فهرست کتاب

حداد المرأة العاملة في الدوائر الحكومية على زوجها

حداد المرأة العاملة في الدوائر الحكومية على زوجها

السؤال:

الحمد لله: ورد إلينا سؤال عن عدد من النساء توفي عنهن أزواجهن وهن في أعمالهن لدى الدوائر الحكومية أو غيرها، فماذا يجب على المرأة في حدادها؟

هل يجب عليها التخلي عن عملها ولزوم بيتها؟ أم ماذا يجب عليها؟

الجوب [رقم: 189ب]:

فالجواب: أن الإحداد في حكم الشرع هو التخلي عن الزينة وعن اللباس المشتهر بالجمال وعن اجتناب الطيب والكحل، والتخلي عن كل ملبوس من الذهب، واجتناب الحناء والخضاب وتحمير الوجه ونتفه، هذا هو حقيقة الإحداد الذي يجب على المرأة المسلمة اجتنابه، ويستمر الإحداد لغير الحامل أربعة أشهر وعشرًا؛ لقوله سبحانه: ﴿وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا[سورة البقرة، الآية: 234]، أما المرأة الحامل فإن حدادها هو مدة حملها، سواء طال أو قصر؛ لقوله سبحانه: ﴿وَأُوْلاَتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ[سورة الطلاق، الآية: 4].

والإحداد في هذه المدة هو من طاعة الله وعبادته، وليس هو بغلٍّ في العنق ولا قيد في الرجل، فيجوز للحادَّة التي تكتسب بعملها لنفسها وعيالها لدى أية جهة أن تمضي في عملها وكسبها مع مجانبتها لما حرم عليها، فتكتسب من عملها وتدخل وتخرج لحاجتها، إلا أنها في الليل تلزم بيتها، والنبي ﷺ حكم في نساء الشهداء بأن يجتمعن عند إحداهن يتحدثن، فإذا وجب المبيت انصرفت كل امرأة إلى بيتها.

لهذا قلنا إنه يجوز للمرأة الحادة أن تشتري حاجتها من السوق وأن تواصل عملها وخدمتها في المستشفيات أو المدارس، ولا حرج عليها في مخاطبة الرجال الأجانب في سبيل عملها، ومن واجبها أن تحافظ على فرائضها من صلاتها وصومها، ولا حرج عليها في لمس الرماد أو اللحم أو الطبخ وسائر ما تعمله قبل الإحداد يجوز لها أن تعمله في حالة الإحداد بلا حرج ولا إثم، وأن تستعمل الغطاء التام لجسمها بحيث لا يظهر شيء من ساقيها أو ذراعيها أو شعر رأسها؛ لأن هذا واجب ستره قبل الإحداد وفي حالة الإحداد آكد، وتجتنب الخلوة بالرجال في حاجة أو في غير حاجة، فإنه ما خلا رجل بامرأة إلا والشيطان ثالثهما.

لكن يجوز لها الكلام فيما يلزم مع الرجال الأجانب كحالتها قبل الإحداد، ولا يجوز أن يصرح لها أحد من الأجانب بخطبتها في حالة إحدادها، أما النوم فلا تنام إلا في بيتها الذي توفي عنها زوجها وهي فيه، والأفضل أن تكون مع من يؤنسها من النساء.

ولا تمنع المرأة الحادة من التنظيف، بتقليم الأظفار ونتف وحلق الشعر المندوب إلى حلقه، ولا من الاغتسال بالصابون والامتشاط، ولا يحرم عليها الأبيض من الثياب ولا ما هو ملون لدفع الوسخ، وقد روت أم سلمة أن النبي ﷺ قال: «الْمُتَوَفَّى عَنْهَا زَوْجُهَا لَا تَلْبَسُ الْمُعَصْفَرَ مِنَ الثِّيَابِ، وَلَا الْمُمَشَّقَةَ، وَلَا الْحُلِيَّ، وَلَا تَكْتَحِلُ، وَلَا تَخْتَضِبُ» [رواه أبو داود (2304)، والنسائي (3535)].

ولا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث (أي: أيام) إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا، إذا لم تكن حاملاً أو إلى نهاية حملها طال أو قصر، ويجوز لها أن تنظر في المرآة ومشاهدة التلفزيون والتخاطب مع من يخاطبها بطريق الهاتف.

فهذا حاصل ما ننصح به في بيان الإحداد وحكمه والله خليفتي عليكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

رئيس المحاكم الشرعية والشؤون الدينية
عبدالله بن زيد آل محمود