السحور وفضله
السؤال: يتناول كثير من الناس قبل النوم عشاءهم، ولايستيقظون للسحور فما قولكم فيهم؟ [6/311]
الجواب [رقم: 76]:
إن تناول السحور وقت السحر سنة وفضيلة، وقد سماه رسول الله ﷺ بالغداء المبارك.
وقال: «إِنَّ اللَّهَ وَمَلاَئِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى الْمُتَسَحِّرِينَ» [ذكره البخاري تعليقًا (3/30) (كتاب الصيام / باب اغتسال الصائم)].
وقال: «فَصْلُ مَا بَيْنَ صِيَامِنَا وَصِيَامِ أَهْلِ الْكِتَابِ أَكْلَةُ السَّحَرِ» [أخرجه النسائي في السنن الكبرى برقم (2457) مرفوعًا].
وقال: «تَسَحَّرُوا، وَنِعْمَ السَّحُورُ التَّمْرُ» [رواه ابن حبان في صحيحه (3467)، والطبراني في الأوسط (6434)، وأبو نعيم في الحلية (8/320) من حديث ابن عمر رضي الله عنهما، ورواه أحمد (11086) بإسناد قوي من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه].
وقال: «تَسَحَّرُوا، وَلَوْ بِجُرْعَةٍ مِنْ مَاءٍ» [رواه مسلم (1096)، وأبو داود (2343)، والترمذي (709)، والنسائي (2166) من حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه].
وقال: «تَسَحَّرُوا؛ فَإِنَّ فِي السَّحُورِ بَرَكَةً» [رواه الطبراني في الكبير (6689) من حديث السائب بن يزيد رضي الله عنه].
وقال: «تَسَحَّرُوا مِنْ آخِرِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ الْغَدَاءُ الْمُبَارَكُ» [أخرجه الطبراني في الكبير (17/131 )(322) من حديث عقبة بن عبد السلمي وأبي الدرداء رضي الله عنهما، بإسناد ضعيف، لكن له شاهد صحيح عند النسائي (2164)، وأحمد (17192) من حديث المقدام رضي الله عنه بلفظ: «عَلَيْكُمْ بِغَدَاءِ السُّحُورِ فَإِنَّهُ هُوَ الْغَدَاءُ المُبَارَكُ». ورواه ابن حبان في صحيحه (3476) من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما].
فأرشد النبي ﷺ أمته إلى فضيلة السحور ولو بأقل شيء ليتقووا به على الصيام، وحتى يتعودوا التيقظ آخر الليل لذكر الله والدعاء والاستغفار والصلاة وتلاوة القرآن؛ لأن الله تعالى يقول: «هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ؟ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ هَلْ مِنْ تَائِبٍ فَأَتُوبَ عَلَيْهِ؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ» [رواه البخاري (1923)، ومسلم (1095) من حديث أنس رضي الله عنه].
فأحب رسول الله ﷺ لأمته أن يستيقظوا في هذا الوقت المبارك، حتى يكون منهم من يصلي، ومنهم من يدعو، ومنهم من يستغفر، ومنهم من يتلو القرآن، وحتى لا يكونوا من الغافلين. فسماه السحور المبارك من أجل ذلك. ومن أجل أن الله وملائكته يصلون على المتسحرين. وهذه فضيلة عظيمة، ويتبعها ما هو أفضل منها، وهو شهود المتسحرين لصلاة الفجر في جماعة، والذي ورد في فضله أن رسول الله قال: «مَنْ صَلَّى الْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيْامِ اللَّيْلِ كُلِّهِ» [أخرجه مسلم (656) والترمذي وأبو داود من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه].
وقال: «مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللهِ، فَلَا يَطْلُبَنَّكُمُ اللهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ» [رواه مسلم (657) من حديث جندب بن عبدالله رضي الله عنهما].
أما الرجل الأكول النؤوم، الذي يملأ بطنه بعد العشاء من الطعام ولحوم الأنعام، ثم ينام عليه بعد العشاء، ويجعله سحورًا، ولعله لا يستيقظ إلا بعد طلوع الشمس، أو إلا وقت الضحى، فهذه خصلة ذميمة وعادة لئيمة، وكم فات رقاد الضحى من غنيمة، فإن التقلل من الأكل والتيقظ وقت السحر فضيلة. كما أن كثرة الأكل، وكثرة النوم رذيلة.
وفي وقت السحر تتنزل الرحمة، وتقسم الغنيمة على القائمين، فما يطلع الفجر إلا وقد حاز القائمون الغنيمة، وحمدوا عند الصباح السرى، وما عند أهل الغفلة والنوم خبر مما جرى.
***