إخراج زكاة الفطر نقدًا
السؤال: هل يجوز دفع النقود في زكاة الفطر؟
الجواب [رقم: 96]:
في الحديث عن أبي سعيد الخدري، قال: كنا نعطيها زمن النبي ﷺ صاعًا من بر، أو صاعًا من تمر، أو صاعًا من شعير، أو صاعًا من زبيب، أو صاعًا من أقط.
وإنما خص هذه الأصناف بالذكر؛ من أجل أنها عمدة ما يقتات به في زمنهم وبلدهم، فالحضر من سكان المدينة عمدة قوتهم هو التمر والبر والشعير، حتى إن البر النقي يعد من القليل، وقد توفي رسول الله ﷺ ودرعُه مرهونة عند يهودي بثلاثين صاعًا من شعير. أما الأعراب في زمنه؛ فإنه يوجد عندهم الأقط، فخص هذه الأصناف بالذكر؛ لكونها غالب ما يقتات في زمنه.
وليس الحكم مقصورًا على الاختصاص بها وعدم الاجتزاء بغيرها؛ فإن الحكم يدور مع علته، وفطرة الصائم تتمشى على غالب قوت بلده فالتفطير بالأرز جائز لسكان هذا المكان؛ كما هو مذهب الشافعي، واختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.
وقد ذهب الإمام أبو حنيفة إلى جواز إخراج القيمة إذا كانت أنفع للفقراء، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام[يرى ابن تيمية أن إخراج القيمة في زكاة الفطر وغيرها يجوز للمصلحة الراجحة. قال في مجموع الفتاوى (25/79): «وأما إذا أعطاه القيمة ففيه نزاع: هل يجوز مطلقًا؟ أو لا يجوز مطلقًا؟ أو يجوز في بعض الصور للحاجة، أو المصلحة الراجحة؟ على ثلاثة أقوال - في مذهب أحمد وغيره - وهذا القول أعدل الأقوال» يعني القول الأخير. وقال في موضع آخر (25/82): «وأما إخراج القيمة في الزكاة والكفارة ونحو ذلك، فالمعروف من مذهب مالك والشافعي أنه لا يجوز، وعند أبي حنيفة يجوز، وأحمد قد منع القيمة في مواضع، وجوزها في مواضع، فمن أصحابه من أقر النص، ومنهم من جعلها على روايتين. والأظهر في هذا: أن إخراج القيمة لغير حاجة ولا مصلحة راجحة ممنوع منه... إلى أن قال رحمه الله: «وأما إخراج القيمة للحاجة، أو المصلحة، أو العدل فلا بأس به»]، كما جوزوا أخذ القيمة في زكاة الإبل والغنم، وقد رأينا الفقراء في هذا الزمان، وفي خاصة هذا المكان يفضلون النقود على الطعام؛ لحاجتهم إلى النقود في شراء الكساوي والمؤن ليوم العيد، ولا يقبلون الطعام على اختلاف أنواعه إلا بطريق الكراهية والإغماض، وقد يبيعونه بأقل من قيمته للحصول على النقود كما هو معروف ومشاهد.
***