اليمين الغموس معناها وحكمها وهل لها كفارة؟
السؤال: ما هي اليمين الغموس؟ وما حكمها؟ وهل لها كفارة؟ [7/168]
الجواب [رقم: 253]:
أما اليمين التي يقتطع بها مال امرئ مسلم، أو يستحل بها دمه، فهي اليمين الغموس الفاجرة، سميت غموسًا، لكونها تغمس صاحبها في الإثم، ثم تغمسه في النار، عياذًا بالله من ذلك.
وفي الحديث: أن النبي ﷺ قال: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ يَقْتَطِعُ بِهَا مَالَ امْرِئٍ مُسْلِمٍ، هُوَ فِيهَا فَاجِرٌ، لَقِيَ اللَّهَ وَهُوَ عَلَيْهِ غَضْبَانُ». قالوا: وإن كان شيئًا يسيرًا يا رسول الله؟ قال: «وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ» متفق عليه[في صحيح البخاري (2356)، وصحيح مسلم (138) أوله من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وآخره في صحيح مسلم (137)، وسنن النسائي (5419) من حديث أبي أمامة رضي الله عنه].
واليمين الغموس التي يحلف بها على مال أخيه المسلم، هي من أكبر الكبائر عند الله، كما في البخاري أن النبي ﷺ قال: «الْكَبَائِرُ: الْإِشْرَاكُ بِاللهِ، وَعُقُوقُ الْوَالِدَيْنِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَهَا اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَالْيَمِينُ الْغَمُوسُ» [صحيح البخاري (6675) من حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما]. فقرن اليمين الغموس بالإشراك بالله، وقتل النفس التي حرم الله قتلها.
فالذي يحلف على مال أخيه المسلم عامدًا متعمدًا، يعتبر بأنه قد باع نصيبه من الآخرة، بهذا القدر الزهيد الذي حلف عليه. يقول الله سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلاً أُولَٰئِكَ لاَ خَلاَقَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم ٧٧﴾[سورة آل عمران، الآية: 77] وأخسر الناس من باع آخرته بدنياه، وأخسر منه من باع آخرته بدنيا غيره.
والنبي ﷺ خطب الناس فقال: «مَنْ كَانَ عِنْدَهُ مَظْلَمَةٌ لِأَخِيهِ مِنْ عِرْضٍ أَوْ مِنْ شَيْءٍ، فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهُ اليَوْمَ، مِنْ قَبْلَ أَنْ لَا يَكُونَ دِينَارٌ وَلَا دِرْهَمٌ، إِنْ كَانَ لَهُ عَمَلٌ صَالِحٌ أُخِذَ مِنْهُ بِقَدْرِ مَظْلَمَتِهِ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ صَاحِبِهِ، فَحُمِلَ عَلَيْهِ» [رواه البخاري (2449)، والترمذي (2419)، وأحمد (10573) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه].
وقال «إِنَّكُمْ تَخْتَصِمُونَ إِلَيَّ، وَلَعَلَّ بَعْضَكُمْ أَنْ يَكُونَ أَلْحَنَ بِحُجَّتِهِ مِنْ بَعْضٍ، وَإِنَّمَا أَقْضِي عَلَى نَحْوِ مَا أَسْمَعُ مِنْهُ، فَمَنْ قَضَيْتُ لَهُ بِشَيْءٍ مِنْ حَقِّ أَخِيهِ، فَلَا يَأْخُذْ مِنْهُ شَيْئًا، فَإِنَّمَا أَقْطَعُ لَهُ قِطْعَةً مِنَ النَّارِ، فَلْيُقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ». متفق عليه من حديث أم سلمة[صحيح البخاري (2680)، وصحيح مسلم (1713)].
فهذه اليمين التي يحلف بها على مال أخيه المسلم، لا تنحل بالكفارة أبدًا، فلا كفارة لها، وإنما تنحل بالتوبة إلى الله، والإقلاع عن الذنب، ورد المظلمة التي حلف عليها إلى صاحبها، لا كفارة لها إلا ذلك.
***