فهرست کتاب

الطلاق بالثلاث بكلمة واحدة يكون طلقة واحدة

الطلاق بالثلاث بكلمة واحدة يكون طلقة واحدة

السؤال:

لحضرة صاحب الفضيلة العلامة الشيخ عبدالله بن زيد آل محمود - رئيس محكمة القضاء بقطر - حفظه الله. السلام عليكم ورحمة الله تعالى: أسأل الله تعالى لكم زيادة في العلم وبركة في العمر وتوفيقًا في العمل وحسن عاقبة في الأمور، ثم إنه وقعت لي مشكلة بخصوص الطلاق الثلاث، ونحن العوام كما تعلمون لا نفكر في الأمر، وإذا وقعنا في المشكلة سألنا عمن يحلها لنا، وحقيقة الأمر كما يلي: لي زوجة ولي منها خمسة أولاد وهي حامل الآن، وقبل هذا بشهرين أوقعت الطلاق الثلاث عليها في مجلس واحد، وذلك في حين النزاع والقهر، وهنا عندنا إذا أوقع رجل الطلاق يلزم أن يراجع المحكمة فتصدر الحكم إلى المحضر الرسمي للزواج والطلاق حتى يثبت الطلاق، وقد قيدت الطلاق في المحضر إلا أنني لم أجد الطلاق هناك، والطلاق كما عرضت؛ أوقعت الثلاث في مجلس واحد، وأنا الآن نادم والأولاد يترحم عليهم والزوجة في همّ واضطراب، فالرجاء من فضلكم إذا كان في الأمر سعة ويمكن أن أعود أنا وزوجتي إلى الحياة أن تبينها لي، ولكم في هذا أجر جزيل، فذلك بمنزلة إحيائنا وتجديد مستقبل الأولاد الصغار الذين لا ذنب لهم في هذا؛ لأن المفتين في بلادنا يقولون وقع الطلاق على المعتمد في المذاهب الأربعة، وسمعنا أن قولاً لشيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الخصوص أن الطلاق الثلاث في مجلس واحد لا يقع إلا واحدًا، وسمعنا بعدم وقوع طلاق الغضبان الفاقد للوعي، وإذا لم يكن قول بهذا الخصوص ووقع الطلاق فبعد وضع الحمل وتمام العدة للمرأة هل هناك طريق في الاكتفاء بالعقد المجرد دون التصرف، نرجو من فضيلتكم حلّ مشكلتنا فإننا من هذا الأمر في محنة وضيق وهم وارتباك، وأنا موظف صغير والزوجة والأولاد في هم كبير.

الأحقر: محمد بن عبدالرحمٰن

الجواب [رقم: 175]:

السيد/ محمد بن عبدالرحمٰن... المحترم.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

وبعد: فردًّا على رسالتكم المؤرخة في 17/11/1397هـ، حيث سألتم عن الطلاق الواقع منك بزعمك على زوجتك وهو الطلاق بالثلاث بلفظ واحد في مجلس واحد.

ج: إن الله سبحانه يقول في محكم التنزيل ﴿الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ وفي الثالثة ﴿فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُون[سورة البقرة، الآية: 229] فحكم الله يوجب أن يكون الطلاق مرفقًا لقصد التروي وإزالة الغضب الذي يعتري الإنسان حتى يكون في سعة وفي مهلة من تدارك أمره، وهو رحمة من الله لعباده حيث لم يجعله دفعة واحدة، فالطلاق بالثلاث بكلمة واحدة يكون عن طلقة واحدة، وهذا اختيار شيخ الإسلام والعلامة ابن القيم وكثير من أهل الحديث والعلم من خاصة المتأخرين، ونحن نفتي بذلك، بحيث يجعل هذا الطلاق الواقع منك بمثابة طلقة واحدة متى راجعت زوجتك في العدة – أي: قبل أن تلد - فإن الرجعة صحيحة، وراجع زوجتك وتبقى معك على ما بقي لك من سنة الطلاق، ومن الشعر في هذا المعنى قول بعضهم:

ألا قل في الطلاق لموقعيـه
بما في الشرع ليس له وجـوب
غلوتم في ديانتكم غلـوًّا
يضيق ببعضه الشرع الرحيب
أراد الله تيسيرًا وأنتـم
من التعسير عندكمُ ضـروب
فذا ابن القيم الفقهاء كم قد
دعاهم للصواب فلم يجيبـوا

فإن ارتجعت زوجتك في العدة – أي: قبل أن تلد - فإنها زوجة شرعية كحالتها السابقة بدون عقد ولا غيره... وإن خرجت من العدة بأن وضعت حملها، ولم يسبق منكم طلاق لها قبل هذه المرة، فإنه يجوز لك أن تعود عليها بعقد جديد.

فهذا حاصل ما نفتي به ونرى أن ارتجاعك لزوجتك في زمن العدة صحيح وتبقى معك كحالتها السابقة فيما بقي لك من سنة الطلاق.

ليكن معلومًا لديك كي لا يخفى، والسلام.

التاريخ: 6/2/1397هـ، الموافق: 17/11/1977م
رئيس المحاكم الشرعية بقطر
عبدالله بن زيد آل محمود

***