) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه نحوه، وفيه: «إِنَّكَ جِئْتَنِي وَفِي يَدِكَ جَمْرَةٌ مِنْ نَارٍ»].

فهذا هو الأمر الثابت عن رسول الله ﷺ في استعمال الهجر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الهجر بمثابة التعزير والتأديب، يستحب استعماله عند تحقق نفعه، أما إذا كان لا يزيد المهجور إلا عتوًّا ونفورًا، وإلا تمردًا وشرورًا، فإنه لا يستعمل والحالة هذه.

***