فهرست کتاب

مجموعة أسئلة وقع بشأنها تنازع وخلاف

مجموعة أسئلة وقع بشأنها تنازع وخلاف

من المستفتي: قل شريف.

إلى السيد الشيخ العلامة عبدالله بن زيد آل محمود رئيس المحاكم الشرعية سلمه الله تعالى.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أما بعد:

الاستفتاء: ما يقول علماء الملة البيضاء في أنه قد وقع التنازع ههنا بين الفريقين، الفريق الأول يقول:

1– إن تجصيص القبور والبناء عليها من القبة وغيرها.

2– والأكل والأجرة على قراءة القرآن لإيصال ثواب الأموات.

3– وأداء صلاة القضاء العمري في آخر جمعة من رمضان بجماعة.

4– وأربع ركعات بنية آخر الظهر يوم الجمعة على سبيل الاحتياط.

5– وتخصيص سورة الملك ليلة الجمعة، وتخصيص سورة الروم والعنكبوت ليلة الثالث والعشرين من رمضان.

كلها مسلك أهل السنة والجماعة والسلف الصالحين، ونحن على هذه الطريقة المستقيمة.

الفريق الثاني يقول:

إن هذه الأمور كلها من المحدثات، وقد قال النبي ﷺ: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» [رواه البخاري (2697)، ومسلم (1718) من حديث عائشة رضي الله عنها]، وقال: عليه السلام «وَكُلُّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ، وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ» [رواه أبو داود (4607)، وأحمد (17144) من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه]، فهذه الأمور كلها من البدع المنكرات، وليس لها ثبوت من السلف الصالحين، بل هذا افتراء الفريق الأول على السلف الصالحين لأنهم قد ردّوا على هذه الأمور.

فأفتى أحد من رفقاء الفريق الأول بإشارتهم بأن العالم الذي يفتي بقول الفريق الثاني مخالف لدين النبي ﷺ؛ لإنكاره هذه الأمور، ووسائله باطلة ولا تعتبر أقواله.

ونحن في شكّ وارتياب، أيّ فريق منهما على حق وصراط مستقيم، مع أن الناس يرجحون الفريق الأول لأنهم أولاد الأكابر والشيوخ.

فللَّه أن تجيبوا لاستفتائنا وأجركم على الله تعالى.

المستفتي: قل شريف أوشت باكستاني.

الجواب [رقم: 364]:

أن نقول: إن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد ﷺ.

وهذا السؤال الأول عن تجصيص القبور والبناء عليها من القبة وغيرها.

فالجواب: ما رواه مسلم عن جابر قال: «نَهَى رَسُولُ اللهِ ﷺ أَنْ يُجَصَّصَ الْقَبْرُ، وَأَنْ يُقْعَدَ عَلَيْهِ، وَأَنْ يُبْنَى عَلَيْهِ» [صحيح مسلم (970)].

والنهي يقتضي التحريم في مثل هذا، لكون التجصيص مدعاة للتعظيم ثم إلى الغلو فيه، سيما إذا كان ذا جاه أو علم، ويدل له ما روى أبو الهياج الأسدي عن علي رضي الله عنه أنه قال: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله، بأن لا تدع تمثالاً إلا طمسته، ولا قبرًا مشرفًا إلا سويته[صحيح مسلم (969)].

وقد أحسن من انتهى إلى ما سمع.

السؤال عن الأكل والأجرة لقراءة القرآن لإيصال ثوابها للأموات؟

فالجواب: اعلموا قبل كل شيء أن العمل الديني الذي يرجى ثوابه عند الله من صلاة وحج وقراءة قرآن أنه متى فعل بالأجرة فإنه لا أجر لصاحبه، فكيف يهدي من لا أجر له؟! لأن الله يقول: ﴿مَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِن نَّصِيب[سورة الشورى، الآية: 20]، في آيات كثيرات تدل على أن من عمل للدنيا فليس له في الآخرة من ثواب.

ثم إن إهداء الثواب للأموات قد اختلف العلماء فيه، فذهب بعض الحنابلة والشافعية إلى جوازه مستدلين عليه بمشروعية حج الرجل عن أبيه أو عن أمه، حيث أفتى النبي ﷺ بذلك في قصة الخثعمية التي قالت للنبي: إن فريضة الله في الحج على عباده أدركت أبي شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة أفأحج عنه؟ قال: «نَعَمْ، حُجِّي عَنْهُ». رواه البخاري ومسلم[رواه البخاري (1513)، ومسلم (1334) من حديث ابن عباس رضي الله عنهما].

وللأبناء مع الآباء حالة لا تشبه غيرهم، لأن الابن كسب لأبيه، وتجعل أفراطه في ميزانه، وما عدا الأبناء فإن صريح القرآن ينيط كل إنسان بعمله، ومن بطأ به عمله لم يسرع به عمل غيره.

فكل امرئ مجازًى بما عمل، إن خيرًا فخير وإن شرًا فشر، والله يقول: ﴿ادْخُلُواْ الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُون[سورة النحل، الآية: 32]، ويقول: ﴿وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَى ٣٩[سورة النجم، الآية: 39]، ويقول: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ من الخير والحسنات ﴿وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ[سورة البقرة، الآية: 286].

ولم نجد في القرآن ولا في السنة أن رجلاً دخل الجنة بعمل غيره.

أما مسألة أداء صلاة القضاء العمري جماعة في آخر جمعة من رمضان؟ فهذه لا أصل لها من السنة، بل هي بدعة داخلة في عموم قوله: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» [رواه البخاري (2697)، ومسلم (1718) من حديث عائشة رضي الله عنها]، إلا أن تكون هذه الصلاة جزءًا من صلاة التراويح.

أما السؤال عن أداء أربع ركعات للظهر بعد صلاة الجمعة للاحتياط؟

فإن هذه بدعة منكرة؛ لكون هذا الرجل يدخل في صلاة الجمعة بنية فاسدة، أي: أن صلاته غير صحيحة وغير مجزئة، ثم يقوم فيصلي أربعًا، فيخسر صلاة الجمعة حيث لم يدخلها بنية خالصة لله، وكونها جمعة صحيحة يرجو ثوابها وأجرها عند الله، فينصرف عنها وقد خسر صلاة الجمعة لدخوله فيها بنية فاسدة، ويخسر صلاة الظهر حيث أوقعها في غير موقعها، فينصرف بخفي حنين، فهل أنتم منتهون؟!

أما قراءة سورة الملك ليلة الجمعة وتخصيص قراءة سورتي الروم والعنكبوت ليلة الثالث والعشرين من رمضان..

فهذا القراءة بهذه الصفة لم يثبت فعلها ولا الأمر بها عن النبي ﷺ. ويعدون الأحاديث الواردة فيها من قسيم الموضوعات، أي: المكذوبة على رسول الله ﷺ.

عبدالله بن زيد آل محمود
رئيس المحاكم الشرعية والشؤون الدينية

***