فَصلٌ فِيمَا يَثبُتُ بِه الهِلَال وَ فِي صَومِ يَومِ الشَّكِّ وَ غَيرِه
يَثبُتُ رَمَضَانُ بِرُؤيَةِ هِلَالِه أَو بِعَدِّ شَعبَانَ ثَلَاثِينَ إِن غُمَّ الهِلَالُ. وَيَومُ الشَّكِّ: هُوَ مَا يَلِي التَّاسِع وَالعِشرِينَ مِن شَعبَانَ وَقَد اِستَوی فِيهِ طَرَفُ العِلمِ وَالجَهلِ بِأَن غُمَّ الهِلَالُ؛ وَكُرِهَ فِيهِ كُلُّ صَومٍ إِلَّا صَومَ نَفلٍ جَزَمَ بِه بِلَا تَردِيدٍ بَينَه وَبَينَ صَومٍ آخَرَ؛ وَإِن ظَهَرَ أَنَّه مِن رَمَضَانَ، أَجزَأَ عَنهُ مَا صَامَه وَإِن رَدَّدَ فِيه بَينَ صِيَامٍ وَفِطرٍ لَا يَكُونُ صَائِمًا. وَكُرِهَ صَومُ يَومٍ أَو يَومَينِ مِن آخِرِ شَعبَانٍ لَا يَكرَهُ مَا فَوقَهُمَا؛ وَيَأمُرُ المُفتِي العَامَّةَ بِالتَّلَوُّمِ يَومَ الشَّكِّ ثُمَّ بِالإِفطَارِ إِذَا ذَهَبَ وَقتُ النِّيَّةِ وَلَم يَتَعَيَّنِ الحَالُ؛ وَيَصُومُ فِيهِ المُفتِي وَالقَاضِي وَمَن كَانَ مِنَ الخَوَاصِّ؛ وَهُوَ: مَن يَتَمَكَّنُ مِن ضَبطِ نَفسِه عَنِ التَّردِيدِ فِي النِّيَّةِ وَمُلَاحَظَةِ كَونِه عَنِ الفَرضِ.
وَ مَن رَأی هِلَالَ رَمَضَانَ أَوِ الفِطرِ وَحدَه وَرُدَّ قَولُه، لَزِمَهُ الصِّيَامُ وَلَا يَجُوزُ لَهُ الفِطرُ بِتَيَقُّنِهِ هِلَالَ شَوَّالٍ؛ وَإِن أَفطَرَ فِي الوَقتَينِ، قَضَی وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيهِ؛ وَلَو كَانَ فِطرُهُ قَبلَ مَا رَدَّهُ القَاضِي فِي الصَّحِيحِ.
وَ إِذَا كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ مِن غَيمٍ أَو غُبَارٍ أَو نَحوِه قُبلَ خَبَرُ وَاحِدٍ عَدلٍ أَو مَستُورٍ فِي الصَّحِيحِ وَلَو شَهِدَ عَلَی شَهَادَةِ وَاحِدٍ مِثلِه؛ وَلَو كَانَ أُنثَی أَو رَقِيقًا أَو مَحدُودًا فِي قَذَفٍ تَابَ لِرَمَضَانَ؛ وَلَا يُشتَرَطُ لَفظُ الشَّهَادَةِ وَلَا الدَّعوَی. وَشُرِطَ لِهِلَالِ الفِطرِ اِذَا كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ، لَفظُ الشَّهَادَةِ مِن حُرَّينِ أَو حُرٍّ وَحُرَّتَينِ بِلَا دَعوَی؛ وَاِن لَم يَكُن بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ فَلَا بُدَّ مِن جَمعٍ عَظِيمٍ لِرَمَضَانٍ وَالفِطرِ. وَمِقدَارُ الجَمعِ العَظِيمِ: مُفَوَّضٌ لِرَأيِ الإِمَامِ فِي الأَصَحِّ.
وَ اِذَا تَمَّ العَدَدُ بِشَهَادَةِ فَردٍ وَلَم يُرَ هِلَالُ الفِطرِ وَالسَّمَاءُ مَصحِيَّةٌ لَا يَحِلُّ لَه الفِطرُ؛ وَاختَلَفَ التَّرجِيحُ فِيمَا اِذَا كَانَ بِشَهَادَةِ عَدلَينَ وَلَا خِلَافَ فِي حِلِّ الفِطرِ اِذَا كَانَ بِالسَّمَاءِ عِلَّةٌ؛ وَلَو ثَبَتَ رَمَضَانٌ بِشَهَادَةِ الفَردِ. وَهِلالُ الأَضحَی كَالفِطْرِ وَيُشتَرَطُ لِبَقِيَّةِ الأَهِلَّةِ، شَهَادَةُ رَجُلَينِ عَدلَينِ أَو حُرٍّ وَحُرَّتَينِ غَيرِ مَحدُودَينِ فِي قَذَفٍ.
وَ اِذَا ثَبَتَ فِي مَطلَعِ قُطرٍ لَزِمَ سَائِرَ النَّاسِ فِي ظَاهِرِ المَذهَبِ وَعَلَيهِ الفَتوَی وَأَكثَرُ المَشَايِخِ؛ وَلَا عِبرَةَ بِرُؤيَةِ الهِلَالِ نَهَارًا؛ سَوَاءٌ كَانَ قَبلَ الزَّوَالِ أَو بَعدَه وَهُوَ اللَيلَةُ المُستَقبِلَةُ فِي المُختَارِ.