فقه احناف در پرتو آیات قرآن و احادیث

فهرست کتاب

باب: پیرامون اعتکاف
بَابُ الاِعتِكَافِ

باب: پیرامون اعتکاف
بَابُ الاِعتِكَافِ

هُوَ الإِقَامَةُ بِنِيَّتِه فِي مَسجِدٍ تُقَامُ فِيهِ الجَمَاعَةُ بِالفِعلِ لِلصَّلَواتِ الخَمسِ؛ فَلَا يَصِحُّ فِي مَسجِدٍ لَاتُقَامُ فِيهِ الجَمَاعَةُ لِلصَّلوةِ عَلَی المُختَارِ؛ وَلِلمَرأَةِ، الاِعتِكَافُ فِي مَسجِدِ بَيتِهَا؛ وَهُوَ مَحَلٌّ عَيَّنَتهُ لِلصَّلَاةِ فِيهِ.

وَالاِعتِكَافُ عَلَی ثَلَاثَةِ أَقسَامٍ: وَاجِبٌ فِي المَنذُور؛ِ وَسُنَّةٌ كِفَايَةً مُؤَكَّدَةً فِي العَشرِ الأَخِيرِ مِن رَمَضَانَ؛ وَمُستَحَبٌّ فِيمَا سِوَاهُ. وَالصَّومُ، شَرطٌ لِصِحَّةِ المَنذُورِ فَقَط. وَأَقَلُّه نَفلًا: مُدَّةٌ يَسِيرَةٌ وَلَو كَانَ مَاشِيًا عَلَی المُفتَی بِه؛ وَلَا يَخرُجُ مِنهُ إِلَّا لِحَاجَةٍ شَرعِيَّةٍ كَالجُمُعَةِ؛ أَو طَبِيعِيَّةٍ كَالبَولِ؛ أَو ضَرُورِيَّةٍ كَاِنهِدامِ المَسجِدِ وَإِخرَاجِ ظَالِمٍ كُرهًا وَتَفَرُّقِ أَهلِه وَخَوفٍ عَلَی نَفسِه أَو مَتَاعِه مِنَ المُكَابِرِينَ فَيَدخُلُ مَسجِدًا غَيرَه مِن سَاعَتِه؛ فَإِن خَرَجَ سَاعَةً بِلَا عُذرٍ، فَسَدَ الوَاجِبُ وَاِنتَهَی بِه غَيرُه. وَأَكلُ المُعتَكِفِ وَشُربُه وَنَومُه وَعَقدُهُ البَيعَ لِمَا يَحتَاجُه لِنَفسِه أَو عِيَالِه فِي المَسجِدِ؛ وَكُرِهَ إِحضَارُ المَبِيعِ فِيهِ؛ وَكُرِهَ عَقدُ مَا كَانَ لِلتِّجَارَةِ؛ وَكُرِهَ الصَّمتُ إِن اعتَقَدَه قُربَةً وَالتَّكَلُّمُ إِلَّا بِخَيرٍ، وَحَرُمَ الوَطءُ وَدَوَاعِيهِ؛ وَبَطَلَ بِوَطئِه وَبِالإِنزَالِ بِدَوَاعِيهِ.

وَ لَزِمَتهُ اللَيَالِي أَيضًا بِنَذرِ اِعتِكَافِ أَيَّامٍ وَلَزِمَتهُ الأَيَّامُ بِنَذرِ اللَيَالِي مُتَتَابِعَةً وَإِن لَم يَشتَرِطِ التَّتَابُعَ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَلَزِمَتهُ لَيلَتَانِ بِنَذرِ يَومَينِي. وَصَحَّ نِيَّةُ النُّهُرِ خَاصَّةً دُونَ اللَيَالِي. وَإِن نَذَرَ اِعتِكَافَ شَهرٍ وَنَوَی النُهُرَ خَاصَّةً أَوِ اللَيَالِي خَاصَّةً، لَاتَعمَلُ نِيَّته إِلَّا أَن يُصَرِّحَ بِالاِستِثنَاءِ.

وَالاِعتِكَافُ مَشرُوعٌ بِالكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ وَهُوَ مِن أَشرَفِ الأَعمَالِ اِذَا كَانَ عَن إِخلَاصٍ. وَمِن مَحَاسِنِه: أَنَّ فِيهِ تَفرِيغَ القَلبِ مِن أُمُورِ الدُّنيَا وَتَسلِيمِ النَّفسِ اِلَی المَولَی وَمُلاَزَمَةَ عِبَادَتِه فِي بَيتِه وَالتَحَصُّنَ بِحِصنِه.

وَ قَالَ عَطَاءٌ رَحِمَهُ اللهُ: مَثَلُ المُعتَكِفِ، مَثَلُ رَجُلٍ يَختَلِفُ عَلَی بَابِ عَظِيمٍ لِحَاجَةٍ؛ فَالمُعتَكِفُ يَقُولُ لَا أَبرَحُ حَتَّی يَغفِرَ لِي.

وَ هَذَا مَا تَيَسَّرَ لِلعَاجِزِ الحَقِيرِ بِعِنَايَةِ مَولَاهُ القَوِيِّ القَدِيرِ؛ وَالحَمدُ لِـلّٰهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهتَدِيَ لَولَا أَن هَدَانَا اللهُ وَصَلَّی اللهُ؛عَلَی سَيِّدِنَا وَمَولَانَا مُحَمَّدٍ خَاتَمِ الاَنبِيَاءِ وَعَلَی آلِه وَصَحبِه وَذُرِّيَّتِه وَمَن وَالَاهُ؛وَ نَسأَلُ اللهَ سُبحَانَه مُتَوَسِّلِينَ أَن يَّجعَلَه خَالِصًا لِوَجهِهِ الكَرِيمِ وَأَن يَّنفَعَ بِه النَّفعَ العَمِيمَ وَيُجزِلَ بِه الثَّوَابَ الجَسِيمَ.