فَصلٌ فِي العَوَارِضِ
لِمَن خَافَ زِيَادَةَ المَرَضِ أَو بَطءَ البُرءِ وَلِحَامِلٍ وَمُرضِعٍ خَافَت نُقصَانَ العَقلِ أَو الهِلَاكَ أَوِ المَرَضَ عَلَی نَفْسِهِمَا أَو وَلَدِهَا نَسَبًا كَانَ أَو رِضَاعًا؛ وَالخَوفُ المُعتَبَرُ: مَا كَانَ مُستَنَدًا لِغَلَبَةِ الظَّنِّ بِتَجرُبَةٍ أَو إِخبَارِ طَبِيبٍ مُسلِمٍ حَاذِقٍ عَدلٍ؛ وَلِمَن حَصَلَ لَه عَطشٌ شَدِيدٌ أَو جُوعٌ يُخَافُ مِنهُ الهِلَاكُ؛ وَلِلمُسَافِرِ الفِطرُ وَصَومُه أَحَبُّ إِن لَم يَضُرَّه وَلَم تَكُن عَامَّةُ رُفْقَتِهِ مُفطِرِينَ وَلَا مُشتَرِكِينَ فِي النَّفَقَةِ؛ فَإِن كَانُوا مُشتَرِكِينَ أَو مُفطِرِينَ، فَالأَفضَلُ فِطرُه مُوَافَقَةً لِلجَمَاعَةِ. وَلَا يَجِبُ الإِيصَاءُ عَلَی مَن مَاتَ قَبلَ زَوَالِ عُذرِهِ بِمَرَضٍ وَسَفَرٍ وَنَحوِه كَمَا تَقَدَّمَ؛ وَقَضَوا مَا قَدَرُوا عَلی قَضَائِه بِقَدرِ الإِقَامَةِ وَالصِّحَّةِ؛ وَلَا يُشتَرَطُ التَّتَابُعُ فِي القَضَاءِ. فَإِن جَاءَ رَمَضَانٌ آخَرٌ، قَدَّمَ عَلَی القَضَاءِ وَلَا فِديَةَ بِالتَّأخِيرِ اِلَيهِ. وَيَجُوزُ الفِطرُ لِشَيخٍ فَانٍ وَعَجُوزٍ فَانِيَةٍ وَتَلزِمُهُمَا الفِديَةُ لِكُلِّ يَومٍ: نِصفُ صَاعٍ مِن بُرٍّ كَمَن نَذَرَ صَومَ الأَبَدِ؛ فَضَعُفَ عَنهُ لِاِشتِغَالِه بِالمَعِيشَةِ، يُفطِرُ وَيَفدِي؛ فَإِن لَم يَقدِر عَلَی الفِديَةِ لِعُسرَتِه، يَستَغفِرُ اللهَ سُبحَانَه وَيَستَقِيلُه. وَلَو وَجَبَت عَلَيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ أَو قَتلٍ فَلَم يَجِد مَا يُكَفِّرُ بِه مِن عِتقٍ وَهُوَ شَيخٌ فَانٍ أَو لَم يَصُم حَتَّی صَارَ فَانِيًا، لا يَجُوزُ لَه الفِديَةُ؛ لِأَنَّ الصَّومَ هُنَا بَدَلٌ عَن غَيرِه.
وَ يَجُوزُ لِلمُتَطَوِّعِ، الفِطرُ بِلَا عُذرٍ فِي رِوَايَةٍ. وَالضِّيَافَةُ، عُذرٌ عَلَی الأَظهَرِ لِلضَّيفِ وَالمَضِيفِ؛ وَلَهُ البِشَارَةُ بِهَذِهِ الفَائِدَةِ الجَلِيلَةِ. وَاِذَا أَفطَرَ عَلَی أَيِّ حَالٍ، عَلَيهِ القَضَاءُ إِلَّا اِذَا شَرَعَ مُتَطَوِّعًا فِي خَمسَةِ أَيَّامٍ: يَومَيِ العِيدَينِ وَأَيَّامِ التَّشرِيقِ؛ فَلَا يَلزِمُه قَضاَءُهَا بِإِفسَادِهَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ. وَاللهُ اَعلَمُ.