فهرست کتاب

فض خصومة في أرض شراكة بين اثنين

فض خصومة في أرض شراكة بين اثنين

من الأحساء بتاريخ 19/9/1378هـ، الموافق 28/3/1959م.

حضرة العالم الفاضل فضيلة الشيخ المكرم عبدالله بن زيد آل محمود سلمه الله.

بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، والسؤال عن صحتكم جعلها الله صحة دائمة عليكم وأنتم بخير وسرور.

وبعد، أدام الله وجودكم على طاعة الله ورسوله، وصلكم برفقة هذا الكتاب سؤال استفتاء بصفة خاصة، نسترحم من الله ثم من فضيلتكم أن تلخصوا ذلك، وتعطونا الإفادة بما أعطاكم الله سبحانه من كتابه وسنة نبيه ﷺ، ربنا يجزيكم عنا خير الدارين، والله يحفظكم. والسلام.

سؤال استفتاء: دعوى بين خصمين كلاهما شراكة في ملكية أرض مشاع بينهما، أحدهما مدعٍ بثلث الأرض بتوليه قبضة اليد من مدة أربعين سنة، والآخر معارض، والمعارض عنده حجة شرعية محتوية على ثلثي الأرض بعد زوال ثلاثة أرباع الثمن بختم الشيخ أحمد بن مشرف قاضي الأحساء محررة في 23 محرم 1282هـ، ثم جرى سير الدعوى من المعارض على المدعي لدى قاضي المحكمة، وعند سؤال المعارض أجاب قائلاً: إن الثلث الذي في قبضة يد المدعي هو وقف لجدي، وعند المدعي بإيجاره، وعندي بينة ورقة الوصية في بلد البحرين، وأطلب إعطائي مدة لإحضارها، وأعطاه قاضي المحكمة مدة طويلة، وبعد عدة مراجعات للمحكمة، وطالت الدعوى إلى أربع سنوات، وعند النهاية حضر المعارض لدى قاضي المحكمة، واعترف بعجزه عن كل بينة، وعن إحضار ورقة الوصية التي وعد بإحضارها من البحرين، وحينئذ طلب القاضي بينة المدعي على تملكه الثلث، وأحضر المدعي شاهدين عدلين ومعدلين من لدن الشرع، وشهد الشهود بتوليه قبضة يد المدعي على الثلث المذكور من مدة أربعين سنة، وبعد ذلك زود قاضي المحكمة المعارض وأعطاه مدة شهرين ربما يجد شيئًا مما ذكره، وعند نهاية المدة المذكورة حضر المدعي وأحضر المعارض لدى قاضي المحكمة، وعند سؤاله أجاب المعارض بعجزه عن كل شيء، وبعد عجز المعارض هل يتسنى للقاضي أن يستأنف ويذكر بذيل الصك الصادر من عنده من المحكمة أنه إذا وجدت ورقة تعارض البينة ينظر فيها، هل لديه إسناد قوي مما تتضمنه نصوص الأحكام الشرعية حتى يسوغ له الأمر كما ذكره مما اشترط للخصم المعارض خلاف ما تقدم من البينة الواضحة.

الجواب [رقم: 217]:

جواب الاستفتاء: الخصومة الحاصلة بين الشخصين المشتركين بملكية أرض مشاع أحدهما مدعٍ بثلثها ببينة توليه لها، ووضعه اليد عليها، وتصرفه فيها من مدة أربعين سنة، والثاني معارض له يحاول رفع يده عنها بحجة شرعية تحتوي على ثلثي الأرض بعد نزول ثلاثة أرباع الثمن بختم الشيخ أحمد بن مشرف قاضي الأحساء محررة في 23 محرم سنة 1282هـ، ثم جرى سير الدعوى من المعارض على صاحب الثلث قائلاً: إن الثلث الذي في قبضته هو وقف لجدي، فهو عنده بإجارة ليس له بملك، وقد عجز بعد ضرب المدة الطويلة له عن إثبات الوقفية وتصحيح الوصية وبقائه تحت تصرفه بأجرة.

فاعلم: يا محب أن مدعي الثلث قد قويت جنبة حجته، وتأيدت بينته بأمرين:

أحدهما: وضعه اليد كل هذه السنين الطويلة بمقتضى تصرف الملكية من غير أن يحاول أحد من الفريق المعارض رفع يده أو دفعها أو مطالبته بإيجارها، ومثل هذه يعتبرها الفقهاء المحققون من موجبات التملك في ظاهر الحكم؛ إذ لا يتصور الوضع لليد كل المدة الطويلة من صاحب الثلث مع قرب خصمه منه، ومشاهدته له، وعدم اعتراضه عليه إلا وهي ملكه، إلا أن يكون المعارض صغيرًا فكبر، أو امرأة عاجزة عن إقامة الدعوى في المحاكم، أو أبله من الرجال يعجزه الرأي والروية، فالحكم يدور مع العلة، ويختلف الحكم في وضع اليد المدة الطويلة بين الأقارب وبين الأجانب؛ لوقوعه مع الأقارب فيها غالبًا بخلاف الأجنبي.

الأمر الثاني: مما تأيدت به بينة المدعي للثلث هو: الوثيقة الموجودة بيد المعارض بخط الشيخ أحمد بن مشرف، وختمه في إثبات ثلثي الأرض بعد نزول ثلاثة أرباع الثمن، ولم يتعرض فيها للثلث بذكر الوقف، فكان ملكًا مطلقًا لواضع اليد، ومن العجب عجز صاحب الثلث عن إثبات انتقاله إليه بطريق يعلم سببه، ومع عدمه وعجز المعارض عن إحضار بينة ترفع يده، فليس للقاضي العدل سوى ما حكم به في استدامة وضع يد صاحب الثلث على ثلثه بعد شهادة العدلين باستدامة تصرفه فيه كل السنين العديدة.

يبقى أن يقال: إن الشبهة قوية في الملكية، فعلى القاضي عند تسجيل الحكم أن يحتاط، فيقول: حكمت بموجبه بعد عجز المعارض عن إثبات وقفيته، أو كونه أحق به، ومع وجودها فالحكم مستأنف لأجله، وكل ذي حق على حقه، إذ الحكم لا يغير الحق عن وضعه، وإنما يقطع النزاع في وقته.

ليكون معلومًا.

الدوحة في 19/5/1389هـ، (2/8/1969)

***