فهرست کتاب

حكم التخلي عن الكسب ولزوم الزوايا للتعبد

حكم التخلي عن الكسب ولزوم الزوايا للتعبد

السؤال: ما حكم من يتخلى عن السعي والكسب ويلزم زاوية من المسجد الحرام أو مسجد المدينة للتعبد؟ [6/258]

الجواب [رقم: 374]:

ليس من الدين أن يتخلى الإنسان عن المال، وعن السعي والكسب للعيال، ويلزم زاوية من زوايا المسجد الحرام، أو مسجد المدينة يتبتل فيه للعبادة، وينقطع عن البيع والشراء، والأخذ والعطاء، كما يفعله الرهبان وبعض الدراويش، فقد جاء أناس من الصحابة إلى النبي ﷺ يستأذنونه في أن يبيعوا عقارهم ومالهم، ويشتروا بثمنها سلاحًا وخيلاً يجاهدون عليها في سبيل الله، فنهاهم رسول الله عن ذلك وقال: «أَمْسِكُوا عَلَيْكُمْ أَمْوَالَكُمْ، وَلَا تُفْسِدُوهَا» [رواه مسلم (1625) من حديث جابر رضي الله عنه].

﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّار[سورة البقرة، الآية: 201].

وأراد بعض الصحابة أن يتصدق بماله كله فرد رسول الله ﷺ صدقته[تقدم تخريجه في ص598]؛ لأن المال ترس المؤمن في آخر الزمان[هذا مأثور عن سفيان الثوري رحمه الله، قال: كان المال فيما مضى يكره، فأما اليوم فهو ترس المؤمن. تهذيب الكمال (11/168)، سير أعلام النبلاء (7/241)]، ولا يستغنى عنه في حال من الأحوال، وأن الكريم على الإخوان ذو المال.

وكل ما تسمعونه في القرآن، أو في الحديث من ذم الدنيا، أو ذم المال؛ فإنما يقصد به ذم أفعال بني آدم السيئة في المال لا المال نفسه، لأن الطاعة هي همة التقي، ولا يضره لو تعلقت جميع جوارحه بحب الدنيا؛ لكون المسلم يشتغل في الدنيا بجوارحه، وقلبه متعلق بالعمل لآخرته، فيحصل الحسنتين، ويفوز بالسعادتين، فتكون أعماله بارة، وأرزاق الله عليه دارة. ﴿أُولَٰئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَٰئِكَ هُمْ أُوْلُوا الأَلْبَاب[سورة الزمر، الآية: 18].

***