فهرست کتاب

حكم اتخاذ سؤال الناس مهنة

حكم اتخاذ سؤال الناس مهنة

السؤال: ما حكم من يتخذ سؤال الناس مهنة لتكثير ماله؟ وما حكم من يرد السائل؟ [6/183]

الجواب [رقم: 295]:

من المعلوم أنه لا رذيلة أعظم من سؤال الناس؛ لأن السؤال يذهب بماء الوجه. وأخبر النبي ﷺ أن «المسألة كَدٌّ يكُدُّ بها الرجل وجهه إلا أن يسأل سلطانًا، أو في أمر لا بد له منه» [رواه أبو داود (1639)، والترمذي (681)، والنسائي (2600)، وأحمد (20106)، وابن حبان (3386)، من حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه].

وأخبر أن الذي يسأل الناس تكثرًا يأتي يوم القيامة، وليس في وجهه مزعة لحم[انظر: صحيح البخاري (1474)، وصحيح مسلم (1040)].

وقال: «لَأَنْ يَأْخُذَ أَحَدُكُمْ حَبْلَهُ، فَيَأْتِيَ بِحُزْمَةِ الحَطَبِ عَلَى ظَهْرِهِ، فَيَبِيعَهَا، فَيَكُفَّ بِهَا وَجْهَهُ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ النَّاسَ أَعْطَوْهُ أَوْ مَنَعُوهُ» [رواه البخاري (1471) من حديث الزبير بن العوام رضي الله عنه].

وقد أقسم النبي ﷺ على ثلاث خصال فقال: «وَمَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا فَتَحَ عَبْدٌ بَابَ مَسْأَلَةٍ لِلنَّاسِ، إِلَّا فَتَحَ اللهُ عَلَيْهِ بَابَ فَقْرٍ» [أوله عند مسلم (2588)، وآخره عند أحمد (9421) كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، وبنحوه عند أحمد (1674) من حديث عبدالرحمٰن بن عوف رضي الله عنه].

وهذا أمر واقع ما له من دافع. ولهذا يقال: شر الكسب السؤال. ويقال: آخر الكسب السؤال.

فواجب المسلم أن يصون ماء وجهه عن سؤال الناس: «وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللهُ، وَمَنْ يَسْتَعِفَّ يُعِفَّهُ اللهُ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللهُ» [رواه البخاري (1469)، ومسلم (1053) من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه].

و«مَا جَاءَكَ مِنْ هَذَا الْمَالِ، وَأَنْتَ غَيْرُ مُشْرِفٍ وَلا سَائِلٍ، فَخُذْهُ، وَمَا لَا، فَلَا تُتْبِعْهُ نَفْسَكَ» [رواه البخاري (1473)، ومسلم (1045) من حديث عمر رضي الله عنه].

فهؤلاء الذين يسألون الناس حيث اتخذوا مسألة الناس لهم مهنة ومكسبًا، وعندهم نقود مودعة عند التجار أو في البنوك، فهؤلاء يعتبرون مخطئين ضالين؛ لأن مسألة الناس حرام إلا في حالة الضرورة، لأن «مَنْ يَسْأَلُ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا، فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا، فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ» [رواه مسلم (1041) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].

أما إذا كان مضطرًّا وليس عنده شيء «فإن للسائل حقًّا ولو جاء على فرس» [رواه أبو داود (1665)، وأحمد (1730) من حديث الحسين رضي الله عنه بإسناد ضعيف]، «وَلَوْ صَدَقَ السَّائِلُ، مَا أَفْلَحَ مَنْ رَدَّهُ».

وقد أوجب الله للسائل حقًّا في كتابه المبين فقال: ﴿وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ[سورة البقرة، الآية: 177].

وفي الصحيح أن النبي ﷺ قال: «لَيسَ الْمِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ اللُّقْمَةُ وَاللُّقْمَتَانِ، والتَّمْرَةُ والتَّمْرَتَانِ، ولَكِن المِسْكِينَ مَنْ لَا يَجِدُ غِنًى يُغْنِيْهِ، وَلَا يُفْطَنُ لَهُ فَيُتَصَدَّقُ عَلَيهِ». بقية الحديث: «وَلَا يَقُومُ فَيَسْأَلُ النَّاسَ» [رواه البخاري (1479)، ومسلم (1039) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].