حكم السكن في حجر ثمود
الجواب [رقم: 331]:
من عبدالله بن زيد آل محمود إلى الأخ الفاضل صالح بن هايل الفقير - حفظه الله -، السلام عليكم ورحمة الله.
وبعد؛
فإنني استلمت كتابك الكريم، وفهمت ما تضمنه من كلامك القويم، خصوصًا ما أشرت إليه من حجر ثمود، وهل يجوز السكن فيه مع كونه يوجد به قديم بيوت وبساتين؟
فاعلم يا أخي أن الحكم فيه واضح جلي، وأن الملك فيصل طلب من المشايخ حل مشاكل عدة مسائل، منها حجر ثمود، وهل يجوز السكنى فيه، ومنها حكم تأمين السيارات، ومنها إثبات هلال رمضان، ومنها جواز هدم المسجد والمقبرة عندما يتعرض لهما الطريق، وأرسلوا إلي ورقة السؤال يطلبون مني فيها الجواب، فكتبت في كل واحدة رسالة ممتعة، ومنها حجر ثمود، فلي فيه رسالة عنوانها «حجر ثمود ليس حجرًا محجورًا»، وسنبعثها لك في ضمن هذه الرسالة، وبينت فيها الحكم الشرعي من جواز السكنى فيه إلى يوم القيامة بلا كراهة، كسائر بلدان المعذبين التي يسكنها الناس، وأوردت في الرسالة من الأدلة الجلية والبراهين القطعية ما يزيل الإشكال عن السؤال، وأهمها هو أن النبي ﷺ وأصحابه نزلوا في الحجر عند بيوت ثمود في غزوة تبوك، وأقاموا فيه ما شاء الله أن يقيموا، وقد ترجم عليه البخاري في صحيحه وقال: باب نزول النبي في الحجر[صحيح البخاري (6/7)].
وقلت: إن نزول النبي ﷺ بالحجر يومًا أو يومين مقتضٍ لإباحة النزول به إلى يوم القيامة، ولو كان النزول به مكروهًا أو حرامًا لما نزل به رسول الله؛ إذ ليس عندنا من الدلائل ما يمنع سكنه، وأما نهي النبي ﷺ عن شرب ماء الآبار وعن الطبخ منها فيترجح أنها كانت مهجورة، وأن ماءها يعود عليهم بالضرر، فلعله يعود إلى أمر يتعلق بصحتهم؛ إذ الوقاية خير من العلاج، وقد أمرهم النبي ﷺ أن يشربوا ويطبخوا من بئر الناقة، وهي بئر ثمود، التي قال الله فيها: ﴿لَّهَا شِرْبٌ وَلَكُمْ شِرْبُ يَوْمٍ مَّعْلُوم﴾[سورة الشعراء، الآية: 155]، ومن المعلوم من الطب الحديث عناية الأطباء بالماء، وأن منه الطيب ومنه الخبيث، فأرض الحجر خلقها الله للانتفاع بها لا لهجرها، فهي باقية على حالتها المقتضية لإباحة سكناها، فترابها طهور وماؤها مطهر، فهي داخلة في عموم قوله ﷺ: «وَجُعِلَتْ لِي الْأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» [رواه البخاري (335)، ومسلم (521) من حديث جابر رضي الله عنه]، ومن ادعى خلاف ذلك فإنه مطالب بالدليل، ولا دليل عنده، وإنما هو محض التعصب على الهوى.
اللَّهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون، إن أجبناهم لم يفقهوا، وإن تركناهم تركناهم إلى غي طويل. والسلام.
(20/10/1399هـ، الموافق: 11/9/1979م) رئيس المحاكم الشرعية والشؤون الدينية
عبدالله بن زيد آل محمود
***